من جهته أكد عبد العزيز الصيد منسّق هيئة الدفاع عن الموقوفين في قضيّة التآمر على أمن الدولة، (وهم على التوالي خيام التركي، جوهر بن مبارك، شيماء عيسى، غازي الشواشي، الأزهر العكرمي، رضا بالحاج، عصام الشابي، عبد الحميد الجلاصي) لدى حضوره في إذاعة شمس أف أم يوم 22 مارس الجاري، تثبيت كاميرا مراقبة في الغرف التي يوجد بها المساجين بشكل لا يحترم خصوصيتهم.

وسائل المراقبة البصرية في الأماكن السالبة للحرية

”لم تستجب إدارة السجن لمطلبنا برفع وسائل المراقبة البصرية، ونخشى أن تكون هناك ضغوطات مسلّطة على هيئة حماية المعطيات الشخصية“، يقول عبد العزيز الصيد عضو هيئة الدّفاع عن الموقوفين. فيما عدا ذلك، سجّل المحامي وجود نقائص لكنّه أشار إلى ”تفاعل إدارة السجن مع مختلف المطالب“. وأضاف: ”ندّدنا بالظروف القاسية ولكن تمّ إصلاح النقائص، فيما عدا بعض الموقوفين الّذين يفتقرون إلى أبسط وسائل التنظيف (في إشارة إلى غياب الماء في المراحيض) “.

يخضع تثبيت وسائل المراقبة البصرية في السجون ومراكز الإيقاف إلى قرار الهيئة الوطنية لحماية المعطيات الشخصية عدد 5 لسنة  2018المتعلّق بضبط شروط وإجراءات تركيز وسائل المراقبة البصرية (ص.68)، الذي حدّد، في فصله الحادي عشر، شروط تثبيت هذه الوسائل:

يمكن بصفة استثنائية تركيز وسائل المراقبة البصرية مع الاقتصار على المشاهدة الحينية دون القيام بتسجيلات، بالنسبة إلى غرف عزل الموقوفين أو المساجين الذين يبدون أعراض أمراض عصبية أو نفسية، وفضاءات النوم والأماكن المخصصة لمقابلة الموقوفين أو السجناء لمحامييهم.

يوم 21 مارس، تقدّم عبد العزيز الصيد بمراسلة للهيئة الوطنية لحماية المعطيات الشخصية المخوّل لها قانونًا ”منح التراخيص وتلقّي التصاريح للقيام بمعالجة المعطيات الشخصية أو سحبها في الصور المقررة بهذا القانون“، وفق الفصل 76 من القانون المنظّم لها. في ردّها، قالت الهيئة إنّ استعمال وسائل المراقبة البصرية غير مطابق لقانون حماية المعطيات الشخصية ولقرار الهيئة عدد 5 لسنة 2018.

استندت إدارة سجن المرناقية في تثبيت كاميرا المراقبة إلى ترخيص أسندته هيئة حماية المعطيات الشخصية في 27 جانفي 2016، يتعلّق بـ ”استعمال 716 وسيلة مراقبة بصرية بسجن المرناقية ما عدى غرف النوم والسجن الانفرادي الذي لا يجب فيها التسجيل والاكتفاء بالبث الحيني“. ولكنّ هذا القرار لا ينسحب على الوضعيات اللاحقة لتاريخ إصداره، وفق بلاغ الهيئة الذي قالت فيه:

يتضح من ظروف تركيز الوسائل أن العملية […] تمت خلال شهر مارس 2023 وتكون تبعا لذلك غير مشمولة بقرار الترخيص المذكور الذي تم إصداره بتاريخ 27 جانفي 2016 […] وكان على سجن المرناقية القيام قبل تركيز الوسائل بطلب تحيين القرار المذكور والحصول على قرار في ذلك من الهيئة.

