المقالات المنشورة بهذا القسم تعبّر عن رأي كاتبها فقط و لا تعبّر بالضرورة عن رأي نواة

saudiarabia-saoud

بقلم بشير العبيدي،

تاريخ الإغتصاب 23 سبتمبر نذير شؤم في الحجاز

الحجاز أحد أقاليم الجزيرة العربية :في الجزء الشمالي الغربي من شبه الجزيرة العربية، و يعني الحاجز الذي يحجز تهامة عن نجد وعن اليمن، وهو من الأقاليم التاريخية المكونة لمنطقة الجزيرة قبل ظهور الإسلام وبعده ، إلى جانب نجد، واليمن، وخليج عمان ، و خليج (فارس)(العرب)..ويختلف عن غيره من الأقاليم بخصوصيات ثقافية و بتنوع بشري مميز نظرا لقربه من البحر الأحمر ولإحتوائه على مدن” كمكة” و”المدينة” و ما لهما من قيمة تاريخية سواء قبل الإسلام أو بعده .فقد كان الحجاز و مدنه في العصور القديمة مركز عبور و استراحة لقوافل التجار بين المناطق المجاورة ، وظل في العصور الإسلامية يعني مناطق إدارية موحدة تختلف تبعا للظروف السياسية ، و تحت سيادة الحكومات الإسلامية منذ العهد النبوي، والخلفاء الراشدين، مرورا بالأمويين و العباسيين والفاطميين و من بعدهم المماليك العثمانيين.

أما في العصر الحديث فتعتبر” مملكة الحجاز” التي أسسها الهاشميون بعد انهزام الجيوش العثمانية أثناء الحرب العالمية الأولى 1916، و التي شملت أراضي الحجاز و كانت مكة مركز هذه الدولة الفتية التي استمرت عشرة أعوام حتى سقطت بعد الإستيلاء على الطائف والمدينة المنورة ثم مكة وجدة من طرف آل سعود المتواطئين مع الأنقليز إثر حصار طويل زاد عن العام لمدينة جدة انتهى بمعاهدة جدة بحضور ورعاية المندوب البريطاني في 1927 و الذي تلاه في 19 سبتمبر 1932 الأمر الملكي بضمها لنجد و توحيد البلاد تحت إسم المملكة العربية السعودية من طرف “عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود”- بداية من 23 سبتمبر 1932.

تاريخيا لم تكن لأرض الحجاز ومدنها أية علاقة بإمارة أولاد سعود في الدرعية القريبة من الرياض. و الجيوش التي حاصرت ثم احتلت مدن الحجاز، المتواطئة مع الأنقليز و الحركة الوهابية ليست سوى جيوش إستعمارية غاصبة مثلها مثل الجيوش العثمانية، و الفرنسية، والأنقليزية، التي اغتصبت العديد من بلاد العالم . ولم تكن مباركة أنقلترا لها إلا في إطار خيانة، و صفقة لتسليم القدس و فلسطين للصهاينة.

لقد مضى الآن 83 عاما على اغتصاب بلاد “الحجا”ز من طرف عملاء بريطانيا و الأمريكان “آل سعود” خدم الصهيونية ، فترة مليئة بالخيانات لقضايا الشعوب العربية و على رأسها القضية الفلسطينية، ولعب أقذر الأدوار في تدمير العراق وسوريا و الزج بشعوب المنطقة في حروب ونزاعات طائفية، و مذهبية، و بث التفرقة و العداء بين المسلمين ، كل ذلك بأموال الحجيج و الزوار من الشعوب المسلمة لأرض الحجاز و تهامة ( الأراضي المقدسة) . ف “آل سعود” يقبضون أموال الزوار و الحجيج من الشعوب الإسلامية ليردوها لهم رصاصا وقنابل تدمرهم.

من أجل إفتكاك رعاية الحجيج من آل سعود

يستأثر” آل سعود” بعائدات مواسم الحج و العمرة، ويرفعون كل عام في تكاليف الخدمات و الإقامة وأسعار المواد الغذائية دون حق شرعي، وُيبذِّرون هذه الأموال في العواصم الأوروبية و العالمية باحثين عن الملذات و الترف، و في تغذية الحروب والنزاعات بإسم الإسلام ، في الوقت الذي تعاني فيه الشعوب الإسلامية في أغلب بقاع العالم من الفقر والأمراض. إن عائدات مواسم الحج والعمرة و الزيارات التي يؤديها الحجيج إلى الأراضي المقدسة من المفروض أن تتحول إلى مشاريع تنموية و ثقافية لفائدة الشعوب الإسلامية في مختلف بقاع العالم، لبناء المصانع والمدارس، والمستشفيات، والمساكن، والملاعب ، و دور الثقافة، للنهوض بهذه الشعوب . فكيف السبيل لذلك ؟

