عادت المحاكمات العسكرية بوتيرة قوية في الفترة الأخيرة، خاصة مع ما بات يعرف بقضية المطار التي يحاكم فيها متهمون غالبيتهم من كتلة ائتلاف الكرامة. هذه الأحكام لاقت معارضة شديدة من قبل المحامين والنشطاء الرافضين لمحاكمة المدنيين أمام القضاء العسكري بالإضافة الى محاكمة الأشخاص على نفس الجريمة مرتين، الأولى أمام القضاء العسكري والثانية أمام القضاء المدني.
القضاء العسكري، عصا غليظة ضد معارضي قيس سعيد
يُضاف الحكم الغيابي الّذي صدر على الرئيس الأسبق محمّد المنصف المرزوقي بتهمة الاعتداء على أمن الدّولة الخارجي إلى سلسلة المحاكمات والإيقافات الّتي طالت عددا من المدوّنين والنّاشطين وأعضاء مجلس نواب الشعب المجمد أمام المحكمة العسكرية منذ انطلاق العمل بالتدابير الاستثنائية. فهل أصبح القضاء رهين مزاج الرّئيس؟
المنعرج 80: مدنيّون أمام القضاء العسكري وإصلاحات قضائية مُؤجّلة
منذ إعلان رئيس الجمهورية عن التدابير الاستثنائية في 25 جويلية ورفع الحصانة على النواب محل تتبع قضائي، انطلقت جملة من المحاكمات والإيقافات في حق أعضاء مجلس الشعب المجمد أمام المحكمة العسكرية، لعلّ آخرها إيقاف سيف الدين مخلوف من قبل عناصر بالزيّ المدني أمام المحكمة الابتدائية بالعاصمة. هذه المحاكمات رافقتها موجة من الرفض والاستنكار من معارضي قيس سعيد وحتى في صفوف مؤيديه. ويعتمد معارضو هذا النوع من المحاكمات على مبدأ عام هو الرفض المطلق لمحاكمات المدنيين أمام المحاكم العسكرية، سواء كان ذلك قبل خمسة وعشرين جويلية أو بعدها.
الفصل 80: الخلاص أم الأزمة؟
إن الاقتصار على التأصيل القانوني لتأويل الفصل 80 واعتباره مخالفا للدستور يصل حتى اعتباره انقلابا فيه من الوجاهة لمن يُسرِفُ في اعتبار ما حصل انقلابا، لكن لو سلمنا بكون لهذا التأصيل مشروعية وجب العودة لبدايات المسار الانتقالي انطلاقا من الأحكام الانتقالية وخاصة المحكمة الدستورية التي نص الدستور على ضرورة تشكيلها في أجل أقصاه سنة بعد الانتخابات التشريعية التي تمت في 2014، وهي لم ترَ النور إلى يومنا هذا، وهو ما يعني كون القراءة القانونية الصِّرف تدفعنا لمعاينة الخروج عن الدستور منذ 2015 وليس في 25 جويلية 2021.
عبير موسي وسيف الدين مخلوف: وجهان لعربدة واحدة
قرّرت نقابة الصحفيين مؤخرا مقاطعة عبير موسي بعد أن قاطعت منذ مدة سيف الدين مخلوف وائتلاف الكرامة. ليس لهذه المقاطعة أهمية وظيفية كبيرة، باعتبار أن الشخصيتين المعنيتين لا تعتمدان كثيرا على الإعلام التقليدي. لكن للمقاطعة أهمية رمزية كبيرة، فهي تمثّل إدانة وموقفا مبدئيا أكثر منها حرمانا من التعبير والإعلام، فعبير موسي وسيف الدين مخلوف يمكن اعتبارهما نجوم اللّايف على فايسبوك. ولكن لماذا تلجأ كلتا الشخصيتين إلى استعمال فايسبوك أكثر من الحضور في الميديا التقليدية، حتى قبل قرار نقابة الصحفيين بالمقاطعة؟
“المدرسة القرآنية” بالرقاب: لماذا يستميت المتطرفون في تبييضها؟
أصدرت الدائرة الجنائية بالمحكمة الابتدائية بسيدي بوزيد يوم الجمعة الماضي حكما يقضي بعدم سماع الدعوى في القضية التي اتهم فيها صاحب “المدرسة القرآنية” بالرقاب فاروق الزريبي بالاتجار بالبشر. وينتظر أن تستأنف النيابة العمومية الحكم للدفاع عن مصداقية التحقيق واﻷبحاث في الطور اﻻبتدائي ولدى دائرة اﻻتّهام. كما تتعلق بالمتهم قضيّة في تبييض اﻷموال مازالت جارية لدى القطب المالي، وقضية في الزواج على غير الصيغ القانونية حكم فيها بالسجن سنة، ثم تم الحطّ من العقوبة إلى خمسة أشهر نافذة مع خطية مالية له ولشريكته في الزواج العرفي.
