مع استتباب الأمر لحكّام سوريا الجدد، تباينت المواقف الدولية والعربيّة من الوافدين على .”قصر الشعب“ بالعاصمة السورية. وبينما تتوالى زيارات وزراء الخارجية العرب والأجانب إلى دمشق، يبدو الموقف التونسيّ غامضا من التغيّرات التي تشهدها سوريا، خصوصا بعد أن قطع نظام قيس سعيّد أشواطا متقدّمة على مستوى إعادة العلاقات الديبلوماسية مع نظام الأسد قبل سقوطه في 8 ديسمبر 2024.

العلاقات التونسيّة السورية، شهدت بعد 14 جانفي 2011 موجات من الجزر والمدّ متأثرة بطبيعة المنظومة الحاكمة والتحالفات الاقليميّة التي ارتبط بها صنّاع القرار السياسي في كلّ مرحلة سواء عن قناعة فكريّة ومبدئيّة او طمعا في عائدات الاصطفاف السياسيّ مدفوع الأجر. اليوم يبدو الموقف التونسي غامضا في ظلّ صمت مطبق من وزارة الخارجيّة ورئاسة الجمهورية التي كانت قبل أيّام من سقوط نظام الأسد قد وصفت هيئة تحرير الشام وإدارة العمليات العسكريّة بالمجموعات الإرهابية مُعلنة دعمها المطلق للنظام السوريّ السابق.

الطريق إلى دمشق، كم هو سهل وكم هو صعب

بعد أسبوع تقريبا من إطلاق ما يُعرف بعمليّة .”ردع العدوان في الشمال السوريّ، أصدرت وزارة الخارجية التونسيّة بيانا بتاريخ 04 ديسمبر 2024، أدانت فيه بشكل صريح الهجوم على قوات النظام السوريّ، معتبرة إيّاه .”هجمات إرهابية مُعربة عن .”تضامنها التام مع الجمهورية العربية السورية“، لتدعو في نفس البيان .”المجموعة الدولية لمساندة هذا البلد الشقيق حتى يحافظ على سيادته وأمن شعبه واستقراره ووحدة أراضيه“.

الطريق المعبّدة إلى دمشق

لم يكن الموقف التونسيّ بغريب نظرا لتطوّر العلاقة بين نظام قيس سعيّد ونظام الأسد خلال السنوات الثلاث المنصرمة إثر قطيعة شبه تامة استمرّت قرابة 10 سنوات. فبعد أن كانت تونس أحد أكثر البلدان التي زارها بشّار الأسد منذ توليه الحكم في سنة 2000 (أفريل 2001 / ماي 2004 / جويلية 2010)، بدأت القطيعة بين البلدين مع قرار الرئيس السابق محمد منصف المرزوقي قطع العلاقات الدبلوماسية مع سوريا وإغلاق السفارة التونسية بدمشق في فيفري 2012، لكن دون القيام بالإجراءات الرسمية لتفعيل القرار وفق اتفاقية فيينا، والتي تقضي بضرورة إعلام منظمة الأمم المتحدة بذلك. ورغم التطوّر المحتشم في العلاقة بين البلدين خلال فترة حكم الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي، إلاّ أنّ المنعرج الحقيقيّ جاء مع رئيس الجمهورية قيس سعيّد إثر 25 جويلية 2021. حيث التقى وزير الخارجية التونسي حينها عثمان الجرندي بوزير خارجية النظام السوري فيصل المقداد، في 24 سبتمبر 2021، على هامش مشاركة الجرندي في أشغال الجمعية العامة للأمم المتحدة التي انعقدت بنيويورك من 20 إلى 27 سبتمبر 2021، ليكون أوّل لقاء رسمي بين مسؤولين من البلدين منذ سنة 2011.

