djihad-syrie

نتابع الجزء الثاني من المقابلة مع “صبحي أبو نعمان” الناطق الرسمي باسم لواء أسود الغوطة للتعرف أكثر على الحراك المسلح في سوريا وأسبابه وتوجهاته ووضعه الحالي.

بعد أن تكلمنا عن نشأة الحراك المسلح في سوريا, كيف تطور هذا الحراك؟

واكب الحراك المسلح الآلة القمعية للنظام وتصاعدت وتيرته كرد فعل على العنف المتصاعد من قبل النظام.

ففي البدايات كانت قوات النظام تهاجم المظاهرات السلمية فبدأ دور الجيش الحر كحماية لهذه المظاهرات, ثم بدأ الأمن بمداهمة منازل الناشطين والأهالي والقيام بالاعتقالات العشوائية فتحول دور الجيش الحر لحماية منازل الناشطين والأهالي, بدأ بعدها النظام بإقامة الحواجز واعتقال المارة واهانتهم فتطور عمل الجيش الحر لحماية المدنيين من هذه الحواجز. وكما ترى الآن يقوم النظام بقصف المدن والقرى من ثكناته العسكرية فتوسعت مهمة الجيش الحر لتحرير هذه الثكنات لحماية المدنيين من القذائف المطلقة من هذه الثكنات والقطع العسكرية.

ألا تعتقد أن العكس صحيح أيضاً؟ هناك الكثير ممن يعتقد بأن عنف النظام تصاعد رداً على العمل المسلح من قبل الشعب, يقولون لو لم يكن هناك مسلحون لما استخدم النظام القصف وهذا الكم الهائل من العنف.

العمل المسلح في الثورة هو رد فعل محض, وليس الفعل. تصعيد العنف من قبل النظام هو نتيجة احساسه بفقدان السيطرة على الشعب واقتراب سقوطه بعد أن عمت المظاهرات كل أنحاء سوريا. فكلما زات وحشية النظام, كلما زاد اصرار الشعب على التخلص منه بأي وسيلة ممكنة.

لنعد إلى البدايات, أول مجزرة في مدينة دوما, وحمص, ودرعا, لم يكن هناك أي وجود للسلاح في الثورة ومع ذلك قام بها النظام, القناصة المنتشرون على الحواجز وقنصهم للأطفال, هل الأطفال عناصر مسلحة؟

أول مداهمة لمدينة دوما كانت بتاريخ 25/4/2011, أي بعد 40 يوم من انطلاق الثورة, اعتقل النظام يومها 1600 شخص من كبار وأعيان ومثقفي المدينة, ولا يزال أكثر من 50 منهم لغاية اليوم قابعين في أقبية المخابرات. لم يكن حينها أي وجود للعمل المسلح في الثورة السورية.

كيف سيطرتم على الريف الشرقي لمدينة دمشق؟ وما علاقة هذه السيطرة بتصاعد العنف الذي تحدثنا عنه الآن؟

كان الوضع متوازناً تقريباً بين النظام والثوار في مدينة دوما ومعظم الريف الشرقي لغاية 24/10/2012. حيث كان الثوار قد حرروا المدينة من الداخل والنظام يحاصرها بحواجزه العسكرية من الخارج. في ذلك اليوم تسلل عناصر أحد الحواجز وارتكبو مجزرة بحق عائلتين يسكنون قريباً من الحاجز وذبحوهم بدم بارد في عتم الليل.
صباحاً اجتمعت كافة الألوية والكتائب واتخذوا قراراً بتحرير الريف الشرقي كاملاً. وفي غضون أسبوع كانت الغوطة الشرقية محررة بالكامل.

إذا كان تحرير الغوطة الشرقية يستغرق أسبوعاً فقط, لماذا لم تقوموا بتحريره من قبل؟ وما هي العوامل التي ساعدت على السيطرة عليه؟

بسبب الإمكانات القليلة المتوفرة لدينا, حجم ونوعية السلاح وكمية الذخيرة غير متكافئ أبداً بيننا وبين قوات النظام. ولكن بعد تلك المجزرة كان علينا أن نبادر برد فعل سريع ومفاجئ ليعلم النظام أن المدنيين العزل لديهم من يحميهم ويضحي بحياته من أجلهم.

سخرنا كل الإمكانات التي لدينا ونسقنا بيننا ودخلنا المعركة بطريقة “قاتل أو مقتول”. همة الثوار كانت عالية وهمة عناصر الجيش كانت منهارة, ذلك لأنه من يقاتل ليحمي أهله وأرضه وعرضه يختلف عمن يقاتل ليبقي شخصاً ما في السلطة, شتان.

