بقلم محمد صالح السعداوي

هذه العبارة باللّهجة “التونسية” تعني تهديد خصم لخصم أقوى منه فيُوهّمه بالنّزال الشديد و تقليم الأظافر فور تجرّده من جمّازته La veste.

لقد أصبحنا هذه الأيّام نرى و نسمع رموز “المعارضة” و النظام يعملون بهذا المثال في تصفية حساباتهم الوهمية و “الشّخصيّة” البعيدة كل البعد عن هموم الشعب.

-  1- “حمّادي” شدْ .. شدْ “الفيستة”

بعد سنوات يسيرة من الغربة أو المنفى الاختياري(مقارنة باللذين تجاوزوا ربع قرن) رجع السّيد منصف المرزوقي إلى تونس بعد دعوته على قناة الجزيرة الشعب التونسي للانتفاضة العارمة و المستمرّة حتى إسقاط “الدّكتاتور” و نظامه الذي أصبح “لا يصلح و لا يُصلح”.

و بعد وصوله إلى تونس و إشرافه على “تجمّع شعبي حاشد” في بيت أحد أقربائه بمدينة دوز بالجنوب الغربي التونسي. عاد إلى بيته في سوسة ليدخل في “منفى” اختياري من نوع آخر في بيته بعد ما تعرّض إلى مضايقات من بعض “الصعاليك”. و أصبح يصدر البيانات من بيته- فهو كمن يصيح في الظلام- ليحث الشعب (…) الذي تعود “العيش مع المرض” لرفع الرأس والتمرّد لإنهاء “نظام الدكتاتور”…. و لا ندري ما هي سلطة الدكتور الأدبية على الشعب أو مقدرته على تأطير تحرّكاته. فماذا لو سخّر النّظام كلّ الصعاليك في كامل البلاد ـ وما أكثرهم ـ ليخرجوا حاملين صور الدّكتور منادين بالإطاحة “بالدكتاتور” عابثين في الأرض فسادًا، لتكون بذلك فرصة لمن يسمّيه “دكتاتور” لتدفيع الدكتور الفاتورة كاملة و بثمن باهظ… ! ربّما وقتئذٍ يضطر الدّكتور لإصدار البيان الأخير لدعوة الشعب للهدوء “و نرجعوا فين كنّا” مثلما قال بورقيبة بعد ثورة الخبز سنة 1984.

كما لا ندري كذلك بأي وجه يجرُؤ ” الدكتور” على دعوة الشعب للانتفاضة و المعارضين للالتفاف حول شخصه و هو بالأمس القريب كان ينعتهم بأشنع النعوت على صفحات النات “لكن أخطر ما في شذوذ التونسيين عن التجمعات السياسية البشرية الطبيعية التي حافظت على الحدود الدنيا من التضامن والترابط هو في قرارهم الضمني العيش مع المرض لا مقاومته. انظر إلى امتلاء الجوامع .إنه ليس الظاهرة الصحية التي يستبشر بها السذّج وإنما دلالات المرض، لأن من يملئون هذه الجوامع يستنجدون بالعادل الذي في السماء لمحاربة ظالم في الأرض رفضوا مواجهته وتحمل أعباء ومخاطر الأمر. نحن أمام مظهر آخر من مظاهر الفرار العام من المسؤولية” المنصف المرزوقي ـ تونس نيوز 27.11.2004… “….وبمثل هذه المقاييس نحن اليوم ، سلطة ومعارضة وشعبا شواذّ بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى.”( المصدر نفسه) … لنلخّص: نحن اليوم شعب مزيف يعيش في جمهورية مزيفة في ظل ديمقراطية مزيفة تلعب فيها معارضة مزيفة دور شاهد الزور.” (نفس المصدر) انتهى وللقارئ الأمين التعليق.. كما نتمنى من السيد المرزوقي أن يوفي بعهده هذه المرة، فلقد قطع على نفسه أمام ملايين المشاهدين بأنه لن يعود إلى المنفى من جديد و لن يخرج من بيته حتى يتغيّر النظام…

-  2- “حمّادي” شِدْ… شدْ “الفيستة”

السّيد حمّادي الجبالي خرج من السّجن بعد 15 عامًا بعد ما دفع ضريبة خطّة فرض الحرّيات التي رفضها سنة 1991 لمّا رأى فيها من مخاطر غير مضمونة العواقب و آثر حينئذ دخول السّجن على أن يشهدها أو يشاهد البناء الذي ساهم و أفنى شبابه فيه مع غيره ينهار و يختفي من السّاحة و لكن رغم هذا فقد دفع كذلك ضريبة عدم تصدّيه بكلّ حزم و جرأة للمغامرين داخل الحركة مثلما فعل الشيخ عبد الفتّاح مورو و الأستاذين بن عيسى الدمني و عبد القادر الجديدي و الفاضل البلدي و الدكتور الصدقي العبيدي آنذاك و جميعهم من جيل المؤسسين لحركة الاتجاه الإسلامي.

