كلمة للقراء

لا شكّ من أن أي حديث عن وضع الحرّيات و الديمقراطية في تونس يجرّ إلى الحديث حتمًا عن الإسلاميين من حركة النهضة الأكثر اضطهادًا و إقصاء و تهميشا على مدى ربع قرن، و لا شكّ أيضًا من أي حديث عن حركة النهضة و تفاعلاتها على الساحة تحدث حركية داخل الأوساط الإعلامية بكلّ أنواعها ما عدا الإعلام الرّسمي التونسي بكلّ أشكاله. كما أنّه يدفع بتدافع الآراء المختلفة من داخل الحركة كما من خارجها، يستوي في ذلك الخصوم و الأصدقاء.

و خلال الأيام الماضية، حرّك الساحة حدث كان لأوّل مرّة منذ 15 سنة.. تمثل في الحوار الذي أجرته قناة المستقلّة الفضائية مع الأخ علي العريّض الناطق الرّسمي السابق لحركة النهضة في تونس.. و أحد قياداتها التاريخية، تحدث فيه بصراحة و جرأة عن جملة من القضايا طالما أثارت حفيظة الخصوم و فضول الأصدقاء و اهتمام الأنصار.

و بقطع النظر، أن كان هذا الحدث المفاجئ هو مبادرة من الدكتور محمد الهاشمي الحامدي و سعيه في إنهاء أزمة مأسوية.. أو هو بأمر من السلطة كما يرى و يعتقد كثير من المهتمين بالشأن التونسي، مثلما أفاد الأستاذ صلاح الدين الجورشي في موقع سويس انفو نقلا عن وكالة رويترز للأنباء بتاريخ 9 ماي 2005 << هذا الحوار الذي ما كان بالإمكان إنجازه، لولا وجود ضوء أخضر من جهة رسمية نافذة>> في محاولة منها لحلحلة وضع اضرّ كثيرا بسمعة تونس حتى أضحت محلّ اهتمام و حديث العديد من المنظمات العالمية و قلق حتى بعض الدّول الكبرى ذات التأثير في المنطقة العربيّة.. فأن هذا الحدث لفّه صمت رهيب من جانب السلطة قابله آخر غير عادي من قيادة الحركة في الخارج.. فإذا كان الأول ليس بالغريب عن كل من يعرف السلطة و طبيعة سياستها المنتهجة في هذا الشأن منذ أكثر من عقد و نصف..فان الثاني مثير للجدل و التساؤلات التي تُعطي انطباعًا بوجود اختلافات داخل الحركة في هذا الشأن بين من في داخل البلاد و خارجها.. أو ما ذهب إليه الدكتور عمر النمري في مقال سابق” من أن الحركة الآن يشقها تياران”…

و بعيدًا عن كلّ الفرضيات أو التخمينات أو التوقعات، و تعميما للفائدة، خاصة للذين لم يُسعفهم الحظ لمشاهدة البرنامج: فإنّي أضع بين يدي القارئ الكريم النّص الكامل( في جزئين نظرا لطوله) لوقائع الحوار الذي دار في برنامج” أضواء على الأنباء” على قناة المستقلة الفضائية يوم 20 افريل بين كلّ من: محمد الهاشمي حامدي، علي العريّض، بوبكر الصغيّر و برهان بسيّس. فأرجو من الله أنّي قد وُفّقت في نقله من المسموع إلى المكتوب.. و المعذرة المسبقة أن كان هناك خلل لم أنتبه له.. و شكرًا.


محمد العماري – باريس

mohammedlamari@yahoo.fr


الجزء الأول

الحوار الكامل مع المهندس علي العريض الناطق الرسمي الاسبق لحركة النهضة حول مستقبل التيار الإسلامي السياسي في تونس على فضائية المستقلّة

الهاشمي الحامدي:أهلا و سهلا بكم في هذا البرنامج الإخباري الذي يأتيكم على الهواء مباشرة من قناة المستقلّة في لندن و الذي نسلّط فيه الضوء على المؤتمر الصحفي الذي عقده إريك جولدن شتاين المسؤول الرفيع في منظمة حقوق الإنسان الأمريكية عقده اليوم في تونس و أعلن فيه أنّ السلطات التونسية وعدت بأن تتوقف بشكل فوري عن سياسة العزل السجناء الإسلاميين و بأنها وعدت أيضًا بأن تسمح بالرّقابة على سجونها، هذا ما صرّح به إريك جولدن شتاين مدير البحوث في منظمة هيومن رايتس ووتش و قال إريك جولدن شتاين اليوم في المؤتمر الصحفي في تونس إنّ هذه التأكيدات جاءته من مسؤولين في الحكومة التونسية و كان هذا التصريح بمناسبة تسليم أو لإعلان على تقرير مجموعة من المنظمات الحقوقية العالمية: ممن حضروا المؤتمر الأستاذ بوبكر الصغيّر: الصحفي التونسي المعروف، رئيس تحرير مجلّة “الملاحظ” التونسية و رئيس تحرير مجلّة “الرأي” سابقًا من أشهر الصحف المستقلّة الحرّة في عهد الرئيس الراحل بورقيبة و معنا على الخط أيضًا المهندس على العريّض: الناطق الرّسمي السابق لحركة النهضة قبل سجنه طبعًا هو قضى فترة طويلة في السجن و أفرج عنه بعفو رئاسي في نوفمبر الماضي. أرحّب بالأستاذ أبو بكر الصغيّر و أرحّب بالأستاذ المهندس علي العريّض و اسمح لي على أن أبدأ مع الأستاذ بوبكر لأنه حضر المؤتمر حتى أسأله عن ما جرى في المؤتمر و ما قاله لأريك جولدن شتاين: إذا أنت سألت أسئلة أستاذ بوبكر يا ريت تنورنا و تنوّر مشاهدين التونسيين و العرب بالإفادات الرئيسية في هذا المؤتمر.