عُبدّت الطريق لاحقا لتطوير العلاقات في ظلّ اندفاع سوري لإعادة العلاقات مع مختلف الدول العربيّة تثبيتا لما اعتبره إنجازا عسكريا باستعادة معظم المدن السورية التي سيطرت عليها المعارضة وتنظيم داعش وتثبيت خطوط الاشتباك مع من تبقى من فصائل مسلّحة في الداخل السوريّ. بدوره، اندفع النظام التونسي بقوّة نحو دمشق عبر سلسلة من اللقاءات المختلفة بين وزيري خارجيّة البلدين لتصل إلى حدّ إعادة فتح سفارتي البلدين في 12 أفريل 2023 ليعقبها لاحقا لقاء شخصيّ بين الرئيس قيس سعيّد والرئيس السوري بشّار الأسد في 19 ماي 2023 بجدّة، على هامش انعقاد أشغال الدورة الثانية والثلاثين للقمة العربية. لقاء بدا حميميّا للغاية بين الرجلين، وطبعا لم يفوّت سعيّد الفرصة حينها ليهاجم سابقيه من سكّان قرطاج وحركة النهضة بقوله أنّ .”هذا اللقاء التاريخي يعكس علاقات الأشقاء بين تونس وسوريا بعكس ما ادعاه البعض في وقت من الأوقات بأنهم أصدقاء سوريا في حين أنهم ساهموا في معاناة الشعب السوري لسنوات طويلة.“

19 ماي 2023 جدّة – لقاء بين الرئيس قيس سعيّد والرئيس السوري السابق بشّار الأسد – رئاسة الجمهورية

.”دفء“ تجاوز اللقاءات الرسمية لينعكس في مختلف البيانات التي أصدرتها وزارة الخارجيّة التونسيّة حول العلاقات الثنائيّة مع سوريا حتّى تاريخ سقوط نظام الأسد ووصل إلى حدّ استعمال مصطلحات ”قوميّة أو من المعجم البعثي على غرار الفقرة التي تستعرض العلاقات بين البلدين على صفحة الوزارة والتي استعمل فيها مصطلح .”القطر السوري“.

الطريق .”السهل“ نحو دمشق، لم يكن بمنأى عن توّجه عام لنادي حلفاء النظام التونسي من الدول العربيّة على غرار الإمارات والبحرين، اللتين أعادتا العلاقات مع سوريا نهاية العام 2018 ومن ثمّ المملكة العربية السعوديّة التي استقبلت وزير الخارجية السوري السابق فيصل المقداد سنة 2022، ليليها استئناف العلاقات رسميا، وزيارة الأسد بنفسه إلى الرياض لحضور القمة العربية في ماي 2023، بعد إعادة مقعد سوريا إلى الجامعة العربية. كما لا يمكن إغفال تماهي الموقف التونسي في منظومة ما بعد 25 جويلية 2021، مع أبرز حلفائه العرب ونقصد هنا الجزائر التّي لم تقطع علاقاتها مع نظام بشّار الأسد منذ 2011 وحتى سقوطه في بداية شهر ديسمبر 2024. بل كانت في ”صدارة الدول العربية القليلة التي تحفظت على قرار تجميد عضوية سوريا في الجامعة العربية أواخر نوفمبر 2011، ودافعت عن عودتها بمناسبة احتضانها للقمة العربية الواحدة والثلاثين في نوفمبر 2022. وقد تُرجم الموقف الجزائريّ في آخر ايّام نظام الأسد في فحوى المكالمة التي جمعت وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف بنظيره السوري والتي عبّر فيها عن .”تضامن بلاده المطلق مع الجمهورية العربية السورية الشقيقة، دولة وشعبا، في مواجهة التهديدات الإرهابية التي تتربص بسيادتها ووحدتها وحرمة أراضيها، وكذا أمنها واستقرارها“.

الطريق الوعر إلى دمشق…

الطريق المعبّدة بين قرطاج ودمشق بلغت نهايتها فجر الثامن من ديسمبر 2024، مع مغادرة بشّار الأسد البلاد تاركا مريديه ومقاتليه وحتى حلفائه الدوليّين في مواجهة واقع سوريّ جديد تتداخل فيه تعقيدات الوضع الداخليّ مع رهانات وحضور الفاعلين الاقليميّين على الأرض السورية.