لقد خرج المهندس حمّادي ليتحدّث بخطاب مرّ عليه أكثر من 16 سنة و كأنّه مصرُّ على لبس نفس “الفيستة” لتلك الأيام التي دخلت التاريخ مبشرًا في تصريحاته بمستقبل الحرّيات و السّياسة في تونس لما يراه من حتمية خاصّة بعد انتصار الإسلاميين في مصر و فلسطين و الجزائر بأنّ الدّور سيأتي على تونس لا محالة خاصة بعد تشكل “مجموعة 18 أكتوبر محط أمال المعارضين” و فات السيد حمادي أن هذا التجمع الغير متجانس لن يكون مصيره أحسن من تجمع مماثل اسمه مجلس الحريات ولد ـ بنفس الإعراض و لنفس الأغراض لمجموعة 18 اكتوبر ـ في غيابه في تونس سنة 98 لينتهي بألمانيا منذ سنوات بعدما هجره أغلب أعضائه المؤسسين، و ربما لو لم يكن مموّلا من الاتحاد الأوروبي لما بقي فيه احد.

لقد نسي السيد حمّادي أنّ النظام مازال هو النّظام نفسه منذ 19 سنة لم يتغيّر و لم يُغيّر من سياساته تُجاه الإسلاميين شيئًا. و أن من يسميهم اليوم أصدقاء أو شركاء على الساحة هم أنفسهم الذين كان لهم سبق إدانة الحركة في بداية التسعينيات و التحالف مع النظام لمحاربة الإسلاميين…

لقد اشتدّت المراقبة و المضايقات عليه في المدّة الأخيرة قيل بسبب زيارته للمرزوقي في بيته… فأيّهم أولى بالزيارة: حمّادي الجبالي الخارج لتوّه من السّجن؟ أم المرزوقي العائد من منفاه الاختياري؟؟. لعلّ ليس هذا السّبب الوحيد و لكن يبدو هناك أسباب أخرى لم تُعلن و من بينها اجتماعه مؤخّرًا ـ و ربّما يكون هذا هو السبب الرّئيسي لهذه المضايقات ـ مع بعض من قيادات السابقة لحركة النّهضة و إرسالهم رسالة إلى رئيس الدّولة فكان على أثرها التشديد و الوعيد و التّهديد بالرّجوع إلى السّجن له و لغيره. و هنا لا يخرج الأمر عن ثلاثة احتمالات:

ـ أوّلها: انزعاج النّظام من هكذا اجتماعٍ لم يعلم عنه شيئًا مسبّقًا و يعتبره ربّما بداية التّنظّم من جديد.

ـ ثانيها: ربّما الرّسالة لم تصل هرم السّلطة و وقع قطع الطّريق أمامها من طرف الدّائرة الإستئصالية الرّافضة لأي تسويةٍ لوضع النّهضويين ثم تصرّفوا من أنفسهم ومن خلال مراكزهم التي تُخوّل لهم ذلك.

ـ ثالثها: يتوقف على محتوى الرّسالة الذي ربّما كان استفزازيًا بأسلوب قديم قد تجاوزه الزمن.

فالسّؤال، لماذا لم يكن محتوى الرّسالة خطابا علنًيّا على وسائل الإعلام الدولية التي أصبحت في متناولهم أكثر من أي وقت مضى فتكون الحجة لهم أمام العالم أو على النّظام و تفويت الفرصة على حدوث ما هو أسوأ من رد فعل النظام؟؟ ربما هو الخوف من “الأصدقاء العلمانيين” هو احد العوامل لهذه السريّة مثلما حدث منذ سنتين في لقاء مع السفير التونسي بسويسرا.