بين إئتلاف الكرامة وقلب تونس، زواج المتعة أو العشق الممنوع!
أعلن إئتلاف الكرامة نهاية الأسبوع المنقضي عن تحالفه مع قلب تونس، وبعد أشهر من الود الخفي أحيانا والمعلن أحيانا أخرى، قرر ائتلاف الكرامة وقلب تونس إعلان “حبّهما” والخروج إلى العلن من خلال مشهد رومانسي جمع رئيسي الكتلتين يوم التصويت على منح الثقة لحكومة المشيشي.
حماة الحمى أم حماة دولة البوليس؟
تونس قبل الثورة، تونس الأمن والأمان، هكذا تحدث الكثير عن تونس فكل الأعين آنذاك كانت متجهة نحو الجمال الخارجي للبلاد لكن لا أحد عالم بما وراء قضبانها، السجون الفردية، السجون المهيأة للتعذيب… هذه هي الحال حتى ثورة 2011، حين بان الجزء المظلم لبلاد ملونة بأزياء “البوليس التونسي”، فبعد الثورة تتالت أصابع الاتهام إلى المنظومة الأمنية خصوصا في القضايا المتعلقة بإطلاق الرصاص على المواطنين. وتحت ضغط العموم على تجاوزات وزارة الداخلية، قام رجال الأمن بتنظيم مسيرات اعتذار قدموا فيها مجموعة من الوعود لتحسين المعاملة وإنهاء وقت الجهاز القمعي، لكن بعد تقريبا 10 سنين من هروب بن علي لا تزال العلاقة بين الأمن والمواطن قائمة على الترهيب لا على التأمين.
النهضة وقلب تونس وائتلاف الكرامة: الترويكا الموازية
بالتوازي مع الأحزاب المتحالفة ضمن حكومة الرئيس إلياس الفخفاخ، تشكل تحالف برلماني مخالف تماما للتحالف الحكومي. تبدو هذه الوضعية سريالية نوعا ما باعتبار أنه في جميع الأنظمة الديمقراطية يكون التحالف الحكومي معبرا عن الأغلبية البرلمانية، لكن الوضع في تونس يختلف تماما، فحركة النهضة تشارك في التحالف الحكومي مع التيار الديمقراطي وحركة الشعب وتحيا تونس في حين أنها بنت تحالفا برلمانيا قائما على التنسيق والعمل المشترك مع “خصمها” القديم حزب قلب تونس وائتلاف الكرامة.
حرب اللوائح في البرلمان: صراع سياسي يدفع تونس نحو العنف والإفلاس
لم تنته بعد حرب اللّوائح داخل مجلس نواب الشعب، وعلى الرّغم من ردود الفعل الشعبية المستهجنة للصراع داخل البرلمان والآثار السياسية والنفسية السلبية التي خلّفها هذا الصراع لدى العموم، إلّا أن معارك اللّوائح مازالت في أوجها. بعد لائحة أولى حول تصريحات رئيس مجلس نواب الشعب حول الصراع الدائر في ليبيا انتهى بانقسام حاد بين معسكرين الأول تمثله تنظيمات الإسلام السياسي ويدعم السراج وحكومة الغرب ومن ورائه تركيا وقطر والثاني تمثّله بعض الأحزاب والكتل التي تصنّف نفسها حداثية وتدعم حفتر وبرلمان الشرق ومن ورائه معسكر السعودية ومصر والإمارات. وعلى الرغم من تعبير بعض الأطياف السياسية صراحة عن حيادها تجاه القوى الإقليمية، إلا أن إسقاط لائحة تدين التدخل الخارجي في ليبيا أعطى انطباعا للداخل والخارج أن البرلمان التونسي لا يدعم السلام في ليبيا ولا يدين التدخل الأجنبي فيها.