مجلس النواب

إذا كان ترشح الرئيس بن علي للإنتخابات الرئاسية التي ستجري في 25 أكتوبر 2009 يعني حتميا التجديد له كما يعلمه الجميع فإن نشر قائمة مرشحي الحزب الحاكم للإنتخابات التشريعية التي ستجري في نفس اليوم يعني نشر القائمة الإسمية « المنتخبة » لتشكيلة مجلس النواب القادم أو على الأقل 75 في المائة من جملة أعضائه باعتبار أن الربع المتبقي يتخلى الحزب الحاكم عنه بموجب نظام المحاصصة لعناصر من بين أحزاب المعارضة.

وهكذا تبدو الإنتخابات التونسية فريدة من نوعها في عالمنا اليوم لأنها الإنتخابات الوحيدة التي تعرف نتائجها رسميا قبل حصولها.

و لئن كان أقصى ما يمكن أن يطمح له التونسي في ضل النظام الإنتخابي الحالي بالنسبة للإنتخابات الرئاسية هو أن يقع القبول به كمنافس للرئيس الحاكم. فإن الأمل الوحيد في الإنتخابات التشريعية بالنسبة لمن لم ترد أسمائهم في قائمة الحزب الحاكم هو الفوز أولا برئاسة قائمة حزب معارض و قبول الإدارة بتسجيل قائمته في الإنتخابات في مرحلة ثانية لعله يكون أحد الثلاثة و خمسون نائب غير منتخب و الذين سيتم إستكمال تشكيلة مجلس النواب بهم تحت لافتة نواب أحزاب المعارضة.

و لا أعتقد وجود برلمان واحد منتخب في العالم يتحصل بعض نوابه على عضويته دون الحصول على نسبة الأصوات التي تخول لهم الإنتصاب داخله. كما أنه البرلمان الوحيد في العالم الذي يدافع فيه النواب المنتخبين على الحكم المطلق و تأبيد الإستبداد بينما يدعو أعضائه غير المنتخبين للإصلاح و الديموقراطية.

و العجيب في إنتخاباتنا هو أن النتيجة الوحيدة التي تكرسها في كل دورة وبعد كل خمس سنوات هي النجاح في استفتاء الشعب التونسي على عدم التداول على السلطة حيث يتحصل الرئيس الحاكم على ما يزيد عن تسعين بالمائة من الأصوات و نواب الحزب الحاكم على حوالي تسعين في المائة من الأصوات.

و لقائل أن يقول وهو يرى هذه النتائج تتكرر و لا تتغير منذ أكثر من نصف قرن لماذا الإنتخابات و لماذا أحزاب المعارضة من أصلها. ففي الإنتخابات الأخيرة حصل الرئيس بن علي في الرئاسية على 94,49 % بينما حصل نواب الحزب الحاكم بمفرده في التشريعية على 87,7 % من الأصوات و هي تقريبا أدنى نسبة حصل عليها الرئيس و الحزب الحاكم منذ الإستقلال.

لذلك فإننا نجد ببساطة لو أردنا التوضيح أن كل الضجة القائمة حول الإنتخابات في تونس و التي لا تكاد تهدأ منذ انطلاقها عدة سنوات قبل حصولها تتمحور حول سؤالين:

– هل سيقبل الرئيس بن على بمنافسته من طرف ممثلي غير الأحزاب التي تعود على السماح لهم بذلك؟ وقد أدرك الآن من كان يتوهم أنه قد يقبل الجواب عن هذا السؤال.

– وهل سيقع توسيع المحاصصة داخل البرلمان بالنسبة لأحزاب المعارضة المعترف بها لتشمل أحزابا لم تشملها المحاصصة في السابق؟ و أعتقد هنا أيضا أن الأحزاب المعنية بهذه القضية قد أدركت بعد الجواب.

هذه إنتخاباتنا و هذا حقيقة الواقع السياسي في بلادنا فمتي سننضر في انتخاباتنا وواقعنا السياسي كما هو و ننتهي من « البوليتيك »…

المختار اليحياوي
– تونس 29 سبتمبر 2009