-  3- “حمّادي” شِدْ… شدْ “الفيستة”:

الأستاذ محمّد الهادي الزمزمي: منذ إصدار كتابه “تونس الجريحة” سنة 1994 غاب الأستاذ عن الأنظار و لم نسمع له همسًا و لا ركزًا في الصّحافة الافتراضية و إذا به يخرج ليخاطب علماء المسلمين و يدعوهم من خلال جمعية “لإنقاذ” الإسلام في تونس و الدّفاع عن الحجاب سنة 2006 في حين هذه المعضلة الظالمة من سلطة أظلم تجاوز عمرها أكثر من 25 سنة و هي تتكرّر على مدى هذه السنوات أكثر من مرّة في السنة خاصّة في بداية السّنة الدّراسية و نهايتها و لعلّ أشدّ الفترات شراسة مرّت على الملتزمات بالحجاب في تونس هي السنوات التي تلت محاكمة و مطاردة أعضاء و أنصار حركة النّهضة خلال التسعينيات. فأين كان الأستاذ وقتئذٍ؟ و لماذا لم يٌكوّن الجمعيات للدّفاع عن الإسلام و الحجاب في تونس و الحال أنّه يعيش في الغرب بلاد الحرّيات؟ لماذا لم نسمع حملة مماثلة منذ سنتين على الأقلّ على ما يُسمّى “النّساء الديمقراطيات” و القريبين منهن من “الذكور” الذين دعوا السّلطة بكلّ وقاحة لجعل حدٍّ لظاهرة الحجاب التي حسب رأيهم أصبحت تظهر على السّاحة من جديد؟ “وقد عبرت “الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات” (علمانية، غير حكومية) عن “قلقها العميق” لتنامي ارتداء الحجاب في تونس مؤخرا بعد أن كان شبه مختفٍ طيلة العقدين الأخيرين.” “وشددت الجمعية التونسية أثناء انعقاد المؤتمر السنوي لها الإثنين 8-3-2004 الذي يوافق اليوم العالمي للمرأة، على “رفضها القاطع للحجاب لما يرمز إليه من انغلاق ورجعية”، بحسب تصورها”. واعتبرت دراسة قدمتها الجمعية خلال المؤتمر أن “الدين والعادات والتقاليد والتعليم” أهم مصادر قلق المرأة في تونس…”ويرى النقابي صالح الزغيدي القريب من الحركة النسائية بان تأييد “ارتداء الحجاب باسم الحرية لا معنى له خاصة وانه يخضع لتعاليم دينية” تونس نيوز عن إسلام اون لاين 09.03.2004

أي مصداقيّة للسيد الزمزمي في غيرته على المحجبات في تونس و السيد محمد بن سالم رئيس المكتب السياسي لحركة النهضة ـ التي ينتمي إليها الأستاذ ـ يشمئز من النقاب الذي هو مظهر من مظاهر الاحتشام و يتهم مرتدياته باللواتي يقدمن لعموم الناس” الصورة الكريهة للإسلام وللإسلاميين” ” ويحدث اليوم في تونس أنّ من ترتدي الخمار مقموعة ممنوعة أمّا التي ترتدي النقاب فمسموح لها بالدخول والخروج بدون مشاكل حتى تعطي الصورة الكريهة للإسلام بشكل عام (المصدر: مجلة كلمة عدد 39 ) . فهل مرتديات النقاب يرتدينه بدون خمار حتى يصبح محل اشمئزاز؟ أم مع الخمار لزيادة في الاحتشام؟ وهل أن هذا المظهر “الكريه” في نظر صاحبه ينطبق على كافة البلدان الإسلامية أم خاص بتونس فقط؟؟ هل كان سي محمد بن سالم يجرؤ على هذا الوصف الرديء لو كانت محاورته من اليمن أو من الخليج العربي و لم تكن السيدة سهام بنت الشيخ بن سدرين؟ الله أعلم !!! كل شيء ممكن مع السياسة البراغماتيّة !

