انطلقت حملة التأييد لعهد تونس للحقوق و الحريات بالشمال الغربي (باجة، جندوبة، الكاف، سليانة) يوم السبت 15 سبتمبر، حيث استهلت الحملة بانطلاق فعاليات يوم مفتوح بعين دراهم تحت عنوان: “لنوقع في الشمال الغربي” بحضور ممثلين عن المعهد العربي لحقوق الإنسان و الرابطة التونسية لحقوق الإنسان فرع جندوبة و الإتحاد العام التونسي للشغل فرع جندوبة.

و قدمت يسر فراوس، المنسق العام للحملة، عهد تونس للحقوق و الحريات كما عرفت بالمضامين الحقوقية لهذا العهد مؤكدة أنه يمثل تاريخ تونس من المكتسبات حتى قبل بناء الدولة الحديثة اي منذ دستور قرطاج وصولا إلى مجلة الأحوال الشخصية.

و قالت المنسق العام لعهد تونس للحقوق و الحريات أنه رغم كون أهداف الثورة تتلخص في الكرامة و الحرية و العدالة الإجتماعية و المساواة “إلا أننا لاحظنا ارتباكا كبيرا أولا في إقرار هذه الحقوق ثم في تفعيلها و وصل الأمر إلى حد تهديدها” و من هنا جاءت فكرة وضع خارطة طريق حقوقية تبين السبيل للخروج من مأزق غياب الحريات في تونس.

و أضافت مؤكدة على أن عهد تونس للحقوق و الحريات هو نص حقوقي ولد من التناقضات التي لطالما عاشتها تونس و التي تعمقت خلال هذه الفترة ليبلغ رسالة إلى التونسيين مفادها أن حقوق الإنسان ليست مسألة غريبة عن مجتمعنا.

و استشهدت يسر فراوس بعديد الأمثلة التاريخية التي تبين أن تونس قد ساهمت في تثبيت حقوق الإنسان بل و دعمتها بحقوق أخرى و هو ما كان الشأن منذ الدولة الحفصية عندما كان هناك مطلب إلغاء تعدد الزوجات فمنذ القرن الثامن عشر وجد الصداق القيرواني الذي ألغى فعلا تعدد الزوجات كما أقرت تونس دستور 1861 الذي كان دستور دولة ما قبل الحداثة الذي أفضى إلى العدالة الجزائية.

كذلك بينت المتحدثة أن عهد تونس للحقوق و الحريات ولد من رحم التراكمات التي عرفتها تونس من نضالات التونسيين و التونسيات ضد الاستبداد في العهد البورقيبي ثم في النوفمبري و أيضا من استمرار التحركات الاحتجاجية للفئات المضطهدة مثل أحداث الحوض المنجمي، و بالتالي عهد تونس للحقوق و الحريات هو نص حقوقي يرسخ حقوق الإنسان و يؤكد على أهمية احترامها و المحافظة عليها.

و خلال عرضها للمضامين الحقوقية لعهد تونس للحقوق و الحريات، أكدت المنسق العام للحملة أن جميع الحقوق مترابطة و متصلة ببعضها البعض فالكرامة لا يمكن أن توجد في غياب الحرية و الحرية لا تستقيم دون مساواة التي بدورها ركيزة حق المواطنة و بالتالي فغياب أحد هذه الحقوق يغيب البقية، لذلك فهذا العهد يعترف بكل الحقوق و لا يفصل بينها.

و قالت أن ضمان هذه الحقوق يعتبر مسؤولية الجميع سواء كانت مؤسسات الدولة أو الأفراد أو الجمعيات أو الأسرة أو المجتمع المدني بكل مكوناته و ذلك من إخلال إحترام هذه الحقوق و التمسك بها لأن حقوق الإنسان ليست فقط مجرد شعارات ترفع بل هي تطبيق قبل كل ذلك.

و للتأكيد على ذلك، ذكرت يسر فراوس الباب التاسع من عهد تونس للحقوق و الحريات و الذي يقدم ضمانات للحفاظ على هذه الحقوق أهمها وجود هياكل دستورية تضمن المحافظة على هذه المكتسبات، كذلك حماية نشطاء المجتمع المدني و النشطاء السياسيين عند التعبير عن رأيهم و أيضا تركيز هياكل تعديلية.

و شددت على ضرورة تأصيل حقوق الإنسان في تونس لأن الدستور إذا حقق هذا المطلب كوفاق شعبي يصبح هو مرجع كل المواطنين، و بالتالي يجب أن تكون هناك خارطة طريق تضمن حقوق الإنسان في تونس.
و أكدت يسر فراوس أن عهد تونس للحقوق و الحريات هو نص وفاقي يبين أن التونسي لا يخاف حقوق الإنسان و هو نص يستجيب إلى مطالب كل التونسيين مهما كانت اختلافاتهم.

و ذكرت المنسقة العامة للحملة أنه قد تم الإعلان رسميا عن إطلاق عهد تونس للحقوق و الحريات يوم 6 أوت 2012 و منذ هذا التاريخ انطلقت حملة توقيع النص على الأنترنات.

و في مداخلته، أكد مروان الشريف ممثل عن الاتحاد العام التونسي للشغل بولاية جندوبة أن الإتحاد موجود في هذا عهد تونس للحقوق و الحريات و كذلك مشارك في كل حملات التأييد لجمع التوقيعات لأن هذا العهد هو مبادرة لضمان الحقوق و الحريات.

