عُرفت سيرين مرابط التي يتابعها 33 ألف شخص على حسابها في موقع فايسبوك، بقربها الشديد من رئيس الجمهورية. وقد أكسبها العمل الخيري من خلال مجموعة على موقع فايسبوك تضمّ 9 آلاف عضو باسم “أنا تونسي وقلبي كبير” جمهورًا عريضًا.

 

بين العمل الخيري والسياسة

تنفي سيرين مرابط في تصريح لموقع نواة أن تكون قد كررت تجربتَيْ سليم الرياحي الذي استغل رئاسته للنادي الإفريقي من أجل الوصول إلى السلطة، أو نبيل القروي الذي استعمل خزّان الجهات التي نشط فيها بواسطة جمعية خليل تونس للعمل الخيري لتحصيل عدد كبير من الأصوات خلال الانتخابات الرئاسية الماضية، وتقول:

أتفهم كل من يميل إلى ذلك الاستنتاج لكنني لم أستغل العمل الاجتماعي من أجل الانتخابات التشريعية، ولو كان ذلك صحيحا لركزت جهدي في العمل الاجتماعي في دائرة تونس الكبرى أو في الدائرة الانتخابية التي ترشحت عنها. خلال كوفيد، كنت مصابة بمرض ورغم ذلك لم أتوقف العمل الاجتماعي وزرت 24 ولاية من أجل تقديم المساعدة.

خلال دقيقتين من التعبير المباشر، قدمت سيرين مرابط نفسها على أنّها ناشطة بالمجتمع المدني وأنها حقوقية وسياسية، وهي متحصلة على الإجازة في القانون العام من كلية العلوم القانونية والسياسية والاجتماعية بتونس، الكلية التي درّس بها الرئيس قيس سعيد. ولخصت برنامجها قائلة “لن أتقدم بحلول واهمة ولن أبيعكم الوهم”، ثم طرحت مشاكل الدائرة التي ترشحت عنها بدءا من مشكل السوق الأسبوعية والصحة والطرقات وصولا إلى مشاكل الجمعيات الرياضية بأحياء تلك الدائرة.

يبدو أنّ المترشّحة غذّت شعبيّتها بترأس النادي الأولمبي للنقل، وهو نادٍ رياضيّ تأسس سنة 1966 ومقرّه الملاسين الواقعة غرب العاصمة، وهي منطقة شعبيّة لم تنل نصيبها من التنمية مثل عديد الأحياء المتاخمة للعاصمة.

مدارج الملاعب خزان ثري للانتخابات

ليس من العسير تتبع محطات المترشحة سيرين التي تجاوزت عتبة الثلاثين عاما بقليل، وهي في الواقع ثلاث محطات واضحة قادتها إلى الترشح إلى الانتخابات التشريعية المقبلة وتقدم لها حظوظا وفيرة للفوز بعدد كبير من أصوات ناخبي الدائرة الانتخابية التي تمثلها. فهي قد كسبت جمهورا عريضا وبات اسمها مألوفا لدى شبكة عريضة ومتداخلة من الأشخاص تكونت من عدد كبير من حرفائها الأوفياء للسلع التي تبيعها، ومن جمهور الأولمبي للنقل الذي قدمت له الصعود إلى الرابطة المحترفة الثانية في ماي 2021، وهو إنجاز فتح لها مسلكا قليل المطبّات للاقتراب من نيل أحد المناصب، حتى أن بعض وسائل الإعلام تحدثت عن امكانية خلافتها لسهام العيادي في منصب وزيرة الشباب والرياضة نهاية العام الماضي.

كانت محطة رئاسة الهيئة التسييرية لنادي الأولمبي للنقل أهم نقطة لانطلاق طموح سيرين مرابط في الوصول إلى مجلس النواب، رغم أنها خاضت تجربة سياسية صغيرة سنة 2014، لكنّها فشلت في الحصول على أصوات الناخبين، بعد أن ترشحت عن حزب آفاق تونس عن دائرة الأمريكيتين، لتتفرغ بعدها لما يسمى بـ”تجارة الشنطة” (وهي تجارة تقوم على بيع أشياء من المنزل، دون الحاجة إلى محلّ تجاري وسجلاّت)، ثم العمل الخيري لمساعدة بعض العائلات في جهات البلاد. تقول سيرين مرابط إنها لم تخطط للترشح لرئاسة الهيئة التسييرية للنادي وأن زوجها -وهو رجل أعمال مقيم في كندا- هو من طلب منها ذلك. وتضيف مرابط في أحد الحوارات الصحفية “أنفق زوجي ما يقارب 600 ألف دينار من ماله الخاص بعد أن تسلمت مقاليد تسيير نادي الأولمبي للنقل”.

كسبت سيرين مرابط ظهورا إعلاميا بعد أن غنمت لقب أول امرأة تقود جمعية في عراقة الأولمبي للنقل. ففي قناة “تونسنا” مثلا، ظهرت ستّ مرات في ظرف شهر، في برنامج الاثنين الرياضي. وقبل استقالتها بشهر واحد من تسيير النادي في جوان 2021، حل ركب طاقم البرنامج في منزلها وصوّر حلقة كاملة هناك بحضور زوجها. وفي ديسمبر الماضي، احتفل البرنامج ذاته بعيد ميلادها في أستوديو القناة وقدم لها باقة ورود.

