استضافة قوات اجنبيّة على الأراضي التونسيّة وآفاق التعاون العسكريّ والتدخّل الأمريكيّ في الشأن الداخليّ لتونس، هم محاور الوثائق التّي تحصّلت عليها نواة والمتمثّل في ”مذكرة حول الاتفاق المتعلّق بوضعية أفراد القوات المسلحة الأمريكية المتواجدين بصفة مؤقتة داخل الإقليم التونسي وأفراد القوات المسلّحة التّونسية المتواجدين بصفة مؤقتة داخل إقليم الولايات المتّحدة الأمريكية“ إضافة إلى وثيقة ثانية تحت عنوان ”مذكرة بخصوص مشروع الاتفاق المتعلق بالوضعية القانونية للقوات الأمريكية خلال تواجدها بتونس“ والتي تتضمّن ملاحظات الجانب التونسي على بعض النقاط الواردة في المذكرّة الأولى. وأخيرا أهمّ المسائل التي تناولها الحوار الثنائيّ بين رئيس الجمهوريّ الباجي قائد السبسي ووزير الخارجية الأمريكي جون كيري خلال أعمال الدورة الثانية من الحوار الاستراتيجي التونسي الأمريكي في نوفمبر 2015.
قواّت على الأرض دون قيد أو شرط
الأخبار التي تناولت هذه القضيّة في السابق، وإن قوبلت بالنفي أحيانا وبالتجاهل غالبا، إلاّ أنّ بنود المعاهدات وكواليس النقاشات الثنائيّة بين الطرفين الأمريكيّ والتونسيّ تشي بأنّ حلول قوّات أمريكيّة على الأراضي التونسيّة بدعوى مساعدة القوات المسلّحة التونسيّة في الحرب على الإرهاب وتطوير قدرات الكوادر الأمنية صار أمرا وشيكا إن لم يكن واقعا بالفعل.
الوثيقة الأولى التّي تحصّلت عليها نواة تفصح عن اتفاق بين الحكومة التونسيّة ونظيرتها الأمريكيّة بخصوص وضعيّة «أفراد أحد الطرفين الذين يمكن أن يتواجدوا داخل إقليم الطرف الآخر فيما يتمّ الإتّفاق عليه مسبقا بمناسبة زيارات البواخر أو في إطار تنفيذ تمارين وتدريبات أو أنشطة أخرى متّصلة بالمجال العسكري.»
ويشمل هذا الاتفاق طبيعة التسهيلات أثناء التنقّل والتصاريح والأداءات ونقل المعدّات والأفراد، إضافة إلى نقطة تتناول مسألة اسقاط الدعاوي في حال تلف معدّات أحد الطرفين أو إصابة وموت أفراد من القوّات المرسلة او من المدنيّين وكيفية صرف التعويضات في هذه حالة تسبّب أفراد البلد المُرسِل في ضرر للطرف المضيف.
رغم أنّ البنود الواردة في الوثيقة المذكورة تشمل قوّات الطرفين، إلاّ انّه من البديهيّ أنّ الطرف المعنيّ هو الولايات المتحّدة الأمريكيّة، حيث يعتبر نشر قوّاتها على أراضي ”الحلفاء“ عقيدة عسكرية تقليديّة للجيش الأمريكيّ منذ نهاية الحرب العالميّة الثانية. فيما لا تملك تونس القدرة ذاتها لنشر قوات في الولايات المتحدة الأمريكيّة باستثناء بعثات طلبة الكلية العسكرية أو دورات التكوين والتدريب.
أمّا أهمّ البنود المثيرة للجدل، تتعلّق بالحريّة المطلقة للأفراد الموجودين في البلد المضيف لتوريد ما يرونه ضروريا في مهماتهم من أسلحة ومعدّات وتقنيات، وحريّة استعمالها دون تراخيص مسبقة أو تفتيش أو رقابة.
النقطة الثانية تتناول مسألة الدعاوي في حال تضرّر البلد المضيّف من تواجد القوّات الأجنبيّة، بصيغة أخرى تلتزم الحكومة التونسيّة بإسقاط حقّها في محاسبة القوات الأمريكيّة عن اتلاف المعدّات أو المنشآت أو التسبّب بموت أحد أفراد كلا الطرفين من المدنيين أو العسكريّين. فيما تتكّفل الولايات المتحّدة بتسوية مسألة التعويضات وفق ما تراه مناسبا.
