بعد مرور 20 سنة من وفاته تحت التعذيب سيفتح التحقيق في قضية رشـيـد الشـمّـاخـي يوم الخميس 22 ديسمبر2011 .
تم القبض على رشيد بتعلة إنتمائه لحركة النهظة في خضم تصفيات بن علي للإسلاميين مع العلم أنه لم يكن من القاديين بل مجرد ناشط فاعل. وقد وصلت معلومات من الرئاسة إلى منـطــقـة الحــرس الـوطــني بنــابل تفيد بأن الرجل يمتلك أسلحة.

تنبيه: تحتوي الشكاية على بعض الفقرات المزعجة عن عمليات التعذيب ..
الرجاء من كل القلوب الضعيفة أن لا تقرأ ما سيرد…
أعتذر عن عدم ذكر أسماء المشتبه بهم من الجلادين، فالقضية في طور التحقيق..
لوثائق التي سيقع الإشارة إليهافي هذا المقا تبقى سرية إلى نهاية التحقيق


تمـــهيـــــد:

إن الهامات لتنحني وتخرّ أمام أهوال التعذيب الذي تعرض له العديد من أبناء هذا الوطن.
وإن ضمير الانسانية لينتحب وهو يطالع بعضا من شهادات التعذيب البشع الذي مورس على رشيد الشماخي.وإن جيلنا لفي حاجة لوقفة صادقة وشجاعة مع إرث ثقيل نحمله للأجيال اللاحقة،
حتى لاننســـــــــى…
حتى لا يتكرر هذا أبـدا، أبــدا، أبـــدا…

صور من هذه البشــاعـة:

حين يضع عون تعذيب على طرف قضيب حديدي خرقة نقّعها في مادة شديدة الأذى والخطورة ليقوم بعدها بإقحامهما بعنف وإصرار في مخرج الشهيد وهو معلق عاريا في موضع “الروتي” وقد سُلخ جلده من شدة الضرب والتعليق، ثم يُخرج القضيب وقد احترقت الخلايا وانفجرت الأوعية لينزف الدم بغزارة من مخرجه وصراخ الشهيد يصم الآذان ولتعاد العملية المرة تلو الأخرى تحت قهقهة الأعوان وأنظار بقية الموقوفين المصدومين للمشهد الأليم..ـ

حين يُمسك عون بالعضو التناسلي للشهيد وهو معلق في وضع “الروتي” ليدخل سلك حديدي في ثقب الذكر بعنف وشدة ويدق خصيتيه دقا، مقسما لبقية الموقوفين في هستيرية وجنون أنه سيخصيهم، والدم ينزف من ذكر الشهيد لينقطع الهواء في صدره ويفقد وعيه من شدة الألم..ـ

حين يبلغ الشهيد سكرات الموت، ويُمنع حتى من شربة ماء يبلل بها ريقه قبل أن يُسلم روحه لربه تشكو لبارئها ظلم العباد.
حينــــها لا يمكننا الحديث إلا عـن البشاعة.
حينـــها لا يمكن لعقولنا إلا أن تتوقف حتى تراجع ما راكمته من معرفة وعهدته من مواثيق واحترمته من قواعد وعهود, حينها لا يمكن للإنسانية إلا أن تنتحب وتنتفض على هذا العدوان على كل القيم والأخلاق ومبادئ العدل واحترام الذات البشرية وكرامة الانسان،حينها لا يمكن لشرف شعب أن يُسترد ويصان حتى يحاسب كل من ارتكب أو أمر أو ساعد أو شجع أو أخفى أو صمت عن مثل هذه الفضاعات الوحشية ولو بعد 20 سنة من حصولها.

