ذكرت عضو هيئة الدفاع عن الشهيدين، إيمان قزارة، أن هنالك 1361 قضية إرهابية وقع التخلي عنها من طرف محاكم الحقّ العام لصبغتها الإرهابية غير مضمّنة وغير منجزة، كما جاء في تقرير لتفقدية وزارة العدل.

العكرمي متهم بالتستر على الإرهاب مجدداً

وأشارت قزارة إلى أن تقرير تفقدية وزارة العدل تحدث أيضا عن محاضر أنجزتها الوحدات الأمنية في إطار مكافحتها للإرهاب وأرسلتها للبشير العكرمي لاتخاذ القرارات اللازمة، إلا أنه تستّر عنها ولم يُتخذ في شأنها أيّ قرار ولم يقع تضمينها حتى بالدفاتر منها 20 محضر متعلّق بالسفر إلى بؤر التوتّر، إضافة للعديد من المحاضر من محاكم الحقّ العام صبغتها الإرهابية لم يتمّ الفصل فيها.

على سبيل الذكر، 46 محضر يتعلّق بالانضمام إلى جماعات إرهابية لم يقع إنجازه ولا حتى تضمينه. 9 محاضر تتعلّق بمداهمة مساكن بالقصرين من طرف مجموعات إرهابية ومحاولة سرقتهم وتهديدهم بالقتل لم يقع إنجازها أيضا ولا حتى تضمينها بالقطب القضائي لمكافحة الإرهاب. كما أن المحضر، الذي جاءت  فيه محاولة قتل عون أمن من قبل مجموعات إرهابية بعد أن أطلقوا عليه النار في سيارته، ورد على بشير العكرمي يوم 18 أفريل 2019 ولم يُتّخذ فيه أيّ قرار وحتى تضمين.

الأستاذة إيمان قزارة

وبينت عضو هيئة الدفاع عن الشهيدين بأن الجرد الذي تضمنه تقرير تفقدية وزارة العدل جاء ليشمل قضايا معروضة على العدالة ما بين سنة 2016 حتى سنتي 2019 و 2020.

كما أن التعتيم الذي قام به العكرمي على القضايا التي وردته وإهمال الأدلة والشهادات التي تدين آلاف المتهمين بقضايا إرهابية لم تتوقف على القضايا القادمة من القضاء العدلي، بل إن “هنالك 118 قضايا إرهابية كبيرة باشرها القضاء العسكري مثل انفجارات الشعانبي وجبال المغيلة وسمامة وأحالها على القطب القضائي لمكافحة الإرهاب لصبغتها الإرهابية، لم يقع كذلك تضمينها بدفاتر المحكمة أو الفصل فيها، كما لم يقع اتخاذ أي قرار في شأنها” ، بحسب ما جاء في مداخلة المحامية إيمان قزارة.

وتابعت المحامية إن “هناك اختبارات قامت بها المحكمة العسكرية حول متفجرات وهواتف جوالة وساعات يدوية استعملت في التفجيرات وسلاح وذخيرة وجثث لإرهابيين أرسلتها المحكمة العسكرية للعكرمي لتُضمّن داخل الملفات المعنية بها، وقد توصل تقرير التفقد إلى أنه لم يقع إضافتها للقضايا المتعلقة بها وبقيت على رفوف مكتب العكرمي ولم يعد القضاة  قادرين على متابعة مسار القضايا المتعلقة بها”.

تعتيم حكومي

من جانبه، قال عضو هيئة الدفاع عن الشهيدين، أنور الباصي، بأنّ التقرير تضمّن معطيات خطيرة جدا وهو ما دفع العديد من الدوائر السياسية والقضائية من بينها رئيس الحكومة ووزيرة العدل بالنيابة للقيام بسحب تقرير التفقدية من المجلس الأعلى للقضاء، كما قام المجلس الأعلى للقضاء برفض تسليم التقرير لأعضاء المجلس العدلي والاكتفاء بقراءته عليهم شفاهيا لمجرد الإعلام.

وأفصح عضو الهيئة عن كشف تقرير تفقدية وزارة العدل عن اتصال هاتفي قام به بشير العكرمي مع رئيسة مجلس القضاء العدلي، وهددها إذا تمت نقلته من مركزه كوكيل الجمهورية بالمحكمة الابتدائية بتونس العاصمة فإنه سيكشف عن ملفات فساد لأعضاء من داخل المجلس.

تقرير التفقدية يتضمّن أكثر من 300 مائة صفحة توثّق وتوصّف وتُعاين الجرائم الإرهابية، ولكن التفاوض داخل مجلس القضائي العدلي منصب حاليا حول كيفية إخراج البشير العكرمي من الملف والتركيز على الطيّب راشد فقط المجرم الثاني

قال الباصي

إلى ذلك، اعتبر عضو الهيئة أن تقرير التفقدية يُثبت بطريقة جازمة أنّ معظم ما تمسّكت به هيئة الدفاع من تجاوزات وجرائم تتعلّق مثلا بعامر البلعزي والمُسدّسات التي أُغتيل بها الشهيدين وألقاهما في البحر بين رادس وحلق الوادي والتدليس، “هذا كلّه أصبح حقيقة ثابتة في هذا التقرير” الذي يتخذ صبغة رسمية.

في ذات السياق، اعتبر المحامي رضا الرداوي، أن عدم توجيه وكيل الجمهورية السابق البشير العكرمي، حسب ما جاء في تفقدية وزارة العدل، اتهامات لعامر البلعزي الذي قام بإخفاء المسدسين المستعملين في عملية اغتيال الشهيدين، وقام بالتلاعب بالاختبارات المنجزة على السيارة المستعملة في العملية الارهابية ولم يقم بعرض النتائج على المتهمين، وأيضا قيامه بحجز السيارة صوريا رغم العثور عليها بعد 20 يوما فقط من عملية الاغتيال، كل ذلك يعتبر اخلالات تتطلب المساءلة التأديبية عليها، حسب تعبيره.كما أشار الرداوي إلى أن العكرمي مارس ضغطا غير مبرر قانونيا على قاضي التحقيق 12 محمد المالكي لدفعه للتخلي عن مواصلة البحث في القضية الارهابية المنشورة بمكتبه والمتعلقة بواقعة التفجير الحاصل في شارل ديغول في تونس العاصمة، إلا أن القاضي لم يستجب لضغوطاته.

يذكر أن مجلس القضاء العدلي طالب التفقدية العامة بوزارة العدل، في بلاغ بتاريخ 24 نوفمبر 2020، بإجراء الأبحاث اللازمة بخصوص جميع الشكاوى المرفوعة ضد كل من القاضيين الطيب راشد والبشير العكرمي، وأنّه تلقّى إثر ذلك تقرير التفقّدية وجملة من القرارات الصادرة عن وزيرة العدل بالنيابة بتاريخ 23 فيفري 2021 قضت بإحالة مجموعة من القضاة على مجلس التأديب.