عبد الرحمان الحامدي
هالني ما هو مستمر بالحدوث في بلدي تونس من إنتهاكات لحقوق الإنسان دون توقف منذ أكثر من عقدين من الزمن و دون مراعاة حرمات بعض المناسبات الدينية، كشهر رمضان وبعض الأعياد الإسلامية، و لن أتحدث هذه المرة عن إنتهاك بعينه فلقد كفتني و سائل الإعلام المختلفة مؤونة ذلك، و لكني سأطرح سؤالا يشغلني ألآ وهو مالذي يجعل نظاما كالنظام التونسي يستمر في السلطة إلى يوم الناس هذا؟ مالذي جعل سفينته لم تغرق إلى حد هذه اللحظة رغم إبحارها عكس تيار دمقرطة العالم؟
ـ مصالحات من حولنا[دول المغرب العربي] بين أعداء الأمس، ومزيد من الحريات الفردية و الجمعياتية و الإعلامية مقابل تعدد واجهات الحرب المفتوحة في بلدي مع المعارضة بل و تزايد عددها
ـ إنفتاح و مرونة من حولنا وإنغلاق و تصلب في بلدنا.
ـ خطاب سياسي ينحونحو مزيد إحترام عقل المواطن لدى جيراننا وخطاب متكلس متخشب يراوح مكانه و يمعن في عزف سيمفونية مقت الإنسان وعقله وإخراجه من حضيرة البشر إلى حضيرة البقر باختصار شديد خطاب لا دأب له في بلدي سوى إستبقارالمواطن إن صح التعبير و إستبلاه عقله [عد إلى آخر تصريح لإبن ضياء مستشار الرآسة حول الأزمة مع الحزب الإشتراكي التقدمي المعارض].
أشير إلى هاتين النقطتين: للإجابة عن هذا السؤال السهل ـ الصعب: لماذا إستمر حكم بن علي إلى اليوم؟
1ـ لا يمكنني أن أعتمد على معطى القبضة الأمنية فقط للإجابة على هذا السؤال رغم ما له من أهمية في حماية السلطة و رموزها من المفاجآت و الهزات التي قد تضع النظام برمته في مهب الريح وتفتح الباب واسعا للتدخلات الأجنبية.
2ـ إن السلطة في بلدي أدرى من غيرها بأن الإقتصار على القبضة الحديدية فقط سيؤدي إن، آجلا أم عاجلا إلى تسيب الأمور الأمنية وإنفلاتها بفعل قانون الضغط المولد للإنفجار.لذلك وضع رموزالحزب الإشتراكي الدستوري[ التجمع حاليا] و منظروه خبراتهم الطويلة في الحكم والمناورة تحت تصرف صاحب مقولة [لاظلم بعد اليوم] لتبني على نارهادئة إستراتيجية البقاء في السلطة أطول مدة ممكنة و لتعطي هذه الإستراتيجية الثمارالتالية:
أـ إدامة أنفاس سلطة نالت من الدعاء عليها بالشر ما لو ناله جبل لتصدع أو لإنفجر ذرات تذروها الرياح.
ب ـ إستمرار انتهاكات الدولة لحقوق الإنسان دون وازع من قيم إنسانية أو مواثيق دولية أودين سماوي و دون رادع خارجي أو ضغط داخلي حقيقي..
فما سر بقاء سلطة على رأس البلاد لا تتوقف عربدتها بالليل أو النهار؟؟
لن آتي بالجديد الجديد فيما سأسعى لتقديمه من معالم هذه الإستراتيجية ولا أدعي كمال الإجابة والإحاطة بها ، إنما هي محاولة لفهم خلفية ما يحدث في بلدي من داخل منطق قيادة السلطة للبلاد و العباد و قد دفعني لكتابة هذا المقال:
أ ـ ما لاحظته من كتابات تخص الشأن التونسي و قد غلب علي بعضها الإنفعال و التشنج أمام ما يحدث في تونس أ و الإنبهار المتسرع و التفاؤل غير المبررإذا تعلق الأمر بفقرة من خطاب رآسي تلمح أو تصرح بتغيير ما في الأفق أو حتى ببادرة من بوادرالسلطة التنفيسية كإطلاق سراح مجموعة من مساجين الرأي أو رمز من رموز المعارضة قامت عليه الدنيا في الغرب و لم تقعد
ب ـ نداء الواجب و الضمير وحرقة على البلاد و العباد في شهركان من المفروض أن يكون شهرالرحمة بالمواطن التونسي و شهر رد الحقوق إلى أصحابها أو على الأقل شهر التوقف عن الإنتهاكات و التجاوزات و لجم يد البوليس المطلوقة بسخاء على حرمات كل نفس حر و على أرزاق الآمنين.
