أليس من الأحرى بكم، وأنتم تمسكون بزمام الشؤون الخارجية للبلاد، المبادرة دون تأخير لوضع زملائكم ممثلي البلاد الأجنبية أمام مسؤولياتهم وذلك بأن تنادوا باسم الشعب التونسي إلى ضرورة رفع الحواجز أمام تنقل التونسي كمستحق من مستحقات نجاح ثورته التي أدخلت البلاد في مصاف الأنظمة الديمقراطية؟
أليست تونس اليوم ديمقراطية؟ وأليست من مباديء الديمقراطية التقيد برغبات الشعب ومطالبه؟ وأليست هذه الرغبات والمطالب هي حرية التنقل حتى وإن اضطر الشاب التونسي إلى دفع ثمنها غاليا؟
إنكم تتجاهلون رغبات شباب الشعب فلا ترفعونها،كما هو واجبكم، إلى من يهمه الأمر من ممثلي البلاد الصديقة حتى تجعلوها، على الأقل، أمام واجباتها؛ فحتام وإلام هذا التجاهل لحق شبابنا في التنقل والحياة؟ وحتام وإلام هذا الاحتقار للوعة آبائهم وأمهاتهم؟ وحتام وإلام هذا التنصل من مسؤولياتكم وأنتم مسؤولون على احترام سيادة البلاد؟
فأليس من سيادة بلادنا أن لا تُأخد بصمات أبنائها إلا من طرف السلطات الوطنية؟ فكيف تسمح سلط بلادنا بأن تُأخذ بصمات مواطنينا من طرف سلط أجنبية في نطاق تسليمها للتأشيرات؟
نعم، إنها سياسة تلك البلدان تفرضها علينا فلا ننبس ببنت شفة لأننا بحاجة إلى مثل تلك التأشيرات، حيث أنه أصبح لا مناص من التأشيرة للدخول للبلاد الأجنبية، حتى وإن كان في ذلك الشيء الكثير من الدوس لسيادة البلاد! ولكن، وحتى نكون واقعيين، أليس من حل بديل؟
إن مزايا التأشيرة المعمول بها حاليا للبلاد الأجنبية هو التأكد من هوية المنتفع بها والحد من الهجرة السرية؛ فهل نجحت هذه السياسة؟ وهل حدت التأشيرة من الهجرة السرية؟ كلا وألف كلا ! بل إنها أدت إلى تفاقم الأمور وعددت من المآسي وعيوننا تنظر، وقلوبنا تبكي، وكلامنا في هذا الأمر في النافخات زمرا!
فكم من مرة نادينا بأن تجعل تونس من مباديء سياستها الخارجية مطلب رفع التأشيرة كمستحق هام من مستحقات دخولها عالم الديمقراطية؟ ولقد وضحنا الطريق المثلى للوصول إلى ذلك في القريب العاجل أو حتى الآجل وذلك بأن تطلب بلدنا من الممثليات الأجنبية أن تجعل من التأشيرة الحالية تأشيرة مرور تسلم مجانا لكل التونسيين الراغبين في ذلك.
فبذلك، وإلى أن تتطور العقول الغربية في اتجاه الثورة على التقاليد البالية التي تطغى اليوم على تعاملها مع بلاد الجنوب، يصبح للتونسي، كمواطن بلد استحق الديمقراطية، الحق في التنقل بحرية بين بلده والدول الأجنبية دون أن يكون في ذلك أي مساس بحق هذه الدول في السلامة، بما أن حرية التنقل هذه تتم بموجب تأشيرات مرور تضمن معرفة هوية أصحابها. وهي في الآن نفسها تمنع من النزوع للهجرة السرية بل وتقضي تماما على هذه الظاهرة بكل ما تؤدى إليه من فواجع.
أفلم يحن الأوان، سيدي الوزير، بأن تكونوا الناطق الرسمي للشعب في أعز ما يطلبه من حكامه، ألا وهو احترام حقه في التنقل بحرية، وهو عنده أعز من الحق في العمل وفي الحياة، لأن كرامة التونسي هي في حريته، فإذا انعدمت الحرية هان عليه الموت، كما تبينه لنا هذه الفواجع التي تأتي لنا بها الأخبار من عرض البحر.
سيدي الوزير،
لقد عملت في الحقل الديبلوماسي وأعرف ما تتندرون به في صالوناتكم للرد على مثل ما تحتويه هذه الرسالة : إنكم تستهجنون صاحبها وتسخرون من مقولته؛ ولكنكم لا تشعرون أنكم في الآن نفسه تسخرون من الشعب كله، لأن هذا الكلام ليس إلا كلام الشعب الذي لم تبعدني عنه الكراسي وأبهة الحكم، وهذه الرغبة هي رغبته وقد مارستها وعرفتها على حقيقتها.
إنني اليوم أرفع لكم مجددا رغبة شعبنا لأنه لم يعد باستطاعته الصبر أطول مما صبر على تجاهل حقه في الحياة الكريمة، والحياة الحقة هي في حرية التنقل كما تواتر التاريخ على التدليل عليها منذ القدم.
فكم من فكرة مجددة تكون قُبرت وكم من فكر مبدع يكون وُئد وكم من عبقري أفاد أبناء بجدته والعالم أجمع تكون روحه أُزهقت إذا لم تكن توفرت حرية التنقل بحرية كطيف النسيم؟ بل هل كان الإسلام يصل إلى ما وصل إليه بدون هجرة الرسول؟ فالعودة العودة إلى والوعي، سيدي الوزير ! اطلبوا رسميا وفي أقرب وقت باسم كل التونسيين أن تصبح التأشيرات المسلمة اليوم تأشيرات تنقل تسلم مجانا وذلك في نطاق مطلب رسمي من الجمهورية التونسية برفع التأشيرة في وقت لاحق لمواطنيها كمكسب لا محيد عنه من استحقاقتها على درب الحداثة السياسية!
وإن لم تفعلوا ذلك باسم سيادة البلاد، فلتفعلوه باسم كل أم محروقة الكبد على ابن فقدته في عرض البحر، و باسم كل أب حُرم من ولده، وباسم كل طفل فُصل عن والده، وباسم كل أخ وأخت لن يريا أبدا شقيقا لهما ابتلعته مياه المتوسط!
فهذا البحر لم يكن ليحرم هؤلاء من أعز الناس عليهم لولا قساوة قلوب هذه الساسة التي ترى الفواجع ولا تقيم لها وزنا بالعمل على تفاديها. ولا عذر لمن توفر له الحل فلم يأخذ به ولم يعمل على تفعيله!
لقد أرسلت مؤخرا رسالة في الغرض نفسه إلى سفير الولايات المتحدة الأمريكية بتونس بوصفها زعيمة العالم الديمقراطي اليوم، ولسوف أواصل الجهد في سبيل هذه الغاية لأن التاريخ سيفرضها إن عاجلا وإن آجلا، فلا مناص غدا من عالم بدون حدود! إن السؤال المطروح الآن ليس هو: هل سترفع يوما القيود الراهنة في التنقل بين بلاد العالم الديمقراطي، بل : متى يكون ذلك وكيف؟
أما كيف، فقد بينته، وبقي متى؟ فهل يكون ذلك غدا بتونس، سيدي الوزير؟
إن الوضع الراهن بالبلاد من احتقان وتواتر أعمال العنف، والتزمت خاصة، مأتاه انحباس شبابنا داخل حدود بلد أصبح بوتقة تخنق تطلعاته وتعدم حسه للمقارنة بالغير والتفتح على الآخر. فلقد كان التفتح خاصية التونسي، وهاهي هذه الخاصية تنعدم لعدم قدرة الشاب التونسي على التنقل بحرية وهو سليل آباء دربوا على السفر والترحال، مما فتح قلوبهم على الغير ووسع من آفاقهم.