أمّا النقطة الأخيرة فتتعلّق بمجال الاتفاق، حيث لم يتمّ توضيح طبيعة ”الأنشطة الأخرى المتصّلة بالمجال العسكريّ“ والتي تفتح باب التأويلات حول طبيعة وحجم القوّات ومهامها الحقيقيّة.
الجانب التونسيّ بدوره، ضمّن في الوثيقة الثانية التي تحصّلت عليها نواة نقاط احتراز على بعض البنود المبهمة أو المنقوصة من وجهة النظر التونسيّة إضافة إلى مقترحات لتحسين الصيغ أو المصطلحات المستعملة في الاتفاق دون المسّ من جوهره.
أمّا اهمّ الملاحظات فتمحورت حول طلب توضيح ماهيّة ”الأنشطة الأخرى“، سواء عبر الاتفاق مسبقا على طبيعتها أو تغيير الصياغة وفتح آفاق التعاون دون حصرها في المجال العسكريّ. الملاحظة الثانية تتعلّق بطلب توضيحات أكبر حول عدم اخضاع أفراد البعثات الأمريكيّة ومعداتهم للتفتيش وحريّة تنقل البواخر والعربات المجرورة داخل التراب التونسي. وأخيرا أكّد الجانب التونسيّ على الإلتزام بإسقاط الدعاوي على الاضرار الممكنة أثناء أداء المهام وليس خارجها، مستفسرا عن سبب إبقاء الصياغة القديمة التي تعفي أفراد البعثة من المحاسبة عن التجاوزات والاضرار خارج إطار مهامهم في النسخة الإنجليزية من الاتفاق.
التجربة التونسية في المخبر الأمريكي
الوثيقة الأخيرة التي تحصّلت عليها نواة تتعلّق بفحوى الحوار الذّي جمع كلاّ من رئيس الجمهورية الباجي قايد السبسي ووزير الخارجيّة الأمريكي خلال أعمال الدورة الثانية للحوار الاستراتيجي الأمريكي التونسي في 13 نوفمبر 2015.
كيري الذّي استهّل الحديث، نقل للسبسي الهواجس الأمريكيّة تجاه أزمة حزب نداء تونس، ناعتا الطرف المقابل ب”الأوغاد“ ممّا يترجم الموقف الأمريكي من طرفي النزاع ودعم الحكومة الحاليّة لشق الباجي وابنه في مقابل محسن مرزوق وأنصاره. وبغضّ النظر عن طبيعة تلك الأزمة وأطرافها، فإنّ تعليق كيري على شأن داخليّ بحت يعكس حجم الاهتمام الامريكيّ بالأوضاع السياسيّة في تونس ويمثّل تدخّلا سافرا في الشؤون الداخليّة التونسيّة. في المقابل فإنّ ردّ رئيس الجمهوريّة على هذه النقطة بالذات بمثل ذلك الشكل الانبطاحيّ يعكس هو الآخر طبيعة العلاقة التونسيّة الامريكيّة وتواصل ثقافة الاستتباع.
يواصل كيري تعليقاته، ليعرّج على مسألة الإصلاحات المنتظرة على الصعيد الاقتصادي ووفق الرؤية الأمريكيّة وأداوتها المالية كصندوق النقد الدوليّ والبنك الدوليّ. ليردّ الرئيس التونسيّ بالموافقة ويبرّر بطأ نسق ”الإصلاحات“ بصعوبة الظروف الأمنية والاقتصاديّة، ذاكرا ما تم إنجازه على صعيد رسملة البنوك العموميّة والإصلاحات الجبائيّة وتعديل مجلّة الاستثمار والشراكة بين القطاعين العام والخاصّ، وهي اجراءات ما يزال عدد منها قيد النقاش والجدل لما تمثّله من ضرب لمقوّمات الاقتصاد الوطنيّ وتعسّف على الفئات الهشّة وتهميش لدور الدولة الاجتماعيّ.
النقطة الأكثر إثارة في تلك المحادثة الثنائيّة، هي تجديد موافقة رئيس الجمهوريّة المبدئيّة على مشروع intelligence, surveillance et reconnaissance. هذا المشروع الذّي نشرت بعض تفاصيله الصفحة الرسميّة لحلف شمال الأطلسيّ يتعلّق بتنسيق الجهود على صعيد الاستخبارات والمراقبة وتبادل المعلومات بين مختلف أعضاء الحلف، ومن ضمنها تونس التي تحصّلت مؤخّرا على صفة ”الحليف الأساسي غير العضو بالناتو“.
