صحيفة فرنسية تكشف أن المسلحين من جماعة سلفية يقودها رجل أمن تونسي سابق قُتل في الإشتباكات . . و منظمة حقوقية تحذّر من إنتهاكات حقوق الإنسان

تونس – سليم بوخذير

قالت صحيفة فرنسية الجمعة 5- 1-2007 ، إنّ المجموعة المسلحة التي إشتبكت معها قوات الأمن في تونس الإربعاء “تنتمي إلى جماعة السلفية الجهادية” ، ذاكرة أنّ قائدها “رجل أمن سابق تدرّب في إفغانستان”.

و قالت صحيفة “ليبيراسيون” اليومية الفرنسية ، إنّ “مصادرها أفادتها أنّ المجموعة التي دخلت معها قوات الأمن في إشتباكات مسلّحة الإربعاء 3 ينايرفي مدينة سليمان (30 كلم جنوب العاصمة تونس) هي خلية من خلايا ما يُعرف بجماعة السلفية الجهادية”.

و تابعت أنّ “قائد المجموعة يُدعى “صابر ساسي” قُتل في العملية و كان سابقا رجل أمن في تونس قبل سفره إلى إفغانستان منذ سنوات و تدّربه هناك إثر إنضمامه إلى السلفيين الجهاديين ثمّ عودته ،كما قُتل في العملية عضده الأيمن و يُلقّب ب”الباشا” فيما أُعتقل آخرون” ، حسب قول الصحيفة.

و كانت وزارة الداخلية التونسية أعلنت الخميس أن قوات الأمن قتلت يوم الإربعاء ( 3 يناير2007) ، 12 عنصرا مسلحا و قبضت على 15 آخرين ، بعد إشتباكات بدأت منذ ليل السبت 23 ديسمبر 2006 في الضواحي الجنوبية للعاصمة تونس.

لكنّ البيان المُقتضب للوزارة لم يُوضّح إن كان المسلحين “مجموعة سلفية” أم لا ، بقوله :”إنّ عملية مطاردة عناصرالمجموعة الإجرامية التي انطلقت على اثر تبادل إطلاق النار ليلة 23 ديسمبر الماضي ،انتهت بعد ظهر يوم الأربعاء وتمكنت على إثرها قوات الأمن الوطني من قتل 12 فردا وإيقاف العناصر ال 15 المتبقين من هذه المجموعة الإجرامية”.

و قد بدأت الإشتباكات بين قوات الأمن في تونس و المجموعة المسلّحة مساء 23 ديسمبر الفارط ، حسب بلاغ رسمي سابق أذاعته السلطات التونسية بنفس التاريخ ،ذكرت فيه أن الإشتباكات في ذلك اليوم “أسفرت عن قتل إثنين من المسلّحين بمدينة حمام الأنف (20 كلم جنوب العاصمة) و جرح آخريْن “.

و لم يُحدّد البلاغ وقتها طبيعة المُسلّحين ، لكنّ صحيفة “الشروق” شبه الحكومية بتاريخ 26 ديسمبر 2006 سرعان ما أكّدت نقلا عن مصادر حكومية ، أنّ “أفراد هذه العصابة مرتبطون بشبكات دولية لتهريب المخدرات والسلاح”، وأنهم “دخلوا البلاد التونسية قادمين من إحدى الدول وأنهم يريدون ترويج كميات هامة جدا من المواد المخدرة” ، و هي الرواية التي لم تلقى تصديقا وافرا في الرأي العام المحلي رغم صدورها عن المصادرالرسمية.

و قد شدّدت تونس منذ الأسبوع الأخير من العام المنقضي من إجراءاتها الأمنية ، بإطلاق قوات الأمن بمعيّة قوات الحرس (الدرك) والجيش لحملات تمشيط واسعة على كامل البلاد ، كان أشدّها حسب شهود عيان تحدّثوا لنا ما يتواصل من تمشيط مكثّف لرجال الأمن و الجيش معا إلى غاية الآن بالأحياء الجنوبية للعاصمة و الجبال و الغابات المُتاخمة لها ، أي من مدينة حمام الأنف إلى مدينة الحمّامات التابعة لمحافظة نابل (60 كلم جنوب العاصمة).

