ولئن كان صدور هذا القرار عن مكتب المجلس محلّ انتقاد عدد من النوّاب خاصّة عن الكتلة الديمقراطية، فإنّه حظي بموافقة 122 نائبا واحتفاظ 14 ومعارضة 3 نوّاب. ويتضمّن القرار ستّ نقاط تتعلّق بتسريع آجال مناقشة المبادرات التشريعية المرتبطة بالحالة الوبائيّة، انطلاق أعمال الجلسات العامّة دون اشتراط النصاب القانوني، إمكانية انعقاد الجلسات العامّة عن بُعد واعتماد تطبيقة للتصويت، اختصار مدّة النقاش العامّ، تفويض الجلسة العامّة لخليّة الأزمة المتكونة من رؤساء الكتل وأعضاء مكتب المجلس لمراقبة الحكومة، إمكانية انعقاد مختلف هياكل المجلس عن بُعد، بما في ذلك اجتماعات مكتب المجلس وندوة الرؤساء واللجان التشريعية والخاصّة.

احترام الطابع الشخصي للتصويت

أبدى النوّاب المتدخّلون خلال النقاش العامّ مخاوفهم من خرق الطّابع الشخصي للتصويت من خلال اعتماد تطبيقة الكترونية بدلا عن التصويت الحضوري، حيث ينصّ الدستور في فصله 61 أنّ ”التصويت شخصي ولا يمكن تفويضه“. وذكر نبيل حجّي عن الكتلة الديمقراطية لدى تدخّله في الجلسة العامّة أنّ اعتماد التطبيقة عن بُعد لا يضمن الطّابع الشخصي للتصويت، إذ بإمكان ”أحد أفراد عائلة النائب أن يصوّت مكانه“. كما وضّح الأسعد الحجلاوي عن نفس الكتلة أنّ المسار التشريعي لمشاريع القوانين يبدأ باللجنة من خلال النقاشات والاستماعات والتصويت ثمّ يمرّ في مرحلة ثانية إلى الجلسة العامّة للمصادقة عليه، وهو ما يجعل فرضيّة التفويض إلى الحكومة لإصدار مراسيم في مجالات معيّنة أقرب إلى النّجاعة من اعتماد التصويت الالكتروني على مشاريع القوانين وفق ما ذكره النّائب.

من ناحية أخرى ذكر حسونة الناصفي عن كتلة الإصلاح الوطني أنّ النّظام الداخلي للبرلمان ينصّ في فصله 127 على اعتماد 3 طرق للتصويت، وهي التصويت الالكتروني والتصويت اليدوي والتصويت بالمناداة. واستنتج أنّ ”التصويت الالكتروني فيه جملة من الأشكال والصّيغ“، ممّا يعني أنّ التصويت عن بُعد لا يُعدّ بدعة وإنّما منصوص عليه بالنظام الداخلي للبرلمان. كما دعا في هذا السياق إلى ضرورة توفير ”الآليات الّتي تثبت أنّ التصويت شخصي“. يُذكر أنّ مكتب المجلس قد اجتمع بتاريخ 25 مارس 2020 لأوّل مرة عن بُعد، ووصفت زينب البراهمي المكلّفة بالتشريع صلب المكتب هذه التجربة بأنّها ”ناجحة“.

ضبابيّة في كيفيّة عمل التطبيقة

اعتبرت زينب البراهمي عضو مكتب المجلس المُكلّفة بالتشريع أنّ التطبيقة المُعتمَدة ستضمن لكلّ نائب تأدية واجبه، مع ضمان أن يكون تصويته شخصيّا دون أن يتمّ التلاعب به. وفي اتّصال لها مع نواة أكّدت عضو مكتب المجلس أنّ التطبيقة لا تزال تحت التجربة ولم يتمّ إطلاقها رسميّا. وهي تطبيقة تمّ تطوريها من طرف وحدة الإعلامية بالبرلمان، بشكل يسمح لـ217 نائبا بالنفاذ إليها في نفس الوقت وتمكينهم من الاطلاع على نتائج التصويت للتأكّد من مطابقة تصويتهم مع النتائج المُصرّح بها. ولكن ماذا لو انقطعت شبكة الانترنت، كيف سيمكن تأمين عملية التصويت؟ لم نتلقّ إجابة عن هذا السؤال.

ولئن كانت آليّة التصويت عن بُعد معتمدة في نُظم أخرى خارج الأطر السياسيّة مثل ”انتخابات الهياكل المهنية“ بالنسبة إلى فرنسا، واعتماد التصويت الالكتروني في بلجيكا والهند والبرازيل وغيرها من الدّول، فإنّ اعتماد التّصويت عن بُعد في البرلمان يُعدّ سابقة في تونس وحتى في العالم. فقد أعلن البرلمان الأوروبي عن جملة من الإجراءات الاستثنائيّة لضمان حسر سير الجلسات العامّة خلال هذه الفترة الوبائيّة التي قد تتواصل إلى غاية 31 جويلية 2020. وتتحدّث بعض المصادر الإعلامية الأوروبيّة عن كيفيّة اعتماد آلية التصويت عن بُعد من خلال استخدام لوحات الكترونية مرتبطة بمنصّة قادرة على استيعاب 1000 عضو.