تزامنا مع ذكرى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، شاركت اليوم السبت 10 ديسمبر 2016 العديد من الحركات الاجتماعية في تجمع احتجاجي أمام مقر مجلس نواب الشعب بالعاصمة. هذا التجمع دعى إليه المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية وشارك فيه العديد من ممثلي الحركات الاجتماعية، من بينهم اتحاد أصحاب الشهائد المعطلين عن العمل وعمال الحضائر وعائلات الشهاداء والجرحى وعائلات المهاجرين المفقودين والمفروزين أمنيا وحملة “مانيش مسامح”.
رغم المطالب الخصوصية لمختلف الحركات الاحتجاجية المُشاركة فإنها تلتقي في مطالب عامة، تتمثل أساسا في العدالة الاجتماعية وتوفير ظروف عيش كريمة ووضع منوال تنموي جديد واتباع سياسة حوار اجتماعي جدية. هذا وندد جل المحتجون بالسياسات الأمنية التي تتبعها الحكومة في معالجة المطالب الاجتماعية على غرار ما يتعرض له المفروزون أمنيا من اعتداءات متكررة من طرف قوات الأمن، علاوة على ما يشهده المعطلون عن العمل من تتبعات قضائية في الجهات الداخلية على غرار معطلي قابس وشباب ماجل بلعباس والمتلوي وقفصة وجدليان.
سياسات حكومية مُنتجة للتهميش
شكلت السياسات الاجتماعية والاقتصادية للحكومة موضوعا رئيسيا للاحتجاج الاجتماعي، وقد وُصِفت هذه السياسات عموما بمحافظتها على خيارات النظام الذي أطاحت به الانتفاضة الشعبية. في هذا السياق أكد رئيس المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، عبد الرحمان الهذيلي، لموقع نواة أن “الحكومة تتحمل مسؤولية الاحتقان الاجتماعي لأنها تراهن على بناء سلم اجتماعي مع الأجراء، مُسقطة من حساباتها القطاعات الاجتماعية المهمشة، بل راهنت على تشتت هذه القطاعات وتآكلها الداخلي”. وأضاف الهذيلي بأن السياسة الرسمية تتجه نحو تحميل المجتمع تبعات فشل الخيارات الاقتصادية من خلال اللجوء للحل الأمني والتتبعات القضائية واتباع سياسة تفاوضية مجردة من أدنى الالتزامات.
شهد التجمع الاحتجاجي مشاركة كبيرة للشباب المُعطل عن العمل، سواء من أصحاب الشهائد أو العاملين في قطاعات تشغيلية هشة على غرار عمال الحضائر، الذين طالبوا بتوفير شغل لائق وتسوية أوضاعهم المهنية. في هذا السياق قال عضو المكتب الوطني لاتحاد أصحاب الشهائد المعطلين عن العمل، سهيل العيدودي، لموقع نواة أن “احتجاجات المعطلين عن العمل لا يمكن اختزالها في المطالبة بالانتداب بل هي جزء من معركة اجتماعية حول العدالة والسيادة الوطنية”، مضيفا أن “الحكومة الجديدة جِيء بها من أجل تطبيق سياسات المؤسسات المانحة وهي ليست مستعدة للإنصات لصوت الفئات والجهات المهمشة”.
الدستور الجديد والحقوق الاجتماعية المُعلقة
اختارت الحركات الاجتماعية التظاهر اليوم أمام مجلس نواب الشعب للتذكير بأن دستور 2014 نص على احترام الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، ونص على مبدأ التمييز الإيجابي بين الجهات والفئات، وكفل حق التظاهر والتعبير. وقد دخل العديد من المحتجين في سجالات مع بعض النواب الذين التحقوا بالوقفة الاحتجاجية، محمّلين إياهم مسؤولية الدفاع عن مطالبهم.
عدنان الحاجي، النائب بمجلس الشعب عن جهة قفصة وأحد زعماء انتفاضة الحوض المنجمي 2008، دخل بدوره في سجال عريض مع عمال الحضائر، الذين عبروا عن استياءهم من عدم تفاعل النواب مع قضيتهم رغم الأوضاع الاجتماعية المزرية التي يمرون بها. وبخصوص الدور المُوكل لنواب الشعب إزاء الحركات الاجتماعية أكد الحاجي لموقع نواة أن “اختلال موازين القوى السياسية داخل البرلمان لصالح الكتل الليبرالية الحاكمة حال دون حل العديد من الملفات الاجتماعية، لأن الكتل المهيمنة تتبنى خيارات اقتصادية واجتماعية متعارضة مع مطالب الحراك الاجتماعي”. واعتبر الحاجي أن “التغيير الاجتماعي لن يكون عبر البرلمان وإنما ستفرضه الحركة الاجتماعية شريطة تجاوزها لحالة الانقسام والتشرذم”.
يأتي التجمع الاحتجاجي للحركات الاجتماعية المناهضة للتهميش والحيف الاجتماعي في ظل سياسات رسمية تعلن عن توجهها نحو التحكم في نفقات الاستثمار العمومي وإيقاف حركة الانتداب في الوظيفة العمومية وتقليص كتلة الأجور، مبررة ذلك بالتزامات اقتصادية مع المانحين الدوليين، في مقدمتهم صندوق النقد الدولي.
iThere are no comments
Add yours