و تابع الشهود أنّ “طرقات البلاد من الشمال إلى الجنوب تشهد منذ 23 ديسمبر حواجز أمنية كثيفة تُخْضِع عربات النقل لاسيما عربات النقل العام و الشاحنات الكبيرة إلى التفتيش الدقيق” ، متابعين أنّ “عديد أعوان الأمن بالحواجز يتسلّحون بالأسلحة الرشاشة” ، و هو أمر نادر لم تشهده تونس منذ أكثر من 15 عاما تاريخ الحملات الأمنية المكثّفة وقتها للقبض على الفارّين من نشطاء حركة “النهضة” الإسلامية و محاكمتهم سنتي 1990 و 1991.

و من جهتها نفت منظمات حقوقية تونسية أن يكون عدد المعتقلين إثر الإشتباكات الأخيرة “صحيحا”.
و قال المجلس التونسي للدفاع عن الحريات في بيان له حصلت “العربية نت ” على نسخة منه “إنّ السلطات التونسية لم تعترف العدد الحقيقي للموقوفين إثرالإشتباكات المُسلّحة”.

و تابع المجلس أنّه ” سجّل منذ بدء المواجهات بين قوات الشرطة والحرس الوطني والجيش الوطني من جهة والمجموعة المُطاردة من جهة أخرى، عدة حالات إيقاف واختفاء وقعت في عديد المدن التونسية (بلغت في مدينة سيدي بوزيد لوحدها أكثر من 50 فردا جميعهم من الشبان)” ، معبرا عمّا وصفه ب “خشيته من أية تدابير أمنيّة خارج القانون تقوم بها السلطات التونسية بتعلّة مواجهة مجموعة مسلّحة وتشكّل انتهاكا لحقوق الإنسان وتهديدا لأمن المواطنين وسلامتهم الجسدية” ، حسب تعبير البيان.

* مصدر شبه حكومي يشير إلى “شبكة إرهابية ” و “سلفيين جهاديين” . .

و إلى غاية كتابة هذا التقرير لم تُصدِر الحكومة التونسية أي تعليق على ما أوردته الصحيفة الفرنسية أمس الجمعة من تفاصيل لافتة عن مُسلّحي الضواحي الجنوبية للعاصمة ، لكن لأوّل مرّة تحدّث صباح اليوم مصدر شبه حكومي في تصريح صحفي عن أنّ من بين هؤلاء المسلحين “من وقع إستقطابهم بحجّة الجهاد”.

و قال برهان بسيّس المسؤول الإعلامي بوكالة الإتصال الخارجي الرسمية في تصريح لوكالة الأنباء السويسرية نُشر صباح اليوم السبت 6 يناير 2007 إنّ المجموعة المُسلّحة المشتبكة مع قوات الأمن “لها إرتباط بشبكة إرهابية عابرة للحدود” ، مُشيرا إلى “وجود عناصر أساسية وثيقة الصلة بمراكز بالخارج” ، حسب قوله.

و كشف بسيّس أنّ من بينهم “عددا من الشبان التونسيين الذين تمّ إستقطابهم بحجّة الجهاد” ، متابعا أنّ ” قوة النارالمستعملة في الإشتباكات أكّـدت أن من بين أفراد المجموعة مَـن له تجربة ميدانية سابقة، قد تكون ساحات خارجية قد صهرتها(المجموعة المسلّحة)، بينما كان أداء آخرين أقرب على الهواية مما يؤكّـد حداثة انضمامهم لهذا الصنف من الجماعات”، حسب قوله.

و تتناقض تصريحات بسيس والتفاصيل التي أوردتها الصحيفة الفرنسية مع تصريحات نشرتها صحيفة “الشروق” سابقا ،عن أنّ المواجهات المسلحة كانت مع “عصابة تجارة مخدرات و سلاح”.

و بالتوازي مع إشتباكات قوات الأمن في تونس مع هؤلاء المسلحين ، أعلنت قوات الأمن الجزائرية إلقاءها القبض على “تونسيين ينتميان إلى شبكة إرهابية عالمية”.

و نقلت صحيفة “الخبر” الجزائرية بتاريخ 1 يناير الحالي تصريح مصدر أمني أن”دورية عسكرية جزائرية إعتقلت يوم 19 ديسمبر الماضي تونسيين ينتميان إلى شبكة إرهاب دولية في قرية الجبابرة، وبلدية مفتاح بولاية البليدة، وكانا على أهبة الالتحاق بالجماعة السلفية’’، حسب وصف المصدر.

فيما ردّدت صحف جزائرية مؤخّرا أنّ “كتائب الجماعة السلفية النشطة في شمال الجزائر والصحراء تضمّ مُسلّحين ينحدرون من عشر جنسيات، أغلبهم من تونس وموريتانيا وليبيا ومالي والنيجر”.