ذكرت صحيفة العربي الجديد (ممولة من قطر) إن مصدرا موثوقا أكّد لها أن زيارة الغنوشي أثمرت وعودا بتعاون مالي بين البلدين بقيمة ملياري دولار من دولة قطر ومواصلة الدعم الصحّي لتونس، إلى جانب مضاعفة حصة تونس من عقود العمل من 25 ألفاً حالياً إلى 50 ألفاً في قادم الأيام.

كما سبق وأن نشر النائب وعضو المكتب التنفيذي لحركة النهضة محمد القوماني،  بتاريخ 7 ماي،  تدوينة على حسابه بموقع فايسبوك تحدث فيها عن عودة راشد الغنوشي من قطر “بحصائل هامة جدا لفائدة التونسيين على أصعدة مختلفة” بعد لقائه بأمير قطر تميم بن حمد.

باتصالنا بالقوماني، للاستيضاح حول دقة هذه المعلومات المتداولة، أفادنا بأن الزيارة التي أدّاها راشد الغنوشي لقطر لم تتخذ طابعا رسميا ولم يقم بها بصفته رئيسا لمجلس النواب وإنما بصفته الشخصية وكرئيس لحركة النهضة، حيث التقى خلالها تميم بن حمد، بحكم علاقته الجيدة معه من أجل دعم تونس، نافيا ما راج عن عدم استقبال أمير قطر للغنوشي.

أشار القوماني، في حديثه لـ”نواة” إلى أن وزير الاقتصاد والمالية أشرف الكعلي قام صحبة وفد حكومي بزيارة لقطر سابقة لزيارة الغنوشي تفاوض من خلالها مع الجهات القطرية حول برنامج تمويلي لتونس. “وتأتي زيارة الغنوشي لدعم هذا المجهود حيث طلب من أمير قطر أن يمضي في القرض والهبة لتونس، وأن يتم الترفيع في المبلغ ويكون بشروط ميسرة، وذلك لسد العجز في  ميزانية الدولة التي بلغت 20 مليار دينار تونسي”. بحسب القيادي في حركة النهضة، فإن الغنوشي طلب دعم قطر لمساعدة تونس بالتجهيزات واللقاحات في مواجهة كوفيد 19.

وقد تعذر علينا التواصل مع وزارة الإقتصاد والمالية حيث لاحظنا شغوراً بالوزارة على مستوى مكتب الإعلام والإتصال. كما لم يتفاعل معنا قسم الإعلام بوزارة الخارجية التي لازمت الصمت حول الموضوع، رغم تكثيف مساعينا وإلحاحنا طيلة أكثر من 24 ساعة.

وقال القوماني “نحن في حركة النهضة طلبنا من الغنوشي استثمار علاقاته مع الجزائر وليبيا وقطر لدعم تونس خصوصا وأن الدبلوماسية الرسمية متعثرة نوعا ما ولا تقوم بالدور المطلوب منها”. وجاء في بيان لحركة النهضة بتاريخ 8 ماي أن زيارة الغنوشي لقطر تدخل “في إطار الديبلوماسيّة الحزبيّة، وما يعتزم رئيس الحركة الأستاذ راشد الغنوشي القيام به من زيارات لعواصم عربية وغربية…”.

أمير قطر تميم بن حمد رفقة الرئيس الأسبق الباجي قائد السبسي في مؤتمر تونس 2020 للإستثمار. نوفمبر 2016.

هذا ولم نعثر في المراجع القانونية والدبلوماسية التي اطلعنا عليها على أي أثر لمصطلح “الدبلوماسية الحزبية” الذي يعمل بشكل مواز للمنظومة الدبلوماسية التونسية. حتى مسألة  “الدبلوماسية البرلمانية” الذي تمت إثارتها أكثر من مرة سواء عند زيارة رئيس البرلمان راشد الغنوشي لتركيا، ولقائه الرئيس رجب طيب أردوغان، أو في علاقة بالموقف المنحاز لحركة النهضة من الحرب في ليبيا، فإنها من المفترض أن تعمل في إطار الدبلوماسية العامة التي تضعها الخارجية التونسية ومؤسسة الرئاسة وليس بالتعارض معها أو التشويش عليها مثلما حصل مثلا مع الاتصال الذي أجراه راشد الغنوشي مع رئيس حكومة الوفاق الليبية، فائز السرج، بتاريخ 19 ماي 2020 ليهنئه باستعادة قاعدة “الوطية” الجوية من قوات الجيش الليبي التي يقودها خليفة حفتر في أوج الصراع بين الأطراف الليبية، والذي فهم منه مساندة طرف معين ضد الآخر، وهو ما يتعارض مع مبادئ الدبلوماسية التونسية التي تقف على الحياد بين الفرقاء الليبيين.

إلى ذلك، أكّد القوماني لـ”نواة” عن قيام الغنوشي بالتنسيق المسبق مع رئيس الحكومة هشام المشيشي قبل الذهاب لقطر وبعد عودته منها، وذلك في علاقة ببرنامج الزيارة والمفاوضات مع الجهات القطرية، مشيرا إلى وجود وعد قطري بدعم منتدى استثماري في تونس.

كما كشف القوماني عن وجود زيارة مرتقبة سيقوم بها رئيس الحكومة هشام المشيشي إلى قطر في إطار نشاط اللجنة العليا المشتركة بين البلدين، والتي سيتم بموجبها إعطاء الصبغة الرسمية والتفصيلية لأي اتفاقات تعاون أو مالية بين البلدين، سواء كان قرضا أو هبة.

للتذكير، تعتبر قطر سادس مستثمر دولي وأول مستثمر عربي في تونس حسب إحصائيات وكالة النهوض بالإستثمار الخارجي  لسنة 2020 حيث تحل في المرتبة السادسة من حيث حجم الاستثمارات الأجنبية في بلادنا بعد فرنسا وإيطاليا وليكسمبورغ وألمانيا وبريطانيا.

كما تقدم قطر نفسها على أنها مساندة للثورة التونسية والتغيير الديمقراطي الذي حصل في البلاد على اثر سقوط نظام بن علي، لكن الوقائع أثبتت فيما بعد انحيازها لطرف بعينه وهو حركة النهضة، من خلال تسخير شبكة قنواتها الإعلامية والاتصالية) الجزيرة، العربي(… للترويج لها والحط من قيمة خصومها.