تتالى جولات الرّابطة التّونسية لكرة القدم دون أن تخلو من أحداث مؤسفة تجعل من المتابع للشّأن الرّياضي التّونسي يتسائل حول طبيعة أهدافه وماهيّة رسالته.
ولعلّ ما رافق “كلاسيكو” النجم الساحلي وضيفه النادي الصفاقسي من أحداث، ليس أمرا شاذّا فيُحفظ ولا معزولا فيُعالج على حدة، بقدر ماهو إستكمال لواقع ظلّت العائلة الرياضيّة عاجزة على إصلاحه، ولم تزده مسكّنات الألم التي يُحقن بها بين الحدث والآخر إلاّ ألما.
شغبٌ جماهريّ وتدخّل أمنيّ عنيف طال البريئ قبل المُذنب، خلّفا أضرارا جسديّة وماديّة لن ينتُج عنها سوى مزيد من التشنّج والتوتّر بين علاقة المواطن بعون الأمن، ومشهدا سيئا لسلوك المواطن داخل الملعب وخارجه.
ولئن حصلت نواة على جملة من الشهادات الحيّة لما حصل عشية الأحد 18 ديسمبر بملعب سوسة الأولمبي، إلا أنّها إرتأت في فتحها لهذا الملف أن تدفع عجلة الحوار نحو ماهو بنّاء وعمليّ حتّى لا يبقى عرضنا لهذه الأحداث مُجرّد صفحة في رواية لا تنتهي فصولها.
إن معالجة واقع ملاعبنا المخجل لا يمكن أن يستقيم دون تأطير للجماهير وتكوين خاصّ للجهاز الأمنيّ.
فمن يُشرف على تأطير الجماهير داخل الملعب ؟
من يوجّه الجماهير في هتافاتها وفي تصرّفاتها ؟
ماهو المستوى العلمي والأخلاقي للمشرفين على خلايا الأحباء، التي تضطلع كل أسبوع بقيادة وتوجيه الآلاف ؟
أحبّاء كرة قدم وبقية فروع المؤسسات الرياضية يُدركون جيّدا الأجوبة على هته التساؤلات، ويُدركون أن “الرياضة أخلاق أو لا تكون” و”الرياضة تحابب وإيخاء” هي مقولات تظلّ كل أسبوع حبرا على لافتات معلّقة في أرجاء الملعب، وأنّ من يقوم على كتابتها ليس أهلا لتطبيقها وحثّ الناس على العمل بها.
من جهة أخرى، يجب أن نتسائل حول طبيعة التكوين الذي يتلقّاه عون الأمن لدى إشرافه على الأحداث الرياضيّة، وعن طبيعة الظروف العملية التي يعيشها لأداء هذا الواجب.
فهل المطلوب من عون الأمن هو ضمان إستتباب الأمن بغضّ النظر عن مدى قسوة تدخّله ؟
لماذا يفتقر أحيانا الجهاز الأمني للمرونة ويظل طابع العنف هو الطاغي على ردود أفعاله ؟
كيف يستعّد عون الأمن للإشراف على الأحداث الرياضية وماذا يُتاح له من إمكانيات لضمان حُسن أدائه ؟
هل أنّ الإمكانيات الموضوعة على ذمة عون الأمن تقتصر “المتراك” أم أنّ للجهاز الأمني حلولا أخرى ؟

العنف بالملاعب، ملفّ قديم متجدّد، أمام الحكومة القادمة، ونرجو من وزارات الإشراف أن تتعامل معه بما يُمهّد لحلول جذريّة وعمليّة ترتقي بواقع الرياضة خاصة وأنّ ومنّ عيّن وزيرا عليها رجل خبر ملاعبها ومدارجها.
مهدي الڨبلاوي