خلال أيام الماضية، حرّك الساحة حدث كان لأوّل مرّة منذ 15 سنة.. تمثل في الحوار الذي أجرته قناة المستقلّة الفضائية مع الأخ علي العريّض الناطق الرّسمي السابق لحركة النهضة في تونس.. و أحد قياداتها التاريخية، تحدث فيه بصراحة و جرأة عن جملة من القضايا طالما أثارت حفظية الخصوم و فضول الأصدقاء و اهتمام الأنصار.

و تعميما للفائدة، خاصة للذين لم يُسعفهم الحظ لمشاهدة البرنامج: فإنّي أضع بين يدي القارئ الكريم النّص الكامل( في جزئين نظرا لطوله) لوقائع الحوار الذي دار في برنامج” أضواء على الأنباء” على قناة المستقلة الفضائية يوم 20 افريل بين كلّ من: محمد الهاشمي حامدي، علي العريّض، بوبكر الصغيّر و برهان بسيّس. فأرجو من الله أنّي قد وُفّقت في نقله من المسموع إلى المكتوب.. و المعذرة المسبقة أن كان هناك خلل لم أنتبه له.. و شكرًا.

محمد العماري – باريس

الحوار الكامل مع المهندس علي العريض الناطق الرسمي الاسبق لحركة النهضة حول مستقبل التيار الإسلامي السياسي في تونس على فضائية المستقلّة

هاشمي الحامدي: فيه سؤال ثاني أصعب شوية.. نسمع تعليق الأستاذ برهان ثم اعد لك بالسؤال.

السيّد برهان ما هو تعليقك على هذا الحوار من الأخ علي العريّض في الموضوع السياسي الديني

برهان بسيس: كنّا في سفينة في الميناء شرق المدينة فإذا به غرب المدينة ..يعني بدأنا حول التعليق الندوة الصحفية حول الوضعية داخل السجون و الإجراءات الجديدة.. و ها نحن ننتهي هذا الحديث حول أفق عمل إسلامي ممكن في تونس.. دعني أعبّر في بعض الأفكار الشخصية و الشخصية البحتة. و أعتقد أن هنا في تونس لا يروق هذا الكلام للبعض.. و لكن هنا في تونس يحصل شبه إجماع على قاعدة أنّه لا مجال لقيام حزب سياسي على أساس ديني أنّ هذه المسألة قد حُسمت.. لا يعني ذلك تاويليا تتجه إلى غلق الأبواب أمام كلّ التعبيرات السياسية القريبة ممّا يصطلح على تسميته بالإسلام السياسي أو التعبير من منطلقات إسلامية أو اسلاموية.. يعني أعتقد أنه على مستوى التنظيمي أو المستوى الحزبي، تونس ليست مستعدّة للعودة إلى الوراء.. بالنظر إلى واقع الأشواك التي مشينا عليها في مرحلة كادت تعصف بواقع الاستقرار السياسي و الاجتماعي و الثقافي في تونس.. و تدركون جيّدًا أنّ عنصر الثقة الذي عملت به القيادة السياسية التونسية مع جماعات الإسلامي السياسي في تونس انتهى إلى انقلاب كاد يودي أو كاد يضرب هذا الاستقرار. لكن دعنا الآن من الماضي و نتحدّث عن المستقبل.. بالنسبة للمستقبل أعتقد أن المسألة التنظيمية مسألة محسوم فيها.. اعتبارًا أنه هناك إجماع وطني حول أنّ تونس و الساحة السياسية التونسية لا تحتمل وجود حزب يقوم و ينطق من منطلقات أو مرجعيّات إيديولوجية دينية.. رغم أنّك قد تقل لي أن تجربة المغرب تعطي كذا و كذا.. تجربة تركيا تعطي كذا.. تجربة الجزائر تعطي كذا..يا أخي لكلّ إناء خصائص لكلّ خريطة خصائص…

هاشمي الحامدي: إذا هذه المجموعة قالت أنّها تلتزم بقانون الأحزاب، لأن العبارة الموجودة في قانون الأحزاب التونسي، موجودة في الجزائر..نفس العبارة ..أنّه لا يجوز تكوين الأحزاب على أساس دينية أو قبلية أو مناطقية.. العبارة موجودة في البلدين، فلنفترض أنّهم قالوا أننا لا نقيم حزب على اعتبارات إيديولوجية أو دينية.. لكن نحن مجتمعين على أننا نرى أنّه ينبغي الحفاظ على جزء من القطاع العامّ (…) أو يقولون نزيد دعم سياسة التضامن الإجتماعي التي عملها الرئيس زين العابدين بن علي… هؤلاء الناس إذا عملوا بالجانب السياسي طبقًا لقانون الأحزاب.. لا تستطيع أنت أن تصادر منهم حقّهم كتونسيين..أليس كذلك؟

برهان بسيس: يا دكتور هاشمي، لهم ذلك.. و لكن علينا أن نفرّق بين التعبير عن الرّأي، ككتلة.. كجماعة تكتب في صحيفة.. كجماعة تعبّر عن أرائها و بين التنظم السياسي. التنظّم السياسي قد وقع حسمه أي لا مجال أن يقوم على أساس ديني(…) بقي أنّ أستاذ علي العريّض أو غيره من رفاقه من زملائه و من إخوته من الذين خاضوا تجربة سياسية، مجال للعمل السياسي يبقى مفتوحًا أمامه، هناك أحزاب تنشط على الساحة لا احد سيمنع السيّد علي العريّض من الانخراط في أي حزب و الدفاع عن اطروحاته من داخله.. لا أحد سيمنع السيّد علي العريّض من أن يعبّر عن أرائه، و لذلك التعبير عن الرأي مكفول…

هاشمي الحامدي: برهان، لا تضيّق واسعًا، إذا هو و أصحابه ذهبوا إلى الولاية و قدّموا طلب حزب في إطارالقانون، ما يعطيه القانون التونسي لا تستطيع أن تعترض عليه.. ما يعطيه القانون التونسي لا تستطيع أن تمنعه لا أنت و لا أنا.. إذا هم قدّموا برنامج حزب غير مستند أو منطلق من مسألة قبلية أو مناطقية أو لغوية أو دينية و قدّموا برنامج سياسي .. سيكونون موافقون للقانون..أليس كذلك؟

برهان بسيس: لكن أنت تطرح في خيارات مرتبطة بمجال أقرب للخيال العلمي من الواقع.