وحيث سبق وأن تكفل السيد رشيد إدريس رئيس اللجنة العليا لحقوق الإنسان والحريات الأساسية بالتحقيق في الوفيات المشبوهة في محلات الأمن وتحت التعذيب، وكوّن في الغرض لجنة لتقصي الحقائق خلصت إلى وجود حالات عديدة من الوفيات حصلت في ظروف غامضة ومشبوهة، ومن بين هذه الحالات:

عبد العزيز المحواشي الذي توفي في 30 أفريل 1991، عبد الرؤوف العريبي الذي توفي في 11 ماي 1991،عامر دقاش الذي توفي في 11 جوان 1991، عبد الوهاب عبيدلي الذي توفي في 30 جوان 1991، فتحي الخياري الذي توفي في 5 أوت 1991.

وقد استنتج التقرير الصادر في 13 جويلية 1992، أنّ هناك حالتين مشبوه في وفاتهما حصلتا في نابل وعلى يد نفس فرقة الحرس الوطني، هما فيصل بركات الذي توفي في 8 أكتوبر1991 ورشيد الشماخي الذي توفي في 27 أكتوبر1991. وقد أذن بفتح تحقيق في الغرض طبقا للفصل 36 من مجلة الإجراءات الجزائية، لكن ُطويَ التحقيق واندثرت لجنة تقصّي الحقائق ولا يدري أحد السبب؟

لكن يبدو أن في الأمر رغبة في طي جزء أليم وخطير من تلك الحقائق، وأن تُخفى جرائم تشمئز منها البشرية ويندى لها جبينها،، لتبقى طيّ الكتمان والنسيان، تحت كابوس الخوف والهذيان.ـ

فـــي مــا تعــرض لـه أهــل الشهــيد قبـل إيقـافــه:

حيث جاء في شكاية والد الشهيد رشيد الشماخي، المرحوم سالم بن قاسم الشماخي، المحررة بتاريخ 7 نوفمبر 1991 والمقدمة للسيد وكيل الجمهورية بالمحكمة الابتدائية بقرمبالية، وكما تؤكده شهادة السيدة منية الجويني، أرملة الشهيد سابقا، وشهادات إخوة الشهيد كل من وسيلة وسهام وقاسم الشماخي، فقد تعرضت عائلة المرحوم سالم بن قاسم الشماخي لشتى أنواع الضغط والتهديد والابتزاز ولمختلف التجاوزات والخروقات القانونية وتعرض محل سكناهم الكائن بمدينة سليمان للعديد من المداهمات الليلية العنيفة والهمجية دون أدنى إذن ولا ترخيص قانوني أثناء عملية التفتيش عن أخيهم رشيد وبعدها.

وحيث خلال ليلة 22 أكتوبر من سنة 1991 تسللت مجموعة كبيرة من أعوان الشرطة إلى الطابق العلوي بواسطة التسور حيث مقر سكن رشيد الشماخي دون شعور بقية أفراد العائلة ولما لم يجدوه قاموا ببعثرة كامل أغراضه وأثاثه وأخذوا في النزول للطابق السفلي والتسرب داخل البيت خلسة لمفاجئة العائلة.
(1وثيقة عدد )

وحيث استيقظ أفراد العائلة من نومهم مذعورين ليكتشفوا أنهم بين مجموعة كبيرة من أعوان الشرطة دخلت غرف نومهم دون استئذان، كان من بينهم رئيس مركز الأمن الوطني بسليمان (السيد ………..) . كانت المجموعة تقوم بعمليات البحث والتفتيش، وأخذوا في استجواب أفراد العائلة، مع ما صاحب ذلك من سب وإهانة وتهديد لكامل أفراد العائلة. ومنذ تلك الليلة، تواصلت المداهمات غير القانونية وعمليات التفتيش بشكل متكرر ومستمر. (وثيقة عدد 1)