في تونس، وبعد إداناتها ما اعتبرته هجوما لجماعات إرهابية في 27 نوفمبر 2024، عادت وزارة الخارجية التونسية في 9 ديسمبر الفارط ببلاغ هلامي لم يعكس موقفا واضحا من التغيير السياسي الذي شهدته سوريا، فلا هي هنأت الشعب السوري ولا أدانت صراحة إسقاط النظام، معتبرة ما حدث شأنا داخليا بحتا لا يجدر التدخّل فيه بعد أن أبدت سابقا موقفا صارما تجاه حدث داخلي هو الآخر.

يُفهم الموقف التونسي استنادا إلى عدّة اعتبارات. فالطريق بين البلدين مستقبلا يبدو وعرا في ظلّ عدّة معطيات وملفّات عالقة يعود بعضها إلى ما يزيد على عقد من الزمن.

منذ 25 جويلية 2021، أعلن النظام التونسي بشكل صريح عدائه لحركة النهضة ونظيراتها من حركات الإسلام السياسي، وهو ما تجلّى عبر اعتقال قياداتها وعلى رأسهم راشد الغنوشي واغلاق مقّراتها ونفض الغبار عن ملّف التسفير الذي توجّه فيه أصابع الاتهام إلى حركة النهضة خصوصا في الفترة التي تولّت فيها الحكم بشكل مباشر بين سنوات 2011 و2013. توجّس نظام قيس سعيّد من حكّام دمشق الجدد يعود إلى طبيعة النظام السوري الجديد وقائده أحمد الشرع الذي تقلّب بين تنظيمات إرهابية متطرفة كداعش والقاعدة قبل أن ينشق ليؤسس تنظيمه الخاص الذي وصل به إلى سدّة الحكم اليوم. وبتفاقم قلق السلطات في تونس خصوصا بعد حالة الاحتفاء التي أبداها العديد من أنصار حركة النهضة بسقوط بشار الأسد ونشر اسقاطات تقارن بين الأسد وسعيّد. إضافة إلى الموقف الصريح والواضح لحركة الإخوان المسلمين من سقوط نظام بشّار الأسد ودعمها من نعتتهم في بيانها .”بأبطال التحرير“.

تُرجم الوقف الرسمي التونسي على أرض الواقع بالصمت ومراقبة الأوضاع عن بعد، فبينما تتقاطر الوفود العربية والدولية على العاصمة دمشق منذ أسابيع، لم تبادر وزارة الخارجية التونسية إلى فتح أي قنوات اتصال مع النظام السوري الجديد حتّى هذه اللحظة. بل أعلنت شركة الخطوط التونسية في غرّة جانفي عن تحويل جميع الرحلات القادمة من تركيا إلى المحطة رقم 2 بمطار تونس قرطاج الدولي. القرار بفصل القادمين من تركيا عن المحطة الرئيسية في المطار ينبع من رغبة السلطات في تشديد الرقابة على الخطّ الأهمّ الذي قد يعود منه التونسيّون من سوريا إلى تونس وبالذات من قاتلوا مع فصائل المعارضة السورية والتنظيمات الإرهابية هناك خلال العقد الفارط. قرار في سياق -وإن كان أقلّ حدّة-نظيره المصريّ الذي قرّر منع السوريّين من دخول مصر أيّا كانت الوجهة التي قدموا منها.

قرار يحيل إلى نقطة لا تقلّ أهمية في تفسير التوجّس التونسي من الأحداث في سوريا، وهو ملّف المرتزقة الذين قاتلوا هناك طيلة سنوات سواء ممن يزال منهم حرّا أو من تمّ اعتقالهم من قبل نظام بشّار الأسد. ويعود ملّف المقاتلين التونسيّين في سوريا إلى سنوات خلت.

