محمد أمزيان – إذاعة هولندا العالمية

عبر مواطن تونسي عن رغبته في مزاحمة الرئيس زين العابدين بنعلي في الانتخابات الرئاسية التي ستجري في أكتوبر القادم، فوجد نفسه في مستشفى الأمراض العقلية. قد يبدو الأمر طريفا نوعا ما، ولكن المعارضة التونسية تشكو فعلا من قلة الإمكانيات، ومن محاصرة الإعلام العمومي لها لخوض سباق متكافئ مع مرشح الحزب الحاكم في تونس؛ الرئيس الحالي زين العابدين بنعلي.

منافسة الند للند

من المرشحين البارزين لمنافسة الرئيس بن علي، المحامي أحمد نجيب الشابي عن الحزب الديمقراطي التقدمي، والذي أعلن أن ترشيحه احتجاجي. والأستاذ أحمد إبراهيم، أمين عام حزب حركة التجديد والمرشح عن تكتل المبادرة الوطنية من أجل الديمقراطية، المكون من: حركة التجديد، وهو حزب معترف به، وحزبي العمل الوطني الديمقراطي والحزب الاشتراكي اليساري (غير معترف بهما). ولاستيضاح ظروف الإعداد والاستعداد لخوض مضمار منافسة الرئيس زين العابدين بنعلي، أجرت إذاعة هولندا العالمية – القسم العربي، حوارا مع الأستاذ أحمد إبراهيم.

الأستاذ أحمد إبراهيم، أنتم مرشحون من قبل المبادرة الوطنية من أجل الديمقراطية للتنافس حول منصب رئيس الجمهورية في تونس، كيف تستعدون كمنافسين للرئيس الحالي وكأحزاب معارضة بصفة عامة؟

شكرا الأخ محمد، شكرا لإذاعة هولندا. أولا يجب التذكير أنه ثمة خصوصية تونسية. فطيلة أكثر من خمسين عاما، بعد الاستقلال، لم تعرف تونس انتخابات حقيقية ذات مصداقية، أي انتخابات فيها منافسة حقيقية. هذه المرة، أريد بترشحي لرئاسة الجمهورية كأمين أول لحركة التجديد المعارضة، وكمرشح لتحالف تقدمي هو المبادرة الوطنية من أجل الديمقراطية، أن تكون الانتخابات القادمة محطة سياسية متميزة، ولا تكون مجرد إعادة إنتاج لسابقاتها. انتخابات تسمح بانتقال تونس من الانغلاق إلى الديمقراطية الفعلية وليس الديمقراطية الصورية. وهذا يفترض تنافسا حقيقيا. إلا أن الوضعية الحالية في تونس لا تسمح بالتنافس الحقيقي. ورغم ذلك، فأنا عازم عزما راسخا على منافسة المرشح الرسمي منافسة الند للند، رغم الاختلال في موازين القوى وانعدام شبه تام لتكافؤ الفرص، التي هي القاعدة الأساسية للمنافسة الحقيقية.

سباق المائة متر

هل يمكن لكم أن توضحوا لنا أين تختل الموازين ويتجلى عدم تكافؤ الفرص؟

نحن أمام سلطة مبنية على الانفراد بالرأي والقرار، وحزب حاكم مهيمن ومسيطر على كل دواليب الدولة. ونحن أمام احتكار كل الفضاءات العامة وكل وسائل الإعلام العمومية من طرف مرشح واحد. ولذلك يجب أولا وقبل كل شيء أن يقع فك الارتباط بين الحزب الحاكم والدولة. يجب أن تفتح وسائل الإعلام العمومية حالا أمام كل المترشحين. انخرام موازين القوى يظهر في مضمار السباق. كأنك داخل في سباق المائة متر. فمنافسك وصل عند نقطة الـ 90 متر وأنت ما زلت عند نقطة البداية، ثم تعطى لك إشارة الانطلاقة. يقال لك: تعال نتسابق! هذه هي الوضعية التي نحن فيها بتونس باختصار.

هناك حديث يروج في أوساط الحزب الحاكم يقول: أن لا خيار أمام التونسيين إلا الخيار الأوحد. فإذا كان هناك خيار أوحد، فلماذا إجراء الانتخابات؟ نحن نريد أن يكون للتونسيين خيار حقيقي وأن يستمعوا لكل الآراء وأن يختاروا اختيارا حرا، وأن يطمئنوا أن اختيارهم لن يصادر. وعليه، يجب إعادة النظر في المنظومة الانتخابية إعادة جذرية: في التسجيل، في المراقبة، في الاقتراع نفسه وفي الإشراف على الانتخابات.

الرئيس زين العابدين بن علي وعد بالسماح للمراقبين الدوليين للإشراف على الانتخابات، كيف تفسرون هذا الترحيب وتقولون بأن هناك مضايقات وما إلى ذلك؟

ليست هناك مؤشرات تبشر بأن الانتخابات القادمة ستكون مختلفة عن سابقاتها. في تونس كثيرا ما نسمع خطابا فيه ضمانات وما شابه ذلك، ولكن مع الأسف هناك هوة شاسعة بين الخطاب والواقع. ورغم ذلك أنا تفاعلت إيجابيا مع ما جاء في خطاب رئيس الدولة يوم 20 مارس وفيه وعد بأن تكون الانتخابات القادمة محطة متميزة في تاريخ تونس. ولكن لكي تكون الانتخابات القادمة محطة متميزة، يجب أن تسبقها إجراءات منها المراقبة، ولكن أيضا من داخل تونس ذاتها. أما المراقبة الدولية فنحن نرحب بها، ولكن لا ينبغي أن يتم دعوة أشخاص ليقولوا في النهاية إن كل شيء على ما يرام.

نحن معارضة ولسنا منشقين

معنى ذلك أنكم تخوضون معركة خاسرة من البداية؟

لماذا تقول هذا؟

أقصد خاسرة بالنتائج مادام الفوز بالمنصب مستحيلا وأن الديمقراطية هي ديمقراطية الواجهة فقط؟

هناك نزعة واضحة وهو أن توضع أحزاب المعارضة أمام ثنائية مغلوطة: إما أن تشارك في ما تريده السلطة أن يكون مسرحية رديئة الإخراج ورديئة السيناريو. وإما أن تقاطع. نحن نرفض هذه الثنائية، ونعتقد أن الأوان لم يفت بعد، وأنه بالإمكان تنظيم انتخابات تستجيب للحد الأدنى من المصداقية. أنا لا أشاطرك القول إننا دخلنا معركة خاسرة. إذا تمت هذه العملية في الحدود الدنيا من الشفافية، والحدود الدنيا من المصداقية، فهي عملية تكون فيها البلاد رابحة، والوطن رابح والسلطة نفسها رابحة، لانعدام إمكانية التداول على المدى المنظور. نريد اليوم أن تدخل التعددية الحقيقية تونس. نريد أن تكون الخارطة السياسية مقروءة. نريد أن نعامل كمعارضة لا كمنشقين.