توفي محمد البوعزيزي الشاب الذي كان انتحاره بالنار منطلق الأحداث التي عرفتها تونس وكل التطورات التي ستنجرّ عنها. ماذا نقول لروح محمد بوعزيزي الذي فتح بابا كنا نظنه موصدا ؟

واحسرتاه عليك أيها الحبيب ، كما كنا نودّ أن نراك تعيش في بلدك حرا كريما مرفوع الرأس… كم كنا نودّ حضور زفافك وختان أطفالك تربيهم على قيم الجمال والحق والخير ؟ كم كنا نودّ الا تنتهي هذه النهاية الفظيعة …كم كنا نودّ ألا يستعملك الدكتاتور حتى وأنت على أهبة الموت يزورك ومعه لتلفزيون بزيه المدني الملئ بالجراثيم والحال أن أقسام المحروقين لا تزار إلا وفق أقسى التراتيب الصحية ومنها لبس الثياب المعقمة ، لكن الرجل الذي سرق حياتك أراد أن يوظف موتك لا يهمه من موتك أو حياتك شيئا…كم نخجل من أنفسنا لأننا لم نستطع ثنيك عن القرار الرهيب لتعيش لتونس لا لتموت من أجلها…رحمك الله رحمة واسعة وترفق بأهلك وذويك في هذه اللحظة الرهيبة

والآن ما الذي سيذكره التاريخ من هذا الشاب ؟

أنه كان الشرارة التي انطلق منها الحريق الذي ربما سيخرج من حدود تونس.

السؤال لمن لا زال له عقل يفكر به من داخل الطغم الحاكمة في تونس و الوطن العربي . لماذا انتشر الحريق بهذه السرعة ؟ السبب بسيط لا تنتشر النار إلا إذا كانت كل الظروف مهيّأة ومنها حرارة الجو وكثرة و تراكم أكداس الحطب الجاف . وفّر الأغبياء الخطرون الذين يحكموننا كل الحطب الجاف. لم يبق إلا الشرارة وهذه وفّرها من جسده شاب اسمه محمد البوعزيزي. عبثا يريدون إخماد النار بسيل جديد من الوعود والتهديدات والأكاذيب. لا أحد يصدقهم لا أحد يحترمهم ، وخاصة لا أحد يخشاهم الطريق المفتوح الوحيد أمامهم هو الرحيل.لتعود لتونس بسمتها ولتتغلب عند الشباب رغبة الحياة على إغراء الفناء .