المقالات المنشورة بهذا القسم تعبّر عن رأي كاتبها فقط و لا تعبّر بالضرورة عن رأي نواة
Tunisie Principes Republicain
بقلم رضا السمين ،

معركتنا هي بناء مجتمع يكون سفينة نوح ضد طوفان قارون، وبناء نموذج الإنسان/الأمّة ضد الإنسان/المستهلك، وبناء العقل الرشيد الذي ينظر بنور الإيمان ضد العقل الرأسمالي الذي يعتبر البشر أدوات يمكن التضحية بهم على مذبح القوة أو الثروة. – د. هبة رؤوف عزت

التعددية والتبادل السلمي للسلطة، يشكلان معضلة العمل السياسي في بلادنا. إنّ بذل المجهود في الإجابة عن أسئلة خاطئة هو عثرة كبيرة، فالأسئلة التي يثيرها العقل في لحظة تاريخية معينة أهمّ من الإجابات التي يسعى إلى تقديمها.

البحث عن أفضل كيفية لإدارة مجتمع ما هو شأن كل أفراده الأحرار وفق استشارة مؤسسية وجدل عام. كيف يدير مجتمعنا الاختلافَ بدرجاته السياسية والاجتماعية والاقتصادية ؟

قبل الشروع في الإجابة حول كيفية الإدارة السياسية للاختلاف… لنسأل: هل نحن نفكر وفق أولوياتنا ومصالح المجتمع الأهلي العليا، أم استجابة لأسئلة مطروحة خارج سياقاتنا، سواء فرضتها علينا العولمة وسلعها الفكرية أم ألزمتنا بها التقاليد الموروثة ؟

شيطان الردّة عن الثورة يكمن في التفاصيل، مثل عدم المحاسبة لمن نهبوا ثروات البلاد والعباد أو الانتهازية الحزبية مقابل حماية القنّاصة والقتلة، أو عودة التجمّع الفاسد المفسِد من خلال أحزاب الأسماء المستعارة، أو نسيان مصالح المعطَّلين من الشباب، أو القبول بمرتزقة إعلام النظام المخلوع بدعوى التسامح والياسمين، أو التركيز المرَضي على الخلاف بين المتديّنين والعلمانيين لإشعال الفتنة وتقسيم قوى الشعب خدمة لمصالح معادية للوطن وللناس، سواء بثمن بخس أو نتيجة كسل ذهني فالنتيجة واحدة وضدّ مصالح المجتمع الأهلي العليا، أو عدم تجاوز الخوف الكامن في العقول من الديمقراطية وما قد تفرزه من أغلبية لصالح الآخر المغاير، أو اعتبار صناديق الاقتراع طريقا مقبولا للانقلاب على الحريات، أو التراجع عن الثورة وهدر دماء الشهداء والجرحى بدعوى الحاجة للأمن واستقرار نظام الأغلبية الصامتة، أو التوافق المغشوش لطمأنة الكسالى وتغليف الخوف من الحرية بأسطورة الخوف من المجهول، أو توليد الإرهاب الأعمى وتوجيهه وتدبيره من طرف الذين سيدّعون مواجهته ونشر الخوف بين الناس وتحريف الأنظار بالفوضى لتأجيل الديمقراطية وطلب الأمان فترجع حليمة لعادتها القديمة في تقنين الفرار طريقا للخلاص، أو إضمار أنّ الشعب قاصر وتنصيب المجموعات نفسها وصيّا عليه وإخفاء المسكوت عنه بمساحيق شتى ثورية أو مسؤولة أو حداثوية، أو تمديد وإطالة الفترة الانتقالية حتى يتعب الناس أو تطغى الحاجة وأمور المعاش، أو التغافل عن أنّ الذين لا مصلحة لهم في الثورة يمكن أن يلجأوا إلى الانقلاب المسلّح والإعلام الخبيث والإسناد الأجنبي وعدم الاستعداد المسبق لقطع الطريق على المفسدين، أو سقوط المجتمع الأهلي كلّه في هوّة الاقتصاد المعطَّل وغياهب الجوع …

أين هي إستراتيجيات القوى السياسية والمدنية في حقول ما بعد الثورة ؟

كيف تتحدّث الأحزاب عن هموم الناس، وكيف تعمل لبناء العقول الذكية القادرة على معرفة الفارق بين الواقع والحقيقة والحق، وشفاء الأنفس من أمراض ثقافة الاستبداد والإستحمار ؟ ما هي برامجها لإقامة الميزان بين الحق والواجب، الحرية والعدل والقوّة، المجتمع الأهلي والقرآن الكريم والدفاع المدني وهندسة البناء؟ أيّة رافعة اقتصادية يمكن أن تحلّ مشاكل الفقر وإنتاج الثروة لا فقط مسألة توزيعها ؟ كيف تفكر وتعمل الأحزاب للحدّ من قبضة أمن الدولة، ومنعه من احتجاز المواطن المشتبه فيه دون أن يعرف له أحد مكانا، أو تفتيش المنازل دون أمر قضائي، أو مراقبة التليفونات والانترنت دون استئذان أي قاض، ومصائب أخرى كثيرة يشيب لهولها الولدان، ويحوّل الدولة إلى نظام تخويف وإرهاب للمواطنين ؟ ما العمل لتكسير الحلقة الجهنمية لتحالف الإعلام والإعلان في سوق الرأسمالية التي تخنق الوطن وتحوّله إلى مساحة إعلانية تسدّ الأفق ؟ ماذا ستعمل الأحزاب للمحاصرين في قاع المجتمع نساء ورجالا وولدان ؟ كيف تساهم الأحزاب في تحفيز المواطنين للتعرّف على الأفكار وخبرات العالمين والتلاقي مع البشر ؟

كيف نعرف الشخص الجيّد من الشخص الخسيس ؟ من التفاصيل الصغيرة. وكيف نعرف الحزب الصالح من الحزب الفاشل ؟ من التفاصيل الصغيرة أيضا.