إننا لا نقدر حقا ما لانعدام حرية التنقل من إفساد للحس التونسي في التسامح وتعكير لصفو البلاد، فالعلم يبين بما لا مجال فيه للشك أن انحسار الفضاء الحياتي وضيقه يحد من المجال الذهني ويأجج كراهة الغير وبغض الآخر. فهل هذا الذي نبتغيه لبلادنا؟ وهل هذا الذي تريده لسلامتها البلاد الآخذة بمبدأ التأشيرة؟
سيدي الوزير،
أما حان الوقت لكم للعمل على حماية أبنائنا من الرمي بأنفسهم إلى التهلكة وأنتم تعلمون أنهم لن يتوقفوا عن ذلك لأن رغبتم في حقهم في حرية التنقل لا يحدها شيء؟ هل تريدون المزيد من الفواجع والمآسي حتى تقوموا بواجبكم، ألا وهو رفع صوت التونسي إلى من يعنيه الأمر والعمل على أن تُحترم سيادة البلاد وكرامة أبنائها؟ هل يجب أن ينزل الشعب إلى الشارع مناديا برفع التأشيرة حتى تأخذوا بحقه في ذلك؟ إنه ليفعلها يوما إن تماديتم في جهلكم لمطالبه المشروعة!
Il faut porter plainte contre ennahdha comme parti politique qui n’a pas su sauver notre pays de ces catastrophes économiques , politiques et sociales
EnNahdha fait ce qu’il peut dans un contexte difficile. Nous vivons dans un monde désormais fermé et on oublie facilement que l’essor économique occidental s’est fait grâce au Sud en un temps où les frontières étaient ouvertes, où ses richesses et sa force de travail étaient au service de l’économie occidentale. En ce temps-là, c’étaient les gouvernements européens qui encourageaient eux-mêmes l’immigration clandestine !
مقال لا يرتقي لمستوى النشر لما فيه من جهل بواقع السياسة الدولية وتوازن القوى في العالم، كلام شعبوي ومُضلّل لا يقدّم ولا يؤخّر، غرضه الوحيد مهاجمة من في الحكم باطلا ودون وجه حق
ليس الجاهل إلا من ادعى العلم وتجاهل أن المعرفة لا تفنى، وأن محاولة الحد من مآسي العالم الذي هو حقيقة بيت الإنسانية كلها لا يتأتى إلا بالبحث الدائب عن الحلول الجريئة حتى وإن ضربت عرض الحائط بالسياسات المطبوخة حسب الوصفات التي أكل عليها الدهر وشرب. ليس هناك شعبوية في ما أقول ولا تضليل، بل تذكير بضرورة تغيير النماذج الذهنية التي لا يزال الفكر يرتكر عليها، خاصة عند النخبة في البلد المتخلفة. فتخلف هذه البلاد ليس في تخلف شعبها، بل في تخلف ساستها الذين لا يقدرون على صياغة سياسة جديدة تأخذ بتطلعات شعوبها المشروعة. فحرية التنقل حق من حقوق الإنسان؛ ولا بد أن يأتي اليوم الذي يصبح فيه هذا الحق من البديهيات بين الأنظمة الديمقراطية.
أما مهاجمة الحكم، فهو الباطل، لأني بالعكس أنادي بأن ينجح في سياسته وأسوق له الوصفة اليي يتجاهلها بدون ما سبب مقنع لحل العديد من مشاكل بلادنا بما فيها البطالة. فحرية التنقل في حدود تأشيرة مرور من شأنها دفع المشاريع بين بلادنا وأوربا وتنمية إقتصاد الجميع في طالح الجميع. ولست الوحيد الذي يقول هذا، بل العديد من إختصاصي الإقتصاد في العالم. فلتعد إليها!
ليس من المعقول أن يكون كاتب السطور أعلاه دبلوماسيا سابقا مثل بلاده في الخارج واطلع على قوانين الدول الأخرى وخاصة فرنسا. بأي حق يطالب الدول الأجنبية بفتح حدودها للتونسيين العاطلين عن العمل؟ المعروف أن كل راع مسؤول عن رعيته بالدرجة الأولى ولذلك اختاره شعبه. الفرنسيون والايطاليون وغيرهم لم يختاروا حكومات لتفتح أبوابها أمام أفواج التونسيين العاطلين بدون قيد أو شرط. ولماذا يمارس السيد فرحات عثمان هذه التفرقة ولا يطالب أوروبا بفتح أبوابها لسكان الجزائر أيضا والمغرب الخ… ساسة أوروبا أو ساسة الدول الغربية الديمقراطية بشكل عام حصلوا على أصوات الناخبين لتنفيذ برامج سياسية عرضوها عليهم ولا أظن أن فتح أبواب الهجرة للتونسيين كان مدرجا في تلك البرامج. آمل أن يفيق السيد فرحات عثمان من سباته ويراجع معلوماته عن الادارة والسياسة في دول الغرب. المصيبة الكبرى ليست اقفال الحدود في وجه التونسيين بل فقدان كثير من التونسسيين لحبهم لهذه البلاد الى حد القبول بالموت وذلك بسبب السياسات الدكتاتورية السابقة التي قتلت فيهم شعور الوطنية. لقد حول الحكام الطغاة تونس الى سجن مفتوح يحتوي على سجون أصغر حجما يودع فيها المعارضون. الجريمة الكبرى التي ارتكبها بوروقيبة بحق اقتصاد تونس كانت خلق التبعية للغرب. بدلا من بناء اقتصاد وطني قوي أعطى الأولوية لثلاثة اتجاهات كانت: هجرة اليد العاملة والسياحة وتوفير التسهيلات للمستثمرين الآجانب في تونس. وهذه الميادين الثلاثة جعلت تونس تحت رحمة الغير تتطفل عليهم. عندما استولى ماو تسي تونغ على الحكم في الصين كانت من أشد بلدان العالم تخلفا وفقرا. ولكنه أغلق الحدود وصمم على بناء اقتصاد محلي من أجل الاكتفاء الذاتي. واليوم أصبحت الصين من أكبر المصدرين وقوة نووية يقرأ لها حساب وترسل المركب الفضائية لاستكشاف الكون. ألمانيا كانت حطاما عند نهاية الحرب العالمية الثانية وخسرت أعدادا كبيرة من أدمغتها في الحرب و في المحاكمات التي تلت الحرب. لكنها لم تتوجه الى الدول المجاورة والمعادية لها لاستجدائهم ليفتحوا حدودهم للالمان حتى يتسكعوا فيها. بل شمر المواطنون على سواعدهم ليبنوا أقتصادا أصبح اليوم رائدا في العالم. يجب أن نفهم أن حل مشكلة البطالة ليس ارسال شبان وكهول في مقتبل العمر ليخدموا الغير في الخارج بل اقناعهم بأن مستقبلهم في تونس. يجب علاجهم من المفاهيم الخاطئة التي غرسها فيهم النظام الاستبدادي المجرم القديم واقناعهم بأن الأمور تغيرت وأن مستقبلهم في بلادهم. العملية ليست سهلة ولها أبعاد عميقة لأنها تتطلب تغيير العقليات. لا أتفق مع السيد فرحات عثمان عندما يقول ان التنقل بحرية أعز من الحق في العمل وفي الحياة. هذا كلام غريب و لا أعلم هل أن صاحبه يدرك خطورته. هل يقصد أن المواطن لا يتحمل أية مسؤولية مادية أو معنوية ازاء أهله ومجتمعه وأنه يعيش ليتسكع خارج بلاده بدون مبالاة لأن التسكع أغلى من الحياة نفسها؟ المساكين الذين هلكوا في البحر كانوا تائهين لا يعلمون أو لا يكترثون بالأوضاع في أوروبا زيادة على تفشي الكراهية والعنصرية في أوروبا ضد القادمين من دول المغرب العربي، خاصة في هذا الوقت الذي ضربت فيه البطالة في أوروبا أرقاما عالية حتى وان كانت لا تقاس بالبطالة في تونس. لكن مسؤوليةالحكومات الغربية هي بالدرجة الأولى حل مشاكلهم الخاصة. وغريب أن السيد فرحات عثمان الذي عاش في فرنسا لم يسمع بمقولة دي غول الشهيرة: الدول ليس لها أصدقاء، انها لا تعرف الا مصالحها الخاصة. هل تظن أن وزير خارجية تونس سيجد أذنا صاغية لو قال للدول الغربية وهي في مركز القوي بالنسبة لنا: اتركوا ثقافتكم التقليديةوافتحوا أبوابكم لكل عاطل عن العمل قادم من تونس وألغوا أخذ بصمات الأصابع لتتأكدوا هل القادمون مطلوبون للعدالة الدولية أم لا. لا يحق لكم أن تقوموا بأية مراقبة لحماية مواطنيكم من المجرمين الدوليين. نريد منكم قبول جميع التونسيين بدون قيد أو شرط بما فيهم الفالح والطالح.