ـ إستمرار السلطة في الإعراض عن الأيدي الممدودة لها بالصلح مدة عقدين
ـ حالة إخوة لنا و أخوات يعانون ويلات السجن الكبير[جوع و فقر و مرض وهرسلة أمنية بالليل و النهار] . معالم إستراتيجية السلطة للحفاظ على البقاء:
ـ إشاعة ثقافة العنف اللفضي و المادي سواء عبر ما يقدمه البوليس التونسي من نماذج في التعامل اليومي مع المواطنين عامة و المعارضين خاصة، أو عبر بعض ما يعرض في وسائل إعلامنا التي وصل بها الأمر إلى تصوير الإعتداءات على الإنسان من أبواب المزحة اللطيفة و النكتة الظريفة لينسحب مبدأ إحترام الإنسان و صيانة حرماته مذموما مدحورا و يحل محله مبدأ الإستهتاربالكرامة البشرية.. وموت الضمير[أنظر برنامج الكاميرا الخفية و برامج أخرى]
ـ إشاعة ثقافة التحلل من الضوابط الأخلاقية ونشر التفسخ وتسخير الأموال و الرجال ووضع الخطط لها [ستار أكاديمي، برامج تلفزية و إذاعية تمس الحياء؛ إفطار رمضان علنا و الضغط على المقاهي أو البعض منها لتفتح أبوابها للزبائن إلخ…..]
ـ ترسيخ عقلية الإستهلاك وترفيع الأسعار وإغراق الطبقة المتوسطة بالقروض متوسطة المدى بحيث يصبح المواطن مكبلا لاهم له سوى الإستجابة لمتطلبات الحياة و تسديد ما اقترضه للدولة
ـ تحييد المنظمات و الجمعيات المدنية و بعض الأحزاب المؤثرة والتي كان لها دور كبير في التحركات الشعبية في الثمانينات وقد ساهمت بنشاطها المعارض في مجيء بن علي على رأس السلطة
و قد إتخذت عملية التحييد هذه أشكالا متنوعة لإضعاف هذه الأطراف وإقصائها عن ساحة الفعل من ترغيب في أحيان قليلة وكسر العظم في أحيان كثيرة عبر تلفيق التهم الأخلاقية لرموزهذه الأحزاب و المنظمات و الزج بهم في السجون أو عبر التهديد و قطع الأرزاق مرورا بأشكال من الهرسلة اليومية لأشخاصهم و لأسرهم و الإعتدات الجسدية المتكررة.و العزل الإجتماعي، أما عن أسلوب التغلغل في المنظمات و الأحزاب لبث الإنشقاقات و تسهيل الإنقلابات عبر التحالفات المشبوهة والمساومات الرخيصة فحدث و لا حرج.
ـ عزل الناشطين الحقوقيين والإعلاميين و هرسلتهم يوميا وقرصنة مواقع الأنترنت لحجب المعلومة لإدراك السلطة أهميتها القصوى في تغيير موازين القوى والإسراع بتأليب الرأي العام ضدها مع تكريس إعلام الإستحمار و الديماغوجيا و نشر عقيدة[ شد في مشومك لايجيء ما أشوم] أو [ليس في الإمكان أحسن مما كان].
ـ المناورة والإلتفاف على الضغوطات الخارجية وإمتصاصها إذا تعلق الأمر برموز من المعارضة وجدت من يدعمها في الخارج و يشن بسببها حملة شعواء على النظام و سياساته.
ـ تهدئة بعض الجبهات المفتوحة للتفرغ إلى أخرى بحسب الأولويات التي يفرضها الظرف العام بالبلاد و بالخارج مثال ذلك قضية الحجاب فترى الحملات على مرتدياته في المدارس و الإدارات تخفت لتشتعل من جديد بما يوحي باطلا بتنازع داخل أطراف في السلطة و هو ما فندته التجارب
ورغم إغتباطي و سروري بقرار المحكمة الأخير بمنع العمل بمنشور منع الحجاب إلا أنني ووفق منطق تحليلي هذا لاأفهم مبادرة السلطة بخصوص حرية الحجاب إلا ضمن هذا السياق التدافعي الذي يجعل الأحداث في بلدي [كمقاومة الحجاب] يخفت مرة و يستعر مرات حتى و إن كانت تحميه قوانين فقد تبين أن الكثير من هذه القوانين يبقى حبرا على ورق كما علمتنا التجارب و أرجو أن تسفه سلطة بن علي كلامي هذا بلجم يد البوليس إلى الأبد فلا يتعدي على المحجبات أبدا.