هاشمي الحامدي: صدّقني.. كان هذا ممكنًا قبل سنة 1999 بين 27 أكتوبر و 15 نوفمبر.. و في عهد رئيس بن علي الأوّل كان هذا ممكنًا.. فقط فيه مخالفات قانونية معيّنة..إنّي ما أُلاحظه الآن، هو انّك ذاهبٌ ابعد من السلطة.. السلطة تقول: هذا قانون الأحزاب احترموه و تفضّلوا.. و أنت تقول حتى لو احترمتم قانون الأحزاب لا مجال…

برهان بسيس: يا دكتور اسمح لي، أنت الآن بصدد صياغة جمل مليئة بالمفارقات. سأعطيك مثالاً: أنت تتحدّث كما لو أنّه المراقب العامّ للإخوان المسلمين في مصر ذهب إلى السيّد حبيب العدلي وزير الداخلية المصري و قدّم له مطلب لتأسيس حزب ليبيرالي، و قال أنّ هذه تجربة الإخوان المسلمين تجربة فاشلة باعتبارها قامت على أسس عقائدية دينية.. و قال أنّنا سنقدّم برنامج سياسي ليبرالي أو اشتراكي أو وسطي أو غيره ذلك لا علاقة له بالمسألة الدينية أو استثماره في المجال السياسي، طبعًا هنا خط فاصل.. انتهت حركة إخوان المسلمين و تمّ غلقها نهائيًا. و نحن الآن بصدد معاينة نشء مشروع سياسي جديد بخلفية إيديولوجية جديدة و لكن بشخوص هم أنفسهم الذين خاضوا تجربة السابقة.. طبعًا هذا المجال مفتوح أمام الجميع.. لا أحد سيتحكّم في تونس في من كان شيوعي و ينتقل إلى الليبرالية.. أو في من كان إسلامي و ينتقلّ إلى القبول بواقع قانون الأحزاب أو غير ذلك(…)

هاشمي الحامدي: يا برهان، هذه نقطة مهمّة.. إذا ما احترم قانون الأحزاب.. و قدّم برنامج جديد… في هذا الإطار من المكن لهم و بدون أن يذكروا في حزبهم: نحن الحركة الإسلامية الفلانية.. تونس سوف تستوعبهم مثلما استوعبت التيارات اليسارية و قومية و غيرها… و لكن أريد أن أسمع الإجابة من الأستاذ بوبكر الصغيّر.

بوبكر الصغيّر: أنا أحييّ فيك دكتور هذه الشحنة و هذه الكمّية الكبيرة على التفاؤل و الأمل. خاصّة أنت يا دكتور أكثر شخص كان عانى من الإرهاب الفكري من بعض عناصر هذه الحركة عندما كانت لك طموحات و آمال أن تعالج هذا الملف وهنالك مقالات كتبت في شخصك (…) أنا ألتقي مع السيّد برهان في ما يخصّ أنّ هذه المسألة لم تعد مطروحة تمامًا في تونس. فالأمر حُسم و القضية ألان مرّ عليها الآن العقد أو نصف العقد(…). و بالتالي هذه القضيّة ليست هي موضوع الساعة في تونس و ليست من اهتمام النخب أو في الساحة السياسية.. هذا في جانب و في الجانب الثاني، هناك أمر مهمّ و مهمّ جدًا.. سأذكر على الأقلّ جانبين: في الجانب الأوّل بخصوص ما تُسّميه تيار الإسلامي في تونس أو الحركة الإسلامية في تونس..فنحن في تونس و بخلاف الحركات الإسلامية كلّها في العالم العربي كلّها قامت بعمليّة نقد ذاتي. (…). الحركة الإسلامية في تونس هي الوحيدة التي رفضت أن تقوم بمثل هذا العمل النقد الذاتي. كيف تتصوّر أن يمكن لأيّ طرف سياسي أو بُعد سياسي هنا في تونس أن يتخيّل أنّ هنالك بصيص أمل يمكن أن يتجاوز هذا الوضع.. هذا من جانب، من جانب ثاني: قبل أيّام فقط الرّمز الأوّل لهذه الحركة فهو يصدر بيانًا كلّه أباطيل و أكاذيب. و اليوم سبحان الله في الندوة الصحفية كان هنالك عائلات المساجين كان هنالك أشخاص ينتمون إلى هذه الحركة أطلق سراحهم مؤخّرا و لا احد منهم تعرّض و لو بكلمة واحدة لما كان صدر في البيان من لندن.. هناك جانب ثالث سأشير إليه، إلى حدّ هذا الأسبوع هناك بعض عناصر تابعة إلى هذه الحركة تمّ القبض عليهم في أوروبا و في عواصم أوروبا لتهمّ تتعلّق بنيّة الإرهاب… (مقاطعة من د. الحامدي).