بوبكر الصغيّر: نعم بالفعل كان اليوم هنالك وفد من المنظّمة الأمريكية للدفاع عن حقوق الإنسان هيومن رايتس ووتش والتقرير الذين كانوا أعدّوه حول وضعية السّجناء في تونس خاصّة بما يتعلّق بما سُمّي بالسجن الانفرادي أو العزلة و كانت هذه اللّجنة قامت باتصالات و لقاءات متعدّدة في تونس قبل أن تعقد المؤتمر الصحفي اليوم التي قدّمت فيه استنتاجاتها و خلاصة عملها الذي قامت به في تونس. سألتني..قلت لي اليوم مداخلاتي أنا في المؤتمر الصحفي كنت توجّهتُ بسؤالين: السؤال الأوّل يتعلّق، كيف كانت طبيعة العمل في تونس و هل وجدوا صعوبات أو عراقيل في ما يخصّ اتصالاتهم بالتونسيين أو العائلات المساجين الذين كانوا معنيين بالنسبة لهم و السؤال الثاني يتعلّق، لماذا تمّ نشر تقرير قبل أن تكمل اللّجنة أو أعضاء اللّجنة عملها في تونس و اتصالاتها؟ ألا يعتبر هذا موقف مسبق و ينمّ عن خلفية معنية في اتخاذ موقف من هذا الموضوع في اتجاه .. ليس اتجاه عادل و محقّ لتستقيم مع حقيقة وضعنا في تونس؟ و لكن في السؤال الأوّل مثلما أكّد السيّد المندوب إريك جولدن شتاين قال أنّه كانت زيارتهم لتونس هنالك تمّت.. لقوا تجاوب مع الجهات المسؤولة و السلطات التونسية و تنقلوا بكلّ حرّية و اتّصلوا بكلّ من رغبوا الاتصال به و كانت هناك لقاءات متعدّدة مع مختلف المعنيين بالملف الذي كان مطروحًا بالنسبة لهم، و بل بعكس هذا، قدّم معلومات جديدة فيما يخصّ المساجين الذين تهتمّ بهم هذه اللّجنة و الذين يصنّفونهم في تونس مساجين حقّ عام لأنه ليس عندنا مساجين سياسيين أو يمكن تصنيفهم في هذا الجانب أو لاعتبارات يمكن شرحها فيما بعد.. و قال (…) أنّ لجنة الصليب الأحمر الدولي ستمكّن من زيارة السّجون التونسية و الإتطلاع على حقيقة الأوضاع فيها و تفنيد كلّ ما يمكن أن يشاع حول وضعية بعض المساجين أو ظروف السّجن داخلها.

الهاشمي الحامدي: قبل أن نكمّل النقطة هذه، سأعود لك فيها بتوسّع، و ربّما نصل أنا و أنت إلى تسمية وسطية في الموضوع.. كمساجين الجمعيات أو مساجين الجمعيات الغير المرخّصة…

بوبكر الصغيّر: لا، ليس هناك مساجين جمعيات هناك مساجين حقّ عامّ…

الهاشمي الحامدي: لا… قصدي، هنا في وكالات الأخبار والخبر الذي ورد اليوم في”AFP” أو “AP”يتكلم عن مساجين إسلاميين تحديدًا.. لكن هم المساجين الذين حوكموا في قضايا حركة النهضة.. باختصار هو الموضوع الذي أحكي عنه.. و لكن قبل ما نأتي موضوع التصنيف، اسمح لي أن أشرك معي ضيفي الآخر في هذه الحصّة الإخبارية الخاصّة بالشأن التونسي… و سنرجع لك بالتوسّع إن شاء الله.

المهندس علي العريّض الناطق الرّسمي لحركة النهضة إلى حين اعتقاله و لا ادري أنّ هذه الصفة هي مازالت قائمة أم لا؟ و على كلّ الأحوال الأستاذ على العريّض شخصية بارزة في التيار الحركي الإسلامي التونسي… الأستاذ علي، السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.

علي العريّض: و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته.

الهاشمي الحامدي: سؤالي الأوّل، ما تعليقك على إعلان اريك جولدن شتاين اليوم؟ و هل حضرت أنت شخصيًّا المؤتمر الصحفي هذا الذي دار فيه هذا الحديث، و ما ردّ فعلك عليه؟

علي العريّض: أوّلا اسمح لي أن أشكرك و أشكر القناة المستقلّة على عنايتها بمواضيع الحرّيات العامّة و حقوق الإنسان في المنطقة العربية بصفة عامّة. التحيّة لكم على هذه الجهود.

