أبول على الشرطة الحاكمين
إنه زمن البول فوق المناضد والبرلمانات والوزراء
أبول عليهم بدون حياء
فقد حاربونا بدون حياء.
مظفر النواب، وتريات ليلية

بسبب هذه الأبيات الشعرية صدر حكم غيابي في 27 جانفي 2016 بشهرين سجن ضدّ عمر بالحاج عمر، طالب بالسنة الثانية إجازة أساسية في الإنقليزية بكلية الآداب بمنوبة، عضو بالمكتب التنفيذي للإتحاد العام لطلبة تونس، وناشط بحملة مانيش مسامح.
توجه كغيره من الشباب المندد بمشروع قانون المصالحة الوطنية، يوم 3 سبتمبر 2015، أمام المسرح البلدي بالعاصمة حيث ألقى خطابا عبّر فيه عن رفضه لما أسماه قانون تبييض الفساد والإستبداد، تخلّلته تلك الأبيات للشاعرمظفر النواب الذي عرف بهجائه اللاذع للأنظمة السياسية الإستبدادية.

على إثر هذا التحرك الإحتجاجي تمّ إستدعاء عمر إلى منطقة باب بحر حيث توجه يوم 12 سبتمبر 2015، ليتمّ إتهامه بهضم جانب موظف عمومي لفظيا، بعد أن قدّم عون بوليس شكاية ضدّه عند سماعه لتلك الأبيات.

وبعد هذا الإستدعاء فوجئ عمر، بصدور حكم غيابي ضدّه بشهرين سجنا منذ يوم 27 جانفي 2016. وقام بالإعتراض على هذا الحكم، حيث مثل يوم 20 ماي 2016 أمام المحكمة الإبتدائية، ليؤجَّل إصدار الحكم النهائي إلى يوم 27 ماي 2016.

خلال المحاكمة إستنكرت هيئة الدفاع ظروف البحث التي إعتبرتها غير لائقة حيث تمّ تهديد عمر من قبل أعوان الشرطة الذين غابت عن مخيّلتهم الصورة الشعريّة ورمزيّة الكلمات التي لا تستهدفهم بصفة شخصية، وإنما تندّد برموز الحكم الإستبدادي عموما.
وقد جاء في محضر البحث أن هذه الأبيات تسببت ”في إمتعاض وغضب في صفوف الأمنيين ووضعهم في موقف محرج، خاصة بعد ردّة الفعل الإستفزازية التي صدرت عن باقي المتجمهرين والفضوليين من المواطنين الحاضرين الذين تعالت ضحكاتهم بطريقة إستهزائية“ وأتهم عمر ب”التجاهر بقول الفاحشة وهضم جانب موظفي وزارة الداخلية بجميع أسلاكهم…“. وهو ما إعتبره محامي الدفاع مبالغة وتجنّيا على المتهم الذي كان يمارس حقه في التعبير والإحتجاج بالإستناد إلى أبيات شعرية تدرّس في الجامعات التونسية، لم يتمكن أعوان الأمن من إدراك دلالاتها.

وقد إعتبرت هيئة الدفاع أن هذه القضية تعبّر عن صراع بين ثقاقة البطش والإستبداد وثقافة الحرية، محذرة أعوان الأمن والقضاء من الزج بهم في صراع سياسي لتمرير مشروع قانون المصالحة وتجريم التحركات الإحتجاجية، مطالبين بالحكم بعدم سماع الدعوى.
أكّد عمر على إثر خروجه من قاعة الجلسة على تمسكه بحقه في التعبير والتظاهر، وعلى تشبث جميع النشطاء بحملة مانيش مسامح بمواصلة النضال ضدّ رموز منظومة الفساد والإستبداد وعلى ضرورة محاسبتهم قبل المصالحة.