المقالات المنشورة بهذا القسم تعبّر عن رأي كاتبها فقط و لا تعبّر بالضرورة عن رأي نواة

بقلم مهدي رزيق،

إن ما يشد انتباهي أثناء تفريق المحتجين و الرافضين لقانون المصالحة من عامة الشعب ومن الناشطين تحت عنوان #منيش_مسامح هو الأسلوب الأمني المبالغ فيه من أجل إجهاض الوقفة الإحتجاجية في عديد الجهات بداية من تونس العاصمة والتي انطلقت من بطحاء محمد علي وصولا إلى سوسة وصفاقس و الكاف وسيدي بوزيد، اعتداءات الأمنيين على المشاركين في الوقفة تبدوا تصرفات بدائية تغلب عليها الوحشية المفرطة و اللامبرر لها والتي تفكرنا بما قبل 14 جانفي والسياسة الأمنية لفك الإعتصامات و إغتصاب حرية التظاهر، وهذا إن دل على شيء فهو يدل على عودة الماكينة القمعية الأمنية بحجة “قانون الطوارئ”.

manich_msameh-sidibouzid
الاعتداء على نادر حمدوني أحد المشاركين بوقفة مانيش مسامح سيدي بوزيد من طرف البوليس

حركة تمركز رجال الأمن في المكان المخصص للتظاهر في الساعات الأولى للصباح واضحة لكل مكونات المجتمع المدني التي أعلنت مواجهتها لمشروع ما يسمى “قانون المصالحة الوطنية” من خلال العرائض وتنظيم التحركات في الشارع عبر مواقع التواصل الإجتماعي، في هذا نشير إلى قنابل الغاز المسيلة للدموع و الشتم و الضرب و الإعتقالات من قبل قواة الأمن الجمهوري المسلطة على المتظاهرين حاملي السلاح الورقي “السماح في المحكمة” و هو ما أدى إلى حالة من الإستنكار وسط مختلف فصائل المجتمع المدني وروابط حقوق الإنسان.

علاوة إلى الإستعداد الأمني المكثف لفض الوقفة إنطلاقا من الحضور الأمني في صفوفهم و تنوع أدوات القمع و التي خلفت كسور و اصابات في أجساد المتظاهرين و بل حتى كل من يشتبه به في الكتابات والرسوم على الجدران. في الظاهر الممارسات الأمنية رغم وحشيتها و إرتفاع درجة عنفها تجاه المحتجين ليست محل للإستغراب لكن في الواقع تدل على غاية تمرير قانون المصالحة “اللا قانوني” ما يقلق فعلا أثناء التحركات في الجهات بطرق سلمية هي إجابة قوات الأمن الإنتقامية و إرتفاع في طاقة القمع المسلطة، و قد شهدت ولاية صفاقس أشرس هجمة بوليسية منذ بداية الحملة وقد تعرضت الناشطة مريم البريبري إلى إعتداء همجي على خلفية مشاركتها في الوقفة إلى جانب إعتقال مجموعة من الناشطين.

إن تصاعد موجات العنف الأمنية يوميا دلالة على تمسك سياسي في دواليب الدولة، فبقدر ما أخذت الحملة محمل الجد والصرامة بقدرما أصبح عنف الدولة البوليسية صارخ، فجارت الأحداث المنصرمة في البلاد “دسترة” بوليس الدولة ليصبح بوليس الدستور و هذا نتيجة تواجد نخبة سياسية وراء الكواليس تجر وتدفع الأمنيين هنا وهناك، و قد علق المحامي عبد الناصر العويني المشارك في وقفة بطحاء محمد علي على هذا “ليست قضيتكم” موجها الكلام إلى الأمنين الذين طوقوا المكان و حاصروا المحتجين.

manich
صورة ساخرة انتشرت في مواقع التواصل الإجتماعي

كلنا نطلب بلدا آمنا يحظى فيه المواطن بحقوقه التي يكفلها الدستور من أجل إرساء دولة مدنية لا بوليسية لكن هذه السياسة الأمنية تدفعنا إلى التساؤل و طرح فرضيات عديدة، و الحال اننا اصبحا في حالة إحتقان كبرى و إنعدام الثقة مع المؤسسة الأمنية.