تغطية الطاهر العبيـــــدي

التاريخ : الخميس 21 اكتوبر 2004
المكان : ساحة ” شارل لوروا ” بروكسال عاصمة بلجيكا
التوقيت :الثالثة بعد الظهر
المناسبة : من أجل إطلاق سراح المساجين

في هذا المكان، وفي هذا اليوم، وفي هذا التاريخ، ومن أجل رفع الأصوات عاليا للتعريف بأولئك المساجين، الذين طال أسرهم، وما عاد ممكنا السكوت عن هذه الفاجعة الإنسانية، التي تجاوزت كل الحدود الجغرافية والزمنية والسياسية، وأضحت عنوانا كالحا للظلم والاضطهاد، و شرخا عميقا بعمق سنوات الجمر، وأيام التراجيديا السجنية، لسجناء صاروا أشباه أجسام، تنهشهم الأمراض، وتفترسهم رطوبة المعتقلات، وتلطمهم سنوات العذاب، وتنحرهم أوضاع عائلاتهم وتشتتهم بين قفة ثقيلة الثمن، وزيارات متناثرة بين المسافات الطويلة، وبين تصاريح زيارات معقّدة، وانتظار وحزن وأعياد مرّة الطعم والمذاق، وطوابير مبعثرة طيلة سنوات أمام أسوار السجون، حتى أصبح المنظر منظر مأساة بلا نهاية، رغم أنّ كل هذه الإصابات البليغة التي أصابت وتصيب هؤلاء المساجين وعائلاتهم، الذين لم يمارسوا حتى العنف اللفظي.

في هذا المكان، وفي هذا التاريخ، وفي هذه الساحة التي قد تسجّل منعرجا آخر في تاريخ العمل الحقوقي المهجري، الذي حاول أن يكون هذه المرة أكثر استلقاء تحت أشعة شمس الإعلام الدولي وفي مفترق النبض الأوروبي، لطرح قضية المساجين والتعريف بهذه المظلمة التي طالت أكثر من المرض العضال، والتي أصبحت علامة سوداء في تاريخ الإنسانية…

في هذا اليوم، وفي هذا التاريخ، وفي هذه الساحة الرمزية، وقبالة البرلمان الأوروبي، توافدت منذ الصباح الجموع الغفيرة من جميع أنحاء أوروبا، عبر السيارات الخاصّة، ومختلف وسائل النقل العمومي ( حافلات قطارات، طائرات)، حتى قدّر العدد بحوالي 150 نساء ورجال، رغم أن هذا اليوم لم يكن يوم عطلة، مما جعل الكثير يتعذر عليه القدوم والمشاركة بالحضور، فعبّر عن المساندة عن طريق البريد الإلكتروني، أو البريد الهاتفي، وقد تجمع في هذه الساحة هؤلاء القادمين من فرنسا وهولندا، وسويسرا، والنمسا، وألمانيا، وأهالي بلجيكا، لتزدحم الساحة بالأعلام التونسية، واللافتات التي تطالب بإطلاق سراح المساجين، وصور البعض منهم، وقد هتف الحاضرون بشعارات تحسيسية، حول واقع المساجين، بحضور وسائل الإعلام المتعددة والعديد من الجمعيات الحقوقية، وعند تجوالنا بين الصفوف المزدحمة، لاحظنا نوعا من الإصرار على مواصلة النضال من أجل تحرير الأسرى الرهائن، وامتعاضا كبيرا من استمرار هذه الوضعية، التي تؤرّق الكل…

واستمرّ التجمع يهتف بعدة شعارات من بينها ” شادّين، شادّين في سراح المساجين “، ” لتسقط الديكتاتورية “، كل ذلك تحت رفرفة الإعلام التونسية، والتشبث بحقّ المواطنة والانتماء إلى بلد ” اسمه تونس التسامح والإخاء ”

هذا وقد تلي بيان عبر مكبّرات الصوت، تطرّق إلى خلاصات أوضاع المساجين ومعاناتهم اليومية، وأوضاعهم الصحية، والتجاوزات القانونية، والتعريج على أسماء بعض من فقدوا حياتهم، نتيجة التعذيب نذكر منهم حسب ما أذيع في البيان المقروء علنا –

