من يتأمل الساحة السياسية عشية هذا اليوم الذي خرجت فيه الجماهير للمطالبة بحقوقها ودفعت في ذلك ثمن الدم، لا يمكن إلا أن يتساءل ….هل كل الذين حاربوا الاستعمار … كل الذين عمَروا السجون في عهد بورقيبة …هل كل الذين ماتوا على طاولات التعذيب في عهد خلفه …. كل الذين نفوا من بلادهم العقود الطويلة … كل الذين صحوا بالغالي والنفيس من أجل أفكار وقيم …هل كلهم لم يفعلوا ذلك إلا عبثا؟ هل ضيعوا حياتهم في أضغاث أحلام تكفلت الحياة القاسية بالسخرية منها ومن أصحابها .
كيف لا يأتينا مثل هذا الشعور والوضع في بلادنا على ما عليه اليوم ….أشلاء مجتمع مدني …بقايا طبقة سياسية… أشباه أحزاب …حثالة صحافة ….زعماء شاخوا بالمعنى الكلاسيكي لا بمعنى الدارجة وما أبعدهم عن مثل هذا الحال …مؤسسات تلاشت …مجتمع يتحلل يوما بعد يوم …. وفي المقابل… انتصار الفساد المطلق والكذب المفضوح والقمع… ولا رادع ولا حماة الحمى أو من يحزنون .
قد نكون في مفترق الطرق وقد يكتب المؤرخون بعد خمسين سنة ما يلي :
في 2010 أكمل الدكتاتور بن علي مشروع القضاء النهائي على المجتمع المدني وعلى كل أصناف المعارضة وروّض المجتمع وروعه بكيفية ضمنت له ولعائلته مواصلة السلب والنهب. ويمكن القول أن تحالف عصابات الحق العام والبوليس السياسي ومهارة هذا التحالف في تصيد الدعم الخارجي عبر انتصابه كوكيل محلي ينفذ كل المطلوب منه جعل منه ركيزة الملكية البنعلية حيث ورثت زوجة الدكتاتور الحكم بعده وقادت البلاد إلى مرحلة لم يسبق لها مثيل من التفكك والانحلال الشيء الذي أدى إلى انحطاط شامل لتونس في كل المجالات، الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والفكرية، وهو ما يفسر عودة الحماية المباشرة لوضع حد لحالة أثارت استنكار كل الشعوب الحرة .
قد يكتبون أيضا : في 2010 خيل للدكتاتور ولنواة نظامه أي تحالف عصابات الحق العام والبوليس السياسي أنه قد تم القضاء على المجتمع المدني وعلى طبقة سياسية باهتة وعلى مجتمع بدا لهم منحلا ومتفككا .
إلا أن ما فاتهم أنهم كانوا يرقصون فوق بركان تغلي مراجله بالغضب لما آلت إليه تونس من انحطاط أخلاقي وتخلف ثقافي وتفقير متسارع وانهيار مؤسسات الدولة . وفي أوج توهمه بالنصر كانت كل مقومات الاستفاقة تتبلور ببطء وثبات داخل أجهزة الدولة نفسها الذي ظن الدكتاتور أنها أطوع من بنانه وداخل طبقة سياسية ملت من افتعال الوجود داخل السنتيمتر مربع من الحرية وسط هكتار غيابها . إلا أن المفاجأة الكبرى جاءت من حيث لم يكن أحد يتوقع …من الشباب ، من الأرياف ، من محيط المدن ، من الجامعة ، من الثكنات، من المصانع، من الحقول والشعار لا نريده لا هو ولا زوجته ولا صهره وكم فوجئ الجميع بسهولة انهيار نظام وهو يتهاوى كالورق المقوى لأنه لا أحد كان واعيا باستثناء قلة بمدى هشاشته وأنه كان ثمرة طازجة للجسور القادر على قطفها.
وبعد الثورة السلمية التي أطاحت بالدكتاتور شمر التونسيون عن سواعدهم لتدارك العقدين المشؤومين اللذين ضاعا بحكم الحادث التاريخي الذي أوصل عصابات إجرام لهرم الدولة، وقد دهش العالم لسرعة الشفاء واستعادة تونس لمكانتها الطبيعية في العالم العربي وقدرتها الفائقة على بناء دولة ديمقراطية حقيقية ومجتمع متوازن ومتقدم ويلعب دورا هاما على صعيد المنطقة في التقدم والسلم .
أي نص تريدون أن يكتب المؤرخون ؟ الثاني طبعا إذا ، كفوا عن التسول والشكوى. ادخلوا المقاومة المدنية بعزم ونظموها في كل المستويات وقودوها أينما كنتم إلى أن يتحقق هدف شهداء تسعة افريل، البرلمان التونسي. ولكم في الشعوب التي طردت مستبدها في قرقيزيا أخيرا القدوة والمثال .
مراكش في 9 أفريل 2010
c’est quoi la solution miracle pour tous ça ?
je me demande si le regime de ben ali va changer un petit peu apres WIKILEAKS sachant que lamerique nest pas contente et risque de ne plus le soutenir