إن الديبلوماسية إذا لم تكن محاولة جادة لإيجاد الحلول من العدم ليست بشيء. فلم تكن قط صفة الديبلوماسي بالنسبة لي خدمة سياسة هي مكاء وتصيدة لسياسة الغرب! لقد كان عملي منذ البداية في خدمة الشعب وأبنائه، لا في خدمة نظام وسياسته، لذلك قاومته من الداخل كل مرة كان أخرقا في تصرفاته وسنحت لي الفرصة لذلك. أما اليوم، فغايتي أن لا تكون ديبلوماسيتنا اليوم كسابقتها، تصغي السمع لما يقوله الغرب ولا لصوت الشعب!
ليس الموضوع مطالبة الدول الأجنبية بفتح حدودها للتونسيين العاطلين عن العمل، بل في احترام نواميس ديمقراطيتها والنواميس البشرية. ثم ليست حرية التنقل هي للعاطلين عن العمل وحدهم، بل هي لكل من رغب في التنقل وهو يجد اليوم من الصعوبات الكثير.
إن الموضوع موضوع مباديء سواء لبلادنا في الأخذ بعين الاعتبار لتطلعات الشباب، أو لمصالح الغرب على المستوى البعيد، لأن سياسة الأبواب المغلقة الحالية هيبدون أدنى شك سياسة انتحارية، على الأقل لما فيها من تشجيع على التطرف بجميع أشكاله. فهل كنا نعرف مثلا التطرف الذي نعيشه اليوم في العالم، وأيضا في بلادنا، عندما كان التنقل حرية من الحريات وحقا من الحقوق الإنسانية؟
نعم، إن الراعي مسؤول عن رعيته، والرعية اليوم، أيا كان راعيها، بحاجة إلى أن يسهر على حماية مصالحها العاجلة وأيضا الآجلة. ومصالح الغرب الآجلة ليست في الحياة وراء الحيطان، لأن كل الجدران تسقط، إن عاجلا وإن آجلا، أمام ما يميز الإنسان، وهو تطلعه للتنقل، لأن في ذلك حياته.
إنما المشكل هو الآتي : هل نقبل باسم واقعية كاذبة بسياسة فاشلة برهنت على فحش مضارها أم نسعى بكل الوسائل الممكنة لإيجاد أفضل الحلول وأقلها مساسا بكرامة البشر وبحياتهم خاصة ؤأن ليس بالمقترح الذي بينته المساس البتة بمصالح الغرب الحيوية، وبخاصة الأمنية منها؟
أما التفرقة التي تتحدثون عنها بين تونس وغيرها من دول المغرب، فهي مجرد الأخذ بعين الاعتبار بالوضع السياسي في هذه البلدان، فتونس هي البلد الوحيد في بلاد المغرب الذي قطع أشواطا مهمة على درب الحداثة السياسية مما يؤهله للحصول على امتيازات بلد ديمقراطي لشعب برهن على وعيه.
ثم إن قدر الجالية بسيط، وذلك يسهل إمكانية التجربة لإيجاد البديل. ولعلي لا أفشي هنا بسر إن قلت أن اتصالاتي المستمرة بالمسؤولين الغربيين تؤكد أن العديد منهم لا يتررددون في مشاطرتي الرأي ولا يتمانعون في اعتبار أن ضرورة التفكير في البديل لسياسة التأشيرة واردة وحتمية. إلا أنهم يؤكدون أن ذلك ليس دورهم وأن على السلط المعنية المبادرة بطرح الموضوع على بساط الدرس عوض الاكتفاء بدعاوي غربية لم يعد حتي ساسة الغرب مقتنعين بسلامتها من الزيف والزيغ.
إنك تنسي أو تتناسي أن الثورة الاقتصادية الفربية ما كانت لتقوم في وضعنا الراهن بكل العراقيل التي تمنع التنقل الحر. ولعلمك، فحتى الهجرة غير الشرعية كونت مثلا في وقت غير بعيد جزءا هاما من السياسة الفرنسية. فعد لما هو متوفر من الدراسات المفيدة في الغرض قبل إسقاط أحكام تخلو من الموضوعية!
أما انعدام حب التونسي لبلاده، فحديث خرافة. فالتونسي من أشد المغاربة تعلقا ببلاده، وذلك ما جعل تونس البلد الوحيد الذي تشتعل فيه شرارة إنقلابه الشعبي. إلا أن الجميع يخلط بين تعلق التونسي ببلده وتعلقه في الوقت نفسه بحريته لأنها من أقدس ما في ذاتيته.
ما تقولون حول التبعية الاقتصادية لتونس صحيح ولكنه يتجاهل الوضع الاقتصادي الحقيقي للبلاد والوضع الاقتصادي العالمي، فلا شبه بين تونس والصين مثلا، وهلم جرا مع بقية الأمثلة. ثم إن وضع الأمس ليس نفسه اليوم، خاصة في انحسار الاتصالات وتبعيات الاحتلال والامبريالية. وهو مما لا يمكن تواصله على حاله. وسوف تتغير الأمر حالما يشعر أصحاب الأموال الغربيين أن مصالحهم في تفتح الحدود لا في غلقها، للأن الثروات لا تنمو إلا في مجال آمن فسيح.
اسمح لي بأن أقول لك أن نظرتك للتونسي نظرة ازدراء واحتقار، لأنه ليس كل تونسي يريد سفر طالب شغل وليس المهاجر خلسة راغب تسكع ولامبالاة.. ثم إن أغلب الشباب التونسي العاطل له من التطلعات لبعث المشاريع العدد الكثير وفرص وحظوظ نجاح مثل هذه المشاريع، وبعضها من الطرافة بمكان، أكبر في نطاق فضاء مفتوح. فلتتأكد أن الموضوع أهم من ذلك، ويجب النظر إليه من جميع زواياه، خاصة الرمزية.
إنه من الخطأ الاعتقاد أن التونسي إذا توفرت له فرصة التنقل بحرية بواسطة تأشيرة مرور بين تونس وأوربا مثلا سيستقر خارج الوطن؛ لا بالعكس، إن ذلك سيجعل منه خير ممثل متنقل لبلاده يسعى لخدمتها بمشاريع تربط بين البلدين في نطاق شراكة لامركزية ونشاط اقتصادي مطرد لما فيه من حس تجاري يعود إلى الماضي السحيق.
