مع تمكّن هشام المشيشي من رئاسة الحكومة ووزارة الداخلية بالنيابة، انطلقت الآلة القمعية من عقالها بشكل غير مسبوق. وكرد على الاحتجاجات الشبابية السلمية، طالت الاعتقالات العشوائية مئات الشباب من طلبة الجامعات والخرّيجين المعطّلين عن العمل والأطفال. وتعرّض بعض الموقوفين، ومن ضمنهم أطفال، إلى التعذيب والتهديد بالاغتصاب. كما طالت الهجمة الأمنية الشرسة محامين ورموز ثورة 2011 على غرار المحامي عبد الناصر العويني.
وشنّت وزارة الداخلية حملات ومداهمات ليلية وعشوائية لكل من تعلّقت بهم شكوك المشاركة في الاحتجاجات. وقالت الرابطة التونسية لحقوق الإنسان أن عددٍ الموقوفين من الشباب المحتجين منذ 14 جانفي 2021 تاريخ بداية الاحتجاجات الاجتماعية بلغ 1680 موقوفا من ضمنهم 126 قاصرا وُجِّهت لهم تهم الإضرار بممتلكات الغير والاعتداء على أمن الدولة الداخلي، وهي تهم سياسية تصل عقوبتها إلى الإعدام، وهو ما كشفته نورس دوزي عضو لجنة المتابعة وخلية الأزمة داخل الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان.
ولم تقف الانتهاكات على حقوق الموقوفين بل طالت عائلاتهم حيث تم الاعتداء على 80% من أولياء القصر إما أثناء المداهمات أو داخل مراكز الإيقاف. وكشفت الرّابطة في تقاريرها أنّ نسبة 100% من القصر الذين تم إيقافهم تعرضوا للعنف والهرسلة، كما تم تهديد 8 منهم بالاغتصاب.
نقابات تكفيرية
في بداية الأسبوع الماضي، وخلال وقفة احتجاجية بمدينة صفاقس، دعا الكاتب العام لنقابة الأمن الداخلي الأمنيين إلى عدم ضبط النفس، كما شن هجوما شرسا على من نعتهم “بالملحدين” و”اليساريين أعداء الإسلام”، كما شن حملة تكفيرية ضد المنظمات الحقوقية والصحفيين واتهمهم بالعملاء. وكانت العديد من صفحات النقابات الأمنية على فايسبوك عمدت إلى إطلاق حملات تحريض وشتم وتشويه ضد بعض الشباب المحتجين من الذين تم إيقافهم بطريقة عشوائية. وعمدت كذلك إلى نشر صور وأرقام هواتف وعناوين بعض الموقوفين أو بعض الشباب الذين قالت أنهم شاركوا في الاحتجاجات للتشهير بهم.
وقالت الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان أنها رصدت خلال الإيقاف الأخيرة عمليات تعذيب وسوء معاملة بعد زيارة 9 مراكز إيقاف منها 5 سجون و3 مراكز للأطفال الجانحين ومركز الإيقاف ببوشوشة صحبة أطباء متطوعين، حيث تبين أن قوات البوليس عمدت إلى “خلع سراويل بعض القصر وتهديدهم بالاغتصاب في ولاية المهدية وسكب الماء على القصر وضربهم بالعصي أو ما يعرف بالماتراك في ولاية صفاقس، إضافة إلى الاعتداء بالعنف الشديد على موقوفين حاملين لإعاقات ذهنية”.
ونبّه الائتلاف المدني لمنظمات وطنية تضم رابطة حقوق الإنسان ومنظمة مناهضة التعذيب وعشرة منظمات أخرى إلى عودة ممارسات التعذيب داخل أماكن الإيقاف والاحتجاز من أجل انتزاع اعترافات تدين الموقوفين. وندد في بيان له بأنّ “ما أقدمت عليه وزارة الداخلية من حملات ترويع وعسكرة، ومن سوء معاملة وتعنيف بهدف قمع الاحتجاجات وضرب الحقّ في التظاهر وفي التعبير اللذين يكفلهما الدستور والمواثيق والمعاهدات الدولية التي صادقت عليها الدولة التونسية”. وقال التحالف المدني أنه يتابع الحملة التي شنّتها بعض النقابات الأمنية على مواقع التواصل الاجتماعي من سبّ وشتم وتهديد مسّ غالبية مناضلات ومناضلي الحراك، وذلك بالتوازي مع تحركات نظمتها في مختلف الجهات اتّخذت طابعا ميليشياويا مسلحا بخطاب سياسي تكفيري مُهدّد للحريات الفردية والعامة، ومُجرّم للاحتجاج الشعبي، ومُكفّر للمُحتجّين وللقوى الديمقراطية والتقدمية وللصحفيين.
