كاد الملفّ الاقتصادي أن يطيح برئيس الحكومة السابق الحبيب الصيد، بداية 2016، إثر الحراك الاجتماعي الذي انتشر في أغلب ولايات البلاد احتجاجا على تواصل غياب سياسات جديّة لحلّ معضلات التشغيل. بعد ثمانية أشهر، أدرك يوسف الشاهد أنّ الاقتصاد سيكون قادح جولة جديدة من الانتفاضات أو صمّام امان لضمان الاستقرار وتثبيت حكومته، ليغلب الشأن الاقتصاديّ على خطابه الأوّل في مجلس نوّاب الشعب في 26 أوت 2016. الخطابات والبرامج والوعود والوعيد، لم تفلح في إيقاف المسار التنازليّ ، إذ تكشف المؤشّرات الاقتصاديّة تواصل تطوّر العجز وتراجع النموّ.
المراقبة الإدارية: من غرفة الإيقاف إلى الحصار اليومي
بدأ من مرحلة الإيقاف مرورا بالتحقيق وصولا إلى العقوبة السجنية، سرد الضحايا خلال جلسات الاستماع العلنية لضحايا انتهاكات حقوق الانسان قصص الإعتداء اللفظيّ والبدني الذّي مارسته أجهزة النظام. عذابات هؤلاء لم تنته بخروجهم بانتهاء مرحلة الإيقاف أو السجن، بل تواصلت في شكل ما كان يعرف بالعقوبة التكميليّة، أو التعذيب الناعم عبر فرض ما اصطلح على تسميته قانونيا بالمراقبة الإداريّة. في مارس سنة 2010، أصدرت الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيّين، بالتعاون مع موقع “نواة”، تقريرا مفصّلا عن المراقبة الإدارية في تونس بعنوان “مواطنون تحت الحصار”. دراسة تضمّنت شهادات لضحايا هذه العقوبة وأمثلة موثّقة لارتداداتها النفسيّة وانعكاساتها على حياة المساجين السياسيّين عقب تسريحهم من مراكز الإيقاف أو السجون.
بعد قرار غلق حقل الشرقي بقرقنة: بتروفاك والعودة إلى المربّع الأوّل
عادت شركة بتروفاك لتتصدّر المشهد الاعلاميّ، مع إعلان وزيرة الطاقة والمناجم والطاقات المتجددة هالة شيخ روحو، اليوم 14 ديسمبر 2016، عن التعطيل الكلي لأنشطة الشركة البترولية البريطانية “بتروفاك” في تونس بسبب ما أسمته “إحتجاجات البعض من أهالي قرقنة” وحجزهم لشاحنات الشركة الناقلة للمكثفات النفطية. من جهته أكّد السيّد محمد علي عروس، الكاتب العام للاتحاد المحلي للشغل بقرقنه أنّ ما حدث كان منتظرا، خصوصا وأنّ السلطات وشركة بتروفاك لم تحرز تقدّما يذكر في تنفيذ بنود الاتفاق المذكور منذ ثلاثة أشهر رغم انهاء اللجان المحليّة مهامها
حسين العباسي يدين إزدواجية خطاب صندوق النقد الدولي
اتفاق اللحظات الأخيرة حول التزام الحكومة بالزيادات والمنح المقرّرة لسنة 2017 وضع حدّا لحالة الترقّب وتصاعد المواجهة بين الاتحاد العام التونسي للشغل من جهة وحكومة يوسف الشاهد من جهة أخرى. هذا الاتفاق الذّي أعلن عنه يوم 07 ديسمبر 2016، قبل 24 ساعة من الاضراب العام المقرّر للقطاع العمومي، كان محور ندوة صحفيّة في مقرّ الاتحاد العام التونسي للشغل صبيحة اليوم 12 ديسمبر 2016. الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل حسين العبّاسي ترأّس الندوة الصحفيّة وتحدّث عن الاتفاق الأخير وتفاصيله إضافة إلى معطيات حول دور صندوق النقد الدولي واصطفاف بعض السياسيّين ضدّ الاتحاد.
