المقالات المنشورة بهذا القسم تعبّر عن رأي كاتبها فقط و لا تعبّر بالضرورة عن رأي نواة

7oumani

بقلم فرحات عثمان،

لعل العديد منا يجهل ما للموسيقى من قيمة في ترويض النفس على الأفضل، وخاصة على الصحة. وقد كانت الموسيقى منذ القديم تُستعمل لأغراض طبية تجاهلها الطب العصري طويلا حتى عادت أخيرا لتكون أفضل ما يمكن العلاج به الحالات المستعصية التي لا دواء لها كمرض ألزهايمر اليوم.

وليس من الجديد الإشارة إلى الباع الكبير الذي للعرب في هذا الميدان، إذ كان الطب العربي سباقا لاستعمال الموسيقى في المداواة؛ وقد برع في ذلك لا الأطباء فقط، بل وأيضا فلاسفتنا كالفارابي مثلا، فيلسوف العرب.

ولتعميم الفائدة، نشير إلى المقالة القيمة الموالية على الانترنت التي يمكن العودة إليها لتعميم الفائدة، وهي بعنوان “العلاج بالموسيقى في الطب العربي” للدكتور عبد الناصر كعدان، رئيس قسم تاريخ الطب بمعهد التراث العلمي في جامعة حلب بسوريا والصيدلانية ميس قطـايــة، طالبة في مرحلة الدبلوم دراسات في الموسيقى العربية. وهذه المقالة منشورة على الانترنت على موقع الجمعية الدولية لتاريخ الطب الإسلامي؛ وهو ذا الرابط المباشر للمقالة.

إلا أن ما يهمنا هنا ليس الحديث عن الموسيقى في الميدان الطبي، بل في المجال السياسي لعلاج مرض ألزهايمر الذي يعاني منه ساسة البلاد.

ولنأخذ لذلك مثال الأغنية الشهيرة حوماني لفنانيي الراب محمد أمين حمزاوي و كافون التي حققت نجاحا منقطع النظير على مواقع الانترنت، وهي اليوم جزءا لا يتجزأ من الحياة السياسية كما كانت عند اندلاع الإنقلاب الشعبي على الديكتاتورية.

إننا اليوم بحاجة ماسة إلى حوماني سياسي، أي سياسة تكون كالأغنية، تتحدث بكل حرية وصدق عن واقع البلاد والأحياء الشعبية ومعاناة الشباب العاطل، لا عن العمل فقط وعن التنقل بكل حرية، بل وأيضا عن مجرد الحياة.

وكما لم تتكلف حوماني، التي هي في قمة الشعبية، إلا المصروف الزهيد لمن تجرأ على بعثها إلى الوجود، فلا شك أن سياسة الحوماني التي أدعو إليها لن تتكلف أي مصروف سوى القول الصادق والفعل النزيه والخدمة الحقة للصالح العام.

أقول هذا مع العلم، بل لأجل هذا العلم، أن مثل هذه النفائس القيمة غير نافقة في سوق السياسة ببلادنا. إلا أنه من المحتم أن يقوم اليوم، في هذه الفترة التاريخية الحاسمة بالذات، سياسي نزيه له الجرأة الكافية على تسويق هذه السياقة النافقة على المدى الطويل رغم الخسارة المرتقبة على المدى القصير؟ ذلك لأنها ستكون، عاجلا ولا شك، خسارة بين صفوف من يتعاطى السياسة كمطية لأغراضه الشخصية، وهم كثر، إذ لن يسمحوا بمزاحمتهم لأحد من شأنه أن يتسبب في كساد تجارتهم المربحة بالرغم أنها مهلكة لعامة الشعب.

لكن هذه السياسة الجديدة حتمية، ستظهر وسرعان ما ستحصل، تماما كالأغنية، على النجاح الشعبي الهائل بين أبناء الشعب الكادح، إذا ما أقدم مثل هذا السياسي على المغامرة. ولعل هذا السياسي المنتظر يكون مهدي ما بعد الحداثة!

فهل من مجيب، بين الساسة النزهاء القلائل، إلى سياسة حومانية في هذا البلاد، لا مناص منها؟