بعد استقالتها من الهيئة التسييرية لنادي الأولمبي للنقل، بدأت سيرين مرابط بالظهور في مدارج النادي الإفريقي، وتناقلت صفحات كثيرة لمشجعي النادي صورة لها أمام مغازة الحديقة “أ” تحمل عبارة “الرئيسة السابقة للأولمبي للنقل والمحبة للنادي الافريقي سيرين مرابط في حديقة النادي الافريقي تحتفل بالمغازة الجديدة”. وانتشر فيديو لها صحبة اللاعب بلال العيفة مصحوبا بتعليق “فيديو لمحبة النادي الافريقي سيرين مرابط والمدافع الدولي بلال العيفة”، وخلق ذلك الظهور تكهنات بخصوص طموحها لرئاسة النادي الإفريقي.

تقول سيرين مرابط في تصريح لنواة إن الفضل في انتشار اسمها يعود لرئاستها للنادي الأولمبي للنقل، وتضيف “لا أنكر أن الرياضة فرشت لي الطريق للدخول دون صعوبة إلى منازل أبناء دائرتي الانتخابية خاصة أنني قدمت نفسي رئيسة سابقة للنادي الأولمبي للنقل. لكن في المقابل لو لم تكن تجربتي ناجحة مع الأولمبي للنقل لما نجحت في الوصول، لذلك كان شعاري في الحملة هو قصة نجاح نواصلها معا”.

باب القصر المفتوح على مصراعيه

“أنت لست ببهيمة”. كانت تلك الجملة فاتحة العلاقة الوطيدة التي جمعت سيرين مرابط بالرئيس قيس سعيد، أو “monsieur”، كما يحلو لها تسميته في العلن كأنها تذكر الجميع بأسبقية معرفتها به، والتي روتها في برنامج إذاعي. تقول مرابط إن سعيد واساها بتلك الجملة حين اشتكت له تنمر أحد زملائها لأنها لم تستطع النجاح في سنتها الأولى في كلية العلوم القانونية والسياسية والاقتصادية.

قبل بداية الحملة الانتخابية للمترشحين للانتخابات الرئاسية بأيام، نشرت سيرين مرابط صورة قيس سعيد وتمنت له حظا موفقا بعد إعلان ترشحه للانتخابات الرئاسية. وبعد بداية الحملة أعلنت عبر تدوينة حذفتها فيما بعد، عن حيرتها في اختيار المترشح الذي ستنتخبه، وقالت إنها ستصوت لمترشح آخر. وبعد يوم من ظهور سعيد في المناظرة يوم 9 سبتمبر 2019، وبداية مؤشرات فوزه، نشرت صورة جمعتها به وسط كلية العلوم السياسية، وكتبت تعليقا على الصورة مدحت فيها خصال أستاذها الذي وصفته بالمتواضع والمستقل وصاحب المبادئ وأنها تفتخر بمشاركته. لم تظهر سيرين مرابط بكثافة خلال حملة سعيد، لكن قبل الإعلان عن نتائج الدور الأول للانتخابات الرئاسية والتي بدا فيها سعيد منافسا قويا لنبيل القروي، نشرت يوم 15 سبتمبر 2019، صورة للقطة شاشة هاتفها تظهر مكالمة هاتفية جمعتها بقيس سعيد وعلقت قائلة “في اتصال شخصي بأستاذي قيس سعيد الي قهرهم ومازال بش يقهرهم بطلب منو قالي كذب كل إشاعة حول انسحابي أو تنازلي”. وبعد يوم نشرت فيديو لسعيد من مقر حملته فسر فيه انتماءه ردا على سؤالها.

قفزت سيرين مرابط فوق سفينة قيس سعيد بسرعة وأصبحت من أكثر من شاركوا في حملته التفسيرية وشاركت في مراقبة انتخابات الدور الثاني للانتخابات الرئاسية آنذاك بصفتها من أنصاره القائمين لحملته الانتخابية.

وبعد الإعلان عن نتائج الانتخابات، نشرت سيرين مرابط صورتها مع الرئيس الجديد وعنونتها بـ”سيلفي النصر”، ومنذ ذلك التاريخ فُتحت لها أبواب القصر. فبعد شهر من فوز سعيد، بدأ متابعوها بمشاهدة صور زياراتها المتكررة للقصر، ثم ظهرت جنبا إلى جنب صحبة الرئيس خلال زيارته الرسمية لسيدي بوزيد يوم 17 ديسمبر 2019، لتتالى الصور معه خلال تنقله من مكان لآخر رغم غياب صفتها الرسمية وتأكيدها في برنامج إذاعي أنها خيرت عدم زيارته في القصر بعد فوزه وبعد أن تقلدت منصب رئاسة الهيئة التسييرية للنادي الأولمبي للنقل.

لا تخفي المترشحة سيرين مرابط قربها من الرئيس والأب الروحي، وقالت في ظهورها خلال برنامج “وحش الشاشة” إنها تزوره في القصر حين تحتاجه بصفته أستاذها وأباها الروحي، ومع اقتراب موعد الانتخابات التشريعية، تسير بخطى ثابتة لتكون ضمن جمع من ذوي اللون الواحد في البرلمان المصطف وراء الرئيس قيس سعيد، خاصة أنها لم تبد في السابق آراء واضحة بخصوص الوضع الاقتصادي والاجتماعي الخانق الذي تعيشه البلاد ولم يسبق لها أن طرحت موقفا حاسما بخصوص التهديد الواضح لحرية التعبير، باستثناء إعلانها عن تصويتها بلا على تعديل الدستور لا خوفا من استغلال قيس سعيد له بل خوفا ممن سيخلفه في الرئاسة.