لم نكن نتوقع، بعد خروجنا من الطريق السريعة ودخولنا طريقا آخر يمتد على أكثر من عشر كيلومترات، أن يعترضنا طريق فرعي يؤدي لقرية أولاد جاب الله (ولاية المهدية) بتلك الفداحة والضعف والتآكل، حتى أننا نضطر كلما اعترضتنا سيارة في الاتجاه المعاكس أن نخفض من سرعتنا وننزاح لأقصى اليمين حتى يكون بمقدور السيارتين مواصلة طريقهما، لدرجة أننا نجد أنفسنا في أكثر من مرة خارج الإسفلت. ولكن هذه ليست كل الحكاية، فبقية الطريق الذي يمتد على كيلومترات كثيرة غير معبد البتة.
يخوض أصحاب شهائد معطلين عن العمل، أغلبهم نساء، اعتصاما وإضرابا مفتوحا عن الطعام منذ 12 يوما، أمام مقر ولاية قفصة، للمطالبة بالإعلان عن نتائج المناظرة التي سيتم بموجبها انتداب 500 عاطل من أصحاب الشهائد بمعدل فرد من كل عائلة. كما تطالبن السلطات الجهوية والحكومة بالكف عن المماطلة وتفعيل اتفاقية سد الشغورات لسنة 2012 التي تنص على تشغيل 400 عاطل عن العمل من أبناء الجهة. وتشتكي المضربات من طول فترة البطالة التي تجاوزت لدى إحداهن 14 سنة وصعوبة الظروف الاجتماعية، خصوصا وأن أغلب أزواجهن يعيشون حالة بطالة.
عرف ملف “النفايات الإيطالية” العديد من التطورات منذ أن كُشِف الأمر في جويلية 2020 إلى اليوم. لكن انتهاء الآجال القانونية لإرجاعها إلى البلد المصدر إيطاليا، في 20 جانفي 2021، فتح الباب على العديد من التساؤلات حول أسباب عدم إعادة هذه النفايات في الآجال القانونية والغموض الذي يلف مصير الـ212 حاوية المتروكة في أحد زوايا ميناء سوسة والـ70 حاوية التي لا تزال في مخازن شركة “سوروبلاست” المستوردة لهذه النفايات.
“عندما تأتيك جحافل البوليس بغتة في أرمادا مكونة من ستة سيارات، وعناصر بوليسية يقتحمون بيتك بدون حتى الاستظهار بإذن قضائي، عندها لا تستطيع رفض طلبهم، ولا الاحتجاج على إيقاف ابنك أو حجز جهاز الحاسوب خاصته وهاتفه الجوال وتقدمهم دون مقاومة، خصوصا أنهم لن يجدوا فيها شيئا”. هكذا تحدثت السيدة بثينة الوحيشي أم الطالب أحمد غرام الموقوف بتهم تتعلق بالتحريض على التظاهر عبر فايسبوك.
في واقع يضجّ بالاحتقان السياسي والاجتماعي، زاد في تعميقه انفجار الاحتجاجات الشبابية الليلية، تقدم رئيس الحكومة هشام المشيشي، يوم السبت 16 جانفي، بمقترح التحوير الوزاري الذي لم يلاقي لحد الآن تفاعلا إيجابيا من الكتل البرلمانية والأحزاب السياسية سوى من حزامه السياسي المكون من حركة النهضة وقلب تونس خصوصا. تحوير سيعرضه على البرلمان في جلسة منح ثقة يوم الأربعاء 26 جانفي.
كاد البرلمان التونسي في 5 مارس 2020 أن يحرم البلاد من أهم اتفاقية تجارية أمضتها تونس عبر تاريخها الاقتصادي بالانضمام لمنطقة التبادل التجاري الحر القارية الإفريقية (زليكاف)، لولا تراجعه عن قراره والتصويت بالانضمام لاتفاقية زليكاف في 22 جويلية 2020، إثر إدانة وضغوط مورست للتراجع عن هذه الجريمة التي ارتكبها البرلمان في حق البلاد بعدم التصويت في المرة الأولى.
خلال الدورة النيابة السابقة، احتمى عشرون نائبا من بين خمسة وعشرين بالحصانة البرلمانية للتهرب من المحاكمة في قضايا فساد مالي وقضايا جزائية أخرى. ولا يزال البعض منهم يختفي وراء حصانته للتهرب من المحاسبة القانونية بعد أن تم انتخابه لدورة نيابية ثانية في أكتوبر 2019. أكثر من ذلك، هنالك نواب جدد التحقوا بقائمة المطلوبين لدى العدالة بعد أن تقدم القطب القضائي المالي لمجلس النواب بطلبات رفع الحصانة عنهم إلا أنها لم تغادر مكتب رئيس المجلس راشد الغنوشي لحد الآن.
لم يجد لسان هيئة الدفاع عن نبيل القروي غير التعبير عن صدمته وتفاجئه من قرار قاضي التحقيق بالقطب القضائي والمالي إيداع موكله السجن في قضية التهرب الضريبي وتبييض الأموال التي رفعتها ضده منظمة “أنا يقظ” في سنة 2016. بل إن محامي رئيس حزب قلب تونس، نزيه الصويعي، ذهب بعيدا عندما قال بأن “هيئة الدفاع لا تعلم إلى حد الآن مبررات إصدار بطاقة الإيداع بالسجن”، ووضع هذا القرار في خانة “الضغوط السياسية”، نافيا أن يكون لقرار إيداعه بالسجن علاقة بملف تبييض الأموال.