هذا المشروع يرتكز بالأساس على عمليات الرصد والمراقبة وتبادل المعلومات وتقديم التسهيلات العسكريّة بشتّى أنواعها لأعضاء الحلف، سواء عبر الأقمار الاصطناعيّة أو طائرات الاستطلاع أو فتح المجال البريّ للقوات العسكريّة لتنفيذ مهامها. وهو ما يؤكّد مرّة أخرى مضيّ الحكومة التونسيّة قدما نحو تمكين قوّات حلف شمال الأطلسي من تواجد على الأراضي التونسيّة وفق الالتزامات التّي تفرضها عضويّة تونس في الحلف.
أمّا بقيّة الحوار فشمل الوعود الأمريكيّة بمواصلة دعم الحكومة التونسيّة ماديّا وضمان قرض ثالث في وقت بلغت فيه نسبة الديون الخارجيّة أكثر من 53% من الناتج المحليّ الخام. إضافة إلى السعي لتسريع صفقة مروحيات بلاك هوك التي تمّ الاتفاق عليها خلال زيارة رئيس الجمهوريّة إلى الولايات المتحّدة الأمريكيّة في ماي 2015.
« الطريق الصحيح » نحو الهاوية
عندما يتحدّث أوباما عن تونس ويصفّق أعضاء الكونجرس بقوة فهذا يعني أنّنا على الطريق الصحيح وأنّه لا يجب أن نحيد عن هذا الطريق. الباجي قائد السبسي، مارس 2011
منذ 53 سنة، كاد شاه إيران رضا بهلوي أن يُخلع من الحكم عقب انتفاضة شعبيّة قُمعت بالطائرات والدبّابات فيما يعرف بانتفاضة 5 جويلية 1963.هذه الانتفاضة التي انطلقت من قمّ لتنتشر في أغلب مدن إيران، جاءت كردّ على ”الثورة البيضاء“ للشاه لوضع إيران على ”الطريق الصحيح“. وقد شملت إجراءات الشاه إعادة هيكلة الاقتصاد الإيرانيّ وفق برامج البنك الدوليّ وتكريس التبعيّة الاقتصاديّة والسياسيّة والثقافيّة للولايات المتحدّة الأمريكيّة وتعزيز التسهيلات المقدّمة للأسطول الامريكيّ في المنطقة.
”الطريق الصحيح“ الذّي تحدّث عنه رئيس الجمهوريّة الباجي قائد السبسي منذ خمس سنوات، تجاوز المساعدات الاقتصاديّة والعسكريّة، ليُتوّج بسلسلة من الاتفاقيات ومذكّرات التفاهم بين الطرفين. لم تقتصر ارتدادات هذه الاتفاقيات على استقلاليّة القرار التونسيّ وتدعيم ارتباط الاقتصاد المحليّ بالسوق الأمريكيّ والخضوع لاملاءات هيئات النقد الدوليّة بخصوص إعادة هيكلة الاقتصاد المحليّ.
على الصعيد السياسي، انعكست هذه التبعيّة عبر تكريس الاصطفاف التونسيّ وفق الرؤية الأمريكيّة إزاء عدد من القضايا الإقليمية والدوليّة، بدأ بدور تونس في الإطاحة بمعمّر القذافي مرورا بمؤتمر أصدقاء سوريا الذّي تبنّى الوجهة الأمريكيّة تجاه الأزمة في سوريا وتسهيل تسفير الجهاديّين نحو تركيا ومن ثم إلى داخل التراب السوريّ، إضافة إلى رفض تجريم التطبيع في الدستور التونسي وآخرها الاصطفاف في الحلف السعوديّ المدعوم أمريكيّا والتورّط في تجريم حركات المقاومة وتبنّي الرؤية السعوديّة والامريكيّة لطبيعة الصراع في سوريا ولبنان واليمن على أساس طائفيّ.
وصلت المسيرة اليوم على ”الطريق الصحيح“ إلى حدّ التعهّد بتقديم تسهيلات للقوات العسكريّة الأمريكيّة داخل الأراضي التونسيّة، دون أن يعلم أحد ما قد يخفيه نهاية الطريق من مفاجئات.
تسهيل عمل القوات الامريكية على أراضيها
هذا أمر خطير ..
grave ken s7i7a !
Kerry tiens beji comme une gerboise.
Pourquoi vous vous obstinez à refuser que nous nous somme rien nous somme un petit pays qui ne peut rien faire sans des amis, vous voulez peut-être choisir le camp d’afghanistan? Il nous faut l’aide des états unis et malgré qu’ils sont des amis ca ne sera pas gratuit mais rien de plus honnête que de demander la sécurité de ces citoyens et des citoyens du pays hôte.