إنك يا سيدي لا تعرف شعبك، فعندما أرفع من قيمة حق التنقل بحرية فأجعله في مرتبة حق العمل والحياة، بل وأعلى، فذلك لأن كرامة العمل والحياة مرتهنتان بالحرية؛ وحرية التنقل اليوم في العالم هي كحرية التنقل داخل بلاد واحدة. ولعل ما يقع من فواجع يبين تعلق التونسي، وليس الشباب فقط، بذلك الحق.
ثم إنك تجهل أو تتجاهل حقيقة ما أرمي إليه عندما أطلب من وزير خارجيتنا أن تكون سياسته متناغمة مع تطلعات شعبه. فألم يثر الشعب لأجل حريته وكرامته؟ أليست حرية التنقل، أيا كان اتجاهها، من حقوق الإنسان الثابتة؟ فلم لا نطالب بها باسم المباديء أولا؟ ألم يطالب الملك الحسن الثاني بانضمام بلاده إلى السوق الأوربية، فسخر منه من سخر، ولكن طلبه فتح الباب لسياسة أوربا باتجاء البلاد المغربية فمكن من التسريع مما لم يكن منه بد؟
إن الغريب، في حكومة تريد انتهاج الحكمة في سياستها والأخذ بالمثل العليا، أن تتكلم باسم الثورة دون أن تعمل بروحها، وأن نتثبث بمقومات ذاتيتنا وتعمل في الآن نفسه بأسس سياسة غريبة عنها يسعى الغرب نفسه لتغييرها بالعودة إلى سياسة أكثر أخلاقية وأقل عنجهية وتكبر. فألا يحق لحكومتنا باسم مثلنا العليا وباسم روح ثورتنا أن تقوم على الأقل وللتاريخ بالتذكير بضرورة العودة إلى الثوابت الإنسانية للسياسة الدولية؟ إليس هذا مما يفرضه علينا ديننا في الدعوة للحسنى، وهي لا تحدها حدود ولا عقليات لأن إسلامنا عالمي؟
إن عملية أخذ البصمات تنازل عن سيادة البلاد ولا مجال للقبول بها قانونا إلا في حدود تنازل ممثال فيه من الفائدة الكثير لمواطني البلد المتنازل عن سيادته في هذا المجال. وليس من النوك في شيء ربط مواصلة العمل برفع بصمات التونسيين في نطاق تأشيرة مرور لما في ذلك من تفعيل لموجبات التآشيرة الأمنية.
نحن لا نتكلم عن العالم نفسه ولا عن البلد نفسها. إن العالم الذي أرى من واجبنا العمل على بلوغه هو عالم التكامل والشراكة الحقة واحترام الذات البشرية وحرياتها المشروعة. والبلد الذي أتمني أن يخدمه ساستنا هو بلد يبقى التسامح فيه وكرامة مواطنيه من أعلى وأسمي مبادئه. وما الذي أنادي به إلا جزءا من ذلك الطموح في نطاق خطاب صريح ينأى عما عهدناه من لغة حطبية ويسعى إلى إعادة كامل الاعتبار لمواطني جنوب هذا العالم ممن عمل بجد على سلوك درب الديمقراطية ومر إليها. وليس أخذ هذا بعين الاعتبار من طرف الديمقراطيات القديمة من باب المزية، بل هو من واجبها ومصلحتها الذاتية.
و في الختام، سيدي، اعلم أن السياسي الحق هو الذي يتحدى ما يبدو من الحتميات البديهية التي ثبت نوكها حتى يفتح بجرأة وبشجاعة الطريق عاجلا وفي أحسن الظروف للتحديث والتجديد الذي هو لا يتأخر أبدا عن الموعد لأن لكل أجل كتابه. وهذا حال موضوعنا اليوم.
يا سيد فرحات، يبدو لي انك رومانتيكي أكثر منك سياسي ومراقب موضوعي. أو ربما أنت ديبلوماسي رومانتيكي. لا مانع عندي. ولكنني أفضل عندما نناقش موضوعا جادا أن نستعمل لغة موضوعية حتى وان كانت جافة لنبقى بعيدين عن المشاعر والآهات والدموع والهوى. ومن الأفضل ألا نتهم بعضنا بسرعة بالازدراء بالشعب أو باحتقاره. رجاء دعنا من هذه البلاغة الطنانة التي تميزت بها الشعب الدستورية وخلايا التجمع عندما كانت تلجأ لهذه الاستنتاجات السريعة للتهويل وتخويف الخصم حتى يسكت. دعني الآن أرد على النقطة التي جعلتك تتهمني باحتقار التونسيين لأنني تحدثت عن العاطلين عن العمل الذين يريدون دخول أوروبا بحثا عن الرزق. فهذا أمر معروف ولا يختلف فيه اثنان. أنت تقول ان هناك غيرهم أيضا. هذا معروف كذلك. ليست هذه هي المشكلة. قرار الدول الأوروبية بغلق حدودها تم اتخاذه خصيصا لمنع العاطلين عن العمل من دول البحر الأبيض المتوسط من دخول أوروبا. أوروبا الغربية التي رحبت بانهيار المعسكر الشيوعي اعتبرت ذلك انتصارا للديمقراطية وسارعت لقبول عدد من دول أوروبا الشرقية في الاتحاد الأوروبي. لكن نراها اليوم تتقاعس لقبول المزيد بل وتضع العراقيل لتقنين دخول العمال من أوروبا الشرقية الى أوروبا الغربية. وهناك نزعة ظهرت في دول الاتحاد الأوروبي تدعو الى تفكيك الاتحاد من أجل التهرب من مساعدة اليونان واسبانيا ودول أوروبية غربية أخرى تعاني من الأزمة الاقتصادية. واذا أخذنا بمقولة الأقربون أولى بالمعروف لا أظن أنه من الواقعي مطالبة الأوروبيين باتخاذ اجراءات استثنائية ازاء التونسيين. ولا أظن أنه من المنطق في هذه الظروف أن نلوح بشعارات الكرامة والحرية والديمقراطية. دعنا نحتفظ بكرامتنا في ديارنا ونبني ديمقراطيتنا لنعيش أحرارا في ربوع بلادنا بدلا من استجداء الغرب. ولست معاديا للغرب، أبدا ولكن يجب أن نكون واقعيين. فهناك النظري وهناك العملي. أبناء الثورة الفرنسية التي أسقطت النظام الملكي رفعوا شعار الحرية المساواة الاخاء. بعد ذلك وبنفس الشعارات استعمروا دولا أخرى في افريقيا وآسيا وجمعوا ثروات من تجارة العبيد. كما استبدلوا الملكية بأمبراطورية نابوليون العدائية التي أراقت أنهارا من الدماء في القارة الأوروبية وخارجها. كما قلت لك في تعليقي: مقولة دي غول بأن الدول ليس لها أصدقاء بل مصالح ما تزال سارية حتى الآن ويجب علينا أن نأخذ الواقع بعين الاعتبار. الشيء المؤسف حقا أننا نرى أمام أعيننا كيف تتم التكتلات في العالم على أساس تقارب الثقافات ولا نعطي أهمية لهذا العامل لنقوي العلاقات مع الدول التي لنا معها قواسم مشتركة قوية تختلف عن قواسم الاستعمار الأجنبي وسيطرته لنهب خيراتنا. ألاحظ حاليا في الاعلام التونسي اتجاهات قوية وشرسة تسعى لنسف كل تقارب مع الدول العربية والى تشويه سمعة تلك الدول. لا أدعي أن تلك الدول مثالية ولكن هل الغرب الذي يصد أبوابه في وجوهنا مثالي؟ كسب الصداقات يتطلب مجهودا كذلك. وفي نفس الوقت أرى فئة من التونسيين ناقمة على تونس لأسباب مختلفة. فمنهم المصابون بعقدة الخواجة كما يقول المصريون. هؤلاء يحتقرون أصولهم وثقافهم بسبب عدم المامهم بها وبما تحتويه من كنوز. وفي الحقيقة هذه الظاهرة ليست بدعة تونسية.أعرف من الجزائريين مثلا من يضيف عندما يتحدث مع الفرنسيين أنه قبائلي. كأن ذلك سيكسبه مزيدا من الاحترام. ظاهرة عقدة النقص وكراهية الذات كانت معروفة لدى اليهود في أوروبا خاصة في القرن التاسع عشر والقرن العشرين قبل الحرب العالمية الثانية. السبب في ذلك أن تعرضهم للعنصرية جعلهم يؤمنون بأنهم من ثقافة دنيئة وظنوا أن التنصل منها سيجعلهم مقبولين لدى الأسياد. لكن كثيرا منهم فارقوا الحياة في ظروف الخزي في معسكرات الابادة النازية أو في غرف الغاز أثناء محرقة اليهود الكبرى. الفيلسوف الألماني اليهودي تيودور ليسنغ الذي مات مقتولا في 1933 درس هذه الظاهرة وألف كتابا حولها بعنوان: كراهية الذات أو رفض اليهود لليهودية. La haine de soi ou le refus d’être juif. المصابون بعقدة مماثلة يتواجدون اليوم في تونس في غرف تحرير بعض الجرائد ومواقع الانترنت. أظن أن هذا لا يخفى عليك. الى جانب هذه الفئة المريضة هناك الفئة الأمية أو شبه الأمية التي كثيرا ما أقرأ تعليقاتها على مواقع الانترنت ومن بينها هذا الموقع. ويمكنك أن تطالع بعض النماذج من هذه التعليقات مثل التعليقات على المقال الخاص بالحراقة. في هذه التعليقات المكتوبة بلغة فرنسية مهلهلة يقول أحدهم ان المشكلة نابعة من الدين الاسلامي ويطالب آخر بدفن الغرقى في أوروبا لأنها بلد النور ولعل فتاة شقراء ستضع زهرة على قبورهم. وشر البلية ما يضحك. ولكنني قرأت ما هو أبشع من هذا هنا وهناك. اذن أرجوك ألا تحاول اعطائي دروسا في الوطنية عندما ألفت الانتباه لهذه النقطة. فلا تقل لي: أما انعدام حب التونسي لبلاده، فحديث خرافة. الحقيقة أن هناك أعدادا لا يستهان بها من التونسيين يكرهون بلادهم. نفي هذه الحقيقة هو خرافة. الأفضل أن نفكر في العلاج بدلا من نفي المرض. الناجون من حادثة الغرق الأخيرة قرب لمبيدوزا رفضوا العودة الى تونس وقالوا انهم يفضلون البقاء في المخيمات هناك حيث تحيط بهم الكراهية على العودة الى بلادهم. وفي حالة عودتهم فانهم سيحاولون ثانية الابحار الى لمبيدوزا. ثم ثالثة ورابعة الى آخره. فإما الموت أو لمبيدوزا. لا أعتبر هذا حبا للوطن. وكم من تونسي في بلاد الغربة يعيش في ظروف تعيسة يشعر فيها بالاهانة ويتعرض فيها لاعتداءات العنصريين ويفضل تلك الظروف على العودة الى تونس لأن الحياة في تونس لم تكن كريمة. أنا لا أتهجم على هؤلاء بل كتبت في ردي على مقالك. “المصيبة الكبرى ليست اقفال الحدود في وجه التونسيين بل فقدان كثير من التونسيين لحبهم لهذه البلاد الى حد القبول بالموت وذلك بسبب السياسات الدكتاتورية السابقة التي قتلت فيهم شعور الوطنية”. ومازلت متمسكا بهذا الرأي. فهؤلاءالمساكين لم يعرفوا من تونس الا البؤس المتولد عن الدكتاتورية والفساد. وكانوا يشعرون بالاحباط كلما ترى عيونهم البذخ الذي كانت تنعم به الفئة الفاسدة. كفاءاتهم العقلية لم تسمح لهم بالتحليل ليفرقوا بين ما هو نظام فاسد وما هو الوطن الحقيقي الذي يرزح تحت الظلم. بدلا من توجيه كراهيتهم للظالم وجهوها للوطن. شباب الثورة الذين صمموا على الاطاحة بالنظام بعد وفاة محمد البوعزيزي واجهوا الرصاص بصدورهم العارية وهم يهتفون: خبز وماء بن علي لا. لم يضحوا بأرواحهم عبثا مثلما يفعل الحالمون بمخيمات لمبيدوزا للبقاء فيها بدون عمل. هناك من مات شهيدا من أجل قضية الحرية ويستحق منا التكريم والاحترام. ولا أظن أنه يتساوى مع الذي يحلم بالتسكع البائس بعيدا عن بلاده. فمن واجب السلطات والأفراد أن يعملوا على توعية هؤلاء ومد يد العون لهم حتى يشعروا بأن بلادهم عزيزة عليهم.
سيدي الكريم، ، إنك بكلامك عن اللغة الجافة بتعلة أنها موضوعية تعترف ضمنيا باللغة الحطبية التي أرفضها. إن السياسة اليوم، غربا أو شرقا، فاشلة لأنها لا تأخذ بما أسمية علم القلب و تنمية المشاعر وذلك في نطاق سياسة فهيمة.
نعم، إن ما أنادي به ثورة على ما هو معرف، ولكنها متأصلة في قيمنا الحضارية. أفنرمي بها عرض الحائط لمجرد ما يسمى خطأ بالموضوعية|؟ وقد دللت في مقالات أخرى أن ما يسمى بمبدأ الواقعية هو مجرد مبدأ ديكتاتورية الاختزال لفكر إرهابي يغتال كل جديد باسم العلم، والعلم منه بريء.
أنا لا أستعمل بلاغة وتمويه قط، بل أحتكم إلى ما قلت واستعملت من عبارات ووصفات لأبناء بلدك، وقد وصفتهم بما يستغرب منك، لأن كلامك لا يختلف عما نسمعه في أفواه العديد من العنصريين؛ وأنا لا أشك البتة أنك لم تنتبه إلى ذلك وما كان قصدك بتاتا. ولكن المشكل هو أن الأفكار الخادعة تتغلغل إلى أدمغتنا دون أن نشعر فتجعلنا نتصرف دون وعي تماما كما يريده منا من يفكر في مصلحته من مخالفينا في الرأى. فأين حريتنا في الرأي وإبداعنا في السياسة وثورتنا على البالي الممتهن إذا تمادينا في العمل على منوال من ثبت فشل سياسته وقد أكل عليها الدهر ولا زال يشرب؟
أما عن الشعب الدستورية، فما كنت يوما منها؛ بل إن خروجي من السلك الديبلوماسي ظلما، وما زلت خارجه، لهو الدليل الدامغ على عدائي للنظام البالي. إلا أنه لم يكن عداء لمصلحة أو أغراض شخصية بقدر ما كان لمصحلة الشعب وفي خدمته. إن الذي يحاكي عمل ومنطق خلايا التجمع لهو الذي لا يقرأ حقا متطلبات أبناء الثورة ولا يعيد، إلى يومنا هذا والسرعة القصوى، للمظلومين حقوقهم، وأقول و بكل تواضع، أني منهم وإن كانت حالي أهون من حالنهم وحقى أبسط من حقهم، فهم الأولى؛ فهل نالوا حقوقهم؟. أنا اليوم لا أعادي أحدا عندم أنتقد، بل أقول كلمة حق لمن يريد الإصغآء إليها لمصلحة الوطن العليا. فذلك ديدني وتلك محجة حياتي وفلسفتي في هذه الدنيا!