ـ الحفاظ على العلاقة بالغرب: فقد فقه النظام قوانين اللعبة جيدا فنجح في تحييده إلى أبعد حد فيما يخص مواضيع حقوق الإنسان في تونس و إستطاع إقناع الغرب بأنه هو الأقدر على حماية مصالحه و مصالح اليهود في تونس عبر أكذوبة التصدي للإرهاب التي لقيت لدى الغرب هوى رغم إدراك حكوماته الغرض الحقيقي من هذه الأكذوبة في تونس و هي لجم كل نفس حر و منع تداول المعلومة و تكريس حالة من الإستقالة الجماعية.لإطالة أمد البقاء في السلطة قرونا إذا لزم الأمر و شاءت سنن الكون.
ـ الحفاظ على حد أدنى من نسبة نمو إقتصادي مدروسة وهي بمثابة الخط الأحمر لتجنب الهزات الإجتماعية التي يكون منطلقها إقتصاديا فرغم غلاء الأسعار و تفشي البطالة و إستحواذ العائلتين[عائلتي الرئيس و حرمه] على مقدرات البلاد إلا أن الأمر في تونس لم يبلغ الحد الذي ينبئئ بانفجار جد قريب.أو بأزمة إقتصادية وإجتماعية قد تضع في العاجل مصير السلطة في مهب الريح خصوصا و قد علمنا التاريخ أن التونسي إذا جاع بحق فلن تقف أمامه جحافل بوليس بن علي التي تجاوز عددها اليوم المائة و خمسين ألفا..و لا دباباته.
ـ تلميع صورة السلطة خارجيا عبر طرق مختلفة من بينها تقديم مقترحات رآسية لحل بعض الأزمات السياسية في العالم هنا و هناك أو عبر مقترحات لحل الأزمات الإنسانية في العالم كإقترح فكرة إنشاء الصندوق العالمي للتضامن عملا بالمثل التونسي القائل [دار النجار بابها مخلوع ]
من ثمار هذه الإستراتيجية في بلدي:
أولا:النجاح في ترسيخ عقلية[ أخطى رأسي و أضرب] و [نفسي نفسي] بما خلق حالة من تقوقع التونسي على ذاته وولوج تجربة السلبية المقيتة و الموت البطيء
ثانيا: وجودمعارضة ما تزال تجتهد لأن تكون شاهدة على التاريخ تجاهر بآراءها رغم ضعفها و تتحمل نتائج ذلك دما و دموعا و رعبا مستمرا
ثالثا: غرب محايدعفوا متواطئ يرقب من بعيد بعين الرضى ما يحدث في تونس و يدعم النظام ماليا و لوجستيكيا [تبادل المعلومات الإستخباراتية] ما دام الأمن مستتبا والمصالح الأجنبية محفوظة
وقد جرت العادة أن لا يتدخل الغرب إلا في حالات تخص أشخاصا أو رموز معارضة قامت عليهم الدنيا و لم تقعد في الغرب فيستجيب النظام بشكل أو بآخر ليجني آيات الشكر و العرفان بالجميل و لم لا عبارات الإمتنان مما يكرس في نظري واقع الحال و يثبت للمرة الألف نجاح إستراتيجية السلطة في إدارة لعبة الصراع من أجل البقاء و جر الجميع بما فيهم قوى الغرب إلى اللعب في الميدان الذي تختاره هي وبالضوابط التي تحددها سلفا مثبتة للمرة المليون بأنها الماسك الوحيد بخيوط كل شيء
وبعيدا عن رؤيتي المتعلقة بإستراتيجية السلطة في الحفاظ على البقاء و التي قد لايوافقني عليها الكثير أو القليل وبعيدا عن تحديدي لجملة الميكانيزمات التي تحكم تعاملها مع الآخر المخالف فإنه لا يفوتني التنبيه إلى محاولة النظام في تونس الإستفادة من العنصر الزمني و من العامل النفسي لفئة من المضطهدين في السجن الكبير أو في الغربة على إختلاف مشاربهم السياسية بحيث أن البعض منهم يتمسك بتلابيب ما يبدوا أنه بارقة أمل في تغيير وضع صعب لعبت السلطة على عنصر الزمن بإطالة أمد المعاناة فيه