إن الحجاب قد أصبح اليوم في تونس ظاهرة عامة بفضل الله و حمده في المدن و الأرياف و المعاهد و الكلّيات بشهادة الكثيرين رغم المضايقات و الملاحقات دون أن يكون لهذه الظاهرة أي لون سياسي أو خلفية فكرية أو انتماء تنظيمي ، و أن الحملة المضادة قصد منعه أبعد ما يكون للوصول لهدفها رغم كيد الكائدين ولا اعتقد بان السلطة ـ في أغلبها ـ من السّذاجة بمكان بأن تدخل في مواجهة مع عوام المواطنين الذين هم أقرب إليها عن أي طيف سياسي أخر. و أنّ الزّوبعة مفتعلة من الأساس من اليسار الاستئصالي داخل أجهزة الدولة والمعادي للهوية، و مع الأسف ساعدهم على تذكية ذلك بعض الإسلاميين في الخارج – بوعي أو من غير وعي ـ هؤلاء الاستئصاليون هم القائمون علي هذه الفتنة والمؤججون لنارها في كل الأماكن التي تحت سيطرتهم في بعض الولايات آو المعاهد أو الكليات لضمان استمرارية الصدام بين السلطة و الإسلاميين… و هذا التيار حسب بعض المراقبين يسعى لإحداث فوضى في البلاد على غرار ما وقع في موريطانيا منذ أكثر من سنتين و التي أدت آنذاك للإطاحة بنظام ولد الطايع، واستغلال كل ما يمكن أن يخدم مخططاته بكل دهاء متبادلاً الأدوار مع من هم خارج السلطة من نفس المنظومة. و لا عجب عندما نسمع من يدعو عبر القنوات الفضائية علنًا لاستغلال هذه الظاهرة لإسقاط النظام.

-  4- “حمّادي” شِدْ… شدْ “الفيستة”:

تجمع “حاشد” ( حوالي 50 نفرا بين رجال ونساء وأطفال و أعوان امن و ربما حتى من الفضوليين حسب ما ظهر في الصورة الفتوقرافية المصاحبة للخبر) قام به النهضويون أمام سفارة تونس ببيرن بسويسرا رفعوا فيها بعض شعارات لا تليق بمعارضين يعتبرون أنفسهم نخبة. (حسب ما نُشر على صفحات تونس نيوز لتغطية الحدث).

والغريب في الأمر أن جل الذين يرفعون شعار الدفاع عن الحجاب في تونس من الذين يعيشون في ديار الغرب يُرسلون زوجاتهم وبناتهم لقضاء العطل في تونس وما سمعنا يوما بأن أحدا من هؤلاء قد احتج على نزع حجاب زوجته أو ابنته، أو لتعرضها للمضايقة من طرف النظام و أعوانه هناك. و هنا لا يخرج الأمر عن احتمالين: إما أنه قد قع ذلك و تكتمن و تكتم أزواجهن على فضح هذه الممارسات،، وإما أنه لم يتعرض لهن احد، و في كلا الحالتين حجة على الذين اتخذوا من هذه القضية القديمة المتجددة سبيلا للتصعيد.

فهل بالشعارات الغير لائقة و الاستفزاز المستمر لهرم السلطة يمكن رفع مظلمة الحجاب أو أي مظلمة أخرى في تونس؟ إن محاولة تدويل هذه الأزمة بهذا الشكل من أصحاب العرائض و البيانات لن تكون في صالح الصّحوة الإسلامية الجديدة في تونس و لا في صالح الحجاب و لكن هي في صالح فلول اليسار الانتهازي و دعاة الاستئصال داخل السّلطة و خارجها. أليس أجدى و من باب أولى بهؤلاء و بكلّ هدوء، دعوة بعض العلماء ذوو المكانة في قلوب الناس لزيارة تونس لمعاينة الواقع، والحديث إلى نظرائهم وكذلك إلى أصحاب القرار هناك ولا أظن أن النظام سيمنعهم من ذلك لأنه لم يقع في تاريخ تونس سواء قبل 87 أو بعدها أن منع عالم من علماء المسلمين من دخول تونس. لقد قام بهذا الدور الشيخ يوسف القرضاوي السنة الماضية في الجزائر لدرء الفتنة بين أبناء الوطن الواحد لكنه تمنّع من زيارة تونس في سنوات مضت بعد ما أبدى موافقته في البداية بدعوى أن هناك مساجين. فهل خلت سجون بقية الدول العربية -التي يزورها فضيلة الشيخ باستمرار – من المظلومين والسجناء السياسيين حتى يلغي زيارته إلى تونس؟ هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى: من سيكون لهؤلاء المساجين والممنوعات من الحجاب بعد الله تعالى في تونس إذا لم يؤدي الشيخ القرضاوي وغيره دوره الدعوي و التوجيهي بالتي هي أحسن وإصلاح ذات البين؟ جواب لا يقدر على تعليله إلاّ فضيلة الشيخ نفسه.

حمادي يجدد “الفيستة”:

هذه المرة مع السيد عبد العزيز بن ضياء الذي جاء ليفاجئ الجميع بأنه و كذلك مجلس المستشارين قرروا ـ ومن بعدهم السيد الهادي الجيلاني رئيس اتحاد الصناعة والتجارة “والباقي يلحق”… ـ ترشيح رئيسهم( رئيس التجمع) لرياسة تونس سنة 2009 وذلك لولاية رآسية خامسة. وبهذا:

ـ لجعل حدًا للإشاعات “المغرضة” التي تدور حول صحّة بن علي، ومشاكل القصر والخلافة….