هاشمي الحامدي: بوبكر، أرجوك في ما يتعلق بالقانون هنا.. ارجوك لا تتهمّ شخصًا و لا حركة في موضوع الإرهاب.. إنّك الآن تضطرّني أن أقول على الملأ: الشيء الذي أنت ذكرته هو محلّ تحقيق لا توجد أي محكمة أوروبية أثبتت هذا الشيء.. أنت تعرف أن هؤلاء الناس كم كسبوا في قضايا في وسائل الإعلام قيل فيها مثل حديثك. أرجوك أنت عايز أن تخسّر قناة المستقلّة مائتي ألف جنية سترليني أو أكثر.. فأرجوك اتركني أقول نقطة واحدة فنّية: أيّها السادة المشاهدون أنّه ما قاله السيّد بوبكر الصغيّر الآن في أشخاص متّهمين أو أنّهم أدينوا بالإرهاب لحركة إسلامية تونسية أو غيرها.. هذا الأمر لم يصدر فيه أمر قضائي إلى حدّ الآن في أوروبا أو في العالم. و بالتالي نعتبره كأنه لم يكن و غير صحيح: إذًا نواصل الحديث و نسمع بقية رأيه.. نحن في أوروبا.. أرجوك أن تراعي لي وضعيّة المحطّة.

بوبكر الصغيّر: أعتقد مثلما ذكرت قبل قليل أن هذه القضية ليست مطروحة في تونس.. و بالنسبة لهذا الموضوع قد حُسم.. و من أراد بالفعل أن يعود إلى الساحة السياسية، هناك أحزاب، هناك جمعيات، هناك منظّمات هناك مجتمع مدني..هناك حراك سياسي بصدد الحصول في البلد.. ينخرط فيه.. أمّا هذا التفكير في عمل سياسي بالشاكلة التي كانوا يتصوّرونها قبل العقد و نصف العقد، هذه أمور حُسم فيها ..لأنّ السياسة ليست مخبر تجارب أن تعطيك الفرصة ثمّ تفشل فيها. لما أُعطت لهم الفرصة و شاركوا في انتخابات 89 و مُكّنوا من صحيفة و مُكّنوا من دخول إلى النّشاط سياسي كان التفكير في اتّجاه آخر تمامًا…

هاشمي الحامدي:هذا هو السؤال الثاني المهمّ للعريّض، يا سيّد علي كلام بوبكر الصغيّر و تلميحاته أنه أتيحت لكم الفرصة في المجالات و أنتم ذهبهم إلى أمر ثاني، أتركني أكلّمك بالصريح المباشر.هل تستطيع أنت علي العريّض بدون أن أطلب منك تعبّر عن موقف تيار أو موجوعة. فقط يكفيني رأيك أنت الشخصي في الحوار…. النقطة التي أشار إليها السيد بوبكر الصغيّر أنه هناك اتهام للحركة الإسلامية السابقة حركة النهضة يعني هذا الحزب الذي أنت فيه أنه راهن أو فكر في المراهنة على الخيار الانقلابي.. أني ربما استغلّ الفرصة معك لأقول لك بصراحة.. سرب مجموعة من المتعاطفين معه في أجهزة الأمن.. في أجهزة حسّاسة.. في الجيش.. هل أنت ككاتب كإنسان معني بشأن الحركة الإسلامية في تونس.. كسجين سابق.. ترى أن الوقت حان بدون أن ندخل في حسابات سابقة بالقول بوضوح.. بصراحة إن أي حركة إسلامية في تونس أو تيار سياسي يصنّفوه الناس على انه منسوب للحركة الإسلامية لن يعمل أبدًا في العمل السرّي.. لن يعمل أبدًا لتجنيد الأشخاص في أجهزة الأمن أو في الجيش الوطني التونسي؟

علي العريّض: شكرا. أولا أنا اعبر عن رائي الشخصي كما أعلمتك قبل: و أقول أيضًا بأني لا أشعر بنفسي حقيقة حرًّا في التعبير الكامل كما أريد نظرًا لمجمل ظروف تعلمونها.. فيه ملاحظة هو أن أنا اعتبر أن قناعات الإنسان في جزء منها هي صيرورة.. يعني يتطور عبر التجربة.. عبر تغيّر الظروف المحيطة به.. عبر مراجعات نقدية يقوم بها.. و أنا استغرب مما سمعته من الذين ذكروا بأنّ الإسلاميين لم يقوموا بمراجعات نقدية أو شيء من هذا القبيل.. هي توفرت فرصة أن يعبّر الإنسان في جريدة أو في مجلّة أو في منبر أو يتحدّث بحرّية و براحة نفسية و بأنّ حديثه سيفهم في إطاره و لن يوظف سلبًا لجلد الذّات أو للنقد أو للتشويه؟.. هي توفرت فرص مثل هذا، لنقول قاموا أو لم يقوموا ؟ أنا ما سمعته هو الذي في جانب منه يعبّر على أنه لم يقع تطوّر و لم تقع مراجعات في ما يتعلّق بنظرة الأخوين للإسلاميين.. كما لو أنّ الإسلاميين أو كما لو أنّ الواحد منّا جامدُا لا تؤثر فيه السنّ.. لا تؤثر فيه رياح التغيير واستحقاقات التغيير التي تضرب العالم كلّه خلال هذه العشرية أو الخمسة عشر سنة و التي أصبحت تضرب المنطقة العربية و غيرها من المناطق.. فأنا الحقيقة استغرب رأيا في هذا المجال و أعتذر عن المزيد للتأكيد على هذه النقطة.. جوهر الموضوع هو: هل ثمة استعداد لأن يُسمح للإسلاميين بأن يتمتعوا بالمشاركة في تنمية البلاد؟ بأن يتمتعوا في أن يعطوا وجهات نظرهم في مختلف المجالات.. و بتلك الأطر التي يعبّرونها فيها عن أنفسهم و عن آرائهم يتطوّرون و يطوّرون في نفس الوقت.. لأنّ توفير الحرّية توفير الفرص للتحاور بالإعلام الحرّ بالمنابر الحزبية بالجمعيات هو الذي يمكّن أي تيار من أن يثبت جدارته بالحجة العقلية.. بالمعطيات.. بالإقناع.. لا بالإشباع النفسي و إنّما بالإقلاع العقلي، بالحجّة.. ذلك هو الذي يوفّر المناخ، وفيه يمكن أن يتطور أي اتجاه سواء كان متطرّفا على اليمين أو على اليسار…