أنا حضرت النّدوة الصحفية التي عقدتها المديرة للمنظّمة الأمريكية ومساعدها. واستمعت كغيري من الحاضرين إلى الخبر الذي ذكره و الذي قال فيه أن ممثل عن السلطة التونسية تعهّد له بأنّ العزلة الانفرادية و العزلة المجموعاتية سيقع الإنهاء العمل بها بداية من هذا اليوم أو من يوم أمس… و أنا كما تعلم سجين سابق عشت العزلة الانفرادية و أعرف هذه المحنة وهي في الحقيقة شبيهة بقطعة من جهنّم على الأرض، جهنّم الإنسان في مستوى بلائاتها، تعجز اللغة على توصيفها.. فإنّه لا يمكن ألاّ أن أفرح لخبر مثل هذا و آمل على أن يجد طريقه إلى التنفيذ، على أمل انتظار إخراج هؤلاء المساجين من هذه الحالة.. أي، يخرجون من السجن تمامًا.. لكن أي خطوة في اتجاه تحسين أوضاعهم.. لإخراج المساجين من العزلة الانفرادية أو العزلة المجموعاتية.. لا يمكن إلا حمدها لكّل من ساهم في التحسيس بها و التوصّل إليها. و ننتظر إن شاء الله في غضون المدّة القادمة، لنرى ما إذا كان فعلا، هذه الخطوة ستجد طريقها للتنفيذ، لأني أنا بدوري استمعت فقط إلى الخبر من خلال الندوة الصحفية.

الهاشمي الحامدي: أستاذ بوبكر هل تشكّ أبدًا في أنّه سوف يتمّ تمثيل هذا الإجراء؟

بوبكر الصغيّر: أعتقد أنه كما قال السيّد إريك جولدن شتاين اليوم، أنه هو مستبشر و متفائل بالأوضاع هنا في تونس، و أكبر مؤشر تعرّض له اليوم هو أنه كما قلت تحرّك بكلّ حرّية و التقى بمن شاء و عقد ندوة صُحفية حَضَرَتهَا كلّ وسائل الإعلام ليعبّر عن مواقفه و استنتاجاته من هذا العمل. و أعتقد أنه اليوم هناك ملاحظة بخصوص العزلة الانفرادية التي أضعها بين معقوفين، تدخّل السيّد زياد الدولاتي و أشار في حديثه عن ظروف سجنه.. من بين ما قاله أنه كانت له صعوبة في اقتناء كلّ الصحف داخل السجن و تحدّث حتى عن صحيفة Le monde.. أشار أنّ صحيفة Le monde كان يشتريها.. بمعنى حتى العزلة التي يتمّ الحديث عنها ليست عزلة بمعنى السلبي جدًا أو كما ذكر منذ حين المتدخّل السيّد علي العريّض أنّها قطعة من جهنّم، بل هنالك بعض المساجين الذين يطلبون أن يوضعوا في بيوت بشكل منفرد لا يريدون الاختلاط ببعض المساجين الآخرين. و قد تمّ تطرّق اليوم مثلا بالنسبة للسيّد حمّادي الجبالي الذي ذكر أنه طلب أن يبقى منفردًا لأنه يقلقه أن يُدخّن بقية المساجين بجانبه. و أعتقد أنّ المسألة ليست بهذه الصورة القاتمة أو السلبية. هنالك من طالب بتحسينات.. و استجابت بكلّ أريحيّة السلطة و وعدت أنّها ستقوم بهذا..هذا من جانب، و من جانب ثاني، أعتقد أنّ المسألة لا تهمّ مساجين معيّنين بذاته، هنالك كما ذكرت المساجين سواسية أمام القانون وهؤلاء يُعتبرون مساجين حقّ عامّ أجرموا في مسائل وفي تعاطي مع شؤون معنيّة اتصل بأفعالهم القضاء و أصدر حكمه. و أعتقد أن إذا كانت هنالك بعض الأطراف تحاول أن توظف هذه المسألة أو تعطيها أكثر مما تستحقّ فهذا يدخل من باب العمل السياسوي بخلفيات معيّنة.

الهاشمي الحامدي: طيب سي بوبكر، الإنسان لمّا يسمع أو يرى أخاه المسلم و عنده ابتلاء أو مشكلة يقول الحمد لله الذي عافانا ممّا ابتلى به كثيرًا من الناس. أنت -بعيد الشرّ عليك- دخلت السجن سابقاً، و لكن لا أظن أنّك دخلت السّجن الانفرادي. قد يقول القائل أنّك هونت من شأنه كما أن إصرارك في موضوع التوصيف قد يقول القائل انه ليس مناسبًا مع روح المؤتمر الصحفي نفسه.. فالإلحاح على قول على معتقل تيار السياسي أنه مجرم، مثلاً يقول لك لا يقال لا على حمّة الهمّامي لا على الشمّاري لا على العريّض… لكن أنا أريد أن أكون محايدا بيني و بين علي العريّض في هذا الحوار.. أقوم بواجبي الإعلامي البحت.. اسمع ردّه على ما قلت. تفضل علي العريّض بالرّد على موضوع تحفّظ الأستاذ بوبكر في موضوع وصفه للسجن الانفرادي رغم أنّني لا أريد أن أطيل فيه و لأنه فيه أسئلة أخرى مهمّة أريد أن أطرحها عليكما.. ما تعليقك على توصيف السجناء الذين دخلوا معك إلى السجن في نفس القضية التي حوكمت فيها؟

