المقالات المنشورة بهذا القسم تعبّر عن رأي كاتبها فقط و لا تعبّر بالضرورة عن رأي نواة

ltdh

بقلم د. بودربالة النصيري، رئيس فرع سيدي بوزيد للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان،

تفاعلاً مع سي البشير العبيدي: على أعتاب المؤتمر السابع للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان.

استعـدادا للمؤتمر القادم حتى يكون نقطة تحوّل نوعية في مصير الرابطة وفي تطوير أساليب عملها والحفاظ على استقلاليتها – فتح المناضل بشير العبيدي نقاشـا حول موقع الرابطة من الحوار الوطني والعدالة الانتقالية وحول آليات استرجاع الرابطة لمكانتها وإشعاعها وطنيا وإقليميا ودوليا- وتفاعلا مع هذا النصّ أتقدّم بالملاحظات التالية مساهمةً في نقاش رصين عميق حول تموقع الرابطة وتجربتها في الحوار الوطني وحول تطويرهيكلتها وتسييرها بما يعزّزمكانتها النضالية الريادية .

1. حول تجربة الحوار الوطني والعدالة الانتقالية ومشروع الباجي.

1.1 شهدت سنتا 2012 و 2013 محاولات جهنّمية متنوّعة لسيطرة الإخوان المسلمين والوهابيين على مفاصل الدولة والمجتمع (الدكتاتورية الناشئة، دعاة الوهابية، غزوة المنقالة، غزوة السفارة الأمريكية، الإمارات الإسلامية، الشرطة السلفية، التكفير، سحل لطفي نقض، اغتيال شكري بلعيد ومحمد البراهمي، النسخ الأولى من مشاريع الدستور، التدافع الاجتماعي، حاكمية الشريعة…) وكان لا بدّ من كل القوى المناهضة للفاشية الزاحفة أن تستنهض قدراتها لإنقاذ المجتمع التونسي بمكاسبه التقدمية التي راكمها بتاريخه نضالا وحضارة ومن هنا كانت مبادرة الحوار الوطني لإخراج البلاد من الأزمة الحادّة وتجنيبها ما تطوّرت إليه الأوضاع في ليبيا ومصر. لم يتعلّق الأمر بانحراف سياسي او انخراط في مشروع حكم دون آخر بل كان ضرورة حياتية للإنقاذ الوطني وقطع الطريق أمام الدكتـاتورية الناشئـة.

إنّ انخراط الرابطة في مواجهة المدّ الظلامي لتفكيك الدولة المدنيـة وإقامة سلطة الشريعة لم يكن إلاّ انحيازا للوطن بموروثه الحضاري وبمـكاسبه الحداثـية التـقدّمية ولا أعتقد أنّه أفقد الرابطة مصداقيتها واستقلاليتها بل بالعكس أرى مثل كثيرين أنّه عزّز مكانتها في لحظة تاريخية فاصلة.

لسنا في نظام ديمقراطي مستقرّ ذي مؤسسات مهيكلة وأطراف سياسية تحترم استراتيجيات اللّعبة حتّى تنصرف كلّ منظمة إلى اختصاصاتها بل نحن في مرحلة نضال ديمقراطي حقّق مكاسب عديدة لكنّها هشّة وقابلة للالتفاف وبعضها لم ينصهر بعد في السلوك المجتمعي والسياسي وهذه المكاسب ستبقى لوقت طويل عرضة لتكالب القوى الظلامية مثلها مثل قوى الاستبداد والردّة ومافيات الرشوة والنهب والتهريب.

2.1 نعم الرابطة ومسار العدالة الانتقالية خطّان متلازمان وأهداف هذه العدالة(رصد الانتهاكات،محاسبة الجناة، إنصاف الضحايا، حفظ الذاكرة، بناء المؤسسات ) في انسجام تام مع أهداف الرابطة. والموقف النقدي من هيئة الحقيقة والكرامة لا يعني بالضرورة مسّا من مسار العدالة الانتقالية.