الحداثة شيء سيّء
على عكس ما يدّعي الحداثيون، فإنّ التيّارات الراهنة، التي تتبنّى “أسلمة” السياسة، هي بدورها حداثية وربّما أشد حداثة. ومن المؤسف أن الحداثة في ثوبها الأسطوري التحرريّ تخلق حولها حالة من الإجماع.
تونس 2020: قراءة إحصائية في نتائج الندوة
أكثر من سبعين دولة و4500 مشارك في الندوة الدوليّة للاستثمار تونس 2020، كانت نتائجها تعبئة 34 مليار دينار تونسي حسب تصريحات رئيس الحكومة يوسف الشاهد. لكنّ السخاء الدولي حسب الاحصائيات، اقتصر في أغلبه على اثقال الاقتصاد التونسي بمزيد من القروض في بلد تستنزف مديونيته أكثر من 60% من ناتجه المحليّ الخام. “أصدقاء تونس” الذّين تجنّدوا لإنقاذ التجربة التونسية والأخذ بيد الاقتصاد التونسي المُنهك، لم يقدّموا سوى 525 مليون دينار في شكل هبات، هذا العدد لا يمثل سوى 3% من إجمالي الاتفاقات والعقود المعلنة.
الندوة الدولية للإستثمار تونس 2020: الأرقام الأخرى
تنتهي اليوم رسميّا أشغال الندوة الدوليّة لدعم الإستثمار والإقتصاد، تونس 2020، والتي استمرّت 48 ساعة منذ يوم الثلاثاء 29 نوفمبر 2016. الدعاية الإعلامية الضخمة لهذه الندوة، إضافة إلى التغطية الاستثنائيّة التي حظيت بها، حملت العديد من الوعود وقائمة طويلة من المشاريع المتنوّعة. لكنّ فوضى الأرقام التّي ازدحمت بها مختلف وسائل الإعلام، كانت أشبه بالواجهة البرّاقة لسياسة استثماريّة أثبتت افلاسها وعمّقت المشاكل الاجتماعية والاقتصاديّة، وحافظت على خطوطها الكبرى في التوزيع القطاعي والجهويّ. 67 مليار دينار و145 مشروعا استثماريا، لم تكن سوى محاولة لتلميع صورة الفريق الحاكم بعد أن بهتت وعوده الانتخابيّة واستنفذ هامش المناورة مع مختلف الأطراف الاجتماعيّة والسياسيّة، ليلجأ مرّة أخرى لقنابل الدخان والاستعراضات الكبرى.
وقفة احتجاجية للمطالبة بالتشغيل والمحاسبة
التحرّك الذّي انطلق على الساعة الثالثة ونصف بعد الزوال، من أمام المسرح البلدي تمّ بدعوة من حملة مانيش مسامح ومنظّمة أنما يقظ، وتحت شعار “ضدّ الإفلات من العقاب” ومحاسبة المسؤولين عن الفساد والتجاوزات في جميع المجالات. وقد تمّ التنسيق مع المفروزين أمنيا الذّين نظّموا وقفة للمطالبة بتسوية ملفّاتهم والتذكير بتعهدات الحكومة وحقّهم المشروع في التشغيل في نفس المكان والتوقيت.
حوار رئيس الجمهورية: فكّ عزلة يوسف الشاهد
مساء 22 نوفمبر 2016، أطّل رئيس الجمهورية مرّة أخرى ليسهب في حوار دام أكثر من ساعة في تقديم التفسيرات والمبرّرات لإجراءات حكومة كان عرّابها منذ البداية، بدأ بجلسات الاستماع العلنية لضحايا التعذيب، مرورا بمشروع قانون المالية 2017 والأزمة مع الاتحاد العام التونسي للشغل، والعلاقة مع الولايات المتحدّة الأمريكية بعد الانتخابات الرئاسية الأخيرة ومجالات التعاون معها ومستقبلها، انتهاء بأزمة نداء تونس، انتقل الباجي قائد السبسي من محور لآخر ليدافع عن توجّهات الحكومة ويتبّناها موجّها كعادته الرسائل لحلفائه قبل خصومه.