علي العريّض: أنا شخصيًّا لست في الوضع الذي يخول لي أن أتكلّم بكلّ حريّة.. و لذلك أكتفي بالقول أن السجن الانفرادي هو تجربة تعاش لا يمكن أن نحكيها.. لا يمكن إيصالها بتعبير اللغة.. هي محنة تعاش أكثر من أنّها تحكى.. و لذلك، الذي يصفها من الخارج أو يتصوّر.. عادة يصعب عليه أن يدرك حقيقة تأثيراتها العقلية.. البدنية.. العصبية.. النفسيّة..العائلية في كلّ أبعاد الإنسان. هذا من ناحية، و من ناحية ثانية، أنا الذي يهمّني هو أنّ هذا الخبر إذا صحّ ـ و أنا اعرف أثر تطبيقه ـ إذا طُبّق أنا أعرف أثره الإيجابي على الناس الذين عاشوا لسنوات طويلة في هذه المحنة.. لأنه يمكن أن يحسّن من أحوالهم على أمل أن يخرجوا من هذه المحنة هم و عائلاتهم و ذويهم. لأنّ المسألة تتجاوز السجين إلى مستوى عائلته.. أمّا ما ذكره الأستاذ بوبكر الصغيّر، فعلى كلّ حال أنا أحترم كلّ رأي يمكن أن يقال، و لست الآن حقيقة في الوضع و في الظروف التي تخوّل لي أن أردّ عليه فقرة بفقرة.. كلّ الذي أقوله هو أنه يتحدث عن شيء لا يعرفه و يصعب عليه أن يُحسّ به إحساسًا حقيقيًّا و شكرًا.

هاشمي الحامدي: باش مهندس علي، بالنسبة للموضوع الثاني توصيف السجناء، هل عندك ملاحظات فيه؟ … في خبر أ.ف.ب و في AP. هم يُسمّوهم المساجين السياسيين و الأستاذ بوبكر قال و ألحّ على أنّهم مساجين حقّ عامّ، أتريد أن تقول كلمة أم تتجاوز الموضوع؟

علي العريّض: أنا أظن أنّ الموضوع أخذ حظّه جدًا من أنّهم : مساجين حركة النهضة الإسلاميين و هنالك حتى مساجين آخرين إمّا لأسباب مقالات صحفية أو أسباب أخرى سياسية، هؤلاء عرفوا على أنّهم من خلال بيانات الجمعيّات المدافعة على حقوق الإنسان و المنظّمات الأجنبية و الداخلية وصفهم المتعارف عليه و الذي أعتمده أنا و أتبنّاه: هو أنهم مساجين سياسيين.

هاشمي الحامدي: طيب أستاذ علي العريّض هناك سؤال – قبل أن أرجع إلى الأستاذ بوبكر و أخذ مداخلة من زميلنا الأستاذ برهان بسيّس- أنت عبّرت في الأوّل على أنّك فرح بهذه الخطوة.. يعني إذا ما نُفّذت تؤدي إلى تحسين أوضاع السجناء و أنّه يُنتظر تنفيذها…رحّبت بمن شارك فيها، أتوقّع أنّ ترحيبك يشمل طبعًا السلطة الذي اتّخذت القرار..أليس كذلك؟

علي العريّض: أنا أقول أنّ الذين أفرج عنهم من السجن هي خطوة ايجابية… تحسب لكل من ساهم فيها من أي موقع كان.. و أي خطوة لتحسين حالة المساجين أيضًا تحسب لكل من ساهم فيها و التحسيس بها و الدفع لحصولها.. لكن على مستوى أنّ هذا التعهّد الذي ذكره السيّد ايريك في الندوة الصحفية، هذا ليس لي عليه أي تعليق حاليًا، اعرف انه اليوم على الأقلّ فيه أحد المساجين مازال في عزلة انفرادية و هذا متأكد منه باعتبار عائلته قد زارته قبل ساعات، لكن كما قلت في غضون المدّة القادمة سنرى ما إذا كان يقع إخراج هؤلاء المساجين الذين تتصل بهم عائلاتهم أكثر من مرّة و التي تتشكّى من أحوالهم الصحيّة و أحوال العزلة و آثارها عليهم الخ…هذا، في المدّة القادمة سنرى ما إذا كان سيأخذ طريقه للتنفيذ و ما إذا كان التعهّد الذي ذكره السيّد اريك هو تعهّد رسمي أم غيره.

هاشمي الحامدي: بالنسبة للتعهّد، نقول باللهجة التونسية “سبّق الخير تلقى الخير” و إن شاء الله تعهّد منسوب إلى مسؤول رسمي رفيع و كثيرا من الناس اللذين يعرفون الحكومة التونسية يعلموا أن تعهّدات من هذا النوع تُنفّذ و يفي بها… في الحقيقة السيد علي العريّض، أنت أفرج عنك في نوفمبر الماضي و كذلك مجموعة من السجناء الإسلاميين الذين كان قد بقي لهم بعض المُدد في السجن.. و كان إجراء اتخذه الرئيس التونسي زين العابدين بن علي.. و من قبله أذكر في سنة 99 كان 650 شخصا أطلق سراحهم، و في ذلك الوقت بدا حتى أن الموضوع كلّه كان يتّجه نحو الحلّ.. كثير من المراقيبن يقولون أن ما افتقده هذا الملف في تونس هو أيضا الحديث الطيّب.. تبادل عبارات طيبة تخفف من جوّ التوتّر.. و القطيعة.. و من الانطباع بأنّ هناك طرفين كأنهم من بلدين مختلفين.. كأنهم من ملّتين مختلفتين.. هل تعتقد أنّه حان الوقت للمراهنة على تطييب الخواطر..و تطييب العبارات و الأمل على استعادة العاطفة و المشاعر التي ينبغي.. وخلقها الله في طبيعة البشر خاصة لمّا يكونوا أبناء بلد واحد؟