4 أفريل 2017 قرطاج – الرئيس السابق الباجي قايد السبسي يلتقي وفدا عن برلمانيين زاروا سوريا والتقوا ببشار الأسد – رئاسة الجمهورية

  تقرير للمفوضية السامية لحقوق الانسان حول ظاهرة تصدير المرتزقة من تونس في جويلية 2015، أشار إلى سفر قرابة 4000 شاب تونسي إلى أرض الشام وانخراطهم في عدد من الفصائل المسلّحة هناك على غرار داش وجبهة النصرة التي انبثقت عنها هيئة تحرير الشام بقيادة أحمد الشرع الذي عُرف باسم أبو محمد الجولاني. وفي ظلّ قطع العلاقات بين البلدين، ظلّ مصير هؤلاء غامضا خصوصا بعد نجاح النظام السوري في إعادة السيطرة على أغلب الأراضي السورية وإعلانه في السابق عن عدم تسليم المرتزقة التونسيّين إلى بلدهم الأصلي نظرا لتورّطهم في سفك دماء سوريّة. بدورها ظلّت وزارة الداخليّة تماطل على مستوى التنسيق الأمني مع الفروع الأمنية السورية بخصوص المقاتلين، سواء ممن تم اعتقالهم أو من انسحبوا إلى مناطق خارجة عن سيطرة النظام.

وبعد سقوط نظام الأسد، يزداد الوضع تعقيدا مع إتلاف آلاف الوثائق التابعة للأجهزة الأمنية السورية والعلاقة الوثيقة بين حكّام سوريا الجدد وهؤلاء المرتزقة الذين قاتلوا وإياه. كما يضغط الأتراك على الإدارة الجديدة لتسلّم مقاتلي داعش المحتجزين لدى قوات سوريا الديمقراطية شرق الفرات والبالغ عددهم 12000 ألف مقاتل من مختلف الجنسيات ومن بينهم تونسيّون.

لعبة الاصطفاف السياسي: تاريخ من التأرجح

بعد أشهر فقط من انتخاب المجلس التأسيسي وتعيين محمد المنصف المرزوقي رئيسا لتونس وإرساء ما عُرف بحكومة الترويكا التي ضمّت حركة النهضة وحزب المؤتمر والتكتّل الديمقراطي من أجل العمل والحريّات، تموقعت تونس رسميّا في النادي القطريّ والتركي. اصطفاف تبلور بشكل واضح خلال القمّتين العربيّتين في بغداد والدوحة سنتي 2012 و2013. ليعمد رئيس الجمهورية السابق منصف المرزوقي حينها إلى الانخراط التام في سياسة عزل النظام السوري عبر سحب السفير التونسي وطرد نظيره السوري في تونس وعقد مؤتمر أصدقاء سوريا في 24 فيفري 2012 بدعوة فرنسية ودعم قطري وتركي مادي وسياسيّ. الدعم التونسيّ خلال تلك الفترة تجاوز الاعتراف التام بالمعارضة السورية ليشمل تصدير المرتزقة إلى سوريا عبر تسهيل العبور والتغاضي عن حملات الشحن والتحشيد في المساجد ووسائل الاعلام ضدّ النظام السوري.

24 فيفري 2012 تونس – الرئيس الأسبق المنصف المرزوقي يفتتح مؤتمر أصدقاء سوريا – رئاسة الجمهورية

إضافة إلى التماهي الإيديولوجي بين حركة النهضة حينها وأهمّ فصائل المعارضة السوريّة، والدعم القطري والتركي السياسي الواضح للتيّارات الإسلامية، لم يكن الاصطفاف مجّانيا، وهو ما تُرجم في تضخّم التواجد القطري على الساحة المالية والاقتصاديّة والتونسيّة ليناهز 13% من إجمالي الاستثمارات الأجنبيّة. كما ألقت قطر بكلّ ثقلها خلال المؤتمر الدولي للاستثمار في 29 و30 نوفمبر 2016، لتكون في طليعة الموقّعين على اتفاقيات للاستثمار في المجال السياحي بقيمة جملية تناهز 220 مليون دولار إضافة إلى التعهّد بمنح تونس قرضا بقيمة 1250 مليون دولار. كما تمتدّ الشبكة المالية القطريّة لتشمل العمل الجمعياتي عبر .”قطر الخيريّة“ التي بلغ حجم استثماراتها في تونس 15 مليون دولار إضافة إلى صندوق الصداقة القطري الذّي رصد خلال السنوات الستّ الأولى التي تلت الثورة، أكثر من 100 مليون دولار لتمويل المشاريع الصغرى والجمعيات التونسيّة.