إن دعم الديمقراطية يتطلب سياسة رشيدة وشجاعة. وهي تلك التي لا تقوم على الشعارات الباطلة بل على المنطق ومصلحة الشعوب لا الحالية فقط بل الآنية؛ وهذا ما يفرق بين السياسي اللعوب والسياسي الجدي المحنك. إن الثابت اليوم لكل باحث محايد (والدراسات عديدة ومتنوعة) هو أن التأشيرة لا مصلحة فيها إلا لاعتبارات سياسوية داخلية. أما فزاعة اجتياح أوربا من طرف العاطلين الفاشلين فهي مثل كلامك عن منطق التجمعيين الذي هدفه كما قلت هو الترهيب والتخويف ولا حقيقة وراءه. كل هذه الدراسات تؤكد أن الهجرة غير الشرعية متأتية من انغلاق الأبواب لا عن فتحها، لأن انغتاحها يضمن سلاسة التنقل المستديم لا الإستقرار غير القانوني ومخاطره. ثم مثل هذا التنقل يوفر إمكانية تعدد المشاريع المشتركة بين ضفاف المتوسط في منطقة أمن وتآزر وسلام وقد تعددت فيه الأواصر العائلية والمصالح الاقتصادية.
نعم إنه من الصعب المغامرة بالنقلة النوعية من منظومة عهدناها ونقبلها على علاتها لتعودنا بها ومنظومة جديدة من شأنها الاتيان بالجديد ولكن لم نستأنس بها بعد. والطبيعة البشرية تقبل بالمعهود بأكثر سهوله من غير المعهود. لذا اقترحت التجربة مع جالية قليل عددها، بسيطة مشاكلها وثابت نضجها السياسي، ألا وهي الجالية التونسية، إضافة لما لها من حق في أن تدعم سياستها الداخلية وديمقراطيتها الناشئة بمثل هذه السياسة الجريئة التي تكون فوائدها لا فقط لديمقراطية جديدة بجنوب المتوسط، بل وأيضا لأوربا نفسها والغرب أجمع.
ولكن لعلك ممن لا يأبه بتنامي الحقد على الغرب وعلى رفض بلاد الشمال للشراكة الحقة مع البلدان الديمقراطية بالجنوب! لأن الوضع الراهن ليس من شأنه إلا توسيع الفجوة بين هذين القطبين المترابطين وتوفير الوقود البشري لدعاة تصادم الثقافات والمتزمتين من كل حدب وصوب.
إن الأزمة الاقتصادية العالمية اليوم متأتية بنصيب وافر من الحال التي تردى إليها عالمنا اليوم من تقوقع وانحسار المد البشري بين أرجائه. إن كل اقتصادي ليبرالي يحترم نفسه ومباديء فكره يعرف حق المعرفة أنه لا نماء إلا بحرية التنقل، ولكنه اليوم لا يجرؤ المطالبة بذلك إلا لفائدة البضاعة وكأنها أهم من الإنسان الذي هو صانعها وباعثها. ولا مناص للعودة لمساحات حرية لتنقل العباد والسلع وذلك على الأقل بين الدول التي تعترف بنواميس الديمقراطية. وطبعا، لا يكون ذلك بالتحرر مما تفرضه الضروريات الأمنية. ولا شك أن شكل التأشيرة التي أقترح العمل بها، أي تأشيرة المرور، هي اليوم الحل الأفضل الذي يضمن التناغم التام بين حرية تنقل المواطن الجنوبي وحق المواطن الشمالي في الأمن.
فقل لي بربك وبكل صراحة ودون مراوغة : أليس ذلك هو الحق؟ فما الذي تعيبونه على حل مثل الذي أقترح، فيه احترام تام لجميع المواصفات الأمنية للتأشيرة العادية؟ أليس لأنه لا يتماشى مع المتطلبات السياسية الغربية الطاغية اليوم والقابعة بكلكلها على فكرنا وعقلنا ونشاطنا، تمنعنا من الانيان بالجديد، كأن السياسة حكرا على الفكر الغربي؟ فما لنا وهذه السياسة الخرقاء؟ أليس السبب لعدم الأخذ بمثل هذا المقترح رغم جديته هو الركون لدعة العادة والخوف من اسهزاء دعاة التقليد والتمسك بسياسة هي اليوم في خدمة مصالح أقليات ضيقة لا مصالح بلادهم على المدى المتوسط والبعبد؟
أما عن الرومانسية، فها أنت تعود إليها بكلامك عن الأقربين والمعروف وتضييق مفهومها. الأقربون اليوم بالنسبة لبلدنا هم البلدان الديمقراطية إذ أصبحت تونس من محيطهم. والمعروف هذه الأيام ليس ذاك الذي عهدناه بل هو دعم كل المباديء التي تربطنا بتلك البلاد وتربطها بنا. ولا يكون ذلك بمجرد الشعارات الجوفاء، بل بتفعيل المباديء والأخذ بعين الاعتبار بالواقع ومخيله وقيمة الرمز فيه.
إنك كأغلب أبناء بلدنا الذين تحد واقعيتهم، أو بالأحري نـظرتهم الضيقة لموضوع الواقعية، تصورهم للأشياء فيرفضون التحدث عن مطلب حرية التنقل كمستحق إنساني شرعي للإجماع على رفضه فيجعلونه في خانة الاستجداء والعطاء. لقد جاء الانقلاب الشعبي بتونس لقلب المفاهيم ووضعها على أرجلها، وأنت بمثل ما تقول تردد ما يقوله الغرب ولا تشعر أن مقولتك تجعل المفاهيم على أم رأسها.
وأستسمحك هنا التذيكير بأن الرومانسية في الغرب كانت الفاتحة لنهضتها إضافة إلى عودة هذه الأخيرة للأخذ بتراثها التليد. لذلك أقول أن تونس اليوم، بعد أن كرست ضرورة العودة إلى تراثها الإسلامي، الذي كان يوما وراء حضارة عالمية لامعة، لا بد لها أن تضيف إلى ذلك الاستحقاق الكبار نظرة جديدة إلى سياسة فهيمة، حتى وإن كانت رومانسية، لأجل الإتيان بالإضافة الضرورية ولإنجاح تجربة حزب النهضة وحليفيه في الحكم. وإلا فستفقذ تونس فرصة سانحة هي لعمري اليوم من تلك الفرص التي تحقق النقلة النوعية في تاريخ البشرية والتي لا تتأتي دوما للشعوب ولا لكل الشعوب.
هذا هو التحدي الذي يفرضه الواقع السياسي والاجتماعي على السياسيين في هذه البلاد. فلا يجب علي الائتلاف الحاكم الاكتفاء بتنقليد ما يجري حوله في العالم لأن له من المقدرة ما يكفي للإبداع والإتيان بالجديد. ولقد كان الشعب التونسي سباقا إلى ذلك، وليس إلا من باب اللصوق به وبمطامحه العمل على تحقيق تطلعاته وإعزازه داخل البلد وخارجها. والشعب التونسي استحق ويستحق مثل ذلك. هذا هو الذي أطلب من السياسيين التونسيين، فلا انتماء حزبي لدي، بل انتمائي هو لشعبي الذي أحيه لعلو كعبه في الحكمة وروعة حيه للحياة والدعة. ولأجل أن لا يفسد الداعون للتفرقة، من هؤلاء المصطادين في الماء العكر هذه الصفات النبيلة، أسمح لنفسي بالكلام بأمور يستحي البعض، رغم قناعته بصحتها، من التكلم علنا فيها خوفا من المعرة والسخرية ومغبة الاتهام بالرومانسية وانعدام الواقعية.