علي العريّض: دعني أقول لك أوّلا أني أنا ممنوع عليّ أن اعبّر بصفة عامّة عن رأيي.. لكن في هذا الملف بالذات.. هو الوقت حان من زمان أن يقع طيّ هذا الملف.. و أن يقع تجاوزه.. و في تقديري أن الإسلاميين عناصر حركة النهضة، عندهم استعداد لطيّ هذا الملف.. لكن المقدّمات الأساسية: هو تسوية هذا المناخ الذي مدخله هو رفع هذه المحنة.. إطلاق سراح المساجين.. و مجمل المضايقات التي تقع على الذين أطلق سراحهم من حيث التشغيل..أو من حيث ظروف الإقامة…إلخ.

ففيه مقدّمات لما تقع، يمكن بعدها أن يسوّى هذا الملف. و يا حبّذ.. الأيادي مفتوحة.. و الصدور مفتوحة لكلّ من شانه أن يدفع في هذا الاتجاه.. في اتجاه تنقية المناخ في البلاد .. سواءً تعلّق بسجناء حركة النهضة أو بملف حزب النهضة نفسه.. أو بغيرها من المنظّمات و الأطراف.

هاشمي الحامدي: أستاذ برهان…عندي لك سؤال الآتي.. و سأطلب منك أن تصبح شيخ دين و تفسّر هذه الآية القرآنية. بعد أعوذ بالله من الشيطان الرجيم.. بسم الله الرحمان الرحيم. ﴿ وَ سارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكمْ وَ جَنَّةٍ عَرْضهَا السمَوَت وَ الاَرْض أُعِدَّت لِلْمُتَّقِينَ الذين ينفقون في السرّاء و الضرّاء و الكاظمين الغيظ و العافين عن الناس و الله يحبّ المحسنين﴾. قل لي أستاذ برهان.. هل ترى أنّ الوقت قد حان كما يقول الأخ علي العريّض قبل قليل لكظم الغيظ و العفو عن الناس و جمع الشمل و تجاوز هذا الخلاف الكبير و المواجهة الكبيرة التي حصلت بين السلطات التونسية و حركة النهضة؟

برهان بسيس: طبعًا دعني أن أقول..أنت قد وضعتنا في إطار هذا المناخ الخاشع بما تلوته من أية قرآنية..و أعتقد أنّ الندوة الصحفية التي تحدّثتم عنها قد صادفت بمعنى الصدفة أو بمعنى الإرادة أننا اليوم نحتفل بمولد النبوي الشريف في تونس. و كان الرئيس زين العابدين بن علي على رأس موكب في جامع الزيتونة المعمور.. إحياء لهذه الذكرى التي مُلئت حقيقة بمعاني العفو و معاني التضامن و معاني مدّ اليد لمن يعيش المحنة و لمن يعيش كلّ أشكال الضيق.. و لكن أخاف أنّ واقع الأشياء الملتصق بما هو سياسي.. يتجاوز أحيانًا إرادة النوايا الطيبة المرتبطة بهذه المعاني النبيلة.. و لكن رغم هذا و ذاك دعنا نضع المسالة في إطارها الطبيعي. انه اليوم الندوة الصحفية يشهد السيّد ممثل منظّمة هيومن رايتس ووتش أنها تمّت في ظروف لا تكاد تتوفّر أحيانا حسب شهادته و ما ورد على لسانه في بلدان عربية أخرى.. هذه مسائل ثمينة نسجّلها لفائدة تونس.. تونس بمعنى الشامل و العام.. تونس بمعنى القيادة السياسية.. و بمعنى الشعب.. تونس بمعنى الألف.. تونس بمعنى ما تعكسه من قيم تسامح و وسطية.. و لكن في نهاية الأمر حتى لا أتهرّب هنا و هناك للإجابة عن السؤال بشكل واضح نحن نقول بعيدًا عن كلّ أشكال التضخيم التي تتورّط فيها للأسف بعض الخطابات المتشنّجة. نعتقد أن مجال العفو لم يغلق أبدًا في تونس.. أنّ القيادة السياسية كرّرت أكثر من مرّة أنّها تتعامل مع مقولة فتح باب العفو أمام من زلّت بهم القدم..الأكيد أنّ المنبر ليس المجال لفتح مجال المحاسبة من ينبغيأن يحاسبعلىتلك العشرية التي عرفتها تونس و التيلازلنانكتوي بنار تداعياتها و لكن لا ينبغي إلى أن نضخّم الأشياء. أعتقد أنّه اليومنحنمدعوون للتفاؤل و التفاؤل ندفعه عن طريق الكلمة الطيبة.. وأُقدر و انظر بإيجابية إلى الخطاب الهادئ و الـرصين الذي كنت أستمع إليه من تونس.. سواءً من خلال الكلام و الجملة السياسية للمهندس علي العريّض.. أو من خلال الكلام للسيّد بوبكر الصغيّر. و أعتقد كلّ التونسيين تقريبًا.. أنّ قصّتنا التونسية كما عبّرت في منابر سابقة.. ليست بالقصّة المعقّدة بمثل ما نجد حولناإذامانظرناشرقًاأوغربًا…قصّتنابسيطةو تستطيع أن يتمّ غلقها و غلق تداعياتها السلبية بكلّ بساطة مادام تتوفّر الإرادات الطيبة… القيادة السياسية في تونس و أنت هاشمي تدرك ذلك جيّدًا و لمّحت إلى ذلك سنة 99 وجدتَ الصدر الرّحب من الرئيس زين العابدين بن علي عندما أعطاك ضمانة بانّه سيتمّ حلحلة هذا الملف و إغلاقه بشكل نهائي و بشكل سارّ يعود بالنفع على جميع من تضرّر في هذا الملف.. أعتقد أنه حان الوقت اليوم لاستحضار هذه المعاني النبيلة.. و أعتقد أن العنوان الأساسي الذي ينبغي أن يكون نصب أعيننا هو التفاؤل.. نترك جانبًا الخطاب المتشنّج..أعتقد أنه هناك فرق كبير بين من يجلس في الخارج و يتكئ وراء الأريكة المريحة و يصدر البيانات المتشنّجة، و بين من هو موجود في الداخل يمسك بنار الجمر.. أعتقد أن نار الجمر هذه حان الوقت بان نعوّضها بثلج التفاءل الذي يعود على الصدور بردًا و سلامًا.

