وفي ظل هذه الأوضاع الإحتجاجية، أكد وزير التربية من ناحيته، خلال الندوة الصحفية التي عقدها بمقر الوزارة يوم الإثنين 14 سبتمبر 2015، ان العودة المدرسية ستكون « موعدا ليعيد للمدرسة بريقها التربوي وإشعاعها الإجتماعي ». وإن لاحظ الصحفيون الحاضرون عودة النبرات الدعائية في الخطاب الوزاري، فقد أصر البعض منهم على طرح الأسئلة المحرجة وأهمها مسار المفاوضات مع الطرف النقابي. إلا أن ناجي جلول رفض الإجابة عن أسئلة الصحفيين المتعلقة بإحتجاجات المعلمين، متعللا بالخروج عن موضوع الندوة المتعلق بالعودة المدرسية. ثم إستدرك في نهاية الندوة قائلا أن كل ما يهم أجور ومنح المعلمين ليس من إختصاص وزارته، وإنما من مشمولات وزارة الشؤون الإجتماعية ورئاسة الحكومة.

من المسؤول عن تواصل الإحتقان؟

التوتر بين نقابة التعليم الاساسي و وزارة التربية وغياب الحلول للمشاكل العالقة ليس وليدة اليوم، فتحركات المعلمين تعود الى شهر أفريل 2015، حيث تميزت بنسق إحتجاجي حاد، زاد من حدته تغاضي الوزارة عن جوهر الخلاف وتصدر الوزير كل منابر الإعلام المهيمن.

فجل الجلسات التفاوضية التي دارت بين النقابة والوزارة، على إثر الإضراب العام الذي نفذه المعلمون يوم 15 أفريل 2015، فشلت في الإستجابة لمطالبهم. بل أن عديد القرارات التي اتُخذت من قبل الحكومة زادت من غضب المربّين. ومثال ذلك، إنعقد مجلس وزاري، يوم 21 ماي 2015، تقرر على إثره خصم يوم أو أيام عمل عن كل إضراب قانوني أو غير قانوني. علما وأن الإتحاد العام التونسي للشغل عقد جلسة تفاوضية مع رئاسة الحكومة، يوم 19 ماي 2015، للإستجابة لمطالب المعلمين بعد الإضراب العام الذي قاموا به يومي 12 و13 ماي 2015. جلسة باءت بالفشل ووصلت إلى حد التراجع على ما تعهدت به سلطة الإشراف كصرف المنحة الخصوصية.

وفي تصعيد غير مفاجئ، رد ناجي جلول على قرار الهيئة الإدارية القطاعية للتعليم الأساسي بالدخول في إضراب إداري و مقاطعة الإمتحانات مراقبة وإصلاحا، ومقاطعة مناظرة الإلتحاق بالإعداديات النموذجية ومقاطعة مجالس الأقسام، الصادر يوم 30 ماي 2015، بقرار الإرتقاء الآلي لكل تلاميذ المدارس الإبتدائية العمومية. قرار أيده الحبيب الصيد رئيس الحكومة التونسية، خلال حواره على القناة الوطنية الأولى يوم 16 جوان 2015، مؤكدا أنه تمت إستشارته في إتخاذ هذا القرار، مضيفا أن الوضع الإقتصادي المتدهور لا يتحمل مطالب المعلمين. وهو ما يستنكره المدرسون اليوم بشدة، خاصة بعد ما تمتع به أصحاب النزل من مساعدات مادية من قبل الدولة.

وإن إعتادت الحكومات في تونس وغيرها من البلدان إتخاذ القرارات المجحفة، خلال العطلة الصيفية، مراهنة على خلود القطاعات المعنية للراحة، فقد تواصلت ثنائية العقاب والإحتجاج بين الطرف الحكومي والطرف النقابي. إذ دخل عدد من أعضاء النقابة العامة للتعليم الأساسي في إعتصام مفتوح بوزارة التربية، يوم 11 أوت 2015، تنديدا بقرار الوزارة إقتطاع خمسة أيام عمل من أجور المديرين والمساعدين لمدّة أربع أشهر متتالية إبتداءا من شهر أوت.

إعتصام علّق في اليوم الموالي الموافق ليوم 12 أوت 2015، بعد أن تقرر عقد جلسة عمل بين الأمين العام للإتحاد التونسي للشغل حسين العباسي و رئيس الحكومة، وكذلك جلسة عمل ثانية مع رئيس الجمهورية يوم الثلاثاء 18 أوت 2015 من أجل التراجع عن الإقتطاع. وقد تم ذلك رسميا يوم 19 أوت 2015. في نفس اليوم نفذ المعلمون وقفة إحتجاجية بالمندوبية الجهوية بسيدي بوزيد تعرضوا خلالها للتعنيف من قبل قوات البوليس و إستعمال الغاز المسيل للدموع، وقد تم إيقاف عدد منهم على غرار الأزهر غربي الكاتب العام المساعد للإتحاد الجهوي للشغل بسيدي بوزيد.

وتفيد آخر الأخبار ان حلقة التصعيد والمماطلة ثم الوعود ومنها فشل المفاوضات، قد عادت من جديد. فقد إنتهت جلسة التفاوض بين النقابة و وزارة التربية، المنعقدة بمقر وزارة الشؤون الإجتماعية مساء يوم الثلاثاء 15 سبتمبر 2015، دون التوصل إلى إتّفاق. وهو ما يعني أن قرار الإضراب يومي 17 و18 سبتمبر 2015 لا يزال قائما.