ظهر الشيخ و زعيم حزب حركة النهضة التونسية راشد الغنوشي يوم الجمعة الفارط و الموافق للتاسع من جانفي 2015 في احدى جوامع الجمهورية التونسية كخطيب جمعة لخطبة امتدت لثلاث و ثلاثين دقيقة.

و يتنزل الإطار الزماني للخطبة ضمن سياق المجريات الوطنية و العالمية المتسارعة (قتل عون الأمن محمد علي الشرعبي و مجزرة الصحيفة الأسبوعية الساخرة شارلي هبدو). و ان تمحور موضوع الخطبة حول “التوافق” و “الارهاب” فان اختيار الإطار المكاني جدالي، حيث يجمع الدستور و القوانين على مبدأ حياد المساجد. وينص الدستور التونسي في فصله السادس على ما يلي:

 الدولة راعية للدين، كافلة لحرية المعتقد والضمير و ممارسة الشعائر الدينية، ضامنة لحياد المساجد و دور العبادة عن التوظيف الحزبي…

ففي افريل الماضي أكد الغنوشي في حوار تلفزي بث على قناة نسمة على ضرورة حياد المساجد حيث صرح أن «المساجد لله، وينبغي أن تكون فضاء عاما، أما إذا كان كل حزب لديه مسجدا فذلك يفقدها رمزيتها…»

هذا و ينص الفصل الخامس من قانون عدد 34 لسنة 1988 و المؤرخ في 3 ماي 1988 و المتعلق بالمساجد على أنه :

لا يجوز مباشرة أي نشاط في المساجد من غير المهنة المكلفة بتسييرها سواء كان بالخطبة أو بالاجتماع أو بالكتابة الا بعد ترخيص من الوزير الأول.

وينص الفصل الثالث من المرسوم عدد 87 لسنة 2011 و المؤرخ في 24 سبتمبر و المتعلق بتنظيم الأحزاب السياسية على أن:

تحترم الأحزاب السياسية في نظامها الأساسي و في نشاطها و تمويلها مبادئ الجمهورية و علوية القانون و الديمقراطية و التعددية و التداول السلمي على السلطة و المساواة و حياد الإدارة و دور العبادة و المرافق العامة و استقلال القضاء…

هذا و لم يتسنى لنواة الحصول على تعليق حةل هذا الموضوع لا من حزب حركة النهضة و لا من وزارة الشؤون الدينية و لا من رئاسة الحكومة بعد تملصهم من الإجابة عن أسئلتنا حول قانونية إمامة زعيم سياسي لخطبة جمعة.

فهل يعقل أن يتم تقييم مضمون الخطبة على اعتبار أنها تندرج ضمن سياق نبذ الأرهاب و الأشادة بالتوافق من جهة، و استنكار محتوى الخطبة لو كان تصب في مصلحة حزب سياسي معين ؟ و على اعتبار أن الشيخ راشد الغنوشي هو رمز سياسي بارز في البلاد فهل كان من الأجدر به أن يتم القاء الكلمة في مكان محايد وذلك لأن السياسة التشريعية تصب في اتجاه النأي بالمساجد عن التوظيف الحزبي و السياسي؟
ملاحظة: مكان القاء الخطبة المذكور في أول المقال هو مقر حزب حركة النهضة.