هاشمي الحامدي: السيد علي .. ما قاله الآن الأخ برهان في حديثه.. أرجو أن اسمع رأيك في الآتي: قد لا تكون عندك المعطيات الكافية و لكن فعلا في سنة 99 صدرت تصريحات واضحة في وسائل الإعلام العالمية الكبرى في وكالة الأنباء.. في جريدة الحياة.. في قناة الجزيرة وقتها قبل أن المستقلّة تأخذ محلّها و تصبح هي الأخرى منبر مهمّ في الشأن التونسي الإخباري. السيد علي، كانت هذه التصريحات تفيد أنها تنسب على أساس موثوق إلى القيادة التونسية إلى الأخ الرئيس زين العابدين بن علي توجّه استعداد مبدئي لحلّ نهائي للموضوع… عام 99 كان قد مرّت 7 سنوات كأقصى حدّ على المحاكمات و الإعتقلات.. و في كلّ هذه المحاولات نادر ما جاءت الكلمة الطيّبة التي حدّثتك عنها التي مثلا تكون كالآتي: مثلا يأتي متحدّث باسم الحركة التي أنت تنتمي إليها في الوسائل الإعلامية و يقول هذا توجّه طيّب أرحّب به علنًا و أرغب في بحثه بالتوسّع مثلا و بالتفصيل بصفة مباشرة مع السلطات.. كان دائما الكلام يأتي في انتقاد و هجوم و تفريغ شحنة من الغضب مثلا.. و هذا الكلام الغاضب يقابله طبعا مواقف أخرى من جهات ربّما هي معارضة تمامًا للتسوية بين الرئيس بن علي و بين هذا القطاع من أبناء الشعب التونسي.. فتتعقّد الأمور و تتجمّد.. ما الذي يمنع في رأيك المسؤولين في حركة النهضة.. إمّا الرّسميين المباشرين في الخارج.. أو الرّموز الذين خرجوا من السجن مثل حضرتك..مثل زياد الدولاتي من أن يُغامروا بتجربة تبادل النّوايا الطيّبة .. و الرّغبة في حلّ الملف ..و فتح آفاق له تجعل تونس مثل بقيّة الدّول العربية أكثرها توجد فيها تيارات مختفلة معترف بها.. أو فيها تيار إسلامي – حتى ولو اتّخذ اسم ليس فيه عبارة الإسلام- هل هناك أمل لتغيير اللّهجة و تغيير الخطاب أستاذ مهندس علي العريّض؟

علي العريّض: شكرا. في الحقيقة بالنسبة للمعطيات الماضية أنا لست مُلمًّا بها.. بين قوسين هنا، بالنسبة للسجن لا تدخله إلاّ جريدة الصباح وجريدة لرونوفو وجريدة الحرّية وجريدة la presse و جريدة الصحافة و هي جرائد تونسية.. و بقيّة الجرائد لا تدخل، حتى الجرائد التونسية. و هذا خلافا لما قاله الأستاذ بوبكر الصغيّر.. و من باب أولى و أحرى le monde و غيرها فهذه لم تدخل أصلا. بل حتى الجرائد نفسها.. كثير من الأحيان تغيب.

في ما يتعلّق بسؤالك، دعني أقول لك..أنا في خلال فترة السجن و منذ سنة 95 حاولت مرارًا و عبّرت في كثير من الحالات عبر مراسلات رسمية.. أني مستعدٌّ لأن أتقدم بأفكار و بمشاريع من اجل محاولة إنهاء هذا الوضع.. و إيجاد سبل يمكن بشكل تدريجي أن تتطوّر لمصلحة تونس و لحلّ هذا الملف.. ملف المساجين و من وراءه ملف حركة النهضة.. و لكن أنا ما وجدت أبدًا ردودًا على تلك المشاريع.

