بعد الحصار والتجويع في سرت، لم تسلم قافلة الصمود بعد عودتها إلى تونس في 19 جوان الجاري من حملات تشويه قادتها فاطمة المسدي، النائبة في برلمان منظومة 25 جويلية، واتهامات من قبل الاتحاد الجهوي بصفاقس بالتطبيع تعكس هول الجهل المستشري في صفوف قياداته.
بعد الحصار والتجويع في سرت، لم تسلم قافلة الصمود بعد عودتها إلى تونس في 19 جوان الجاري من حملات تشويه قادتها فاطمة المسدي، النائبة في برلمان منظومة 25 جويلية، واتهامات من قبل الاتحاد الجهوي بصفاقس بالتطبيع تعكس هول الجهل المستشري في صفوف قياداته.
بعد ثلاثة أيّام من الحصار والاعتقالات على مشارف سرت، عادت قافلة الصمود للتمركز قرب مدينة مصراطة في 14 جوان الجاري في ظلّ غموض يكتنف مصير المعتقلين ومآل الرحلة ككلّ. أمّا في القاهرة، فتم افتكاك جوازات المشاركين في Global march to Gaza وتعنيفهم تحت أنظار قوات الأمن. في المقابل بدت وزارة الخارجية التونسية وكأنّ على رأسها الطير.
في مشهد مذّل، افتتحت وزيرة الثقافة أمينة الصرارفي معرض “مانيا ماتر من روما إلى زاما” الذي يحتفي بنهاية قرطاج على يد روما في معركة زاما المشكوك أصلا في وقوعها. خطوة لاقت استهجانا ورفضا لتبعية غير مبررة لإيطاليا، وصلت حد الإسهام في ضرب تاريخ قرطاج.
في الذكرى الثالثة لقرار قيس سعيد ترهيب القضاة بعزل 57 قاضيا دفعة واحدة بناء على تقارير بوليسية، أعلنت جمعية القضاة التونسيين في 02 جوان الجاري تأجيل مؤتمرها الصحفي بعد تراجع النزل عن استضافتها. حدث مفصلي مثّل منعرجا حاسما في مسار تركيع القضاء وتطويعه ليكون وسيلة في خدمة سلطة 25 جويلية وبداية لأحكام طويلة في حق معارضات ومعارضي النظام.
في تواصل لسلسلة الاحتجاجات منذ سنوات في ڤابس لوقف المذبحة البيئية وتفكيك الوحدات الملوثّة للمجمع الكيميائي، عرف احتجاج 23 ماي الجاري إيقاف البوليس لمواطنين وتعرض أحد النشطاء للتعذيب. وقائع تكشف مرة اخرى حدود الشعارات التي تحدّث التونسيين عن الكرامة والعدالة والحقوق والحريات.
خلاف على التسيير، ومطالب بدمقرطة الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان تحوّلت إلى مطيّة من قبل السلطة وأبواقها لشل منظمة عصيّة عن التطبيل للاستبداد ومسايرة الجنون العنصري. منهج تجترّه سلطة سعيّد من إرث الحقبة البورقيبية والنوفمبريّة في ضرب الرابطة ونقابة الصحفيين واتحاد الشغل.
أكثر من ثلاثة أسابيع مضت على اعتقال سلطة 25 جويلية للمحامي والقاضي السابق أحمد صواب. وأكثر من سنة مرّت على إيقاف سعدية مصباح وباقي نشطاء الهجرة و سنية الدهماني ومراد الزغيدي وغيرهم كثر.. في المقابل ورغم الهبّة الحينيّة الرافضة للإيقافات، فإنّ موجة الاحتجاجات سرعان ما تنحسر، وهو تعتمد عليه السلطة لمواصلة سياستها القمعية مراهنة على التطبيع مع الظلم وانهاك الشارع.
يحيي التونسيون يوم 8 ماي من كل سنة ذكرى ضحايا التعذيب في اليوم الوطني لمناهضته. تعذيب لم يكن ليتواصل في تونس لولا تواصل افلات الجلادين من العقاب، ما دفع عائلات إلى طرق باب الأمم المتحدة بعد تنكر الدولة لهم وتشفي الجحافل في عذاباتهم.
في مشاهد مخزية تذكّر بممارسات الميليشيات اليمينية المتطرّفة في بعض دول أوروبا واستجابة لهلوسات الاستبدال الكبير، راجت مقاطع فيديو لتونسيين يطاردون مهاجري جنوب الصحراء ويحتجزونهم قبل تسليمهم إلى السلطات. عنصرية تستقوى على المستضعفين على غرار ما يحصل مع التونسيين الحراقة في أوروبا.