وحيث اقتحم، في الليلة الفاصلة بين 23 و24 أكتوبر من سنة 1991، أعوان تابعون لفرقة التفتيشات بنابل منزل العائلة بعنف شديد وصعد اثنان منهم للطابق العلوي ودخل بعضهم غرفة نوم أخت الشهيد وسيلة الشماخي، وأخرجوا زوجته السيدة منية بنت حمّادي الجويني من غرفتها بالقوة، وكانت تقضي الليل معها عند غياب زوجها ولم يمر وقتها على زواجهما أكثر من شهرين ونصف. وسرق بعض الأعوان مصوغا وأموالا لأفراد العائلة (وثائق عدد 1 و3)

وحيث أشهر أحد الأعوان سلاحه مدعيا أن “بن علي” سلمه له شخصيا ليقتل به رشيد ووضع فوهة المسدس عند رأس أم الشهـيد المرحومة فطّومة الشمّاخي وهددها بالقتل إن لم تخبره بمكان ابنها. كما هدد عون ثان أم الشهـيد بقطع رأسها. (وثائق عدد 1 و3)

وحيث قام عدد من الأعوان بجر الزوجة بعنف ووحشية خارج المنزل وهم يصرخون في وجهها بالسب وبما ينافي الأخلاق والحياء ويتوجهون لكل أفراد العائلة بالتهديد والوعيد.

وحيث أرغموا السيدة منية الجويني على ركوب إحدى سياراتهم الراسية أمام المنزل بالقوة وقاموا بدفع أخت الشهيد وسيلة بعنف لما حاولت مرافقة زوجة أخيها وصعود السيارة معها وأسقطوها أرضا.
(وثائق عدد1 و2 و3)

وحيث اقتيدت السيدة منية بنت حمادي الجويني، زوجة الشهيد رشيد الشماخي، إلى مركز الحرس الوطني بسليمان أين وقع تهديدها بالاعتداء على شرفها وبإذاقتها أبشع أنواع العذاب وبإيداعها السجن وبحرمانها من كامل حقوقها في الشغل والتنقل… (وثائق عدد1 و3)

وحيث حملت هذه المجموعة المؤلفة من سيارتين وستة أعوان السيدة منية الجويني معهم في رحلة عذاب طويلة طوال الليل بحثا عن بقية منازل أخوات رشيد وأقاربه بين سليمان ومرناق وتونس العاصمة، تعرضت خلالها لمختلف أنواع السب والقذف والإهانة ونعتوا زوجها بأقذع الصفات. (وثائق عدد1 و3)

وحيث كانوا في كل مرة يصلون فيها إلى منزل إحدى أخواته أو أقاربه يشهرون في وجهها أسلحتهم ويهددونها بإطلاق النار وقتلها إن حاول هو الفرار. (وثائق عدد1 و3)

وحيث قاموا باقتحام مختلف منازل إخوة رشيد في مرناق وباب سعدون وكانوا يقومون في كل مرة بالتفتيش وبعثرة الأثاث واستجواب العائلات، ثم يشبعونهم سبا ويقومون بتهديدهم وقد اعتدوا بالضرب على أخته سهام في مرناق. (وثائق عدد1 و3 و4)

وحيث ألقي القبض على رشيد الشماخي في حوالي الساعة السادسة صباحا من يوم 24 أكتوبر 1991، فضربوه وكبلوه وغطوا وجهه بقميص ثم حملوه في سياراتهم إلى مكاتب فرقة الأبحاث والتفتيشات بمنطقة الحرس الوطني بنابل وكانوا كلما مروا بمركز للأمن إلا وأنزلوه وضربوه بوحشية. (وثيقة عدد6)

فـــي مكــاتب فــرقة الأبحـــاث والتفـتيشــات بمنـطــقـة الحــرس الـوطــني بنــابل :

حيث وصل رشيد الشماخي لمكاتب فرقة الأبحاث والتفتيشات بمنطقة الحرس الوطني بنابل صباح يوم 24 أكتوبر 1991 ولم يكن قد مضى على استشهاد فيصل بركات أكثر من 15 يوما (يوم 8 أكتوبر 1991) في نفس تلك المكاتب وعلى يد نفس الفرقة.