إزاحة الترويكا، تزامنا مع اسقاط الاخوان المسلمين في مصر، أنهى العصر القطري ليفسح المجال لدور أكبر للسعوديّة في تشكيل ملامح السياسة الإقليمية التونسيّة. لاعب جديد– قديم استغلّ تغيير موازين القوى الداخليّة ليلقي بثقله على المشهد السياسي المحليّ عبر جزرة المساعدات الإقتصاديّة والقروض والهبات. سياسة تبّنتها الحكومة التونسيّة بعد انتخابات نوفمبر 2014، لتنساق بشكل كامل وراء المواقف السعوديّة إزاء عدد من القضايا الإقليميّة. البداية كانت بزيارة رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي إلى السعوديّة في 22 ديسمبر 2015 بدعوة من الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود والتّي تلاها الإعلان في العاصمة السعودية الرياض عن تشكيل تحالف .”إسلامي“ عسكري من 34 دولة من ضمنها تونس لمحاربة الإرهاب. في المقابل، فُتح باب التعاون العسكريّ والاقتصادي بين البلدين بعد منح السعودية لتونس هبة من 48 طائرة مقاتلة أمريكيّة الصنع من طراز F5، ومن ثمّ حزمة من القروض ناهزت المليار دولار. في المقابل، كان على الطرف التونسي أن ينساق بشكل كامل وراء المواقف السعوديّة إزاء عدد من القضايا الإقليميّة انطلاقا بالانضمام إلى .”التحالف الإسلامي“ الموجّه ضدّ إيران وحزب الله والنظام السوري في سبتمبر 2015، وغضّ الطرف عن تصنيف حزب الله كمنظّمة ارهابيّة، والتعامي عن العدوان السعوديّ على اليمن والمشاركة في المناورات العسكريّة المشتركة للتحالف الإسلامي .”رعد الشمال“ في فيفري 2016. إضافة إلى المصادقة على البيان الختامي للقمة العربيّة سنة 2016، الذّي تضمّن تهديدا صريحا لإيران.

لم تحد منظومة ما بعد 25 جويلية 2021 عن هذا المسار بعد أن تلقت دعما سياسيا استثنائيا من السعودية. اصطفاف تجلّى في انحياز تونس بشكل حاسم لموقف السعودية من قرار مجموعة .”أوبك+“ بشأن خفض إنتاج النفط رغم الارتدادات السلبية المنتظرة على الاقتصاد التونسي نظرا لارتفاع أسعار النفط في السوق الدولية. ثمن التموقع الجديد تمثّل في مساعدات مالية  ناهزت507 مليون دولار بين سنوات 2021 و2023 عبر الصندوق السعودي للتنمية وتسهيل حصول تونس على قرض بقيمة 1.2 مليار دولار من قبل المؤسسة الدولية الإسلامية لتمويل التجارة الكائن مقرّها بالرياض. إضافة على التعهّد بمواصلة تمويل مشروع المدينة الطبية في القيروان.

تبدو الجمهوريات العربية ممثّلة في تونس والجزائر ومصر، من أكثر الدول المتوجّسة من سقوط نظام بشّار الأسد وسيطرة الاسلاميّين على دمشق، مستحضرة إرثا ثقيلا ودمويا في مواجهة هذه التيّارات السياسيّة. إذ تخشى حكومات هذه الدول التي انتكست مسارات ثوراتها في تونس ومصر ووُئدت في الجزائر من عودة الأمل في تغيير ممكن وإن ليس على الشاكلة السورية أو استنساخا لبديل الأسد اليوم في دمشق. لكنّ الدرس الأهمّ المستخلص ممّا حدث في سوريا يوم 8 ديسمبر 2024، هو أنّ الأنظمة التي تربط بقاءها بتحالفات إقليميّة لا بحاضنة شعبيّة، تسقط بأسهل ممّا يمكن تصوّره ما إن تتغيّر موازين القوى الدوليّة أو تتغيّر الرهانات، وأنّ الشعوب المقهورة والجائعة لا تقاتل دفاعا عن جلاّديها.