هاشمي الحامدي: … هل الآن بعد هذه التجربة، هل تجد أنت علي العريّض لا أسأل عن أي شخص ثاني و لا عن أي تيار. هل ترى أن محاولة حزب سياسي في تونس أو تيار أو تنظيم عقائدي أو أيديولوجي في تونس أن يشتغل في الجيش أو في الأمن خطر عليه خطر على البلد و حان الوقت للقول بصراحة أنه الإنسان يتحمّل تبعات عمله حتى لو سجن و مشاكل و لكن لا يعمل في الأجهزة الأمنية و يتركها قومية وطنية للبلد كلّه.. و ليس لحزب أو تيار؟

علي العريّض: يا سيدي هذا أمر لا فيه لبس أصلاً أن العمل ضمن الأطر القانوني هو العمل الطبيعي الالتزام بالقانون هو العمل الطبيعي، البعد عن كل ما يتعارض مع طبيعة العمل السياسي العادي المتعارف دوليًّا، المتعارف عليه في الدول المتقدّمة و الدّول التي مشت خطوات في اتجاه التقدّم.. فلا لبس في هذا المجال.. و أنا لم أجد حاليًا أي شخص يمكن يفكّر بطريقة معاكسة أصلاً. أنا لا أستطيع العودة إلى الماضي لتوضيح جملة مسائل متعلّقة بهذه المسالة هل انه اُلتزم بهذه المعايير الضابطة للعمل السياسي أم لا؟ و لكن دعني أقل لك: تسألني عن قناعتي و كذلك قناعة الذين اعرفهم من الإسلاميين و من قيادات حركة النهضة الحالية و السابقين و غيرهم.. لا أجد أصلاً إلاّ الاستعداد و القناعة بان يقع العمل السياسي ضمن الأطر القانونية المتعارف عليها.. و بالوسائل المتعارف عليها المعتادة.. بالتقاليد و الأعراف الجاري بها العمل في مختلف الدول و حتى في تونس.. فلا مشكل إذا في هذا. إذا وجدت الإرادة و الاستعداد فيمكن للتيار الإسلامي الذي كنت فيه و حوكمت فيه أن يعمل و أن يكون قوّة إضافية في داخل البلاد و يكون خطوة في البلاد ككل نحو مزيد من النموّ.

هاشمي الحامدي: يا سي علي هذا ليس هاجسًا للسلطة فقط.. هذا ممكن أي تونسي آخر.. أيّ واحد من حزب سياسي آخر يخشى من أي حزب سياسي إيديولوجي أن يخترق أجهزة الأمن… ليس مهمّ الماضي.. نحن بدأنا بالآية الكريمة التي تقول: ﴿ و الكاظمين الغيظ و العافين عن الناس﴾ و في القرآن الكريم أيضًا ﴿ و ليعفوا و ليصفحوا ألا تحبّون أن يغفر الله لكم﴾ ففي السياسة تحصل مراجعات و أمور.. أمريكا نفسها و الرّئيس بوش العام الماضي اعترف.. قال في خطابٍ أمام الصندوق الوطني الديمقراطي قال: لستّين سنة دعمنا الدكتاتورية في العالم العربي و الآن آسفين عايزين نغيّر.أنا أسألك على المستقبل هل تقول بعبارة واضحة لا يمكن تأويلها أنك أنت شخصيًّا لن تكون طرفًا في أيّ تجمّع سياسي يعمل أيضًا في أجهزة الأمن و في أجهزة الجيش؟

علي العريّض: لن أكون طرفًا في أي جهة تعمل في هذه الأجهزة. و التونسيون و التيار الإسلامي في تونس، و التونسيون بكل أطيافهم و بكل توجّهاتهم قادرون على أن يجدوا المرحلية التي تناسبهم و المناهج التي تناسبهم ..و التغيير الذي يتماشى مع خصائصهم.. بدون تأجيل غير مبرّر.. و بدون تسرّع غير مبرّر.. و بدون تدخّل خارجي.. أو استنساخ خارجي.. أو خدمة لمصالح أجنبية.

هاشمي الحامدي: … طيب نقطة ثالثة أصعب من الأوّلين، أنت الآن قلت أنّ من الممكن لأي حركة سياسية منبثقة من ما يُسمّى بالتيار الإسلامي تقليديًا في العالم العربي أن تميّز و تفصل بين العمل السياسي العام لتفتح منابر حسب الشيء التقليدي و بين العمل الديني الدعوى الوعضي الاجتماعي التربوي.. لأنه فعلا فيه فرق بين رجل حزب و بين العالم و بين الواعض..و قلت هذا شخصيا أنك تقبل بهذا التمييز.. و قلت انك لم تكون أبدًا طرفًا في تنظيم يعمل عمل سرّي داخل أجهزة الأمن و أجهزة الجيش.. و هذا مهمّ.. أتوقّع لكل مواطن حتى للمشاهد العربي الذي يشاهدنا في كلّ مكان أنه يهتمّ و يسمع منك هذا الكلام.. السؤال الأصعب من هذا كلّه في عرف بعض التونسيين: علي العريّض، أثناء غيابك في السجن طوّرت الحكومة التونسية بقيادة الرئيس زين العابدين بن علي سياسة التضامن الاجتماعي، أصبحت عنوان من عناوين السياسة التونسية في الخارج. يتكلّمون عليها الناس يحكون عنها. من قبل شهر كان عندي أناس من أمريكا يقولون أن حتى بلدهم ممكن يتعلّم من تجربة تونس.. الأمم المتحدة تبنّت هذه الفكرة التونسية الذي عرضها الرئيس التونسي زين العابدين بن علي.. و تبنت فكرة مشروع إقامة صندوق عالمي للتضامن… هل عندك استعداد أنت كتونسي حتى ولو عندك نزاع مع السلطة و دخلت إلى السجن و قضيت سنوات فيه و قلت أنها لا تحكى أن تقول كتونسي تفخر أو تشعر بالارتياح عندما تحقّق تونس أي مكسب في محافل دولية اقتصادية.. سياسية.. اجتماعية.. رياضية و أنه إذا المجتمع الدولي قبل فكرة من الرئيس زين العابدين بن علي فأنت أيضًا تعترف بأهميّة تلك الفكرة و العداوة السياسية لا تمنعك أن تقول لما هو طيب و إيجابي..نعم هذا طيّب و ايجابي؟