وحيث كان (السيد ………..) رئيس فرقة الحرس للأبحاث والتفتيشات بنابل يشرف ككل صباح على تنظيم ومتابعة حصص التعذيب اليومي المتمثلة في التعليق على شاكلة (الروتي) والضرب على كامل أطراف الجسد وإدخال القضبان الحديدية في الشرج واستهداف الأعضاء التناسلية والضرب على عظم الساق والركبتين وعلى أظافر الرجل واليدين والتعليق من رجلٍ واحدة بسلسلة حديدية والتعليق من خلاف بحبلين (اليد اليمنى والرجل اليسرى) بين نافذة المكتب والعمود العلوي للباب المقابل،،، وغيرها من الأساليب الوحشية التي تتفتق عليها عقول الجلادين، كما يرويها عديد الموقوفين في مختلف شهاداتهم.

وحيث بدأت عمليات تعذيب رشيد الشماخي منذ وصوله ودون توجيه أي أسئلة، وكانت النية للانتقام والقتل وجعله عبرة للآخرين بتعذيبه بشكل وحشي أمام بقية الموقوفين ولم يكن للاستجواب. وقد جاء في شهادة كمال الحميدي أنه سمع رئيس الفرقة يقول للأعوان منذ جلب رشيد “أقتلوه” (وثائق عدد6 و7 و9)

وحيث تم تجريد رشيد الشماخي من جميع ملابسه وعُلـّق عاريا على طريقة الروتي وبدأ أحدهم بضربه بكل عنف على مؤخرته بواسطة عصى غليظة “دبوس” وكان عون ثان يضربه في نفس الوقت على رأسه. (وثائق عدد6 و9)

وحيث دامت الحصة الأولى من التعذيب قبل أدنى سؤال أو تحقيق حوالي أربع ساعات في استرسال وتواصل، وقد تناوب خلالها على ضربه وتعذيبه عديد الأعوان، جلدوه حتى انسلخ جلده ولم يعد يحتمل حتى الوقوف على رجليه. (وثيقة عدد6)

وحيث اقـتيد الشهيد رشيد الشماخي في مساء ذات اليوم، الخميس 24 أكتوبر 1991، عند حوالي الساعة السابعة مساء في موكب ضم أعوان من فرقة التفتيشات بنابل وأعوان مركزي الحرس والشرطة بسليمان إلى روضة البلدية الكائنة بحي غرة جوان بسليمان للبحث عن أسلحة مزعومة، ولما لم يجدوا شيئا حملوه إلى مركز تربية النحل الذي هو على ملك العائلة بمنطقة الشريفات، وكان الأعوان مصرين إصرارا على وجود أسلحة أثبتت كل التحريات والبحوث المختلفة فيما بعد أن لا وجود لها أصلا. ويشير البعض إلى أن هذه المعطيات الكاذبة كانت صادرة من الرئاسة رأسا، وكانت الأوامر باستعمال كل الوسائل لاستخراج الاعترافات مهما كان الثمن صادرة من أعلى السلط. وأن الشهيد رشيد الشماخي اضطر للاعتراف بوجود أسلحة لا علم له بها أملا في التخفيف المؤقت من أعمال التعذيب. (وثائق عدد 1 و5)

وحيث كان العديد من متساكني مدينة سليمان شهودا على عملية إحضار الشهيد رشيد الشماخي مكبلا بالأغلال من يديه ورجليه، حافي القدمين وكيف كانت آثار التعذيب بادية عليه والدماء تسيل على وجهه وقد لاحظ بعض المارة آثار الدم في السيارة التي أحضر فيها، ثم كيف كان يضرب بوحشية أمام المارة والدم يسيل من فمه وأنفه (وثائق عدد 1 و5 و11 و12 و13).

عند تيقن الأعوان بعدم وجود الأسلحة المزعومة كانت رغبتهم في التشفي من رشيد الشماخي رهيبة.