بعد حملة شرسة من قبل أبواق النظام، تمّ إيقاف القاضي السابق والمحامي أحمد صواب في 21 أفريل 2025، والاحتفاظ به لمدّة 5 أيّام على معنى قانون الإرهاب. سكّين السلطة كانت أقرب إلى صواب من تعبير مجازي استعمله لتوصيف المجزرة التي تتعرّض لها العدالة في تونس.
في فصل آخر من فصول المآسي المتكرّرة التي تعرفها المدارس والمعاهد العمومية، فُجعت مدينة المزونة في سيدي بوزيد بوفاة 3 تلاميذ إثر سقوط سور المعهد عليهم يوم 14 أفريل 2025. فاجعة تعاطت معها السلطة بلا مبالاة وانتهجت إزاءها سياسة النعامة وإلقاء المسؤولية على “الآخرين” والتبرير الوقح، بل جابهت لوعة وغضب المواطنين بالغاز المسيل للدموع والقمع البوليسي.
يتواصل الحراك الشعبي في تونس ضدّ مصالح الدول والشركات الداعمة للأبارتهايد الصهيوني الذي يُمعن في تقتيل الشعب الفلسطيني في غزّة للعام الثاني على التوالي. في المقابل تدفن السلطة رأسها في الرمال بعد أن رفضت تجريم التطبيع في سابقة برلمانية ترتقي لمستوى الفضيحة، مُكتفية بالدعاء للشعب الفلسطيني.
يوم 31 مارس 2018 قتل الشاب عمر العبيدي غرقا في الوحل بعد ان طاردته الشرطة لمئات الأمتار خارج ملعب رادس. ومنذ ذلك التاريخ تكتلت اجهزة الدولة لضمان افلات الجناة من العقاب، وكان لهم ما أرادوا بصدور حكم بالقتل على وجه الخطأ. ومنذ ذلك التاريخ يسعى نشطاء لاعتماده يوما وطنيا لانهاء الافلات من العقاب في الجرائم البوليسية. فلماذا تجاهلتهم السلطة ولماذا تفتح حروب التطهير على الجميع وان كانت كلامية باستثناء جهاز البوليس؟
لم يشذّ قيس سعيّد عن عادته في التعاطي مع رؤساء حكوماته وهو يقيل رئيس الحكومة كمال المدّوري من منصبه ويعوّضه بسارة الزنزري فجر 21 مارس 2025. خطّة رئيس الحكومة في عهد سعيّد تحولت إلى ابتلاء “للعابرين” بالقصبة وشمّاعة لمحو فشل خيارات الرئيس وتعييناته.
تتواصل حدّة الحملات العنصرية ضدّ المهاجرين الأفارقة من جنوب الصحراء منذ خطاب الرئيس قيس سعيّد في فيفري 2023. تبعات نظريّة ”الاستبدال العظيم“ وصلت إلى حدّ خروج مريدي الرئيس لمطاردة المهاجرين في الشوارع والأرياف، مدعومين بنوّاب تفنّنوا في رفع الشعارات العنصريّة والتبرير لمذكّرات تفاهم تجعل تونس السور الواقي لشواطئ أوروبا.
أثارت المجازر التي ارتكبتها قوّات أحمد الشرع (الجولاني) خلال الأيّام الماضية في الساحل السوري جدلا في تونس بين من اعتبرها تصديّا لفلول نظام الأسد ومن صنّفها كتطهير طائفي. تجاذبات كشفت ازدواجية المعايير والخطاب حسب القرب الايديولوجي والديني من القضية.
هيمنت أخبار مآلات ما يعرف بقضية التآمر على الزخم السياسي بدايات شهر مارس. أولى جلسات القضية التي فرض منع التداول الإعلامي فيها قبل ختم البحث، تميزت باحتجاجات خارج المحكمة وحضور مكثف داخلها لمحامين وصحفيين وعائلات المتهمين، رفضت المحكمة عقبها كل مطالب الافراج مع تأجيلها لشهر أفريل المقبل.
بعد الافراج المشروط عن عدد قليل من المساجين تزامنا مع انعقاد الدورة السنوية لمجلس حقوق انسان الأمم المتحدة، راجت خطابات تتحدث عن انفراج وبوادر تغيير في تعامل السلطة مع معارضيها. إلا ان بلاغ الخارجية الأخير أعاد مشكورا الأمور إلى نصابها.