علي العريّض: لا ليس لي عندي أي مانع.. و أنا اعتز كأي تونسي بأي منجزات اقتصادية أو في مجال البنية الأساسية أو في مجال التعليم أو مجال صحفي أي مجال من المجالات أعتزّ بأي منجز يقع و آمل المزيد و أقدّر أنه كان و مزال و بإمكاننا أن نفعل أكثر.. في نفس الوقت أنا دائمًا أتوقف حول السبب الذي يجعل التنمية السياسية تبقى دائما مؤجلة.. وهناأتحدث عن المنطقة العربية بصفة عامة، لماذا يقع دائما تأجيل -و كأنه اتفاقا حاصل في المنطقة العربية كلّها- التنمية السياسية كما لو أنها لا تقع إلاّ بعد أن تقع التنمية الاقتصادية و بعد أن تقع التنمية الاجتماعية الثقافية.. يعني في تقديري هذه صارت في المنطقة العربية تعلّة لتـأجيل الاستحقاق السياسي الذي هو في الأصل هو إحدى أدوات التنمية الاقتصادية و الاجتماعية بحيث تمشي كلّها في مسار واحد و آمل أن تدعم.

هاشمي الحامدي: لو أنّ هناك أحد يرفع تقرير للرّئيس زين العابدين بن علي على تصريحاتك في هذا البرنامج، هل يستطيع أن ينقل صادقًا أنّ علي العريّض القيادي السابق أو قيادي حركة النهضة سابق لا أعرف سابق أو لاحق.. قال أنّه يعتزّ بما أنجز في هذا العهد سواء إن كان في الجانب الاقتصادي أو الاجتهادي أو أي شيء طيب تحقّق لمصلحة هذا البلاد تحت قيادة الرئيس زين العابدين بن علي.. هو كتونسي لا يرى أي حرج في تثمينه و المساهمة في الحفاظ عليه و تطويره؟

علي العريّض: أنا أظن أن الذي سيكتب تقريرا قد استمع إلى كلامي تفصيلا و ينقل منهمايشاءوقلت لك بان أي منجز وقع في البنية الأساسية فيالجانبالاقتصاديالجانب..الاجتماعي..في التعليم في أي مجال من المجالات لا يمكن الإنسان إلاّ أن يعتزّ به و يحافظ عليه و يعمل على دعمه و دعم اللذين ساهموا فيه من أي جهة كانت.

هاشمي الحامدي: يا أخ علي أؤكّد لك، و ليس من داع أن أكذب عليك الآن و لا على السادة المشاهدين لأنّ الله تعالى يرانا و يسمعنا و يُسجّل علينا كلامنا و نحن إذا كذبنا لمصلحة معيّنة قد لا نعيشها الى الغد كي نجد المصلحة، فالله سبحانه و تعالى حقّه أن نخشاه في هذا الكلام.. لكن أؤكد لك أنّ عربًا كثيرين يسافرون إلى تونس و منهم جيران من البلدان المجاورة.. فعندما أحيانًا تأتي بهم الصدفة أو يستضافون إلى برامج هنا في المستقلّة للتعليق على شؤون عربية.. يقولون يا أخي طرقاتكم يا أخي مستشفياتكم..يا أخي مؤسساتكم… يتكلّمون على تونس بالنسبة لهم و كأنّها عندهم سويسرا في العالم العربي. أؤكد لك هذا بدون أن أطلب منهم ذلك… هذا الذي أحكي لك عليه أستاذ علي و أقول هذا جزء من غياب ثقافة الكلمة الطيّبة… أخشى أن يأخذنا الموت كلّنا و نحن بهذه الكراهية أو بهذه الحسابات و بالجمع و الطرح فنذهب نسيًا منسيًا في التاريخ و الله أعلم ماذا يحصل في الآخرة.. بينما العالم من حولنا يتقدّم… ما هو رأيك أستاذ برهان في كلام علي العريّض عن تجنّب تمامًا العمل في الأجهزة الأمنية و غيرها أو إشادته لكلّ ما تحقّق تحت قيادة الرئيس زين العابدين بن علي؟

