كان محور برنامج “ناس نسمة”، مساء يوم الاثنين الفارط، تطوّر الأوضاع الأمنيّة بين تونس وليبيا. وخلال الحلقة لم يتمكّن المنشّط من الإمساك بزمام الأمور فانحرف الحوار وتحوّل إلى تبرير للإرهاب. ما حصل خلال البرنامج من انتهاك للضّوابط القانونية لحريّة التعبير كان أمرا متوقّعا بحضور محمد عمر بعيّو كمحلّل سياسيّ و مدير التلفزيون اللّيبي الرّسمي، ناظم الطيّاري، المعارضان الشرسان لحفتر والمؤيّدان لكتائب مصراتة المسلّحة. بالإضافة إلى دعوتهما للحرب والعنف، وهو ما يعتبر في الظروف الرّاهنة تبريرا للإرهاب، طالب الضيفان بإعادة تعريف الإرهاب ومقاومة الإرهاب، على أساس أنّ الحرب التي تخوضها الميليشيّات “الثوريّة” ليست سوى “تصحيحا للمسار الثوريّ في ليبيا ما بعد القذّافي”. وقال محمد عمر بعيّو: “أصلا ثورتنا فيها 20 ألف شهيد, يعني كان ضفنالهم 500 وتنظّفت ليبيا شنو إلّي فيها”. هذه الدعوة الصريحة إلى الإقتتال والعنف قابلتها مساندة الصحفيّين التونسيّين الحاضرين في البرنامج، رمزي بالطيبي والصّحبي سماره، الذّين سعيا إلى التقليل من حجم الخطر الذّي يمثّله الإسلاميّون التكفيريّون وتأثيرهم في المشهد التونسيّ. أمّا الجنرال المتقاعد والمدير السابق لجهاز الأمن والمخابرات العسكريّة أحمد شابير فقد كان على مسافة من هذا الحوار الساخن، ليس فقط من باب واجب التحفّظ. رغم أنّه وجد نفسه مجبرا على دحض خطاب المنشّط المشكّك في قدرات المؤسّسة العسكريّة، من جهة، والتصريحات المنفعلة للضّيفين، من جهة أخرى.
أعراف وسياسيّون ضدّ التعديل
بعض المراقبين المطّلعين أشاروا إلى دور برهان بسيّس، المكلّف حديثا بمهمة الاتصال في قناة نسمة، في رسم هذا الخطّ التحريريّ المغرض. وقد تتالت المواقف وردود الأفعال، أوّلها جاء من قبل المشاهدين الذّين طالبوا الهايكا على موقعها الرسميّ وعلى صفحات مواقع التواصل الاجتماعي بالتدخّل، ومن ثمّ تحرّكت النقابة الوطنيّة للصحفيّين التونسيّين عبر إصدار بيان يستنكر ما أسمته “تبييض الإرهاب” من قبل قناة نسمة، وقد طالبت النقابة بإحالة منشّط الحصّة هشام بوعزيز وفريق الإنتاج على لجنة أخلاقيات المهنة. وهي مبادرة تستحقّ التشجيع، رغم أنه من المرجح أن يتجاهل فريق نسمة هذا الاستدعاء، وهو الذّي لم يجد حرجا في التغيّب عن جلسة إستماع الهايكا. من جهتها، أعلنت وزارة الداخليّة الليبيّة في بيان لها عن نيّتها تتبّع السيد ناظم الطيّاري قضائيّا بتهمة ” التّشهير والتّضليل” معتبرة انّه كان يدعو للفتنة والإقتتال.