وحيث تفيد شهادة محمد بن العربي الحميدي وتصريحات مختلف الشهود والموقفين الحاضرين الآخرين والذين هم على استعداد للإدلاء بها أمام المحكمة وكانوا قد عجزوا عن كتابتها في شهاداتهم لقسوتها، أن (السيد ………..) كان يقوم بجلب قضيب الحديد ويضع في أوله خرقة “compresse ” ويسكب عليها مادة الإيثير الحارقة والخطيرة على خلايا الانسان، ثم يعمد إلى إدخالهما بعنف في مخرج المرحوم رشيد الشماخي وهو معلق عاريا في موضع “الروتي”، ثم يُخرج القضيب لينزف الدم بغزارة من مخرج الشهيد، لتعاد العملية المرة تلو الأخرى تحت قهقهة واعتداد (السيد ………..) وزملائه بجرائمهم. (وثيقة عدد6)ـ

وحيث أقدم كذلك العون (السيد ………..) على مسك العضو التناسلي للشهيد بشدة وهو معلق في وضع “الروتي” ومكبل اليدين، تحت أنظار وتشجيع رئيس الفرقة (السيد ………..)، ليدخل سلك حديدي في ثقب الذكر بعنف وشدة ليدق خصيتيه دقا وهو يصرخ ويقسم أمام بقية الموقوفين “والله إلا ما نخصيوكم”، والدم ينزف من ذكر الشهيد… (وثيقة عدد6)

وحيث تتالى الجلادون على ضرب الشهيد على قصبة رجله وعلى الركبة وأعلى الساق ضربا مبرحا إلى أن انتفخ جلده وتغير لونه. وكانوا يعمدون في كل مرة إلى حرقه بسجائرهم. (وثائق عدد 6 و7 و8 و9)

وحيث تعمد الجلادون ترك قيد “المينوت” المؤذي في يديه لثلاثة أيام متتالية وطوال فترات التعذيب وهو معلقا حتى كادت تقطع يدي الشهيد وقد بان العظم منهما كما يؤكده كل الشهود من الموقوفين والحاضرين عند تعذيب الشهيد. (وثائق عدد 6 و7 و8 و9)

وحيث كان الشهيد رشيد الشماخي ينادي بما بقي له من قوة وصوت خافت “ارحموني، ارحموني” وكان الأعوان يردون “وكي تموت،،، لن نفك قيدك ولن نتوقف عن تعذيبك” فضلا عن السب والشتم ومزيد التعذيب. (وثائق عدد6 و7 و8)

وحيث كان حين ينزل من التعليق في فترات استراحة الجلادين يلقى به في بهو couloir والأغلال المؤلمة في يديه ويمنع من كل مأكل أو مشرب، وكان كل عون يمر به (منهم خصوصا المدعو …………… و……………… و………. و…….) إلا وينهال عليه ضربا وكانوا يحرصون على منعه من النوم أو حتى الاغفاء…

وكان العون المسمى بـ “…………….” أكثرهم عنفا وكلما مر بالشهيد إلا وضربه على رأسه بعصى غليظة (Baseball) حتى يغمى عليه أو يدوس على رجليه المنتفختين من شدة الضرب وانحصار الدماء فيهما. (وثائق عدد6 و8)ـ

وحيث أدخل الشهيد رشيد الشماخي في يوم 26 أكتوير 1991 إلى ما يسمى بـ”بيت العمليات” وهي الغرفة المقابلة لمكتب رئيس المنطقة (السيد ………..) الذي كان يعطي تعليماته وتوجيهاته في كل أعمال التعذيب. ليتم تعليق الشهيد وهو عار على طريقة ما يسمى بـ”العلوش”، فربطت ساق الشهيد في سلسلة تدلت من السقف ورأسه إلى الأسفل، ثم انهال عليه الجلادون بالضرب بصفة مسترسلة، وكانوا كلما يغمى عليه ينزلوه ويسكبوا عليه الماء ثم تعاد العملية، حتى تهشـّم بدنه وأصبح خليطا من الدماء والماء. (وثائق عدد6 و7و
9)