عبد الرؤوف العريبي – سحنون الجوهري – مبروك الزرن – الخضر السديري- حبيب ردادي – وغيرهم…

وقد تمّ استقبال وفد من المنظمين من قبل مسؤولين لهم وزنهم في البرلمان الأوروبي، واستمعوا إلى شرح مفصّل حول توصيف وضعية المساجين، وقوبل الوفد بكثير من التفهّم من طرف المسؤولين، الذين أبدوا تعاطفا واضحا، وأعلنوا أنهم مدركين للوضعية المتردية، ومطلعين على حيثيات الملف، ووعدوا بأنهم سوف لن يدخّرون جهدا في الاهتمام بهذه القضية، وقد كان الاستقبال فيه كثيرا من الانتباه والتعاطف مع قضية المساجين، من طرف المسؤولين البرلمانيين الأوروبيين…

وبسؤالنا لفتحي الناعس الكاتب العام لجمعية التضامن التونسي، أحد الجمعيات المنظمة لهذه المبادرة حول اختيار هذا التوقيت بالذات؟ وماذا ينتظرون من هذا التجمع؟ وهل هذا التحرك هو تحرك مناسباتي يليه نوم سياسي أم هو تحرك استعراضي؟ أجابنا قائلا:

أن عملنا الحقوقي هو عملا متواصلا، وليس مرتبطا بمحطات وتواريخ سياسية، ولا يمكن أن يكون من قبيل الظهور، ذلك لأن إيماننا بالمواطنة وحقوقها هو قناعة مبدئية، وليست نوعا من القرصنة، وقد اخترنا هذا التوقيت المتزامن مع الانتخابات، قصد التحسيس وما ننتظره هو أن هذه القضية تأخذ بعين الاعتبار، لأن وضع المساجين وطيلة 14 سنة من المعاناة والعذاب، أصبح وضعهم ووضع عائلاتهم، ويتم أطفالهم بالحياة وضعا لا يحتمل، وإننا ماضون في عملنا كجمعية حقوقية تونسية تناضل من أجل كرامة وحرية المواطن، وعملنا لم يتوقف منذ سنين، وقد قمنا بكثير من التجمعات والتحرّكات والمراسلات والنداءات والندوات، ونعتقد أن كل تحرك لا يقل أهمية عن الآخر، وإن اختلفت السبل، ونود أن نشير لكم ولكل من يقرؤونا ويسمعونا، أن عملنا متواصل، وسوف لن يهدأ لنا جفن طالما هناك شريحة من شعبنا وراء القضبان، ونحن في جمعية التضامن التونسي، نطرح على أنفسنا الدفاع عن ضحايا الاضطهاد مهما اختلفت ألوانهم السياسية، ذلك لأننا نؤمن بالإنسان، ونؤمن أن حقوق المواطنة والدفاع عن حريتهم وكرامتهم ليس مقتصر على فئة دون غيرها.

وحول هذا الموضوع سألنا أحد المساجين السابقين الذي جاء من أجل المشاركة في هذا التجمع الاحتجاجي ما مدى الجدوى المنتظرة من هذا التحرك ؟ فأجاب

منصف بوسحاقي قائلا : لم يكن الهدف من وراء هذا التجمع تدويل القضية، أو أي نوع من التخوين المضر بمصلحة البلاد، بل في رأيي ومن موقعي كسجين سياسي اكتوى بمرارة السجن وعذاباته، وأحد مناضلي الاتحاد العام التونسي للطلبة، حيث عانيت العزلة الانفرادية، ومختلف العقوبات، والنقلات التعسفية من سجن لآخر، وقد فقدت والدي الذي توفي كمدا على إثر وجودي بالسجن، أن سبب وجودنا اليوم هنا في بلجيكا عاصمة التقاطع الأوروبي، لأجل تحريك الضفة الأخرى، والتعريف بقضية المساجين، لان في رأيي السكوت عن هذه القضية هي خروج عن الإنسانية، وأعتقد أن طرح قضية المساجين في البرلمان الأوروبي، ليس من باب التشهير بصمعة البلاد، بل اعتمادا على البند الثاني من اتفاقية الشراكة الأوروبية التونسية، التي تنص على الحريات وحقوق المواطنة، وأصدقك القول أني رغم كل ما يقال فإني متفائل، لأني في النهاية اعتقد أن المساجين ومن سجنوهم هم في النهاية أبناء نفس البلد، وأظن جازما أنه سوف يوجد المخرج لطي هذه المأساة، اعتمادا على نفس الانتماء إلى نفس البلد ونفس التاريخ…