فيما يتعلّق بما زاد عن ذلك من خلال ما حصل مما ذكرته في سنة 99 أو غيرها، الحقيقة أنا لست ملمًّا به، مازلت كما تعلم منذ اشهر فقط خرجت من السجن.. لكن دعني أقول لك، أنا على استعداد و كثير من الإخوان الذين حوكموا معي ممن خرجوا أو ممن اتصلوا بي لتهنئتي بالخروج في داخل البلاد أو من خارجها كلّهم عبّروا لي عن استعدادهم دائمًا أنه من اجل تونس و من اجل توفير أفضل مناخات التنمية السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية هم دائمًا مستعدّون لا فقط لطرح أفكار و طرح مبادرات بل مستعدّون أيضًا لتحمّل كل ما تقتضي مصلحة تونس.. أنا أكون سعيدا جدا أن أساهم لو يُفتح لي الباب للمساهمة في إنهاء هذا الملف الملحّ المتعلّق بمحنة المساجين و عائلاتهم و ذويهم.. و من باب أولى و من بعده و معه الملف المتعلّق بكيفية مشاركة الإسلاميين كتيار موجود في البلاد.. كيفية المشاركة في التنمية الاقتصادية و في السياسية و الثقافية… الخ.. وإدماجه ضمن مجمل الفعاليات.. مجمل الأحزاب.. مجمل التيارات.. مجمل الجمعيات الموجودة بالبلاد. وعلى كل حال نحن لسنا أقل ذكاءً أو أقلّ جدارة، نحن كتونسيين، من حياة سياسية وصلتها عدد من الأمم و الشعوب.. حتى في بعض البلاد العربية الشقيقة في هذا المجال.

هاشمي الحامدي: بعض علماء الاجتماع الباحثين يقولون مشكلة قطاع من التونسيين انه تنقصهم الدرجة اللازمة من المحبة و التسامح و حق الاختلاف… لكن أتركني اعرض عليك نقطة عملية بدون أن نبتعد إلى الفلفسة و إلى أفكار هي محلّ نزاع.. هل الأستاذ علي العريّض لو قيل لكم، لو قيل لك أنت من دون أخذ صفات ..و زملاء لك في وضعيّتك.. إنّ تونس تحتاج إلى أن تعرف منكم بشكل واضح.. أنّكم إمّا تعملوا كحزب سياسي مثل بقية الأحزاب تكون التنافس ببرامج لخدمة الوطن في البلديات في البرلمان في غيره..أو تعملوا كهيئة إذا أنتم مهتمّين أساسًا لتوعية الناس بالثقافة الدينية و نشر الأخلاق الإسلامية الحميدة و عادة تتعلّق بالقرآن الكريم و بأخلاق الإسلام.. تعملوا كهيئة دعوية…هل ترى أنكم ممكن أن تقدّموا خدمة نظرية لتونس بأن تعلنوا أنكم إمّا مستعدّون للعمل كجهة سياسية أو كجهة دعوية.. لأن طبيعة الوضع الاجتماعي، طبيعة بلدنا تحتمل التخصّص..إمّا في هذا أو في ذاك؟

علي العريّض: أنا أشاطرك الرأي في ما ذهبت إليه من أنّ الأحقاد و رواسبها يمكن أن تصل إلى إبعاد الناس عن بعضها و إلى القطيعة و إلى إضاعة الجهد و الوقت وإهداره.. أقول أني شخصيا انظر إلى المستقبل أكثر من النظر إلى الماضي ..و احتفظ بالأمل في المستقبل لأنّ الذي يهمني هو انتصار المبادئ.. انتصار البلاد.. وحدة الشعب..نموّه..تجاوزه…و ليس أن اجترّ محنا سابقة رغم أني اعرف أن كثيرين متضرّرين منها.. و على كل حال أنت تعرف المنحة التي مررت بها أنا شخصيًا. لكن الذي يهمني العبرة عندي في رأيي الخاص.. و أنا أتكلم عن نفسي إذ لست مكلفا و لا احمل حاليا صفة ناطق رسمي إنما أنا قيادي سابق في حركة النهضة خرجت للتوّ من السجن. قلت، العبرة عندي هي بانتصار القيم بانتصار قيمة التعايش..قيمة الحرّية..قيمة الديمقراطية..قيمة حقوق الإنسان..قيمة نهضة تونس و نهضة شعبها، هذا هو الذي يهمني قبل أن تكون محاسبات أو نظر إلى الماضي أو أحقاد أو غيرها.