فتراهم عن وعي أو غير و عي يترصدون المناسبات الوطنية أو الخطب الرآسية أو بعض التنفيسات السياسية فتجد البعض منهم يطرحون مبادرات حسن نية والتي قد تنزل أحيانا دون الحد الأدنى من المطالب المشروعة التي ضحى و ما زال جيل بأكمله يضحي من أجل تحققها في حين أن العقل يدعونا إلى تنزيل هذه التنفيسات السياسية من جانب السلطة فورا في الإطار الذي يجعلنا نفهم أبعادها و خلفيتها بما بما يجنبنا
المساهمة اللآواعية في تدعيم هذا الهدف الإستراتيجي للسلطة و هو إطالة أمد البقاء والذي جنينا منه إطالة أمد الإقصاء و العنت و العذاب و التهميش
فكل بادرة من السلطة لا تعدو برأيي كونها عملية تهديئية لا غير مدروسة بعناية لا ترقى إلى الحل الجدي تتم بعد مدة تقدر السلطة أنها كافية و بعد توفر شروط معينة تحقق الغرض الذي يخدم مصلحتها في البقاء أولا و أخيرا و تعطي الإنطباع لكثير من عشاق الحرية بأن السلطة على وشك الإقدام على إصلاحات و قد بينت التجربة في تونس أنه كلما تمخض الجبل في بلدي إلا وولد فأرة
و يبقى الهدف في الختام بالنسبة للسلطة أنه لا بد وأن تصب كل بادرة تنفيسية من هذا النوع بنجاعة و فعالية في هذا الهدف الإستراتيجي المقدس إن صح التعبير.[ و مثال المبادرات التنفيسية: تخفيف الحملات على الحجاب،مرة و اطلاقها مرات ،سياسة القطرة قطرة في إطلاق سراح المساجين السياسيين، تخفيف المراقبة الإدارية على المسرحين ثم إعادة تشديدها، رفع الحضر مدة من الزمن على توزيع جرائد المعارضة ثم تعمد حجز الأعداد من جديد، قرصنة مواقع المعارضة في الأنترنت و السماح بظهور البعض منها فترة إنعقاد القمة العالمية للإنترنت في تونس سنة 2005 إن لم تخني الذاكرة.إلخ… .
لا أقصد من هذا التحليل إحباط العزائم فأنا لست ضد التفاؤل من حيث المبدأ كما وإني أتفهم توق كثير من التونسيين إلى أن تضع المحنة أوزارها وهو توق بشري مشروع بل و لازم قد يرافقه تفاؤل مفرط أمام مبادرة تنفيسية ما وهو[أي التفاؤل المفرط] يندرج ضمن ميكانيزمات الدفاع الذاتي التي يلجأ إليها الفرد لحماية توازنه النفسي جراء واقع مر لاشيء يلوح في الأفق لتغييره أوجراء حالة ملل و يأس تروم الإنفلات من هذا الواقع لتحلم بواقع أفضل و تمني النفس به! و لكنني لآ أريد من المؤمن أن يلدغ من جحرمرتين،و لن أدع لخداع النظام لي من سبيل بحيث تستمر مناوراته و يكون المرء منا ضحية لها من جديد بما يجعل منا الخاسر الأكبر في اللعبة السياسية و يجعل منه الرابح الأكبر فيها.
و عليه فلسائل أن يسأل ما الحل و قد طالت المحنة؟؟
ماالحل وقد إتضحت بزعمي بعض من معالم إسترتيجية السلطة في تونس و هي إستراتيجية لا تدع مجالا للشك بأن رموز السلطة في بلدي قد إختاروا بشكل جيد الخلفية الفكرية و المنطلق الإيديولوجي لها و هي خلفية تقوم على منطق البقاء للأ قوى وعلى فلسفة المصلحة التي تتهافت و تتساقط أمامها كل قيمة جميلة فلا تدع مجالا لمعاني الإنفتاح و النزاهة و التسامح والشفافية ولم الشمل والحوار و المصالحة و حقوق الإنسان وحفظ كرامة الآخر المختلف و حرماته…..