مناقشة مشروع قانون المالية 2017: الحكومة تدفن رأسها في الرمال
انطلقت صبيحة اليوم 18 نوفمبر 2016، الجلسة العامة للنظر في مشروع ميزانية الدولة ومشروع قانون المالية لسنة 2017. هذه المداولات التي بدأت بكلمة لرئيس الحكومة يوسف الشاهد، ستستمرّ لأيّام، ستكون ربّما الأصعب في تاريخ البلاد، حيث يمثّل مشروع قانون المالية المطروح للنقاش محور الخلاف الرئيسي بين الحكومة والاتحاد العام التونسي للشغل منذ أكثر من شهر. وفيما سيشرع النواب في مناقشة أبواب الميزانيّة، فإنّ تبعات التصعيد المتبادل بين طرفي الخلاف سيلقي بضلاله على باردو، وقد يحدّد مسار العلاقة المستقبليّة بين حكومة تصرّ على تمرير “رؤيتها” وبرنامجها الاقتصاديّ ومنظّمة الشغيلة التي ترفض عزلها عن الشأن الاقتصاديّ وتوظيفها لإخماد الحرائق الاجتماعية عند الحاجة.
حكومة يوسف الشاهد: بين ضغط صندوق النقد الدولي واحتدام المواجهة مع الاتحاد العام التونسي للشغل
في انتظار جلسة المصادقة على قانون المالية لسنة 2017، أصدر الاتحاد العام التونسي للشغل على صفحته الرسمية مساء يوم الاثنين 14 نوفمبر 2016، توضيحا بخصوص موقفه من مسألة تجميد الزيادات في الأجور، مبيّنا أنّه لن يقبل التنازل عن الزيادات، وأنّه نقل موقفه بوضوح إلى وفد صندوق النقد الدوليّ الذّي أنهى مهمّته في تونس في العاشر من نوفمبر الجاري. وقدد شدّد الاتحاد أنّه لن يقبل وساطة هذه الهيئة المالية الدوليّة في خلافه مع حكومة يوسف الشاهد، والتّي وصفها حرفيّا “بمهزلة الوساطة” مشيرا إلى انّه لن يشارك في أيّ وفد يتوجّه إلى صندوق النقد الدولي.
مروان مبروك والهروب من ظلال الماضي
على عكس عدد من أصهار وأقارب الرئيس السابق زين العابدين بن علي، استطاع مروان المبروك الخروج بأقلّ الأضرار بعد التغيير السياسي الذّي شهدته البلاد عقب 14 جانفي 2011. لكن متاعب هذا الأخير لم تنته، بعد تهديدات الرئيس المدير العام لأورنج فرنسا بتعليق نشاط الشركة في تونس، تزامنا مع قرار وزارة الإقتصاد والمالية الفرنسية يوم الثلاثاء 02 نوفمبر 2016 القاضي بإعادة تجميد حسابات وممتلكات عائلة بن علي وزوجته وأقاربهم ومن ضمنهم صهره السابق. قضيّة مروان المبروك تعيد إلى الأضواء قضية تلازم الثروة والسلطة في عهد بن علي، بعد أن غُيّب تقرير عبد الفتّاح بن عمر منذ سنة 2011، وتبرئة القضاء التونسي لهذا الأخير. كما تكشف وجها آخر لصراع الشركات العالمية الكبرى على “الكعكة” التونسيّة كما سمّاها رئيس الحكومة السابق مهدي جمعة.
ظلّ دونالد ترامب على تونس : التوجس سيّد الموقف
تونس ما بعد 14 جانفي 2011، والتّي لم تعرف طوال السنوات الخمس الماضية غير حضن الديمقراطيّين والرئيس السابق باراك أوباما، قطعت حكوماتها المتعاقبة شوطا مهمّا على “الطريق الصحيح” (على حدّ تعبير الرئيس الباجي قائد السبسي) الذّي رسمه الأمريكيّون. لكنّها تجد نفسها اليوم في مواجهة إدارة “جمهوريّة” جديدة برئاسة دونالد ترامب، قد لا تختلف في السياسات الكبرى عن سابقاتها، لكنّها خلقت منذ الساعات الأولى مناخا من الشخوص والبهتة والترّقب في الساحة السياسية التونسيّة، خصوصا وأنّ أهمّ الأطراف السياسيّة في تونس معنيّون بشكل أو بآخر بتصريحات ترامب المتجرّدة من أبسط قواعد الديبلوماسية.
