بقلم محمد سميح الباجي عكاز،

loi-de-finances-2016-article-61-reconciliation-economique

بعد ثمانية أيّام من إيداع الطعن لدى الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين، قضت هذه الأخيرة بقبوله شكلا ومضمونا في جلستها المنعقدة يوم أمس 22 ديسمبر 2014، وتضمّن القرار عدم دستورية الفصول 46 و59 و60 و64 و85 من مشروع قانون المالية لسنة 2016 وفصلها عن القانون المذكور.

الجدل الكبير الذّي أثاره قانون المالية لسنة 2016، لم يتوقّف عند تسجيل الاحتجاجات، حيث التجأ نوّاب المعارضة إلى الانسحاب من جلسات التصويت في مرحلة أولى ليتمّ فيما بعد تقديم مطلب للطعن في دستورية قانون المالية لسنة 2016 لدى الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين في عدد من الفصول لعلّ أهمّها الفصل 61 الذّي تم تحويره إلى الفصل 64 والذّي استنسخ فحوى مشروع قانون المصالحة الاقتصادية والماليّة تحت تأثير لوبيات الفساد على مجلس نوّاب الشعب.

⬇︎ PDF

قرار الهيئة يطيح بدكتاتورية الأغلبية

تمّت المصادقة على قانون الماليّة يوم الخميس 10 ديسمبر 2015  خلال جلسة عامة قاطعها نواب المعارضة، عقب قرارهم  الانسحاب من جلسات التصويت على فصول قانون الماليّة لسنة 2016، بعد تمرير الفصل 61 باستعمال الأغلبيّة النيابيّة.

تجاهلُ نوّاب الأحزاب الحاكمة احتجاجات المعارضة وإصرارها على تمرير جميع الفصول الواردة في مشروع قانون الماليّة الجديد، دفع هؤلاء إلى تقديم طعن في لدى الهيئة الوقتيّة لمراقبة دستوريّة مشاريع القوانين يوم الثلاثاء 15 ديسمبر 2015.

وقد وقّع 31 نائبا من مختلف الكتل النيابيّة على عريضة الطعن بالفصول 46، 47، 59، 60، 61، 64، 74، 75، 82، و85 من مشروع القانون المذكور.

وللتذكير، فقد تأسّست هذه الهيئة وفقا للقانون الأساسي عدد 14 لسنة 2014 مؤرخ في 18 أفريل 2014 يتعلق بالهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين بعد المصادقة عليه من قبل المجلس الوطني التأسيسي. ويتمّ بمقتضى هذا القانون إحداث «هيئة قضائية وقتية مستقلة تختص بمراقبة دستورية مشاريع القوانين[…] تتمتع الهيئة بالاستقلالية الإدارية والمالية في إطار ميزانية الدولة» وفق ما جاء في الفصل الثاني.

هذا وينصّ الفصل الثالث على أن «تتولى الهيئة مراقبة دستورية مشاريع القوانين بناء على طلب من رئيس الجمهورية أو رئيس الحكومة أو ثلاثين نائبا على الأقل، يقصد بمشاريع القوانين كافة النصوص التشريعية المصادق عليها من المجلس الوطني التأسيسي أو مجلس نواب الشعب والتي لم يتم ختمها بعد. وتعتبر سائر المحاكم غير مخولة لمراقبة دستورية القوانين.»

كما ينصّ الفصل 21 على أنّ «تتخذ الهيئة قراراتها بالأغلبية المطلقة لأعضائها في أجل عشرة أيام قابلة للتمديد بقرار معلل مرة واحدة لمدة أسبوع. تكون قرارات الهيئة معللة وتصدر باسم الشعب وتنشر بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية في أجل أسبوع من إصدار القرار. قرارات الهيئة ملزمة لجميع السلطات.»

وقد كانت وزارة المالية قد أعلنت أنّها ستمتثل لقرار الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين أيّا كانت طبيعته.

في نفس السياق، أكّد النائب فتحي الشامخي لنواة خلال اتصال هاتفي صحّة الخبر، وقد اعتبر هذا الأخير أنّ الهيئة اتخذت القرار الصحيح خصوصا فيما يتعلّق بالفصل 61 الذّي تمّ تحويره إلى الفصل 64. كما أشار النائب الشامخي أنّ هذه الفصول ستُحال مرّة أخرى إلى مجلس النوّاب للتداول وإعادة النظر فيها، وضمان أن لا تتضمّن خروقا للدستور كما كان الحال في الصيغ المطعون فيها، والتي حاولت أحزاب الائتلاف الحاكم تمريرها عنوة عبر سياسة الأمر الواقع واستخدام الأغلبية النيابيّة.