بقلم غسّان بن خليفة،
شهد ملفّ الفلاحين الصغار المطالبين بإعادة النظر في تقسيم الأراضي الدولية في الفترة الأخيرة تطوّرات توحي بتغير سياسة الدولة تجاهه. إذ تدلّ عدّة مؤشّرات على استعادة زمام المبادرة من قبل المستغلّين الخواص، الذين انتزعت منهم إثر الثورة بعض الضيعات التي تحصّلوا عليها عقب تفكيك عدد من التعاضديات في عهد بن علي. ومن الواضح أنّ هذا التطوّر يشهد دعمًا من الحكومة التي لا تتردّد في استعمال القوّة الأمنية لمناصرة مستأجري هذه الضيعات في مواجهة الفلاحين الصغار والمعطّلين المطالبين بإعادة توزيع الأراضي الدولية.
آخر هذه المؤشّرات نظر محكمة الناحية بطبربة (ولاية منوبة) اليوم في القضية التي رفعها المستغلّ الخاصّ محمود بالأمين، الذي يستأجر منذ سنة 1991 أرضا مساحتها حوالي 700 هكتار، ضدّ حوالي 30 من مواطني منطقة الشويڨي على القضاء بتهمة “إتلاف المحاصيل وكروم العنب بالرعي فيها”. وقد طلب محامو المتّهمين تأجيل القضيّة للإطّلاع على الملفّ، فاستجابت المحكمة لطلبهم وعيّنت جلسة جديدة بتاريخ 16 أكتوبر الجاري. ونفى المُتّهمون في تصريحات لـ’نواة’، التي تنقلت على عين المكان، مزاعم مستأجر الأرض الذي يصفونه بـ”المتنفذ في العهد السابق” يتّهمونه باهمالها وبافتعال هذه القضية استباقًا لقرار محتمل من السلطات باسترجاعها منه.
وسبق ذلك إخلاء ضيعة العزيمة يوم 6 أكتوبر، بمجاز الباب (ولاية باجة)، بالقوّة العامّة وإرجاعها إلى ديوان الأراضي الدوليّة، بعد أن وضع حوالي خمسون مواطنًا يدهم عليها إثر الثورة. ويبدو أنّ هذا الحدث دقّ جرس الإنذار لدى الناشط الحقوقي الطاهر الطاهري، رئيس جمعية حماية واحات جمنة، التي تدير “هنشير ستيل” بولاية ڨبلّي الذي استرجعه مواطنو المدينة من مستغلّين خواص يقولون أنّهما حصلا عليه بفضل نفوذهما في عهد بن علي. إذ يتوجّس أبناء جمنة، الذين استرجعوا بدورهم هذه الأرض المملوكة للدولة إبّان الثورة ونجحوا منذ ذلك الوقت في الاحتفاظ بها وإدارتها بشكل جماعي، أن تتخذ الحكومة قرارًا مماثلاً بشأنهم.
وعلى ضوء هذه التطوّرات قرّر أبناء جمنة استباق ما قد يصدر عن مجلس وزاري الاثنين المقبل، نما إلى علمهم أنّه سيتطرّق إلى قضيّة الأراضي الدوليّة المتنازع عليها. إذ قرّروا القدوم إلى العاصمة وتنظيم وقفة احتجاجية على هامش المجلس الوزاري، يوم الاثنين أمام رئاسة الحكومة بساحة القصبة.
iThere are no comments
Add yours