large_news_election

بعد مضيّ أسابيع على تعطّل المشاورات بخصوص الخلاف الحاصل حول مسألة أسبقية الانتخابات التشريعية على الرّئاسية ، انتهى التّصويت داخل جلسة الحوار الوطني التي انعقدت صباح اليوم الجمعة إلى الاتفاق بأغلبية 12 صوتا على إجراء الإنتخابات التشريعية أولا مقابل 6 أصوات مساندة لتسبقة الإنتخابات الرّئاسيّة.

وقد عرفت نقاشات الحوار الوطني بخصوص هذه المسألة طيلة الأسابيع الفارطة تباينا في الاراء بخصوص هذا الأشكال حيث طرحت ثلاث اقتراحات هي : أسبقية الانتخابات الرّئاسية، أسبقية الانتخابات التشريعية أو تزامن الانتخابات التشريعية مع الانتخابات الرئاسية. وقد حدث جدل واسع بخصوص الحسم في هذه المسالة خصوصا وأن التوافق حولها مرتبط باحترام آجال إجراء الانتخابات المنصوص عليها في الدستور فأي تأخير في إجراءها سيعتبر خرقا لدستور تونس الجديد. ويذكر أن القانون الإنتخابي لم يؤيّد أي مقترح وترك البتّ في هذه المسألة للقرار السياسي.

مواقف “متغيرة” حسمها التوافق

مواقف الأحزاب السياسية بخصوص أسبقية الانتخابات الرئاسية والتشريعية عرفت بالتغير المستمر إلا أن الأحزاب الكبرى ومن بنيها حركة النهضة والنداء عبرا مؤخرا عن اتفاقهما على التنصيص على مبدأ التزامن. وكان رئيس حزب نداء تونس الباجي قايد السبسي قد قدّم مقترحا يتمثّل في إجراء انتخابات بجولتين، الأولى رئاسية والثانية رئاسية وتشريعية . ورغم قبول حركة النهضة لهذا المقترح إلا أنه قوبل بالرفض داخل جلسات الحوار الوطني ولم يتم التصويت عليه.

وعبّر الحزب الجمهوري عن رغبته في تقديم الإنتخابات الرئاسية على التشريعية لما في هذا الأمر من تثبيت لسيادة الدولة وهيبتها قبل الشروع في إجراء الإنتخابات التشريعية حسب تصريحات إعلامية لقياديي هذا الحزب. هذا في حين أكد محللون سياسيون أن من يرغب في تسبقة الإنتخابات الرئاسية يرغب حتما في ضمان أريحية في الاستحقاق التشريعي إذا ما فاز مرشحه للرئاسية، وأن الأحزاب التي تدعم هذا التوجه هي التي تملك مرشحا قادرا على المنافسة في الانتخابات الرئاسية ولم لا الفوز.

ولمزيد فهم مداولات النقاش حول هذه المسالة داخل جلسة الحوار الوطني اتصلت نواة بممثل الحزب الشعبي التقدمي هشام حسني الذي أكّد أن الحسم في هذه المسالة يعود لقدرة حزبه على إقناع جميع الأطراف بضرورة إجراء الانتخابات التشريعية أولا. وأكّد حسني أنّ ” جلسة الحوار الوطني التي انعقدت يوم الأربعاء الفارط عرفت اتفاق حزبي النهضة والنداء حول تزامن الانتخابات الرئاسية والتشريعية. غير أن الأحزاب الصغرى المشاركة في الحوار رفضت رفضا قاطعا هذا المقترح نظرا لأنّ التزامن يضرب تكافؤ الفرص بين الاحزاب الكبرى القادرة على تنظيم تحركاتها ووقتها بين الإجراءين الانتخابيين وبين الأحزاب الصغرى التي لن تكون قادرة على مجاراة النسق السريع والمرهق لإجراء التشريعية والرئاسية في نفس الفترة. فرفض حركة النهضة لإجراء الانتخابات الرئاسية أولا مما يرجح عدم التصويت على هذا المقترح وتخوف الأحزاب الضغرى من تزامن الانتخابات رجّح كفّة تسبقة الإنتخابات التّشريعية وانتهت المفاوضات بالتصويت مع هذا المقترح.” هذا التوافق (نظرا لأن التصويت مع هذا المقترح تم بأغلبية مريحة 12- مع، 6 ضد) ينهي إذا آخر أزمة قانونية لما قبل الشروع في تنظيم الإنتخابات ويمنح الهيئة العليا المستقلة للانتخابات الفرصة في البدء في التحضير لإجراء الإنتخابات التشريعية والرّئاسية، كما يمنحها الوقت الكافي لاحترام الاجال المحددة لإجراء هذه الانتخابات حسب ما نصّ عليه الدستور أي قبل موفى سنة 2014.

هذه المفاوضات التي طالت وإن انتهت بالتوافق أثبتت مرّة أخرى أنّ الأحزاب السياسية، رغم الأجواء الديمقراطية التي تمت خلالها النقاشات ، تعمل جميعها من أجل ضمان مصالحها ومضاعفة حظوظها في الإنتخابات القادمة. وقد غابت المصلحة العامة من جديد ليحل محلها هروب من مقترحات سيئة لمقترحات أقل سوءا بالنسبة للأطراف السياسية المشاركة في الحوار لا بالنسبة لصالح تونس.