. خلفية فكرية تستند إلى مفهوم المصالح الطبقية و الفئوية الضيقة لا غير و تبقى هي المحدد الأعلى لكل سياسة و لكل منطق في التعامل مع المواطن
الحل في نظري يكون:
ـ أ مواصلة العمل للضغط بكل الوسائل السلمية في الداخل و الخارج بعزم الأنبياء دون إنتظار النتيجة التي هي من مشمولات القضاء والقدر وقد نعلم أن من الأنبياء من دعا قومه سنوات دون أن يظفر بنتيجة تذكر فيأتي يوم القيامة النبي وليس معه أحد و يأتي النبي و معه النفر أو النفرين كما ورد في معنى الحديث الشريف.
ـ الإستحضار المتواصل في العقل و الوجدان لهذه المقولة: [إذا لم يتحقق ما نصبو إليه و ما ضحى الكثيرون من أجله من حرية و عدالة و حقوق إنسان في بلدنا تونس فقد تكتب لنا عند الموت الشهادة على العصر و هي لعمري إحدى الحسنيين.]
إلى من ينتظر حلولا من حركة النهضة للخروج من الأزمة أقول:
.قد تكون حركة النهضة [ و هي المعني الأول بالنزاع مع السلطة بسبب حجم الأضرار التي لحقتها]قصرت في وضع إستراتيجية للخروج من الأزمة التي دامت أكثر من عقدين من الزمن، لكن لا يفوتنا كذلك الإشارة إلى أن طبيعة النظام ومنطق نظرته للأمور كما و صفتها أعلاه قد تسببا إلى حد كبير في هذا التقصير و إفشال كل فكرة أو مبادرة تتلمس حلا و تروق إنعتاقا.
لأن السلطة ببساطة شديدة و بحكم الخلفية الفكرية التي تحكم إستراجيتها[ المصلحة و البقاء للأقوى] لا تجد نفسها في موضع من يحتاج إلى حوار مع حركة كرست السلطة عقدين من الزمن وآلاف الملايين من الدينارات لتحجيمها ثم إستدراجها ثم القضاء عليها و من البلاهة بمكان تصور في يوم ما حوارا مع سلطة لا تريد أن تعيد عجلة الزمان إلى الوراء و ليس ثمة ما يدعوها لذلك بمنطق البقاء للأقوى أي بمنطق إنخرام توازن القوى بين الفريقين بحيث لا حظ للعصفورفي الإرتزاق مع النسر.
إضافة إلى كون السلطة لا تحس بالحاجة إلينا و لا إلى طاقات أبنائنا العلمية لخدمة البلاد ومن هنا أفهم إستراتيجيتها فيما تسميه بالحل الفردي لمشكلة حركة النهضة التونسية والعودة الفردية لتتم بنظري الحلقة الأخيرة من حلقات القضاء التام والنهائي و المبرم على عدو مشاكس و مقض لمضاجعها بفضل ثبات عناصره على المبدإ وإ يمانهم بعدالة قضيتهم والتي هي في النهاية قضية البلاد وقضيةالشعب وبفضل إصرارهم كذلك على التعريف بها و فضح مناورات من يسخر الأموال و الرجال طيلة عقدين من الزمن للحيلولة دون إستعادة شعب برمته لحقوقه في التنظم والإعلام و الحرية و الكرامة رافضا[ و أعني هنا السلطة] كل الأيادي الممدودة له بعز و شرف لطي صفحة أليمة من تاريخ تونسنا العزيزة
من منا ليس به شوق إلى البلد الحبيب و حاجة إلى الإجتماع بالأهل و لأقارب في هذه الأيام المباركات و بعد سنوات الجمر؟؟
وفي الختام أطلب أن يستفتي كل منا قلبه حول موضوعة الحل الفردي و العودة فقد يهديه قلبه إلى التساؤل عن الثمن ماذا سيكون؟ ثم ليسأل كل منا نفسه ماذا لو قدر الله لنا الموت الآن في ديارالغربة و فقدنا حقيقة رؤية البلاد والأحباب في الدنيا إلى أمد لا يعلمه إلا الله؟؟
‘‘ولكنكم قوم تستعجلون‘‘ على حد قول النبي الكريم صلى الله عليه و سلم
أسأل الله لي و لكم حسن الخاتمة و عيدكم مبروك و كل عام و أنتم بخير.
سويسرا في 11 10 2007
iThere are no comments
Add yours