لقد شوّه حكم النهضة مسارالعدالة الانتقالية منذ البدء بوزارة ديلو وبابتزاز الفاسدين وعقلية الغنيمة وتأجيل المحاسبة ثمّ بما احتواه القانون من تمييع وتناقض وما أفرزه من هيئة بُنيت على الولاء للنهضة وُلدت عاجزة ينخرها الاستعلاء والاستقالات والامتيازات غير مفرّقة بين خصم متآمر وصديق ذي رأي مخالف.

بعد انقضاء نصف مدّتها (21 من 48 شهرا) ماذا أنجزت هذه الهيئة ؟ أين فروعها ؟ أين ملفّات التعذيب ؟ أين ملفّات القتل والاختفاء والتهجير؟ أين ملفّات نهب المال العام ؟ ماذا فعلت غير مراكمة الشكاوى؟ إنّ ما أتته فترة الترويكا وواصلته هيئة الحقيقة والكرامة هو الذي جعل مسار العدالة الانتقالية يبدأ مشوَّها انتقائيا انتهازيا وهو ما سهّل أدوار المتآمرين على كامل المسار وخاصّة من رموز البوليس السياسي وجلاوزة التعذيب و بارونات التهريب والمال السياسي الفاسد.

3.1 إنّ مشروع السبسي للمصالحة مع سرَقَة المال العام وجد منفذه من الفراغ الذي تركته ممارسات النهضة وتقاعس هيئة بنسدرين.

المعارضة الفعلية لمشروع السبسي ومشاريع طي الصفحة والإفلات من العقاب لن تنجح دون تصحيح منظومة العدالة الانتقالية باعتبارها مشروعا متكاملا يبدأ بكشف الحقيقة والمساءلة مرورا بجبر الضرر والمصالحة. هكذا كان موقف الرابطة في مجلسها الوطني الأخير حول قانون السبسي للمصالحة مجدّدا رفضه لمشروع هذا القانون اللادستوري الذي يكرّس الإفلات من العقاب ويتنكّرلتضحيات شهداء الثورة وجرحاها ولم يكن أبدا مسعى لانقاذ الباجي ومشروعه من أزمة سياسية كما لم يكن انخراطا مع طرف سياسي في معاداة هيئة الحقيقة والكرامة.

لم ألاحظ انحرافا سياسيا للرابطة بهذا الموقف مثله مثل الحوار الوطني ولم أقتنع بما ذهب إليه البشير العبيدي من نقد ولوم. ومرّة أخرى النقاش الهادئ والعميق هو الذي يوحّد الرؤى ويعدّل البوصلة ويثري تواصل ولُحمة الرابطيين.

2. الهيكلة والتسيير تقليديان إلى حدّ الإعاقة.

نعم الهيكلة والتسيير تقليديان:

● التكوين والتدريب غائبان والفروع تتلمّس الطريق لوحدها.

● مرصد الحريات وتقاريره غائبان تماما.

● العلاقة الأفقية بين فروع الولايات المتجاورة غير موجودة.

● التسيير المالي والتمويل خاضع لمجهود واجتهاد بعض أعضاء الفروع.

● المؤتمرالتاسع تأخّر لثلاث سنوات ونتمنّى أن ينعقد في ديسمبر2015.

● أمّا عن توزيع الانخراطات ومواظبة أعضاء الهيئة المديرة ال25 فحدّثْ.

تحويل الرابطةإلى منظمة جماهيريةديمقراطية لا يتأتّى بكثرة المنخرطين وتعميم الفروع في المعتمديات بل تضمنه نوعية القيادات الجهوية والمركزية وطرق التسيير الديمقراطي والعصري فالرابطة جماهيرية بميثاقها وأهدافها وإعلامها، مؤثّرة بنوعية مناضليها ومصداقيتهم إنّ النخبوية لا تعني التقوقع .إنّ صلابة القناعات وصحة التكتيكات ومصداقية المسلكية هي ما يصنع قوة الضغط ويوفّر المال للنشاط ويجعل الرابطة قادرة على النجاح في ضمان احترام الدستور وبناء مؤسسات تحترم المواطنة وحقوق الإنسان.

كلمة أخيرة: هل بالإمكان تنظيم ندوات إقليمية لكل 05 فروع متجاورة لنقاش هادئ وعميق تحضيرا للمؤتمر ولوائحه حول:

● تقييم تجربة الرابطة في السنوات الأخيرة.

● الهيكلة والتسير.