السعودية تقيل وزير الشؤون الدينية
تطرّف القرار الحكومي الذي اتخذ منحى الإقالة يعكس حجم الضغوطات التي مارستها المملكة العربية السعودية على تونس، أساسا عبر وزير خارجيتها عادل الجبير، الذي يتمتع بحظوة كبيرة لدى مؤسسات الحكم في تونس ولدى الكثير من عواصم العالم، خصوصا في أوروبا وأمريكا.
تكذيب: ردّا على حملة التضليل الإعلامية ضدّ جمنة
تجنّدت عشرات المواقع والصحف الالكترونية منذ مساء يوم أمس 01 نوفمبر 2016 لنشر ادعاء المحامي نزار عيّاد اكتشافه أنّ المستغلّ الحقيقي لهنشير ستيل بحمنة هي شركة تجارية خاصّة، ليتبيّن بالوثائق زيف ادعاءه. هذه المحاولة الجديدة تأتي في سياق تواصل الحملة الإعلامية ضدّ تجربة جمنة التي تتعرّض منذ شهر سبتمبر الماضي إلى عملية تشويه متواصلة منذ عجزت الدولة عن إفشال البتّة العمومية، لتوكل المهمّة إلى صحف ومواقع الكترونية وأبواق تكفّلت بمواصلة الهجوم على تجربة جمعية حماية واحات جمنة في إدارة هنشير ستيل وتكثيف الضغط على القائمين عليها.
قابس: هلاك عامل الستاغ يُخيّم على افتتاح الندوة الدولية حول البيئة
تعرضّت الندوة دولية حول البيئة التي تمّ برمجتها في مدينة قابس خلال الفترة الممتدة بين 27 و 30 أكتوبر 2016 إلى عراقيل عديدة دفعت بالمنظمين والمشاركين إلى اللجوء لعقد اجتماعاتهم ومتابعة نشاطاتهم إلى أحد الساحات العامة وسط مدينة قابس. الندوة التي تأتي في سياق الاستعدادات لمؤتمر الأطراف للتغير المناخي في دورته 22 (cop 22)، تمّ افتتاحها في أجواء من التوتّر والاحتقان الشعبي بعد وفاة عون الصيانة بالشركة التونسية للكهرباء والغاز بقابس عبد القادر الزيدي، مساء يوم الأربعاء 26 أكتوبر الجاري إثر تعرّضه للتسمم والاختناق بسبب انبعاث غازات صناعية سامّة.
صندوق النقد الدولي-البنك الفرنسي التونسي: ”إصلاحات صعبة“ لطمس مسؤولية النخب المالية
ما يزال صندوق النقد الدولي يواصل تلاعبه بالإشارة إلى أنّ ”مكافحة الفساد يجب أن تظلّ محور برنامج الإصلاحات“: بعد أنّ غض النظر عن التدقيق في الشركة التونسية للبنك، والتي لم تأخذ بعين الاعتبار نتائج الموازنات العمومية للبنك الفرنسي التونسي، مثّل هذا القرار خطوة لتبييض المسؤولين عن الإفلاس الوشيك لهذه البنوك وتلقي بعواقب ممارساتهم الاحتيالية على التونسيين.
مشروع المالية 2017: الفئات الأضعف تدفع ثمن سياسة التقشّف
لم يخلو مشروع قانون المالية لسنة 2017 من إجراءات أثارت حفيظة الأطراف النقابية والاجتماعية، نظرا لتعارضها مع الاتفاقات السابقة، أو لعدم تلبيتها للعاجل الاقتصاديّ في مختلف القطاعات، أو للتدابير الفضفاضة التي تتناقض مع الحملة الإعلامية الرسمية ضدّ الفساد. لكنّ النقطة الأبرز في المشروع الحالي لميزانية سنة 2017 هي تحميل الطبقة الأضعف والمتضرّر الأكبر من الأزمة الاقتصادية المتواصلة منذ أكثر من خمس سنوات دون غيرهم أعباء “التضحيات” التي طالب بها رئيس الحكومة منذ ظهوره الأوّل.