وفي هذا الصدد يقول شعبان الشارني هو أيضا سجينا سابقا، أن قضية المساجين لا يمكن أن تستمرّ إلى ما لا نهاية، ومن المؤلم أن تبقى هكذا معلقة، حيث باتت وصمة عار، ومسؤولية تاريخية في جبين كل تونسي مهما كان موقعه، لذا توجّب تراصف كل فعاليات المجتمع المدني، وكل ضمير حي من أجل رفع هذه المظلمة، لأن القضية هي قضية إنسانية، وقضية تدخل في باب الأخلاقيات السياسية…

واستفسرنا الدكتور أحمد العمري رئيس جمعية صوت حر، فردّ باختصار: يا سيدي لا شيء أضيف، فالمساجين هم الآن أشباه أجساد مكومة، وهذه المظلمة فاقت كل التصورات، فماذا تريد السلطة بعد كل هذا العذاب، الذي سلط على المساجين، ومتى ينتهي هذا الحقد الغير مبرر…

واستمر التجمع بين الأناشيد والهتاف والتصريحات الصحفية وتوزيع المناشير، إلى حين اقتراب موعد الإفطار حيث تفرق المتظاهرون جماعات، في اتجاه العودة لبلدانهم الأوروبية التي قدموا منها…

ونصل إلى القول أو طرح بعض الأسئلة الحرجة لنقول أعياد وراء أعياد، وانتخابات وراء انتخابات، ومناسبات وراء مناسبات، وجزء من أبناء الشعب التونسي وراء القضبان، فلماذا لا يطوى هذا الملف وتتصالح تونس مع شعبها وأبنائها، وتنتفي الأحقاد من أجل تونس الوطن الذي يتسع للجميع، ومن أجل المرور والانطلاق، بدلا من الرسوب والأحقاد…

وهاهي بعض الأسئلة التي ينتزع عنها غبار القلق والتوتر والإحراج، ونحن نسمع آخر الأخبار الآتية من الوطن، والتي قد تعطي جرعة أمل بسماعنا إطلاق سراح

-  علي العريض- زياد الدولاتي مصطفى بن حليمة صدقي الزهدي عمر عطية لسعد المجدوب محمد الغيلوفي نجيب الهواري مفتاح شعيرة محمد التونكتي وشكري عياد…

وقد يكون هذا مؤشرا لبداية صفحة جديدة وستكون لنا عودة للموضوع متى نضجت الأخبار…

هوامــــــــــــــــش

Les organisateurs :

Solidarité tunisienne (Paris France)

Association Tunisie Libre (Grenoble France)

Les premiers signataires :

Action des Chrétiens pour l’Abolition de la Torture (ACAT-France)

Parti Congrès Pour la République(CPR),

Aufruf der Freiheit (Deutchland )

Frihet vänner förening (Suede),

Association Internationale de Soutien des Prisonniers Politiques (AISPP)

Centre Tunisien pour l’Indépendance de la Justice (CTIJ)

Voix libre( France Paris)

Insiemi per la Tunisia(Itali)

Comité pour la liberté en Tunisie (France Aix-Marseille)

Free Tunisia(Pays Bas)

Luiza Toscane défenseur des Droits de l’Homme (France), SOS Tunesien(Deutchland).

Les soutenants :

Moncef Marzouki (Président CPR)

Maître Mohamed ENNOURI, (président AISPP)

Maître Saida AKREMI, militante des Droits de l’Homme (Tunisie)

Le Juge Mokhtar YAHYAOUI, (président de CTIJ)

vérité-Action, (Suisse),

Chokri Hamrouni(coordinateur CPR)

Jalel MATRI opposant tunisien (Suisse)

Raja CHAMEKH, (militante de gauche)

Amari Moncef (militant des droits de l’Homme)