وكان الناطق الرسمي باسم محاكم المنستير والمهدية روضة بريمة أكدت يوم الجمعة الماضي، أن قاضي التحقيق بالمكتب الثالث بالمحكمة الابتدائية بالمنستير أذن بفتح بحث تحقيقي ضد كل من عسى أن يكشف عنه البحث من أجل التعذيب الناجم عنه بتر عضو.
مجموعات مسلحة متمردة على الدولة
أمام هذا الخطر الداهم للعنف الصادر عن مجموعات من داخل الدولة وحاملة للسلاح، تتلقى أجورها من جيوب دافعي الضرائب، نددت عديد المنظمات والأحزاب التونسية بما اعتبرته تمرّدا على الدولة. ونددت جلّ الأحزاب اليسارية والديمقراطية بخطابات التحريض والتكفير لبعض النقابات الأمنية واعتبرتها تمردا على الدولة وإخلالا بواجب الاحترام للمواطنات والمواطنين، وطالبت سلطة الإشراف والقضاء بمحاسبة مقترفي هذه التجاوزات. واعتبر التيار الديمقراطي أن الاعتقالات العشوائية “مؤشر على نزوع الحكومة الممنهج إلى التعسف الأمني والقمع”. كما أدان الاتحاد العام التونسي للشغل استهداف الحرّيات عبر قمع الاحتجاجات واستعراض القوّة والتضييق على الصحفيين والناشطين ودعا رئيس الحكومة وزير الداخلية بالنيابة إلى تحمل مسؤوليته في الانفلات الأمني، كما حمّل رئيس الجمهورية، المسؤولية الأولى في حماية الدستور واحترام الحريات.
وتجدر الإشارة إلى أن منسوب الضغينة والتهديد يستهدف أساسًا قوى فكرية وإيديولوجية بعينها، إضافة إلى فئات شبابية وحقوقيين ومحامين وصحفيين ومصورين وناشطين بالمجتمع المدني. الرابطة علّقت بأن هذا السلوك “يكشف عن نزوع فاشي، يدفع هؤلاء ويجعل منهم قوة وعصابة مليشيوية خارجة عن القانون، تهدد السلم الاجتماعية والدولة والنظام الجمهوري، يقطر خطابها حقدا وكراهية لكل الأصوات الحرة، ينضح بتأصل جيني ونزوع فطري إلى القمع والدكتاتورية وسفك الدماء”، وقالت أنها ستتوجه إلى مقاضاة النقابات الأمنية المتورطة.
مقاضاة رئيس الحكومة
من جهتها قالت الجمعية التونسية للمحامين الشبان أنها ستقدم شكاية بالمشيشي بوصفه وزيرا للداخلية ورئيس الحكومة من أجل استعماله للأمنيبن للإعتداء على المتظاهرين. وقالت الجمعية أنها تحمّل المسؤولية كاملة لرئيس الحكومة بصفته تلك وبوصفه وزيرا للداخلية بالنيابة وللأحزاب السياسية الداعمة له ولخيارات القمع والدكتاتورية والإستقواء على أفراد الشعب التونسي وتوظيف الجهاز الأمني لتكميم الأفواه واعتقال الناشطين والحقوقيين وهرسلتهم وترويعهم. وتعلن عن تقديمها شكاية جزائية ضد وزير الداخلية بالنيابة هشام المشيشي من أجل الإيهام بجريمة والإعتداء بالعنف الشديد والتهديد بما يوجب عقابا جنائيا والمشاركة في ذلك. ولا يتمتع رئيس الحكومة بأي حصانة دستورية تمنع تقديمه للقضاء.
اتضح ان هذه المضاهرة ليس لأمن الدوله بل امن موازي والدليل حمل الشعارات المعادية لليسار التونسي وهذا دليل علي هذه انه ليس امن بل دليل علي انتماء هذا الامن طرف سياسي معين وهو تكفيري واضح وليس له اي مطالب مشروعكه لتامين الأمنيين ولا حتي مطالب مشروعه واضح ، بل استعراض قوة موجه ضد طرف معين ضد من يطالب بالحرية والديمقراطيه والعيش الكريم اي العمل والتعليم وضد غلاء المعيشه ، ….