وحيث يشهد كل الموقوفين الحاضرين أنه عند منتصف الليل تحامل الشهيد على نفسه ليقوم بصعوبة ومعاناة كبيرة ليذهب إلى المرحاض، وقد رجى من العون “………….” فك قيده لقضاء حاجته فأشار عليه بكل حدة وتشفي بقضاء حاجته على تلك الحالة. وبمجرد دخوله فقد توازنه وأحدث صوتا مثل الشخير وسقط على وجهه، فهرع إليه بعض الموقوفين بمعية العون “……………….” وأجلسوه على ركبتيه وكان ينتفض شخيرا وأخرجوه إلى السقيفة عند مدخل المركز بعد أن ستروه بزاورة وحاولوا إعطاءه بعض الحليب خصوصا أنه لم يأكل ولم يشرب منذ يومين لكن دون جدوى وحاول أحد الموقوفين تدليك قلبه محاولا إنعاشه لكنه كان يصارع الموت،،، لما تبقن الأعوان أن وضع الشهيد خطيرة جدا وضعوه في لحاف وحملوه إلى المستشفى… (وثائق عدد6 و7 و8 و9)ـ

وفـــــاة الشهـيد: بين الشهـادات الطـبـيـة المـزيـفـة والتـشـريح الكــاذب والــدفـن :

حيث تفيد كل المعطيات والدلائل أن الشهيد رشيد الشماخي توفي بعد دقائق من دخوله المستشفى الجامعي بنابل “سيونفيل” (وثيقة عدد5 و10).ـ

وحيث تفيد بعض المصادر الطبية التي رفضت التصريح والإدلاء بأي شهادة إلا بطلب من وكيل الجمهورية أو أمام المحكمة أن الشهيد كان قد سجل في المستشفى في البداية تحت اسم مستعار بلقب “بن علي”. وقد قدم “الدكتور …………” شهادة من خلال معاينته للجثة تفيد بأن سبب الوفاة كان التعذيب الوحشي. ألا أنه وبضغط من سلط أمنية عليا قام مدير المستشفى الجامعي بنابل “سيونفيل” بسحب تلك الشهادة وكلف “الدكتور……………..” بعملية تشريح غير قانونية، لم يطلبها لا الأهل ولا الطبيب المباشر ولم تأمر بها السلط المختصة، لتغيير سبب الوفاة. (وثيقة عدد5)ـ

وحيث في يوم الاثنين 28 أكتوبر 1991، وبعد أكثر من 24 ساعة من وفاة الشهيد رشيد الشماخي، اتصل أعوان مركز الأمن الوطني بسليمان بأهل الشهيد وطلبوا من والده المرحوم سالم الشماخي الحضور للمركز لمقابلة رئيس المركز (السيد ………..), وقد أعلمه رئيس المركز بوفاة ابنه لدى فرقة الحرس والتفتيش بنابل، مفيدا أن الوفاة كانت طبيعية إثر جلطة قلبية arrêt cardiaque وبسبب مرض قديم بالبوصفير في الكبد hépatite virale . وقد رفض الأب هذا الوصف والتبرير، معتبرا أن ابنه كان معافى من كل مرض وأنه كان في أحسن حالاته الصحية حين تم إيقافه وأنه لم يسبق وأن اشتكى أو أصيب بمرض بوصفير أو القلب، وحمّـلهم مسؤولية قتل ابنه تحت التعذيب. (وثيقة عدد1 و5)

وحيث اتصل السيد قاسم الشماخي بالمستشفى عند الساعة السادسة مساءا من ذات اليوم لإخراج جثة أخيه، لكنه قوبل برفض مسؤولة في المستشفى، زاعمة أن الجثة تحمل فيروسات خطيرة تشكل خطرا على العائلة وعلى الصحة العامة، وأنه لا ينبغي حمله للبيت بل يجب دفنه مباشرة وعن عجل ودون فتح الصندوق؟؟ (وثيقة عدد5)ـ

