عادت شركة بتروفاك لتتصدّر المشهد الاعلاميّ، مع إعلان وزيرة الطاقة والمناجم والطاقات المتجددة هالة شيخ روحو، اليوم 14 ديسمبر 2016، عن التعطيل الكلي لأنشطة الشركة البترولية البريطانية “بتروفاك” في تونس بسبب ما أسمته “إحتجاجات البعض من أهالي قرقنة” وحجزهم لشاحنات الشركة الناقلة للمكثفات النفطية. بدورها لم تنفي الشركة تصريحات الوزيرة هالة شيخ روحو، حيث أكّدت قرار غلق حقل الشرقي بقرقنة وإيقاف العمل وتسريح العمّال وأرجعت الشركة هذه الخطوة الى استحالة الإنتاج، وعدم تمكن شاحنات نقل الغاز من العبور الى صفاقس منذ 14 يوما.
تهديد يتكرّر للمرّة الثانية منذ أقلّ من أربعة أشهر، بعد تراجع الشركة عن قرار الغلق في شهر سبتمبر الماضي وامضاء اتفّاق مع السلطات وأطراف المجتمع المدني في قرقنة دون أن يحرز تقدّما على أرض الواقع حتّى هذه اللحظة.
التلويح بالغلق لحلّ الأزمات
يعيد القرار الأخير لشركة بتروفاك بغلق حقل الشرقي خلط الأوراق من جديد بعد أن لوّحت الشركة بقرار مماثل نهاية شهر سبتمبر الفارط على إثر احتدام المواجهة مع اتحاد أصحاب الشهائد العليا المعطّلين عن العمل ورفض الشركة لطرح مقترحات جديّة ومعقولة للمعتصمين.
وقد برّرت شركة بتروفاك ووزارة الطاقة القرار القاضي بغلق حقل الشرقي بقرقنة إلى تعمّد محتجّين من الأهالي إلى منع شاحنات النفط المكثّف من العبور إلى صفاقس وتعطيل إنتاج الشركة منذ 14 يوما. هذا وتداولت وسائل إعلامية عديدة الخبر استنادا على رواية الشركة والوزارة التّي حمّلت مسؤولية الأزمة الحالية للمجتمع المدني في قرقنة والمحتجّين. من الجانب الآخر، أكّد السيد محمد علي عروس، الكاتب العام للاتحاد المحلّي للشغل بقرقنة أنّ منع شاحنات النقل التابعة لشركة بتروفاك لم يكن عملا منظّما ولم يتمّ تبنّيه أو تشجيعه من أي طرف في المجتمع المدني، وأنّ هذا التحرّك الاحتجاجيّ لا يعدو كونه ردّ فعل فرديّ، خصوصا مع تلكؤ شركة بتروفاك في تنفيذ التزاماتها المنصوص عليها في اتفاق سبتمبر الماضي. وقد اعتبر السيّد محمد علي عروس أنّ ما حدث كان منتظرا، خصوصا وأنّ السلطات وشركة بتروفاك لم تحرز تقدّما يذكر في تنفيذ بنود الاتفاق المذكور منذ ثلاثة أشهر رغم انهاء اللجان المحليّة مهامها، حيث لم يتم حتى هذه اللحظة حفظ القضايا وايقاف التتبعات العدلية في حق كل الذين وجهت إليهم تهم في الاحتجاجات السابقة، أو احداث شركة الخدمات التنموية وغيرها من التعهّدات.
وقد اعتبر هذا الأخير أنّ التلويح بالغلق يعتبر قرار متسرّعا وغير مدروس، خصوصا وأنّ المسؤولية تقع على عاتق من تباطأ في تنفيذ التزاماته، كما أكّد أن الاتصالات مقطوعة بين المكتب المحليّ لاتحاد الشغل وشركة بتروفاك ولم يتمّ التشاور معهم أو تباحث الحلول الممكنة قبل اتخاذ هذا القرار.
المؤكد أن الاقتصاد أداة مؤثرة من أدوات السياسة، بل هو سلاح فعال يمكن اللجوء إليه، وهو سلاح لا يكلف نفقات مالية – بالنسبة لمن يستخدمه – كتلك الناتجة عن الحروب التقليدية المتعارف عليها وحشد الجيوش للمواجهة، ويلعب فيها العقل البشري الاقتصادي الدور المحوري المباشر، لإخضاع طرف ما لإرادة طرف آخر، وهو صراع يبدو في شكله خفي ولكنه ظاهر في الأداء والنتائج كما أن له الكثير من الصيغ والوسائل والتطبيقات والأمثلة في هذا المجال كثيرة ومتجددة أيضا.ومن هذه الصيغ ذلك التهديد الدائم بإيقاف الانتاج وتسريح العمال وزرع الخوف من خسارة العائدات لجرالطرف المقابل الى القبول بقواعد اللعبة التي يراها ملائمة لاوضاعه ..