يبدو أن صيف 2013 قد بين أن أيام حكم الاخوان في دول الربيع العربي أضحت معدودة فمن ثورة تركيا على أردوغان إلى عزل حمد آل ثاني في قطر إلى عزل مرسي في مصر. كل هذه الأحداث المتسارعة تجعلنا نتسائل إذا كان السقوط المدوي للمشروع الاخواني ناتج عن ثورات شعبية ضده أم هو نتيجة تخلي البيت الابيض عن دعم الإخوان المسلمين؟
للإجابة على هذه الإشكالية الكبرى سنعود إلى منبع الربيع العربي والمشروع الإخواني، قطر حيث مر تغيير حمد آل ثاني بإبنه تميم بشيء من البرود رغم أهمية الحدث وتأثيره في الخارطة الجيوسياسية التي أضحت قطر تتصدرها بإعتبارها حاضنة الربيع العربي من خلال قناتها الجزيرة و راعية تنظيمات الإخوان المسلمين وصاحبة القرار فيها.لم يتبوأ الشيخ يوسف القرضاوي المكانة الكبيرة التي جعلته يشن الحروب بفتاوي من الدوحة من العدم.فالرجل الإخواني الذي سحب منه عبد الناصر الجنسية المصرية وتحصل على الجنسية القطرية أين أضحى رئيسا لإتحاد العلماء المسلمين ومستشارا دينيا لأمير قطر و لقناة الجزيرة، التي فتحت له الأبواب لبث الفكر الإخواني و إكساب الإخوان شعبية في العالم العربي بالإضافة إلى الأموال الطائلة التي كانت تنفق على الإخوان من قبل الدوحة في كامل أصقاع المعمورة. هذه المكانة المتميزة لشيخ أضحى عراب الربيع العربي لم تمنع تميم الأمير الجديد من التخلي عن إستشارته وطرده إلى مصر. تميم أظهر قطيعة نهائية في خطاب تنصيبه على الإمارة مع الإخوان وكان طرد القرضاوي الإجراء الذي يوحي بمستجدات خطيرة ستعصف ببيت الإخوان. القنبلة الثانية التي أتى بها تميم هي عزل رجل الخارجية حمد بن جاسم الرجل الذي خطط لإنقلاب 95 وكان له تأثير صاعق في أحداث تونس ومصر وليبيا وسوريا ليتبين بالكاشف أن الإدارة الأمريكية لم تعد ترغب في الإخوان ولا في هيمنة قطر على مشهد ما يسمى بالمجتمع الدولي، فماذا يريد الأمريكان بالتحديد؟
جوهر تغير سياسة أوباما من الإخوان هي الأزمة السورية، فقد عولت أمريكا زهاء العامين على الإخوان وتوزعت الأدوار بين قطر وأردوغان من أجل إسقاط نظام البعث في سوريا. لكن مشهد ليبيا كان صعب المنال في دمشق بإعتبار أن سوريا تمتلك دعما من قوتين عظمتين وهما روسيا والصين.كما أن ولاء الجيش العلوي العقائدي لرئيسه ونظامه ومستقبل العلويين القاتم في حالة تقسيم سوريا جعل مشروع أخونة سوريا يسقط في الماء. وهو ما جعل أوباما يتراجع عن دعم الإخوان مقابل تسوية سياسية مع روسيا ستغير وجه المنطقة في المستقبل القريب والمتوسط والتي ستحدد في جونيف 2، وسيخرج فيها النظام والشعب السوري أكبر منتصرين بإعتبارهما قد تفاديا خطر التقسيم.
في مصر،سقطت ورقة التوت على مرسي .ووجد الإخوان أنفسهم أمام هيجان مليوني يطالب بإسقاط نظام الإخوان ويبدو أن الإدارة الأمريكيةالتي تخلت عن أردوغان وحمد لا يضيرها أن تتخلى عن شرعية مرسي.
ولم تسعى إلى التدخل في الشأن الداخلي المصري بل تركت المجال واسعا للجيش للإنتقام من إستكبار الإخوان بأنفسهم. إلا أن مكانة مصر الإستراتيجية لا تسمح لأوباما بتغليب طرف على الآخر حيث تارة تنتصر أمريكا للجيش وتارة تعبر عن دعمها للإخوان. إلا أنه دعم صوري بإعتبار أن مصادر تمويل الجماعة وبقائها قد غيرت سياساتها تجاه مكتب الإرشاد وهو ما ينذر بإنقلابات جديدة على أنظمة إخوانية أخرى كحركة النهضة في تونس التي أضحت تحس باليتم بعد سقوط حمد آل ثاني وأضحت تتحدث عن شرعية الإدارة الأمريكية التي مضت في حكم التاريخ.
iThere are no comments
Add yours