برهان بسيس: و الله أكيد طبعًا الساحة السياسية في تونس في حاجة إلى اللغة الجديدة التي تقدّر منطق الأولويات و تقدّر طبيعة الأهداف. أعتقد أنه هناك عودة إلى بدء، أعتقد أنّ المهندس علي العريّض الآن يشاطرني الرّأي ألان قبل نقاش مسألة مستقبل التنظم السياسي للتيار الإسلامي و غير ذلك من المسائل التي اعتقد شخصيًّا أنّها معقّدة و أعتقد أّنها سابقة لأوانها.. و هنالك أولوية تتعلّق في هذه الوضعيات الإنسانية التي لاحظنا اليوم عنصر ايجابي جديد طرأ عليها و في الحقيقة طبعًا يُوضع في إطاره الطبيعي..في إطاره العادي..خارج إطار التضخيم و الإثارة وهو مسألة السجن الانفرادي عسى أن يتمّ الذهاب نحو استهداف بقيّة الحلقات المستعصية في هذا الملف الإنساني أساسا.. بقي أنه لغة الإشادة بالمنجز و المكتسب أعتقد أنّ هذه لغة جديدة ينبغي أن تكون ثابت من ثوابت الإجماع الوطني اليوم في تونس بأنّ المكاسب التي تحقّقت هي في الحقيقة مكاسب لفائدة كلّ التونسيين هي في الحقيقة مكاسب لكلّ من يحمل هويّة وطنية تونسية بغض النظر عن أفكاره السياسية بغض النظر عن انتماءاته هذه اللغة التي اعتقد بأنه ضروري نقيم بها الأشياء و ننظر بها إلى الموضوعات و إلى الوقائع. الأستاذ علي العريّض في نهاية الأمر عندما يتحدّث عن الإسلاميين.. أريد أثير انتباهه أنه ينبغي أن يتحدّث أوّلا و أخيرًا عن تونسيين مهما كانت انتماءاتهم السياسية.. أن يبحث لهم عن تنظم سياسي.. في نهاية الأمر تونسيتهم تمنحهم مجموعة من الحقوق الأساسية.. عليهم أن يلتزموا بها و عليهم أن يقدّروا أنّ هنالك حالة إجماع وطني هي مسؤولية الجميع.. اليوم لماذا نجد حرجا في إشادة تجربة التضامن الوطني لماذا نجد حرجا في الإشادة بورشة البناء الحقيقية الموجودة في تونس رغم ما قد يعلو هنا و هناك من صعوبات علينا جميعًا أن نتجنّد من أجل مواجهتها و علينا جميعًا أن نتجنّد من أجل محاولة تجاوزها في نهاية الأمر أعتقد و أشيد بدون أن أحاول أن أفتح صفحات الماضي الأليم التي لازالت تداعياتها للأسف موجودة الآن نحن في حاجة إلى مثل هذا الخطاب الهادئ و الرصين الذي يقدّر الأولويات بأنه يجد نفسه في الساحة و داخل الساحة عوض من نستمع إليه حقيقة وهذه فرصة لكي ننظر أو لكي نسجّل موقف حقيقي تجاه ذلك الخطاب المتشنّج الذي نستمع إليه و الذي ينطق رسميًا للأسف باسم حركة النهضة و باسم التيار الإسلامي في تونس لأنه السيّد علي العريّض كما أكّد أنّه لا يمثل إلاّ نفسه لا يمثّل إلا رأيه الشخصي و أنتم تقدّمونه باسم -مثلما أرى الآن على شاشة التلفزة- بأنه ناطق رسمي سابق لحركة النهضة و لكن بالنسبة لمن يُمضي باسم رئيس حركة النهضة أجده الآن يجدّف بعيدًا ضدّ هذا التيار الذي من المفترض يفتح بشائر الأمل أمام تسوية الحالات الإنسانية و يفتح بشائر الأمل أمام جميع التونسيين نحو مزيد من النماء السياسي الحقيقي يعني عندما أرى إلى من يمضي باسم حركة النهضة يدعو إلى انتفاضة شعبية و يعكس واقع غير موجود إلا في ذهنه البعيد الآلاف الكيلومترات عن حقيقة الوضع داخل تونس و يحاول أن يستغلّ أي فرصة إلى درجة أنه يأخذ أشكال كاريكاتورية مضحكة و يحاول أن يستغل حتى الشغب الذي يحصل في ملاعب كرة قدم في دورة كأس أفريقيا لكي يبني عليه موقف سياسي لتشويه صورة بلده لتشويه حقيقة الوضع داخل بلده هذا لا يمكن أن يقرّب بين النفوس هذا يفعل غير المزيد من وضع العراقيل أمام عملية تطوير واقع وضع السياسي في تونس .. عندما نستمع إلى من يمضي باسم حركة النهضة وهو يتحدّث و يألّب الجماهير الشعبية للاستعداد إلى المعركة الصفر يعني للانقضاض على النظام أو مثل هذه الأشياء..يعني أجد أمام حالة تتجاوز مستوى تعبير المهندس علي العريض على أنه كلّ الإسلاميين يرفضون مسألة اختراق الأجهزة الأمنية و مسألة اختراق الأجهزة العسكرية. المسألة يبدو أبعد من ذلك النهضة و التيار الإسلامي في حاجة إلى مراجعة شاملة حتى أسلوب الخطاب السياسي إلى مراجعة شاملة حتى لمشهد القيادات أنفسهم الذين استنفذوا دورهم و أعلنوا فشلهم .. اعتقد انه في حاجة إلى خطاب جديد يقرّب وفق منهج الأولويات الذي اعتقد الآن قبل كلّ شيء هي أولوية إنسانية قبل أن تكون أولوية سياسية بحتة.

هاشمي الحامدي: الأستاذ بوبكر الصغيّر تفضل بتعليقك.