وحيث لم يقع جلب الجثة إلى مدينة سليمان إلا من الغد الثلاثاء 29 أكتوبر على الساعة الثانية ظهرا برفقة خمس مركبات من فرق التدخل.ـ
وحيث كانت الحشود الغاضبة من الأهالي التي كانت في انتظار الجثمان قد فرضت على هذه القوات تسليم جثمان الشهيد لأهله بعد الوعد بعدم فتح الصندوق وإخراج الجثمان.(وثيقة عدد5)ـ
وحيث خالف البعض هذا الشرط وقاموا بفتح الصندوق للتأكد من هوية الجثة، وكانت فعلا لرشيد الشماخي، وقد اتضح لكل من عاينها أنها كانت تحمل آثار تعذيب وعنف خصوصا على وجهه وصدره وكتفيه وأن جسده كان مطليا بألوان وأصباغ لإخفاء الجروح والآثار، لكن الكثير من الكدمات والبقع الزرقاء كانت بارزة.. وقد عاين من شاهدوا الجثة وجود شق طويل يبدأ من الصرة إلى مستوى القفص الصدري وكان مخاطا بصفة عشوائية وعلى غير الصيغ المعمول بها طبيا، بما يوحي أن الجرح كان مفتعلا للتضليل والتمويه. (وثيقة عدد 10 و3 و4)

تـواصـل محـاولات إخـفـاء الجــريمـة

حيث أنه إلى حدّ هذا اليوم لا زالت عائلة الشهيد رشيد الشماخي محرومة من حقها في الحصول على نسخة من الملف الطبي أو التشريح الشرعي. وهي تدعو للنظر في امكانية إخراج الجثة للفحص وإعادة تشريح الجثة لتحديد أسباب الوفاة إن كان ذلك ممكنا علميا.ـ

حيث أنه إلى حد هذا اليوم لا يدري أحد أين ذهبت محتويات ملف التحقيق عدد 1/13455 الذي باشر السيد حاكم التحقيق الأول بالمحكمة الابتدائية بقرمبالية البحث في القضية منذ أول نوفمبر 1991. وكنت قد اتصلت بخزينة المحكمة الابتدائية بقرمبالية يوم الاثنين 27 جوان 2011 رفقة السيد قاسم الشماخي وطلبنا الاطلاع على الملف، وفوجئنا بأن الملف كان فارغا، وكان يحمل رقما لكن من دون اسم ولا أدنى معطيات إضافية.ـ

حيث أنه إلى حد هذا اليوم لم يدرك أحد الحكمة والسر من الاستنتاجات التي خلص لها التقرير الصادر في 13 جويلية 1992 عن لجنة لتقصي الحقائق كان قد رأسها السيد رشيد إدريس رئيس اللجنة العليا لحقوق الإنسان والحريات الأساسية للتحقيق في الوفيات المشبوهة في محلات الأمن وتحت التعذيب. فرغم اعتراف هذه اللجنة بوجود حالات عديدة من الموت تحت التعذيب فإنها خلصت إلى أنّ هناك حالتين مشبوه في وفاتهما حصلتا في نابل وعلى يد نفس فرقة الحرس الوطني، هما فيصل بركات الذي توفي في 8 أكتوبر1991 ورشيد الشماخي الذي توفي في 27 أكتوبر1991. وقد أذنت بفتح تحقيق في الغرض طبقا للفصل 36 من مجلة الإجراءات الجزائية. ولكن لا يدرك إلى اليوم أحد لماذا طويَ ملف التحقيق في الموضوع ولماذا اندثرت لجنة تقصّي الحقائق.ـ

بقية الشكاية ذو طابع قانوني ويتضمن تحديدا للمسؤوليات في جرائم التعذيب والقتل والمشاركة فيهما والتستر على جريمة،،،
ويتعذر علي نشره