في ما يتعلّق بالنقطة التي أتيت عليها، بالنسبة لحركة النهضة يمكن الإجابة عنها تكون لك من خلال الأطر الرّسمية و من ممثليها الرسميين.. لكن تسألني عن رأيي كشخص، أنا مستعدّ وأكون سعيدا أن أجد طرفا رسميًا أناقش معه كل هذه الأفكار التي طرحتها. و فيه اخذ و عطاء و استعداد للأخذ و عطاء و مرحلية و يمكن أن نصل… و أنا شخصيا عندي أصدقاء من بعض الأحزاب الآخرين و بعض الجّمعيات سواء المعترف بها و غير المعترف بها ممن زاروني في منزلي أو من حضرت معهم بعض التظاهرات و تناقشت معهم في بعض هذه القضايا و لم أجد صعوبة و ما وجدت اختلافا كبيرا للوصول إلى حلول في هذه المسألة. فإذا وجد طرف.. إذا وجد استعداد حقيقي فلا توجد مشكلة عويصة عن الحل في هذا المجال بالذّات في المجال السياسي و الدعوى و الديني و حجم تدخل الديني في السياسة أو توضيفه أو كل هذه المصطلحات(…)

هاشمي الحامدي: لأسهل السؤال عليك: أنت تقول لي ليكن هناك طرف أنا أقول لك.. ما رأيك في أن هذه المسألة السيد علي مسألة فكرية عامة حتى من دون ما يكون أي طرف يحاورك فيها، حان الوقت للوضوح فيها(…)أنت إذا أردت أن تكون داعية.. كن داعية و الإسلام يحتاج إلى علماء، انظر الآن الإمام مالك بن أنس.. أحسن و أبقى و أكثر نفعًا الآن في حياتنا من كلّ التيارات و السياسيين و زعماء الطوائف الذين كانوا موجودين في عهده ..أو إذا أردت أن تكون في السياسة.. في العمل العام.. في خدمة الناس.. في البرلمان و غيره…فقل هذا.. فأنت ليش تقول لازم يكون طرف أفاوضه؟.. مادام هناك نخبة تونسية تسمعنا الآن.. و سوف تعلّق على هذا الحوار و تكتب..ألا ترى أنك أنت شخصيًّا… علي العريّض إنسان عاش في الحركة الإسلامية و جرّب و عاش في العزلة.. و يلزم أن نفكر في هذه الأمور، ألا ترى أن هناك فرق بين العالم الداعية و بين السياسي الذي يعمل في السياسة ؟…يعني فيه توزيع وظائف.. ربنا خلقنا هكذا …

علي العريّض: نعم، أنا أرى هذا، أرى أنه عندما تتوفر المنابر و القنوات التي تخوّل للإنسان صاحب الفكر أن ينشر فكره من خلال المجلات و الكتب.. و عندما تتوفر منابر الإعلام من قناة التلفزة أو الإذاعة أو الجريدة..التي تخول له أن يطرح أفكاره السياسية و برامجه و مشاريعه ، فعند ذلك هذه القنوات هي التي تؤطر العمل السياسي و الإعلامي و الثقافي و عند ذلك يكون كلّ موقع مختصّ في مجاله: فالمسجد يكون مختصّ عندها في كل ما يكون له علاقة بالشؤون الدينية من العبادات و تعليم الناس دينهم و تناول الظواهر المجتمعيّة لتطهير المجتمع منها و الإرشاد و الإصلاح. لكن الذي أحيانا يدفع إلى أن تختلط الأمور ببعضها هو انه لا توجد قناة لا توجد قنوات لا توجد منابر، يعني يحرم اتجاه أو تيار أو فكرة من حقّ التعبير في جريدة أو في مجلّة أو في إذاعة أو في تلفزة، فيصبح كالنّهر المنساب الذي عندما تضع أمامه حاجزًا يبحث عن منافذ لينفذ منها.. و لذلك لا وجود لأي مشكل في هذه الناحية.

هاشمي الحامدي:.. اتركنا نحكي عن الآفاق. إذا في حالة ما إذا سُمح للحركة التيار الإسلامي في تونس مثلا في حزب مثل حزب العدالة و التنمية و مثل حركة حزب المجتمع السلم الذي هو الآن حليف للرئيس بوتفليقة و ليس خصم له في الحكومة و شريك للائتلاف الرئاسي..فهل ترى انه السماح بالحزب السياسي يحول دون هذا الخلط بين العمل الحزبي و العمل الديني الدعوي التعليمي.. في هذه الحالة الذي يكون مناصر لتيار الذي أنت تنتمي إليه، إن أراد أن يعمل في السياسة و يأخذ بطاقة حزبية و يذهب يشتغل و يعبّر عن رأيه بشكل حزبي و التونسي يصوّت له أو عليه.. و إن أراد أن يتفرّغ إلى الدعوة إلى الله و ما أكثر المتفرّغين بالمناسبة في العالم الإسلامي كلّه مهتمين بالدعوة بالعلم و الذكر بحفظ القرآن الكريم و رعايته.. يعمل في هذا من دون إذًا هذا الخلط الذي يثير حفيظة كثير من بني وطنه؟

علي العريّض: تسألني عن رأيي الشخصي. إذا وقع إدماج الإسلاميين في النسيج الاجتماعي السياسي و إعطائهم فرصة كغيرهم للتعبير عن وجهة نظرهم في مجلات السياسة و الاقتصاد و الاجتماع و الثقافة الخ… فانا على ثقة بأننا في تونس قادرون على أن نجد المنهج الذي يناسبنا و الذي لا توجد معه إشكاليات و الذي لا يوجد معه تداخل في هذه الوظائف التي قد تثير البعض.

هاشمي الحامدي: فيه سؤال ثاني أصعب شوية.. نسمع تعليق الأستاذ برهان ثم اعد لك بالسؤال.

السيّد برهان ما هو تعليقك على هذا الحوار من الأخ علي العريّض في الموضوع السياسي الديني؟


يتبع

……………………………..

(…): كلام غير مفهوم إما لرداءة الصوت أو لتداخل الأصوات

1 | 2