إن التاريخ الانساني ببين أن ذلك هو حال المجددين الثوار على كل ما بلى وانتهى أمره. وكفاني في نضالي سنة الرسول إذ وُصف، رغم عظمة رسالته ونبل شخصه، بالشاعر وبالمجنون، فهل أكون أفضل من سيد الآنام؟
وفي الختام، ولعدم الإطالة أكثر، والحديث معك مشوق، أرد بعجالة وباخترال شديد لبعض الفقرات الهامة من ردك :
1 – لا مجال للتشكيك في صحة مقولة ديغول، إلا أن مصالح الدول اليوم هي في ترابطها. إن الحل الذي أعرضه لهو من الفائدة أكثر للشمال لا الجنوب على المستويين المتوسط والبعيد.
2 – نعم، ليس كل الاعلام بالنزاهة التي يجب، ولكن ذلك حال الديمقراطية. ثم إن اللغط، وإن طغى، لا يبقى؛ فما دامت النية حسنة صادقة، فهي تؤتي ثمرتها، عاجلا أو آجلا، لأن ما ينفع الناس هو ما يبقى! والشعب اليوم يفقه كل شيء، فلا مجال لخداعه. لذا أؤكد دوما وبكل قوة على هذا الجانب النفساني والرمزي من السياسة الذي نتجاهله بسهولة في خضم الأحداث.
– لا شك أن أواصر الروابط بين الدول العربية كبيرة ويتوجب دعمها، ولكن لا مجال لتجاهل أو إنكار أن العلاقات أمتن بين تونس والغرب الديمقراطي، خاصة اليوم. فالعمل على فتح الحدود مثلا بين الدول العربية قبل فتحها مع الغرب هي الخور والنوك وانعدام الواقعية، لأن ذلك يرتكز على الأوتار العاطفية الكاذبة، وإن كانت حساسة، لا على الأوتار العقلية االعملية.
– ما تقول عن رفض تونسي الفاجعة الأخيرة من العودة للبلاد هو نابع مما ذكرت من تعلقهم بحريتهم، وتأكدوا أن هذا التعلق هو في مستوى تعلقهم بوطنهم. إلا أن التونسي، عندما يرى هذا البلد لا تُخدم فيه إلا مصالح البعض، فهو يغلب حريته على وطنيته. و ثقوا أنه، غدا، لو تأكد له أن بلاده تعمل على ضمان حرية تنقله ولا تساعد أوربا في سياستها المخبولة، سيكون ببلاده وراء قادتها، لأنه عندها يسترجع ثقته بتكلمهم حقا باسمه ويخدمة مصالحه الظاهرة والباطنة. وطبعا أنا أتكلم عن الأغلبية الساحقة من التونسيين، لا على الأقليات، والشاذ كما تعلمون يحفظ أو يلقى في مزابل الفكر، مثل تلك الهجمات الشرسة التي تتكلم عنها.
ولكم سيدي، فائق التقدير والاحترام رغم اختلاف الرؤى، ولا شك أن في ذلك رحمة لا نقمة بهذه البلاد في عهد ديمقراطيتها الجديد الذي لا أريد له إلا الدوام على يد خير أبناء الوطن.
يا سي فرحات أنا كذلك من محبي الحرية ولا يسعني الا أن أحترم حريتك في رفض الفهم. مع أطيب تحياتي
إن التمادي في الحرص يخرجنا عن سياق الانجاز والتمادي في الثورة يحولنا الى متمردين .لذا علينا ان نميز بين المدى والتمادي .علينا ان نحدد لانفسنا المدى الذي نود الوصول اليه دون تمادي او تطرف او تحامل مجاني حتى لاتدفعنا الرغبة في النجاح المطلق الى ارتكاب السلوكيات والممارسات التي تفقدنا احترامنا لانفسنا او احترام الغير لنا
إن احترام النفس واحترام الآخر لنا يبدأ بعدم التغاضي عن حقوقنا المشروعة، وأولها حق الإنسان في التنقل بحرية إذا توفرت شروط السلامة الضرورية. أما أن تُهدر هذه الحقوق باسم شروط سلامة مجحفة، ونقبل بذلك دون حتى رفضها المبدئي، فذلك لعمري هو عدم احترام النفس واحترام الشعب الذي منحنا ثقته.
إن التأشيرة لم تصبح ذلك السمسم لفتح أبواب البلاد الغربية التي هي عليه اليوم إلا عندما أصبحت هذه البلاد في حاجة إلى الحفاظ على مستواها المعاشي بعد أن ركزته على سواعد هؤلاء الذين تلفظهم اليوم، وكونته بثروات بلادهم. فلسيت التأشيرة إلا ورقة التين لتصور بدائي للسياسة مخالف لكل المباديء الإنسانية التي هي، في الآن نفسه، من أسس الحضارة الغربية ذاتها.
والتأشيرة اليوم مضارها كثيرة حتى للبلاد الغربية، وهي أشد من منافعها (إن كانت هناك منافع) لما تأججه من حقد وكراهية للغرب، لأنه ليس هناك أفضل من حرية التنقل لحماية الشباب من كل تطرف.
أنا لا أطالب البتة برفع التأشيرة اليوم، فذلك ليس في مقدورنا وليس هو بالواقعي نظرا لما يتوجب على الأنظمة الغربية، قبل ذلك، من نقلة نوعية في فكرها وسياستها. أنا أطالب سلطاتنا بأن تكون على وتيرة واحدة هي وشعبها، فترفع مطلبه في التنقل بطلاقة بصفته يدعم بدون أدنى شك مساره على درب الديمقراطية، وذلك حتى يقع طرح الموضع بصفة رسمية فلا تتمادى السلط الغربية في تجاهل حق الشعوب ما دامت سلط هذه الشعوب لا تنبس ببنت شفة في الغرض. وقد صارحني البعض منهم باستغرابهم أن تتجاهل بلادنا مثل هذا السلاح الثوري.
وبعد، إني أعرض الحل الذي من شأنه التمكين من امتحان صدق ما أقول وذلك بأقل التكاليف نظرا لقلة عدد الجالية التونسية المهاجرة ولنضجها السياسي، خاصة.