بأي شرعية يبقى آل سعود في الحجاز ؟

آل سعود ليس لهم شرعية في الإشراف على المواسم الدينية في أرض الحجاز وتهامة ، فهم أبعد الناس عن القيام بهذه المهمة ، فإمارتهم في الدرعية و انتماؤهم إلى نجد، و تاريخ الردة بعد وفاة الرسول، و مؤازرتهم لمسيلة الكذاب، جعل منهم غير مؤتمنين على هذه المهمة و هم آخر من توكل إليه. فإسم الدولة التي أسسوها ( المملكة العربية السعودية) يختزل الإسلام و تاريخه وتراثه في عائلة مغمورة لا تاريخ لها مشكوك في هويتها . لذا وجب التخلص من هذه العائلة و تحرير أرض الحجاز من سيطرتهم و الإعلان عنها دولة مستقلة عن إل سعود و عن جميع الدول القريبة و البعيدة، محايدة، منزوعة السلاح، غير مذهبية، يساهم في الإشراف عليها و تسيير شؤونها كل الشعوب المسلمة من جميع المذاهب والجنسيات.

مواصفات دولة الحجاز : كيفية التأسيس و التسيير

يقع الإعلان في بيان علني ممضى من طرف الدول و الشخصيات الإسلامية و الأقليات من المسلمين في العالم على تأسيس “دولة الحجاز” واعتبار الجنسية أو الانتماء لهذه الدولة ،على أساس حق العمل المنتظم و الإقامة الدائمة فيها، كما هو الشأن في دولة الفاتيكان ، و الإلتزام التام بحماية إستقلالها و الدفاع عنها في صورة تعرضها إلى أي عدوان داخلي أو خارجي . كما تلتزم بالحياد و عدم الدخول في أي نزاع مهما كانت أسبابه ، وتبقى دولة الجميع ( جميع المسلمين) ، كما يوضع دستور ينظم طريقة الحكم و الهيئات والدوائر التي تشرف على تنظيم و تسيير الحياة فيها و الإشراف على راحة الزوار وسلامتهم. أما ميزانيتها فتكون أساسا من عائدات الزيارات للأماكن المقدسة، و من المساهمات القارة للدول الإسلامية، و من المشاريع الإقتصادية و الفلاحية و التجارة التي تبعثها ، كما تخصص جزءا من فوائض عائداتها لمساعدة الشعوب المسلمة الفقيرة.

بأي آليات يستقل الحجاز؟

قد يرى البعض فيما ذهبنا إليه طوبوية و ضربا من ضروب الخيال غير قابل للتحقيق أمام درجة درجة استعداد الداخل السعودي و في الحجاز بالذات، وفي الخارج الإسلامي و الدولي . فالظروف الداخلية و وعي سكان الحجاز بهذا المشروع غير حاصل ، كما أن دموية النظام السعودي و راديكالية المذهب الوهابي يقفان حائلا دون تحقيقه حتى وإن نضجت الظروف الداخلية ، فالإستثمار في الدين و بالخصوص في مواسم الحج والعمرة، يدر عليهم مداخيل خيالية ، إضافة إلى أهمية منطقة الحجاز من حيث الموارد الطبيعية والمخزون الهائل من المعادن ، دون أن نستثني أن الحجاز بوابة آل سعود على البحر الأحمر و مفتاح تجارتهم العالمية.

همس إلي أحد الأصدقاء بأن الداخل غير مهيأ لهكذا مشروع و لا سبيل إلى تحقيقه دون الإعتماد عليه ، فالثورات و حركات التحرر تبدأ أولا من الداخل . اجبته: أنا كذلك أرى أن الخارج غير مهيأ، فالأمريكان و الأنقليز حلفاء آل سعود و أصحاب نعمتهم لن يقبلوا إنفصال الحجاز و إضعاف دولة آل سعود و خسران مصالحهم في المنطقة. أما الدول الإسلامية فهي ستتعامل مع المشروع إما من جانب مصلحي أو عقائدي، و فيهم من سيكون مع أو ضد. الأكيد أن الشعوب المسلمة سوف تكون هي المستفيدة من هذا المشروع لما له من إنعكاس على تكاليف الحج توظيف جزء منها لخدمة قضايا التنمية و التعليم في بلدانهم وفق ما ذكرنا . إذا الضغط الشعبي سوف يكون له دور رئيسي في وضع المشروع على طاولة الحيتان الكبيرة و كل سيتعامل معه حسب مصلحته . فتغير الأوضاع و إعادة رسم الخرائط في زمن العولمة أصبح يخضع لمفاهيم مقلوبة ، فالإعلان عن المشروع من الخارج وحشد الرأي العام حوله من القوى الشعبية و الدول و الضغط الإعلامي و المدني سيساعد على تنضيج الظروف الداخلية لنجاح المشروع.