بوبكر الصغيّر: أني ما أخشاه بعد هذا الحوار المطوّل و بعدما كان يشير الأستاذ برهان بسيّس و بما هو موجود كمحصلة لمعطيات حول هذه الحركة و تاريخ هذه الحركة و تمشي هذه الحركة أنّه كلّه في مشهد توزيع أدوار الذي قاله السيّد علي كلام جيّد كلام طيّب و الأستاذ علي العريّض يمكن أن نقول شهد شهادة صدق أو أكثر واحد شهد شهادة صدق لأنه كان له مشهد لتونس قبل دخوله للسجن اليوم بعدما خرج من السجن اكتشف أن تونس وجدها في مشهد آخر أفضل.. و بشكل كبير أنا كنت أتمنى أن الأستاذ علي العريّض يقول أنا كشخص مقتنع أكتب رسالة و أمضيها و أحيّي فيها المبادرات التي أعلن عليها اليوم اريك جولدن شتاين و أني أتنصل من كلّ المواقف التي تحاول أن تصعّد أو تحاول أن تقطع خيط الرّحمة.. خيط إمكانية عن هذه المبادرات الإنسانية أخرى عن عائلات.. والمواقف مثلما ما قال الأستاذ برهان بسيّس منذ حين تصدر من لندن التي هي تتمنى أن يبقى هؤلاء في السجن كي يشكّلوا نوعًا من الحطب لتأجيج النار… أنا أتصوّر أنّ هؤلاء الناس في لندن يقلّقهم أن الأمور تتطوّر بالشكل ايجابي و في الاتجاه الإيجابي لو الأستاذ علي العريّض كان صادقًا في كلامه فعلا و أنا لا أشك في ذلك.. أنه كان يمكن أن يتميّز بإعلان هذه القطيعة بإعلان أنه كلّ ما يصدر من هناك من مواقف الذي هو في بداية حديثه قال لا أمثّل إلا شخصي في هذا الحوار. إذا كنت تمثل إلا شخصك فلماذا تتحدّث باسم الحركة ؟ لماذا تطرح رؤى و مشاريع مستقبلية و يمكن يدخل في حوار مع السلطة؟ هنا اعتقد أن فيه تناقض أعتقد أن الأمور تملك جوانب أخرى و أولويات أخرى بالنسبة لتونس مطروحة تتعلّق بالتنمية تتعلّق بالمزيد تطوير البلاد بمزيد تحديثها…

هاشمي الحامدي: بس تعرف يا أستاذ بوبكر، أقول لك شيء، من أجواء عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال لو عثرت بغلة في العراق لخشيت أن يسألني الله عنها… لو واحد فينا معاق- عافاك الله- في ابعد نقطة في الجنوب.. نحن التونسيون يجب علينا كلّنا أن نحمي حقوق بعضنا ولو عندنا أولوية تنمية و نريد أن ننجّح عشرين قمّة.. و نريد بناء مشاريع لعشرين ألف وظيفة.. هذا لا يمنع من أنه إذا علي العريّض مواطن ولد بلادك و عنده حقّ، فأنت تدافع عنه.. لو أن عندك مشاكل.. نحن ندافع عنك.. فأنت من كلامك كأنك توحي أو تطلب من علي العريّض أن يوضّح موقفه من التصريحات المخالفة للرّوح التي يتكلّم بها.. هذه نقطة فهمناها، أمّا كأنّك تقول الآن لا يهمّنا شأنكم..؟

بوبكر الصغيّر: أنا قلت و أؤكد على كلامي إذا كان بالفعل الأستاذ علي العريّض هناك تطوّر في مقاربته السياسية لهذه الأشياء.. انه تكون مواقفه متميّزة أكثر و يحسم و يعلن قطيعته مع الخطاب هذا الذي كنت أُشير إليه.. وهذا خطاب واضح لأنه لا يمكن شخص – و أنت تذكر يا دكتور- قال ثقتي في الله و في الرئيس بن علي.. وهو تصريح تاريخي. مباشرة بعد التصريح ننظر ما هي الاستحقاقات السياسية التي عاشتها البلاد من جرّاء النّوايا المبيّة من بعض عناصر داخل الحركة هذه.. اليوم هل يمكن للمؤمن أن يُلدغ من جحر مرتين…

هاشمي الحامدي: ما رأيك أن نستمع الجواب من السيّد علي العريّض .. هناك نقطة أنت ذكرتها و أكّدت عليها و الأستاذ برهان أيضًا أكّد عليها… قل لي هل تريد أن تعلّق على كلامهم..على تحفّظهم ..على قلقهم من الخطاب الذي يصدر رسميًّا من الحركة التي أنت كنت قيادي بارز فيها و تنتمي إليها.. خطاب عنيف و دائمًا يصعّب الجوّ بين الحكومة و الحركة؟

علي العريّض: دعني أقول لك أني ألاحظ أن هناك دائما جذب إلى 15 سنة مضت، فيه نوع من الإصرار و التأكيد على إعادة الحديث في سنة 91-92-90.. أنا لم أرد أن ادخل في جدال في هذا الموضوع.. و لا أردت أن ادخل في ردّ التهم التي وردت على ألسن بعض الأخوين المتداخلين.. و سكوتي عنها لا يعني إقرارها أو المصادقة على حديثهم.. و إنما أنا لا أرى العودة في ظلّ المناخات الحالية المتوفرة..العودة إلى تلك الفترة.. لكن أقول .. انه عندما يحرم أي تيار سواءًا حركة النهضة أو غيرها من التيارات الموجودة أو الجمعيات أو غيرها أو المواطن تونسي.. عندما يحرم من حق النقد.. و عندما تحرم أطراف من النقد.. فبطبيعة الحال سيضمر التنويه.. و سيكون من الصعب على ذلك المحروم.. ذلك الممنوع.. ذلك المقموع سيكون من الصعب عليه أن يُنوّه بالخطوات الإيجابية.. لكن لو يتدرّج المناخ نحو مناخ مريح تُصهر فيه الشحنات النفسية.. الرّواسب النفسية.. التشنّج.. الأحقاد.. كلّها تنتهي ولو بشكل تدريجي. فعند ذلك ستبقى الكلمة الفيصل للحجّة العقلية لا لما ترسّبت في العواطف من حقد ماضي أو من تشنّج أو من مواقف أو من إدانات أو من غرها.. و لهذا السبب أنا لم أر أن أرجع إلى الماضي أو أردّ على مجمل هذه التّهم.. لكن كلمة للأستاذ بوبكر الصغيّر، أنا قيادي سابق في حركة النهضة و حوكمت فيها.. و أنا الآن كمواطن تونسي.. و كقيادي سابق في حركة النهضة و إن لا أتحمّل إلى حدّ الآن مسؤولياتي داخلها.. لكن من منطلق إنساني من منطلق حقّي كمواطن من منطلق كقيادي سابق من منطلق أنني مسؤول من منطلق أنني أشعر بمسؤولية أمام الله سبحانه و تعالى عن دخول ناس للسجن أو خروجهم أو محنتهم فسأبقى مهتمًّا و مهمومًا بكلّ من هو موجود في السّجن أو بكلّ من هو ممنوع من حقّ الكلمة أو بكلّ من هو ممنوع من حقّ أن يتمتّع بحقّ المشاركة في تنمية بلده… و لذلك بودّي أن لا يعتب عليّ اهتمامي بالشأن السياسي في بلدي و إلاّ لم يبق من حقّ المواطنة.. و لم يبق معنى للحياة..

