منصف المرزوقي حذر من إضافة الإسلاميين لبعد رابع في الفشل

رسم المفكر التونسي منصف المرزوقي صورة “متشائلة” للتغيير والإصلاح في العالم العربي كما يحلو له أن يسميها وهي حالة تجمع بين التشاؤم والتفاؤل.

وحذر في ندوة عقدتها الجزيرة نت عن (التغيير والإصلاح في الوطن العربي – تونس نموذجا) من كارثة وانفجار بركاني شعبي للأوضاع لا يعرف متى سينفجر، لكنه في نفس الوقت أشار إلى أن هذا الحراك قد يؤدي إلى الانفراج وإلى الانفتاح.

وعدد المرزوقي -الذي وصف نفسه بأنه عروبي ديمقراطي علماني- ثلاث مراحل فاشلة لمحاولة تغيير النظام السياسي في تونس، أولها فرض الإصلاحات والتغيير من داخل النظام في حقبة الثمانينيات حيث تقلد الرئيس زين العابدين بن علي مقاليد السلطة من الحبيب بورقيبة.

لكن هذه المحاولة تكللت بالفشل بعدما استوعب النظام أعضاء من الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان الذي تولى رئاستها في وقت لاحق، وأشار المرزوقي في هذا السياق إلى أن رئيس الرابطة حينها محمد الشرفي برر أعمال القمع والتصفية التي أصابت الإسلاميين.

أما المرحلة الثانية فكانت الدفع بالإصلاحات من الخارج بالضغط على النظام عبر الحكومات الغربية لفرض الديمقراطية وحقوق الإنسان في البلاد، بيد أن هجمات 11 سبتمبر/ أيلول –وفق المفكر التونسي- جاءت لتفشلها.

وتمثلت المرحلة الثالثة –طبقا للمرزوقي- بفرض التغيير بقوة الشارع وانبثقت عنه فكرة المقاومة المدنية، مدفوعة بما تتعرض له الشعوب من القمع ناهيك عن الفساد والإفساد، والإحباط بيد أن الغزو الأميركي للعراق عام 2003 أفشل المرحلة الثالثة للتغيير.

ورغم ذلك فإن الحراك الشعبي هو الأقرب للتغيير والإصلاح السياسي في الدول العربية، حيث أعرب المعارض التونسي عن عدم اعتقاده أن العملية ستطول بسبب التراكمات، مستشهدا بالحراك الشعبي في كل من اليمن ومصر، معتبرا تحرك الشارع بركانا لا يعرف متى سينفجر.

وبين في هذا السياق أن ما يحدث في مصر على سبيل المثال له أثر في العالم العربي، فإذا سقط النظام في مصر سيؤثر ذلك على بقية الدول واصفا ما يحدث بأنه لعبة دومينو.

وفي ظل عدم وجود قوة معارضة –وفق المرزوقي- تقود التغيير من الشارع وتوجهه، وخوف الأنظمة العربية ورعبها، فإن عملية التغيير إن حصلت في هذه الأجواء ستكون “دموية”، مستشهدا بتصريحات نائب مصري مؤخرا عن إطلاق الرصاص على المتظاهرين.

المقايضة تكون بعدم المحاسبة مقابل عدم إراقة الدماء

“الحياة أهم من العدل”

ولتلافي هذا السيناريو فتح المفكر التونسي نافذة تتمثل باستعداد القوى الديمقراطية للتفاوض مع الأنظمة “المستبدة”.

ودعا النخب السياسية والمثقفة والمفكرة إلى التوجه للدولة بدلا من النظام في جهودها للتغيير، مشيرا إلى أن النظام ألف شخص بينما الدولة (مؤسسات الدولة) فيها 350 ألف شخص، ودعوة هؤلاء إلى تحمل مسؤولياتهم في منع القتل والقمع.

كما دعا إلى طمأنة النظام والدولة بالقول إن الحياة أهم من العدل، بحيث تكون المقايضة “عدم محاسبة مقابل عدم إراقة دماء”.

ولا يعول المرزوقي كثيرا على العامل الخارجي في التغيير السلمي، خاصة من جانب خمس دول غربية هي الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وإيطاليا وإسبانيا، لكنه دعا إلى بدائل جماهيرية وتحرك تجاه المنظمات الغربية وشعوب تلك الدول للضغط على حكوماتها ليكفوا عن دعم “وكلائهم”.

“الفشل الرابع”

وحذر المفكر التونسي مما أسماه الفشل الرابع للحكم في البلاد العربية متمثلا بالإسلاميين على حد تعبيره، مشيرا إلى أن الوطن العربي شهد ثلاث مراحل حكم فاشلة هي “الوطني، والاشتراكي والقومي”، مشيرا إلى أن المشترك في هذه الأنظمة جبة “منظومة استبدادية” تضعها على الهيكل.

ورغم ذلك أعرب عن تفاؤله لوجود جزء من الحركة الإسلامية يشدد على أن لا يكون الإسلاميون “الفشل الرابع”، ويحاول هذا الجزء تخطي ذلك، بفتح الباب للنقاش في إطار التعددية الوطنية وقطع الصلة بالاستبداد.

وأوضح أن بدائل الجماهير تتمثل في بناء ما وصفه بتحالف تاريخي بين الشق المعتدل من الديمقراطيين والشق المعتدل من الإسلاميين بعيدا عن الأيديولوجية.

المصدر: الجزيرة