المقالات المنشورة بهذا القسم تعبّر عن رأي كاتبها فقط و لا تعبّر بالضرورة عن رأي نواة

cop22

 هذه مطرقة صغيرة لكني أظن أن بمقدارها أن تغير الكثير.

هكذا علق لورن فابيوس رئيس الوزراء الفرنسي مازحاً في ختام  إقرار لبنود إتفاقية  باريس للمناخ في ديسمبر 2015 الماضي، وتوجت هذه المبادرة خلال شهر آفريل  بتوقيعها من طرف 195 دولة في مقر الأمم المتحدة بنيويورك وسط ترحيب دولي بميلاد أول اتفاقية دولية للمناخ.

كما كان تاريخ 4 سبتمبر 2016 نقطة فاصلة في مسيرة ترويض التغيرات المناخية، حيث وقعت  الصين و الولايات المتحدة  أكثر الدول الملوثة فالعالم على اتفاقية باريس اثر قمة G20 في خطوة اعتبرها المراقبون حدثاً تاريخياً، حيث لم تخفي الناشطة البيئية الفرنسية سغولان رويال فرحتها بهذا الحدث و اعتبرته حدثاً تاريخياً، لكن لا يخفي  السواد الأعظم من الناشطين في مجال قضايا المناخ شكهم من جدية إلتزامات كبار الملوثين بالاتفاقية الوليدة حيث اعرب الناشط البيئي بيار رابي عن قلقه الشديد إزاء بطء تطبيق الالتزامات الدولية في مجال الحد من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري، وهناك العديد من التقارير المنشورة من قبل المنظمات الغير الحكومية المعنية بالشأن المناخي على غرار  منظمة السلام الأخضر التي تأيد هذا  الرأي. ففي اخر تقريرها عمدت إلى التشكيك ضمنياً في مدى نجاعة اتفاقية باريس على الأمد البعيد و القريب لعدة أسباب، في الواقع حتى لو تحققت جميع أهداف المساهمات المحددة وطنياً (INDCs) لكبار الدول الملوثة ، فاضطرابات المناخ ستظل متجهة نحو ارتفاع في درجات الحرارة في نهاية المطاف قد تتجاوز عتبة 2 درجة مئوية (أكثر السيناريوهات طموحاً) إلى 3.4 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية. ولكي نحافظ على ارتفاع درجة حرارة أقل من درجتين مئويتين، يجب خفض الانبعاثات في عام 2030 إلى أقل من 30٪ من تلك المنصوص عليها في المساهمات المحددة وطنيا، وهو ما يعتبر منطقاً صعب لأسباب عدة أهمها:

  • صعوبة التخلي عن الوقود الأحفوري كمصدر أساسي لصناعات الثقيلة  وتعويضه بالكهرباء المولدة من مصادر خالية من الكربون، فكهربة الصناعات الثقيلة كصناعة الصلب والصناعات المنجمية  مازالت حلماً بعيد المنال في ظل التطور التكنولوجي البطيء الذي يشهده العالم في مجال البحث العلمي في ميدان الصناعة الثقيلة، فحتى مع أكثر السيناريوهات طموحاً لن يقل استعمال الفحم الصخري أكثر أنواع الطاقة تلويثاً للمناخ بـ 35٪ من توليد الكهرباء في العالم في عام 2030.
  • قدمت أغلبية الدول العالم تقريرها حول إصدارها للغازات المتسببة في الاحتباس الحراري دون إدراج واحتساب حركة الملاحة البحرية والجوية في هذه التقارير والتي لوحدها تمثل 8% من إجمالي انبعاثات هذه الغازات، وهي تعتبر من القطاعات النهمة في استهلاك الطاقة ومن المرجح أن يتطور استهلاكها للطاقة ما بين 50-250% بحلول سنة 2050 حسب الوكالة الدولية للملاحة.
  • فدعم الاستثمارات في ميدان  الطاقات المتجددة يعتبر ضئيلا للغاية مقارنةً بالدعم المخصص للطاقات الاحفورية،  فحسب تقرير الأمم المتحدة لسنة 2015 في ميدان الطاقة يستثمر كل دقيقة 3 مليون دولار في مجال الطاقات الغير المتجددة أي ما يعادل 4740 مليار دولار سنوياً، مقابل استثمار هزيل  في مجال الطاقات الغير المتجددة التي لا تتعدى 108 مليار دولار سنوياً.
  • كثير من دول الصناعية الجديدة كجنوب إفريقيا والبرازيل و المملكة السعودية تتهرب من خفض انبعاثاتها من غازات الاحتباس الحراري نظراً للأضرار الاقتصادية المحتملة وتسعى لفرض معادلة جديدة في احتساب انبعاثاتها وفرض مقاربات جديدة شعارها اقتصاد بنسب كربون  مخفضة، وهو ما يمكن أن يعتبر عملية احتيال منمقة لتفادي الالتزام بإتفاقية باريس.
  • 59 دولة تخطط لبناء أكثر من 1200 محطات توليد الكهرباء من الفحم الحجري أكثر أنواع الوقود الاحفوري تلويثاً قبل موفى سنة 2030  حسب دراسة أعادها  معهد الموارد الطبيعية العالمي WRI.

لكن تبقى الأنظار مشدودة إلى ما ستسفر عنه قمة مراكش للمناخ، فإذا كان مؤتمر باريس قد نجح نوعا ما في جعل الجميع متفقا بشأن رهان المناخ، رغم تباين مصالح كل بلد حسب نواياه الصناعية، فإن الرهان الحقيقي لمؤتمر مراكش يكمن في الانتقال إلى الفعل، والتزام الأطراف الموقعة  بالتخفيف أو الملائمة مع التغيرات المناخية التي أزّمت من الوضع البيئي العالمي.