ماهي ردة فعل النظام على تحرير الغوطة الشرقية؟ وما تبعات هذا التحرير؟

منذ تحرير الغوطة, تحاول قوات الأسد حتى هذه اللحظة السيطرة عليها مرة أخرى, ولكن بفضل الله لم يستطيعوا التقدم خطوة واحدة. ناهيك عن تقدم الثوار على أكثر من جبهة باتجاه العاصمة دمشق.

يستخدم النظام جميع الوسائل المتوفرة لديه ولم يبخل علينا بواحدة, فهو يستعمل سلاح الطيران بشكل مكثف إلى جانب صواريخ الأرض-أرض واالصواريخ الكيماوبة بالإضافة إلى قصف المدن المحررة والبعيدة عن جبهات القتال باستمرار وذلك للانتقام من القاعدة الشعبية للثوار.

هل كان تحرير الغوطة هو سبب تدميرها من قبل النظام؟

تحرير الغوطة سببه جرائم النظام السابقة وليس العكس, هو رد فعل وليس الفعل. لو لم يقم بمجازره وقتل النساء والأطفال لما قمنا بتحرير الغوطة. نعود بالحديث لبدايات الثورة, خرجنا بمظاهرات سلمية مطالبين بالحرية والإصلاح فكان الرد بالقمع والجرائم مما دفعنا للمطالبة بإسقاط النظام. إذاً تدمير الغوطة وقتل المدنيين هو السبب في تحريرها.

وطبعاً ردة فعل النظام على المناطق التي تخرج عن سيطرته هي مثل ردة فعله على المتظاهرين السلميين المطالبين بالحرية في بداية الثورة, القتل والدمار.

ما يقوم به النظام الآن هو محاولة تدمير الإنسان السوري عن طريق قصفه وتجويعه وإذلاله وذلك فقط لانه طالب بحريته.

بعد تحرير الغوطة, قلت نسبة الشهداء اليومية مقارنة بما قبل. أصبح الأهالي يستطيعون النوم دون الخوف من المداهمة أو الاعتقال, لو عاد التاريخ بنا ليوم قرار معركة تحرير الغوطة, لاتخذنا نفس القرار.

نحن نجد الدعم بنبرة طفل لا يتجاوز العاشرة حين مرورنا أمامه أو دعاء كهل لنا بالنصر أو ما يقدمه لنا الأهالي من طعام ورعاية.

كيف تطور الوضع داخل الغوطة بعد سيطرتكم عليها؟

تشكلت إدارة مدنية منتخبة من المدنيين تعمل على الحفاظ على أساسيات الدولة وحقوق المواطنين وتهتم بشؤونهم كما تنسق العلاقة بين الادارة العسكرية للجيش الحر والإدارة المدنية وترابطهما بصورة متكاملة لبناء دولة المستقبل ومنع حدوث فراغ دستوري لحظة سقوط النظام.

إذا أردنا الحديث عن سوريا بشكل عام, ماهي المناطق التي يسيطر عليها المسلحون؟

مع تحفظي على كلمة مسلحين, فالجيش الحر يسيطر تقريباً على 70% من الأراضي السورية. معظم المدن والبلدات السورية من الحدود التركية شمالاً وحتى الحدود الأردنية جنوباً ومن حمص حتى الحدود العراقية أضحت محررة أوخارج سيطرة النظام.

تحفظت على كلمة مسلحين, هل تعتقد حقاً بوجود ما يسمى الجيش الحر أم أنها مجرد تسمية لكل من حمل السلاح؟

هي تسمية لكل من حمل السلاح, ولكن التنظيم الحاصل بين هذه المجموعات والقيادة المشتركة لهم صبغت عليهم طابع الجيش المتكامل ليسمى فعلأ الجيش الحر.

اذاً فتنظيم القاعدة جزء من الجيش الحر؟ هل اقامة الخلافة الاسلامية تتوافق مع اهداف الثورة التي قمتم بها قبل سنتين؟ وهل ترضى عن تصرفات المتطرفين في المناطق المحررة من قمع للحريات واعتقال الناشطين المدنيين؟

نحن نرحب بكل من ساهم ويساهم معنا في التخلص من هذا النظام ومساعدة الشعب السوري في بناء دولته المستقبلية, وبالتالي كل من يحارب النظام اليوم هو اخ عزيز علينا حتى تحقيق هدفنا من هذه الثورة. وإخواننا في جبهة النصرة مشكورون لوقوفهم إلى جانبنا.
نحن لم نطلب مساعدة بشرية من أحد, فلدينا من الطاقات البشرية ما يكفي لتحرير الوطن العربي, لكن حاجتنا إلى السلاح, وخصوصاً السلاح النوعي.