ـ لتطمين المنتفعين من النظام بدوام النعمة والأمان حتى 2014م.
ـ لدعوة المراهنين على الرحيل “الدكتاتور” ورجوع الأمر إلى المعارضة” التقدمية والديمقراطية” إن يعلقوا آمالهم إلى ما بعد نهاية الولاية الخامسة.( بعبارة ألم نشرح: مضمضوا وبيتوا على الصيام)..

وكما يبدو أنه أراد كذلك أن يؤكد للتجمعيين خاصة و لبقية تجمعات المعارضة عامة بأن التجمع الدستوري الديمقراطي هو أهل الخلافة و القيادة فإن حصل للرئيس أثناء مدّة الولاية مكروه ، فإن المسألة لا تستدعي أكثر من ربع ساعة لترتيب البيت و إيجاد” ابن بار” ( بار من البر وليس حانة Bar) لقيادة التحول.( و يا دار ما دخلك شر)

حمّادي يبحث عن “فيستة”: “جمعيّة الرّشد و الإصلاح”

و أخيرًا و ليس آخرًا، مع السيّد لزهر العبعاب الذي رجع مؤخرًا إلى تونس بعد غياب تجاوز ربع القرن. و آثر الرّجوع الفردي على الرّجوع “الجماعي” ـ في يوم عيد النصرـ، على كلّ حال هذا شأنه الخاص… وهو ليس أوّل من رجع إلى تونس بعد المنفى فقد سبقه الحامدي و القديدي و المزالي و بن صالح…إلخ.. و لن يكون الآخر في هذه الحالة. و لكن ما يُؤاخذ عليه هو أن يستعمل خلافاته مع “حركة النّهضة” جسرًا لتسوية وضعه مع النّظام في إطار طبخة على نار هادئة … و هو ما يدور في كواليس السياسيين هذه الأيام و فيه ما قد يُؤكد صحة هذه “الطبخة” التي بدأت تفوح رائحتها: فإطلاق سراح بعض القيادات النّهضويّة من ذوي الأحكام الثقيلة و الوزن الثقيل ربما جاء نتيجة لقائه ببعض المقربين من الرئيس، الصيف الماضي في تونس وهو قد يأتي كعربون لحسن نيّة النظام لما هو آت: وهو وعد( و العهدة على الراوي) بتمكينه من جمعية خيريّة تحت اسم “جمعيّة الرّشد و الإصلاح” تبركا بمقاله رقم 1 سنة 1994 “دعوة إلى الرّشد” الذي حبّره على الصحافة آنذاك….قد تتحوّل هذه الجمعيّة بعد مدة بالتّدرج إلى حزب سياسي… و من هنا يمكن الآن فهم مقاله الأخير ” تونس ليست ألبانيا” على صفحات النات( تونس نيوز 26.10.2006) والذي هاجم فيه حركة النهضة قيادة و منهجيّة و خلفيّة فكريّة: فهو قد يندرج ضمن رغبته الملحّة في التميّز و وضع خطا فاصلا لا رجعة فيه بينه و بين رفاق الأمس في إطار ما يعتبره البعض”قرصنة سياسيّة” و يراه البعض الآخر “تعدديّة”… هذه الأخيرة، فرغم أنها مطلب ملح من المعارضين لمقاومة تسلط الأنظمة الحاكمة فإنها بالمقابل تقضّ مضاجع الأحزاب و المنظمات وهي غير مرغوب فيها داخل بيوتهم باعتبارها نذير شؤم و خراب !!!

لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو:هل السّيد العبعاب ملك هو بدوره البدائل؟ وهل ستكون خلفيته هذه المرة تونسوانجي؟ ( نسبة لإسلام تونسي ينطلق من التراث التونسي واللباس التونسي….) بعدما كانت لسنين خلت إخوانجي.؟ أم سيكون له خط ثالث؟

ماذا سيكون موقف السيد العبعاب لو أن النظام تنكر “لوعوده” و قرأ لافتة الجمعية على أنها “جمعيّة راشد و الإصلاح”. ؟؟ سؤال لا يقدر الإجابة عنه إلا المعنيون بالأمر…… و للحديث بقيّة إن كان في العمر بقيّة.