كما أكد أن النقابيون لا تشغلهم فقط الحقوق الاقتصادية و الاجتماعية بل هم يؤمنون أن حقوق الإنسان كونية و يتمسكون بها. و بالتالي فهدف الإتحاد العام التونسي للشغل، من خلال الانخراط في هذا العهد، هو تضمينه في الدستور لأنه فرصة لنشر ثقافة حقوق الإنسان. كما أضاف أن هدف الإتحاد هو جمع النقابيين حول أهمية هذا العهد.

و تولى السيد مصطفى عبد الكبير ممثل المعهد العربي لحقوق الإنسان فرع الجنوب تقديم الحملة الإقليمية بولايات الجنوب لحشد الدعم و جمع التوقيعات حول عهد تونس للحقوق و الحريات ليتحدث عن الأهداف و الهيكلة و المحتوى إضافة إلى الأدوات و الأساليب.

فمن أهداف حملة توقيع عهد تونس للحقوق و الحريات:

– نشر الوعي بمبادئ و قيم حقوق الإنسان و تعميق ثقافة المواطنة عبر الديناميكيات المختلفة التي سترافق العهد و توقيعه.

– إطلاق حوار مجتمعي واسع يمكن من توحيد الشعب التونسي على مسارات و توجهات من صميم الثورة و في خدمة أهدافها.

– استلهام مواد العهد في الدستور الجارية كتابته و النظر في إمكانية تضمينها و التنصيص على العهد كمرجع في ديباجة الدستور.

– تحقيق أوسع إدماج ممكن في بناء الحملة و تنفيذها و المشاركة فيها:

على المستوى الجغرافي (المدن، الأرياف، الأحياء…) على المستوى الاجتماعي (كل الفئات العمرية و الاجتماعية) على المستوى القطاعي ( كل القطاعات المهنية و السوسيولوجية…)

أما في ما يخص هيكلة الحملة فقد قال السيد مصطفى عبد الكبير أنها تتكون من لجان تغطي ثلاث مجالات مترابطة (المحلي و الجهوي و الإقليمي) تجتمع دوريا و تصوغ من اقتراحات أعضائها القرارات المناسبة و تقوم بتنفيذها و متابعة التنفيذ و تقييمه. و تتضمن هياكل الحملة.

كما تتضمن الهيكلة فريق من الشباب المتطوع لتنفيذ فقرات حملة التوقيعات في الفضاءات المبرمجة (المدرسي و الجامعي و التجاري و النقابي و الثقافي…) إضافة إلى طاقم فرع المعهد العربي لحقوق الإنسان بمدنين الذي يمثل هيئة إشراف ترتب و تنسق و توفر لوجستيك كل فقرات الحملة من اجتماعات و تقارير و مراسلات و تنقل و طباعة و اتصال و غيرها.

و أكد ممثل فرع الجنوب للمعهد العربي لحقوق الإنسان على أن محتوى حملة التأييد لعهد تونس للحقوق و الحريات أعطى الأولوية للجانب الميداني على الجوانب الأخرى و يحرص على الاتصال المباشر و الناجع بالموقعين، حيث تتوزع الحملة على ثلاثة محاور التحسيس و التثقيف، التكوين و التدريب و جمع التوقيعات.

و بين السيد مصطفى عبد الكبير أن محور التحسيس و التثقيف يكون عبر عقد إجتماعات للاتصال بفروع المنظمات و الأحزاب و الجمعيات و النشطاء في ولايات الجنوب الست و التي بدأت منذ 15 جويلية 2012.

كما سيقع التحسيس عن طريق عقد الاجتماعات القطاعية الموجهة للمحامين، المدرسين و خاصة اساتذة التربية المدنية، القضاة، الإعلاميين، المعطلين عن العمل، الحرفيين، الفنانين و المثقفين، رجال الأعمال…

و سيجرى يوم مفتوح لحملة توقيع عهد تونس للحقوق و الحريات، كمحطة أولى، في مدنين يوم 23 سبتمبر تحت شعار: “أنا وقعت…و إنت؟” و ستقام الندوات الفكرية و ورشات الحوار و التظاهرات الفنية التي ستتخلل الحملة و تتوجه إلى فئات مختلفة من المواطنين.

كما قال ممثل المعهد العربي لحقوق الإنسان أنه يقع تكوين و تدريب القائمين على حملة التوقيعات لإكسابهم القدرات اللازمة لجذب الناس و للدفاع عن العهد و الإقناع بالجدوى من وراء توقيعه.

و في حديثه عن المحور الثالث من الحملة و الذي يعنى بجمع التوقيعات بين السيد مصطفى عبد الكبير مختلف الأدوات و الأساليب التي استعملها المشرفون على الحملة لإنجاحها و التي تتنوع حسب تنوع و اختلاف الجمهور الذي تتوجه له كما تتغير حسب تغير المراحل التي تمر بها.

و قد عمد القائمون على الحملة إلى توزيع مطويات تعرف بالحملة و سجلات توقيع و ملصقات و لافتات إضافة إلى نصب الخيام بالأسواق و أمام الفضاءات التجارية الكبرى و المعاهد و الكليات و المكاتب الدائمة للتوقيع بمقر المنظمات الشريكة كالإتحاد العام التونسي للشغل و الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، إضافة إلى توزيع قمصان و أقلام و عرض الومضة الإشهارية في بعض نقاط جمع التوقيعات و على وسائل الإعلام المرئية و المسموعة و كذلك الحث على التوقيع عن طريق بعث إرساليات قصيرة و البطاقات البريدية