لكل مشارك في هذه الثورة هدفه الخاص, ولكن الهدف العام هو التخلص من هذا الطاغية ونظام حكمه, أما شكل الدولة القادمة فيحددها الشعب السوري عبر صناديق الاقتراع.

ليس المطلوب ديمقراطية جبهة النصرة, المطلوب ديمقراطية الشعب السوري. أقصد أن الشعب هو وحده من يقرر, لا أنكر أن الجيش الحر قد وقع بالعديد من الأخطاء ولكن سرعان ما تحرك الشعب ليعاتبنا ويعيدنا إلى الطريق الصحيح للثورة.

هل سمح لهم الشعب بتحقيق ما يريدون؟ لا أعتقد أبداً أن الشعب السوري سيسمح لأي نظام دكتاتوري أن يحكمه مجدداُ بعد أن عانى من الظلم والقهر ما يكفيه لأن لا يدع أحداً يسرق منه طموحه في تحقيق أهداف الثورة التي خرج بها وضحى من أجلها بالغالي والنفيس.

ما هو دور قطر والخليج وتركيا في تمويل ودعم الجيش الحر؟

دور قطر والخليج لا أعلم عنه أي شيء, فإلى اليوم لم يصلنا كـ لواء أسود الغوطة منهم أي شيء على الإطلاق, أما دور تركيا فهي مشكورة لمساعدة اللاجئين السوريين في أراضيها وإتاحة الفرصة لنا لتمرير السلاح عبر أراضيها.

قطر والخليج يضخون مبالغ طائلة للعمل المسلح في سوريا فكيف لا ترى هذا الدعم؟

أين هذه المبالغ ولمن تذهب؟ أجبتك سابقاً بأننا في اللواء لم نر أي شيء من هذا الدعم سواء المالي او العسكري أو الإغاثي أو حتى الطبي على أرض الواقع منذ بدأنا عملنا المسلح حتى هذا اليوم.

إذا كان هناك دعم منهم, فلا ندر أين هو أو لمن يذهب.

بالحديث عن موضوع التمويل, لمن يتبع الجيش الحر وما هي قيادته؟

الجيش الحر هو من الشعب السوري وخرج لحماية هذا الشعب فهو يتبع للشعب وتطلعاته أولاً وأخيراً ولما يمليه عليه ضميره بحماية الشعب وتحرير الأراضي السورية. أما من حيث القيادة فهي متمثلة بالمجالس العسكرية و الثورية التي تنسق العمل بين الكتائب والألوية.

وهل يعتبر المقاتلون الأجانب من تونس وليبيا والشيشان جزء من الشعب السوري؟ ودولة الخلافة هي الديمقراطية المنشودة؟

وهل أتوا إلا ليحموا الشعب ويحققوا رغبته في التخلص من نظام الإجرام؟ وهل سمح لهم الشعب السوري بإقامة ما يريدون؟

لقد خرجنا في هذه الثورة للمطالبة بالديمقراطية, واسمح لي هنا أن أعرف الديمقراطية من وجهة نظرنا, هي حكم الشعب للشعب لصالح الشعب, ومن هذا المنطلق أجيبك على كافة الأسئلة السابقة.

لكل الحق في أن يقول ما يريد, والفيصل هو الشعب السوري الذي يوافق أو يرفض.

ماهي الانتهاكات التي قام بها الجيش الحر بحق المدنيين؟ وبحق جنود النظام أو ما يعرف بالشبيحة خصوصاً أننا رأينا العديد من مقاطع الفيديو التي توضح عمليات تعذيب أو تصصفية بحق هؤلاء الجنود؟

في ظل الفوضى الحاصلة في الحرب, قام بعض ضعاف النفوس وأصحاب السوابق الجرمية ممن أطلق سراحهم بالعفو الرئاسي الذي أصدره بشار بأعمال شغب ونسبها للجيش الحر وتمكنا من السيطرة علهيم وتقديمهم للمحاكم المختصة في المناطق المحررة.

أما بالنسبة لجنود ومرتزقة النظام, لا تسطيع كبح جماح شخص تعرض أحد أفراد أسرته للقتل أو احدى فتيات أسرته للاغتصاب من الانتقام من الفاعل, وبرزت هذه الأمور في الفترة الأولى من الحراك المسلح لكن بفضل الله تمكنا من السيطرة على هذه الأمور والتعامل مع المعتقلين من طرف النظام كأسرى وتقديمهم للمحاكم.