تأصيل لكيان
نداء تونس ليس بالتجمع و انما هو امتداد للحركة الاصلاحية التونسية التي بدأت من خيرالدين و سالم بوحاجب و عبدالعزيزالثعالبي و الطاهر الحداد و الطاهر بن عاشور و الحبيب بورقيبة و صالح بن يوسف و غيرهم من رجالات تونس الصادقين…. كيف للتونسيين أن ينسوا أصولهم و للتذكير فان الحزب الدستوري بين سنوات 20 و 30 و 40 و الخمسينيات و الستينيات كان الجامع لجل التونسيين…نعم كان اباؤنا و أجدادنا دستوريين نعم هذه حقيقة تاريخية لا يمكن نكرانها… و حزب الدستور شابته عدة شوائب بمرور الزمن و ذلك ما نحن عازمون في نداء تونس على نقده و تجاوزه…أما حركة النهضة فهي نبات دخيل على تونس سوف يينع لفترة قصيرة و لكنه لن يدوم…ما يدوم في الواد كان حجرو
.و لذلك نقول لأخينا الذي أعمت عينيه حملات النهضة و توابعها علينا ان تاريخنا هو تاريخ ابائك و أجدادك أنت أيضا و نحن لم نأت من المريخ و من أخطأ أو أجرم فنحن أول الداعين لمحاسبته…و لعلمك فان أول من طرح المسألة الديمقراطية في تونس هم دستوريون مثل أحمد المستيري و الصادق بن جمعة و الباجي قائد السبسي و حسيب بن عمار…نحن سائرون على درب هؤلاء الأحرار الذين علموا المتشدقين اليوم بالثورية معاني الديمقراطية و دولة القانون و العدل…ادرس التاريخ جيدا و ستعرف ذلك ..أما عن زعيمنا المناضل السيد الباجي قائد السبسي فان التاريخ سوف ينصفه أولا باعتباره من أول الشخصيات الوطنية التي دعت الى الديمقراطية مع أخوته الدستوريين أحمد المستيري و حسيب بن عمار و غيرهما ثم أخيرا هو الذي مر بالبلاد الى شاطئ الامان بانتخابات حرة و شفافة بشهادة الجميع حتى المتنكرين لذلك اليوم…
الحقوقة المشروعة؟ هل سقطنا جميعا في فخ التربص ببعضناالبعض وهل نحن نمارس لعبة العبث المدمر للوطن ولمستقبله.هل التاشيرة من الحقوق المشروعة؟ لقد استشهد من استشهد وعذب من عذب وهجر من هاجر ودجن من دجن واكره من اكره من اجل تحقيق تنمية مستدامة تعيد الثروات الى الشعب وتقرب الدولة من المواطن وترسخ قيم الحوكمة والعدالة الاجتماعية الحلول الحقيقية تكون داخل الاوطان بسواعد وبفكر ابنائئه وبناته المخلصين.كبر مقتا عند الله ان تقولوا ما لاتفعلون
الحقوق المشروعة هي حرية تنقل العباد أينما شاؤوا في أرض الله الذي جعلها واسعة لجميع عباده. فمتى استعبدتم الناس داخل حدود وأقفاص كالدواجن وقد جعلهم الله أحرارا يتنتقلون على البسيطة ليفيد بعضهم بعضا ويتعرفون علي بعضهم وقد خلقهم شعوبا وقبائل لذلك؟
إن مصير الدول مرتبط بعضها ببعض، فكما بنت الحضارة الغربية نموها بثروات الجنوب، مسؤوليتها اليوم دعم مجهودات هذه البلدان الجدية في النمو والديمقراطية، ولا يكون ذلك بغلق الحدود لأن فيه خنق لا للحريات المشرورعة فقط التي هي حريات الإنسانية جمعاء، بل وأيضا لاقتصاد تلك البلاد.
فلا تحرف مقصدي، يا سيدي، ولا تتجاهل مغزاي، فليست التأشيرة هي المقصودة كما تعلم جيدا. ثم ما دامت هذه التأشيرة تسلم اليوم بدون احترام لمعلم من معالم السيادة الداخلية، ألا وهو أخذ بصمات المواطنين من طرف سلط أجنبية، فذلك من الإهانة والإستهانة بسيادة الدولة بمكان، ولا يمكن قبوله إلا إذا كان في نطاق تسهيلات جدية وامتيازات لمواطني البلد حتى يتنقلوا بحرية في النطاق الأمني المضمون لبلاد التأشيرة برفع البصمات.
فإلى متى نتعامى عن حقوق شعبنا وبلدنا باسم سياسة طبختها القوى الأجنبية لمصلحتها الذاتية رغم أن العديد اليوم من الضمائر الحرة في هذه البلدان نفسها تعترف بما في ذلك من إجحاف واستغلال لحقوق الدول الضعيفة وتنتظر رد الفعل المنطقي والمشروع من بلداننا؟ فما هي هذه العقلية المخزية التي تجعلنا لا نرضى بالضيم فقط بل ونجعل أيضا منه سياسة لنا؟ فما أحلام العصافير هذه؟
إن الحقوق الحقيقية اليوم مرتبطة بعلاقات متوازنة بين بلدان ديمقراطية متعادلة في الحقوق والواجبات، لمواطنيها حرية التنقل والترحال، وفي ذلك الشراكة الحقيقية والاقتصاد المتكامل. فلم لا تغلق الحدود أما البضاعة، أم هل أن البشر أقل قيمة منها؟ ذلك ما يقوله لسان حالك، يا سيدي، وذلك ما لا أرتضيه لبلدي ولشعبه الأبي!
فقد قاوم من قاوم وعذب من عذب واستشهد من استشهد، كما تقول، لا لأن نعيش في بلد مواطنوه من الدرجة السفلى في عالم يرى فيه الفواجع على حدوده تتوالى ويعرف أصلها ولا يفعل أي شيء للقضاء على السبب رغم ادعاءه المعالجة وهو يتجاهل الداء وأصل الداء ولا يلتفت إلا للعوارض.
كفانا دروشة، ولنطبق سياسة فهيمة، ولم لا تكون ثورية بحق، فتونس بلد الثورة وشعبها يستحق كل ما تعنيه هذه الحقيقة من تفاصيل وتأتي به من تبعات.
نعم، كبر مقتا عند الله أن يقول السياسي ما لا يفعل، ولست في سدة الحكم، ولكني أدعو بكل صدق وإخلاص نية من هم فيها، ولهم المقدرة على الاصلاح، أن يعجلوا بمعالجة الوضع ما دام في الوقت متسع حتى نتفادى فواجع جديدة ويستحقوا حب شعبهم ورضاء الله عليهم، لأنهم عندها يفعلون ما يقولون و لا يقولون ما لا يفعلون كما هي الحال اليوم.
أقول هذا وليست لي نوايا حزبية متسترة؛ إنما غايتي الوحيدة والعلنية هي حب الوطن وخدمة شعبه، فالسياسي الحق من كان في خدمة الشعب التونسي العظيم.
فلندلل على ذلك بالفعل الحقيقي، لا بالشعارات الجوفاء!
Monsieur Fathi, cette blonde signifie pour moi la liberte(on la viole et on la torture chez nous et c’est pour cette raison qu’elle “horguit” elle aussi). Vous jugez les aspirations et meme des sentiments humaines et spontanees des autres, comme “haram”. et vous vous donnez ce droit pour la simple raison que vous maitrisez la langue francaise!!! donc vous etes le sage et on doit tous “nguertfou” devant vous, comme devant l’imam a la mosquee pour nous terroriser par l’au dela et son enfer. mais votre enfer a vous et aussi banal que votre sagesse, laquelle legitime une legitimite injuste. je vous dis monsieur que “el amrilwki3” n’est pas un destin et c’est a la revolution de le changer pas vous certainement puisque vous n’etes pas revolutionnaires.
ان تونس تحتاج الى سيلسيين اسوياء وليس الى مدمنين على المزايدات الطفولية. ان تحويل الاخطاء الى وقود لاشعال فتن الحاضر يجعل المستقبل في الطرف الاقصى لروح البناء ويجعلنا جميعا -الحكام والمعارضة والمواطن – على حد السواء مساهمين ادبيا واخلاقيا في اعادة انتاج انتهاكات الماضي بصيغ جديدة . ان يكون القول من جنس العمل وان يعمل الناس صفا كانهم بنيان مرصوص .ذلك ماقصدته لان تونس اليوم كقاطرة كل طرف يسحبها في اتجاه سيره فبقيت تراوح مكانها عاجزة عن ايصال كل طرف الى وجهته .لذا ارجو ان تقرا بروية سورة الصف الاية 1 و2 و3 و 4
en politique monsieur on a pas le droit a la faute qui devient une nature, puisque le pays n’appartient pas aux politiciens.Oui certe tout le monde commet les fautes et c’est humain d’ailleur on dit meme que “seul qui ne fait de faute c’est celui qui ne fait rien”.Mais quand on est au pouvoir et on fait les fautes on doit humblement demissionner de son poste pour le bien du pays.