هاشمي الحامدي: هل أنت عندك شيء من التحفّظ أحيانًا على التصريحات باسم التيار الذي تنتمي إليه و يمكن نتيجتها هي أنّ الأجواء تظلّ تزداد توتّرا بين هذا التيار و بين السلطة أو ما عندك تحفّظ عليه أو لا تريد الحديث في الموضوع؟

علي العريّض: أنا لستُ مُلمًّا بأيّ مواقف أو في أي مجال …إلخ. و ليس هذا المنبر حقيقة هو مناسب و لا هذا الوقت مناسب للحديث في تفاصيل هذا الموضوع.. و يبقى الموضوع الرئيسي هو كما قلت لك ليس هو موقفي أنّا من زيد أو من عمرو.. و إنّما هو هل ثمّة استعداد و هل يمكن أن نأمل في خطوة تمكّن من تجاوز هذا الواقع بالنسبة للإسلاميين أو غيرهم في الأطراف السياسية الأخرى التي هي في نفس الوقت الحال أو في حال شبيه.. إذا وُجد حلّ فيمكن أن تُطوى هذه الصفحة و بسرعة و على كلّ حال التونسيين ليسوا أقلّ جدارة و لا أقلّ ذكاءًا في أن يهتدوا للمرحلية و للشكل المناسب … ألخ.

هاشمي الحامدي: لنفترض في نهاية الحلقة هذا السيناريو.. أن الرّئيس بن علي في زيارة فجئية لمحطّة القطارات حتى يراقب انسياب الحركة و خدمة الناس للمواطنين و فجأة أنت كنت موجود تنتظر القطار و وجهًا لوجه و الرّئيس سلّم على مجموعة من المواطنين و كنت أنت علي العريّض و أمامك الرّئيس بن علي و جاءت فرصة لدقيقتين أو ثلاث مثل كلّ الناس … لو أردت أن تغتنم الفرصة لتخاطبه مباشرة من دون وسيط من دون كاتب تقارير من دون أي أحد، ماذا كنت تقول له؟

علي العريّض: و الله يا أستاذ أنا طبعا لم أكن متهيئ لمثل هذا السؤال.. لكن أقول أنه بالنسبة للمساجين أنّ محنتهم أكبر ممّا توصف.. و آمل أن يقع إطلاق سراحهم و إطلاق سراح عائلاتهم.. و بالنسبة لهذا الملف، ملفّ مشاركة الإسلاميين في تنمية هذا البلاد توجد عدّة صِيغ.. في الإسلاميين كثير من الاستعداد.. و لهم كثير أيضًا من الأفكار لأن يقع تجاوز هذا الملف بما يساعد البلاد على مزيد التنمية و مزيد الاستقرار و مزيد الإشعاع الداخلي و الخارجي.

هاشمي الحامدي: هل بقيت لك خاطرة أو فكرة كنت تودّ أن تقولها في هذا الحوار و تريد أن تضيفها؟

علي العريّض: أشكرك و أشكر كلّ الذين ساهموا في هذا الحوار و الله يخليك و يجازيك كل خير إن شاء الله.

هاشمي الحامدي: سي برهان هل بقيت لك خاطرة تختم بها مساهمتك الليلة في الندوة؟

برهان بسيس: والله في نهاية الأمر.. رغم ما يُقال و رغم ما سيقال.. و أنا من المتابعين لردود الأفعال التي تُكتب على الأقل في الفضاءات الافتراضية الانترنت.. و لكن في نهاية الأمر ها أن صوتا من تونس قد تكلّم بإمضاء السيد علي العريّض.. و ها أن صوتا من تونس من داخل تونس قد تكلّم بإمضاء الأستاذ بوبكر الصغير.. ها أن صوتا تونسيا من لندن قد تكلّم هو د. محمد الهاشمي ألحامدي.. و ها أن تونسيين من أراء مختلفة قد تكلموا و هذا في نهاية الأمر هذه المساحة البسيطة اكبر رد على من يُروّج و من يقول أن هذه البلاد تعيش محنة كلام .. لا اعتقد ذلك.. لكن متى توفرت الإرادة الطيّبة و الإرادة الذكية و أقول جيدا الذكية.. اعتقد أن لا احد يستطيع أن يقف وراء أو يقف أمام صورة تونس الحقيقيّة كمجال ممكن و كمجال واقع لحريّة الكلمة مدعوم من جهات عديدة على رأسها أعلى هرم السلطة الرئيس زين العابدين بن علي..

هاشمي الحامدي: هذه الصورة التونسية جميل فيها أيضا صوتك أنت يا برهان بسيّس.. دائما لما أتذكر أجواء المستقلة و الناس الذين ظهروا فيها و الكتاب و الصحفيين.. فانا صوتك فيها يعجبني و يعطيني الأمل.. أشكرك و أتمنى لك التوفيق إن شاء الله.. و مرات لما أشوف الجو حلو بينكم اشتاق إلى تونس و إلى أن أجد نفسي في شارع من شوارعها و بيت من بيوتها.. أشكرك جزيل الشكر

انتهى

……………………………

(…): كلام غير مفهوم إما لرداءة الصوت أو لتداخل الأصوات

1 | 2