من جهته، طالب منسّق هيئة الدفاع عن المعتقلين السياسيين في قضيّة التآمر عبد العزيز الصيد إدارة سجن المرناقية بسحب أجهزة المراقبة البصرية وهدّد بمقاضاتها في حال عدم استجابتها. ”حقوق منوّبينا منتهكة، وسنلجأ للقضاء“، يقول لنواة، مبديًا مخاوفه من خضوع هيئة المعطيات الشخصية، التابعة للدولة، لضغوطات للتراجع عن موقفها.

ظروف الإقامة السجنية

عز الدين الحزقي، والد جوهر بن مبارك الموقوف في قضية التآمر، ندد بـ”الثقافة البائسة“ في معاقبة المساجين: ”أرادوا التنكيل بهم، ووضعوهم في البداية في غرف سيّئة جدّا، وهذا يُعدّ تشفّيًا وليس عقابًا“. كما استنكر ”انتهاك خصوصيّات الموقوفين“ من خلال وضع كاميرا مراقبة في غرفهم، واصفًا من ينتهج هذه السياسة لاستهداف خصومه السياسيّين بـ”المستبدّ والضعيف وفاقد الرؤية“.

أمّا عن ظروف الإقامة في السجن، تقول فائزة راحم، زوجة عصام الشابي الموقوف في قضيّة التآمر، نقلا عن زوجها: ”إنّ إدارة السجن شرعت في تنظيف الغرف من الحشرات“، مضيفةً أنّ ”الملفّات فارغة، ومن المفروض أن يكون هؤلاء خارج غرف السجن. الوضع مزرٍ ولا يجب أن نطبّع مع هذه المسألة. قيس سعيّد يحاول التغطية على فشله في مواجهة الأزمة الاقتصادية والسياسية من خلال الإحالات التي طالت الصحفيين أيضا“. وتتحاشى الحديث عن غياب المساجين عن أهاليهم في شهر رمضان وتكتفي بالقول: ”تعلمون مدى أهمية التجمّعات العائلية وقت السحور والإفطار. لكننا حُرمنا منها إثر هذه الإيقافات، ونظرا لخصوصية شهر رمضان مكّنتنا إدارة السجن من تسليم القفّة مرّتين في الأسبوع“.

كما أعلنت جبهة الخلاص الوطني دخولها في اعتصام مفتوح للمطالبة بالكشف عن الملفّات المتعلٌّقة بقضيّة التآمر على أمن الدّولة وعرض الأعمال المجرّمة المنسوبة إلى الموقوفين.

فيما يخصّ وضع المساجين السياسيّين مع مساجين الحقّ العامّ، يقول رئيس الهيئة الوطنية للوقاية من التعذيب إنّ هذا الأمر ”معمول به“، موضّحًا أنّ مساجين الحقّ العامّ الذين يتمّ اختيارهم ”غير عدائيّين ولا يشكّلون خطرًا على الأشخاص المقيمين معهم“. ونفى تسجيل حالات اعتداء من قبل مساجين حقّ عامّ على شخصيات عامّة، مؤكّدًا ضرورة حماية الحرمة الجسديّة لكلّ المساجين دون اعتماد ”معايير تفاضليّة“ بينهم. وهو ما أكّده منسّق هيئة الدفاع عن الموقوفين عبد العزيز الصيد، حيث نفى في تصريح لنواة وجود إشكال في وضع مساجين الحق العام والمساجين السياسيين في غرف واحدة.

اعتصام لجبهة الخلاص وتحرك منتظر لمساندي الموقوفين يوم 30 مارس، يأتي ذلك تزامنا مع نظر دائرة الاتهام المختصّة في مطلب الإفراج الّذي تمّ إيداعه يوم 21 مارس. في الأثناء، يتواصل الصمت الرسمي ويتواصل معه تداول محاضر بحث الموقوفين على شبكات التواصل الاجتماعي. معارضون يصفون ما يجري بالمهزلة في الوقت الذي يواصل فيه أنصار الرئيس سعيد تشفيهم في الموقوفين، في انتظار مآل قضيّة شغلت الرأي العام وأصدر فيها الرئيس أحكامه دون انتظار فصل القضاء فيها.