كما صرّح الأمين العام لحزب المسار، سمير بالطيّب، على موجات إذاعة اكسبرس اف أم، أنّ بعض القنوات تحوّلت إلى منابر لتبييض الإرهاب وتبرير الجرائم، داعيا الهيئة العليا المستقلّة للإتّصال السمعي البصري لأخذ التدابير اللازمة. هل استوعب السياسيّون ،الذّين عارضوا دسترة الهيئة العليا وكرّاس شروط السمعي البصري، أخيرا، ضرورة وجود إطار تعديلي لقطاع الإعلام؟
مع أنّ الصمت المريب لبعض الأحزاب الأخرى، خصوصا النّهضة ونداء تونس، وغياب موقف واضح تجاه هذا النوع من الخروقات، سواء على المستوى السياسيّ أو الأخلاقي، لا يبشّر بخير إزاء توازن المشهد الإعلامي خلال هذه المرحلة الانتخابيّة. وأما أصحاب المؤسّسات الإعلامية الخاصّة فقد التزموا الصمت.
قناة نسمة تعترف بالذنب
يبدو أنّ الوضع تغيّر. بعد أن تداولت وسائل الإعلام المهيمنة تصريح نبيل القروي الذي قال، منذ أشهر، أنّ “الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري هي مزحة“، دفع قرار الهايكا قناة نسمة إلى القيام بعمليّة نقد ذاتيّ، رغم كونها كانت محرجة إلا أنّها كانت فريدة من نوعها في المشهد الإعلاميّ. وقد قررت الهايكا إيقاف برنامج “ناس نسمة” وذلك لمدّة شهر.
“حيث يمثّل ما ورد بالحلقة سالفة الذكر إخلالا جسيما بمقتضيات الفصل 5 من المرسوم عدد 116 لسنة 2011 الذي يقتضي أنّ حرية الاتصال السمعي والبصري تمارس على أساس احترام المعاهدات والمواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان والحريات العامة، باعتباره يمثّل مخالفة لأحكام الفصل 20 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية المؤرخ في 16 ديسمبر 1966، الذي يقتضي أنّه:
1- تحظر بالقانون أية دعاية للحرب.
2- تحظّر بالقانون أية دعوة إلى الكراهية القومية أو العنصرية أو الدينية تشكل تحريضا علي التمييز أوالعداوة أو العنف”، الأمر الذي من شأنه أن يلحق ضررا فادحا يصعب تداركه من خلال الدعوة إلى العنف.
الفصل 20 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية
وتجدر الإشارة هنا أنه كان بإمكان الهيئة إضافة إنتهاك مبدأ أساسي آخر مدرج في الفصل5 وهو”حماية الطفل”. وذلك بسبب العلامة المضلّلة التي بثّت قبل عرض الحصّة والتي تدلّ على أن محتوى البرنامج “عائليّ”.
في هذا السياق، تعرّضت قناة حنبعل بدورها إلى العقاب لنفس الأسباب تقريبا وتقرّر إيقاف برنامج “يحدث في تونس” لمدّة أسبوع. كما علمنا بأنّ قناة المتوسّط مورّطة في هذا الخرق الأخلاقي بعد أن تلقّت هي الأخرى إنذارا من الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري بسبب عجز المنشّط عن وضع حدّ لدعوات العنف التي أطلقها في أحد برامجها نفس المدعوّ محمد عمر بعيّو.
الارهاب في تونس يستعمل في الاعلام بصفة غير مباشرة ….أنا أخاف من فكرة….. أن هرم السلطة في تونس مخترق …والناس الذين اخترقوا الهرم…… هم من يقف وراء الارهاب …..ومن بين استراتجيتهم
…..هو خلق قصص مثل قصص وحيد الباجي عن الارهابيين …..اوقصة المرأة التي تسكن بجانب الجبل وتشتري الخبز لارهابيين….هذه قصص للتضليل وتغيب الحقيقة….وهذه القصص ينقلها الاعلام….فالارهابين يعرفوا يتحركوا ويختفوا ولهم سيارات روبعية الدفع…..وربما يملكون تكنلوجية التنصت يتنصتوا علي الامن ….فلا اتصور ان هؤلاء الارهابين يحتاجون الي امرأة تسكن علي صفح الجمل تمدهم بالمؤنة…ربما يأكل هؤلاء الارهابيين. في احسن المطعم
.