تم إيقاف أحمد حمدوني، ذو الـ24 سنة، معطل عن العمل وشاعر ومدون وسينمائي هاوي، وهو أيضا عضو بفرع الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان بصفاقس. حاول منتصر اغتنام مناخ الحرية للتعبير عن مواقفه على حسابه الفايسبوكي، تعبير افتراضي في ظل فراغ تشريعي، ولم يعلم أن طريقه إلى السجن سالكة. تعرف تدويناته بطابعها الثوري في تمظهره الأناركي المتهكم ضد القمع البوليسي. في نفس السياق تم إيقاف، منتصر الشلي ذو الـ27 ربيعا وهو ناشط مسرحي وعضو الجامعة التونسية للسينمائيين الهواة وسبق له أن أدى دورا في فيلم قصير. تم إيقافه هو الآخر بسبب تدوينة حيث أقتيد إلى العوينة بعد انكار الجهات الرسمية إيقافه. إلا أن الضغط الذي مارسته الرابطة التونسية لحقوق الإنسان كان حاسما لمعرفة مكان الموقوفين. أحمد الذي يُعد مشروعا مسرحيا ويحلم أيضا أن ينشر المسرح في المعاهد والأحياء الشعبية وجد نفسه محمولا إلى غرفة التوقيف. كان يواجه البطالة بالعمل في محطة لتزويد البنزين. وتجدر الإشارة في هذا السياق إلى أن منتصر معروف بانخراطه في الحراك الشعبي بقرقنة ضد شركة بيتروفاك.
حدثتني فردوس الزعيبي، إحدى صديقاته وناشطة بالمجتمع المدني عن حكاية احتجازه، قائلة “في حدود السادسة من مساء الخميس 80 فيفري 2018 قدمت مجموعة أمنية بزي مدني إلى منزل عائلة منتصر الشلي وطلبوا الحديث مع والده الذي كان خارج المنزل، ثم طلبوا لقاء منتصر الذي بمجرد حضروه أخبروه أن يحمل هاتفه معه، وبعد أن أجرى اتصالا أمروه بغلقه وأعلموه أنه في حالة إيقاف. في الليل تم إستدعاء والدته لمركز الأمن بصفاقس ليخبروها أن الأمر لا يستحق تكليف محام لأن المسألة لا تتجاوز قرصة أذن (كبسة)”. بين النشاط المدني والثقافي يتقاسم أحمد ومنتصر صداقتهما، من النشاط في جمعية “وشمة” إلى مسرح الشارع ثم الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات، إلا أن الأمر انتهى بهما إلى الزنزانة بتهمة التدوين المستفز للحكومة والسلطة. وقد تم استنطاقهما بالعوينة يوم الإثنين 12 فيفري 2018، ومن المنتظر أن تتم إحالتهما يوم الثلاثاء 13 فيفري 2018 على القطب القضائي للإرهاب، حسب ما أفدنا به الأستاذ عبد الناصر العويني .
تحت نفس العنوان وبمسميات مختلفة، يظل السؤال مطروحا حول مصير الحرية في ظل الممارسات التي تقوم بها سلطة القمع الديمقراطي. هل يمكن ممارسة حقوق الإنسان الكونية في ظل حكم السلالة الديكتاتورية؟ أم أن المشهد أصبح أكثر وضوحا بعد تصريح وزير الداخلية لطفي براهم خلال جلسة استماع له بمجلس نواب الشعب الإثنين 29 جانفي 2018 أن الوزارة ستقوم برفع شكوى لدى المكلف العام بنزاعات الدولة ضد كل مدون يقوم بالتشكيك في المؤسسة الأمنية و يمس من معنويات الأمنيين. واضاف الوزير ان القانون سيكون الفيصل لمن يثيرون الرأي العام ويثيرون البلبلة بأقوالهم و كتاباتهم على صفحات التواصل الاجتماعي وعل كل شخص ان يتحمل مسؤوليته. ضوء أخضر لمثل هكذا ممارسات على مرأى و مسمع نواب الشعب . فهل عدنا إلى مربع الخوف وسجن الكلمات.