فتحت المبادرة التي تقدم بها نور الدين الطبوبي لإجراء حوار وطني الباب على العديد من الانتقادات الجادة وغير البريئة على حد سواء. فالبعض اعتبرها غير محايدة وتصب في خندق الاصطفاف السياسي لاتحاد الشغل مع رئيس الجمهورية، في حين رأى فيها البعض الآخر فرصة لنقاش جميع المشاكل الاقتصادية والاجتماعية التي أدت لتأزم الوضع العام بالبلاد وانتشار الاحتجاجات في الكثير من الجهات والقطاعات.
لا شك أن تقرير محكمة المحاسبات عمل شجاع في ظل الضغوطات والابتزاز الذي يتعرض له القضاء وضعف أداء الهيئة العليا للانتخابات في الكشف عن الجرائم الانتخابية، إلا أن ذلك لا يعفي هذا أو ذلك من المضي قدما في إجراءات التتبع ومعاقبة المخالفين في إطار دولة القانون كجزء لا يتجزأ من الانتقال الديمقراطي في تونس .النيابات العمومية للقضاء العدلي والمالي والدوائر القضائية لمحكمة المحاسبات لم تتحرك لحد الآن لمعاقبة أو تجريم مرتكبي هذه الجرائم مثلما حصل في الانتخابات البلدية، مما يطرح تساؤلات عدّة عن سبب تعطل الإجراءات القضائية ضد هؤلاء المخالفين، وعلى من له مصلحة في ذلك.
يشهد العالم منذ حوالي سنة انتشارا لجائحة كورونا بشكل لم تتوقعه أكثر المراكز البحثية الغربية تفاؤلا، وهو ما دفع دول العالم على اختلاف أحجامها السياسية والاقتصادية والتنموية لرفع حالات التأهب الصحي القصوى لمواجهة هذا الوباء الذي ضرب في العمق المنظومات الصحية الرأسمالية الغربية مقارنة بنظيراتها في الدول الرأسمالية المختلطة أو في البلدان التي يكون فيها للدولة الكلمة الأخيرة في رسم الاستراتيجيات الصحية وتحديد شكل الاقتصاديات الصحية.
استعاد الليبيون أنفاسهم، ومن خلفهم المجتمع الدولي، غداة إعلان اللجنة العسكرية الليبية المشتركة عن توقيع اتفاق وقف إطلاق النار في 23أكتوبر الماضي بجنيف. واستقبل مراقبون خبر احتضان تونس لمنتدى الحوار السياسي الليبي في التاسع من هذا الشهر بارتياح وتفاؤل لما عُرِفًت به تونس من حياد ودعم للحل السلمي. لكن بين التفاؤل وواقع الملف الليبي الصعب والمعقد تختفي التفاصيل والمواقف المتحركة التي من الممكن أن تذهب بمسارات الحوار لغير الغايات المرسومة لها سلفا.
تلقى معتصمو الكامور نبأ قدوم فريق حكومي بصلاحيات تنفيذيّة لحل مشكلة التشغيل والتنمية بتفاؤل مشوب بالاستنفاد. تحرك حكومي جاء بعد غلق وحدة ضخ البترول رقم 04 بالكامور يوم 16 جويلية الفارط. “الشي إلي فرحنا به هو إمكانيّة خروج نتيجة إيجابية في أسبوع التفاوض حول مطالبنا وإلا سنواصل نضالنا السلمي”، حسب ما جاء في كلام طارق الحداد المتحدث الرسمي باسم اعتصام الكامور في فيديو نشرته الصفحة الرسمية لتنسيقية اعتصام الكامور يوم الخميس 24 سبتمبر. لكن لا جديد حتى اليوم.
من بين القضايا التي عرفت انحرافات في مسارها العدلي والإداري تطفو قضيّة الأملاك المصادرة لرجل الأعمال وصهر الرئيس المخلوع مروان مبروك. العديد من الملابسات المريبة على مختلف مسارات التقاضي خدمت الأحكام سواء تلك التي جاءت في صالح مبروك بإيقاف تنفيذ قرارات المصادرة ورفع الائتمان على شركاته أو الأحكام التي أقرّت بتنفيذ قرارات المصادرة لكن لم تجد طريقا للتنفيذ بسبب التلاعب الذي حصل في ملفه على مستوى تلخيص الإحكام ومراسلات لجنة المصادرة وقرارات السلطة التنفيذية المتعلقة بالمكلف بنزاعات الدولة.
بعد قرابة سنة من تولي قيس سعيد رئاسة الدولة، لا تزال الدبلوماسية التونسية تتعرض للانتقادات من جهات متعددة سواء في تونس أو خارجها. فعدم حصول تطور نوعي للدور التونسي في أي من الملفات الاستراتيجية المنخرطة فيها تونس وعلى رأسها الملف الليبي، وخروج ظاهرة الهجرة غير النظامية عن السيطرة، والارتباك على مستوى التعيينات الدبلوماسية، كل ذلك يحيل إلى اضطرابداخل أروقة الخارجية التونسية. والأهم من هذا كله أن البحث لايزال جار عن هوية خصوصية للدبلوماسية التونسية في عهد سعيد.
منذ تكليف هشام المشيشي بتشكيل حكومة كفاءات، ارتفعت الأصوات عاليا للتشكيك في مشروعية حكومة التكنوقراط بما أنها لم تخرج من رحم الانتخابات ولا تعبر عن حجم الأحزاب الممثلة في البرلمان. هذه الزاوية التي ركّز عليها منتقدو حكومة التكنوقراط، التي اعتبروها حكومة الأمر الواقع بحكم أنها جاءت بتكليف من رئيس الجمهورية واعتمادا على الفصل 89 من الدستور وبإكراهات انتخابية، لا يمكن اعتبارها الزاوية الوحيدة أو الرئيسية التي يمكن الاستناد إليها لتبيان نقاط ضعف ومساوئ نمط الحكم التكنوقراطي.
- 1
- 2