المقالات المنشورة بهذا القسم تعبّر عن رأي كاتبها فقط و لا تعبّر بالضرورة عن رأي نواة

2-tour-vote-blanc-essebsi-marzouki-2014

تختم الانتخابات يوم الأحد القادم 21ديسمبر 2014 بإنجاز الدور الثاني للرئاسيات، و بقدر ما كان الاختيار واسعا في التشريعية و في الدور الأوّل من الرئاسية فإنّ الأمر مختلف في الدور الثاني حيث تضيق الفرص و يجد المواطن نفسه بين مرشّحين لا ثالث لهما.

و في هذه المحطّة التاريخية الهامة في تاريخ شعبنا في ترسيخ التجربة الديمقراطية و توطينها بعد عقود طويلة من الاستبداد، فإنّ الأولوية الكبرى في نظرنا هي المشاركة المكثّفة في الانتخابات و التأكيد المتجدّد على أنّ شعبنا لن يقبل مستقبلا أن يتمّ إلغاؤه و أنّ العثرات و الصعوبات التي تواجهها الديمقراطية في تونس سيتمّ تجاوزها بجهد مستمرّ و حراك سلمي مواطني و حضور دائم في الدوائر المختلفة للضغط و صناعة القرار.

و المقترح الذي يقدّمه القانون الانتخابي لجذب عدد كبير من الناخبين الرافضين للمرشّحين المتنافسين،و الراغبين في المشاركة هو الورقة البيضاء.

1- ما هي الورقة البيضاء؟ حسب تصريح رئيس الهيئة العليا للانتخابات،الأستاذ شفيق صرصار هي موقف سياسي،يعبّر به الناخب عن رفضه للمرشّحين و يتمّ ذلك بوضع ورقة الانتخاب في الصندوق دون تسجيل أيّ ملاحظة عليها و دون كتابة أيّ اسم آخر و دون تشطيب للمترشحين،و تحظى الورقة البيضاء باهتمام خاص من طرف مكاتب الاقتراع حيث توضع في ظرف و يتمّ غلقه و تحتسب على قاعدة أنها ورقة بيضاء و ليست ملغاة.

2- الورقة البيضاء موقف مواطني،حيث من أهمّ خصائص المواطن في الدولة الديمقراطية هي مشاركته في الانتخابات باعتبار ذلك حقّا وهو واجب ،و لذلك لا يعتبر غياب مرشّح يحظى برضا عدد من المواطنين سببا كافيا للمقاطعة و تقليص نسبة حضور الشعب في الانتخابات حيث تقدّم الورقة البيضاء حلاّ قانونيا لهؤلاء المواطنين،

3- الورقة البيضاء موقف ثوري، يريد التأكيد على أنّ المرشحين لا يعبّران عن الحراك الثوري الذي عاشته تونس في السنوات الماضية، أحدهما تولّى رئاسة الحكومة في مارس 2011 ضمن فراغ أحدثه الثوار الذين اعتصموا في ساحة القصبة لمدّة 14يوما، فجاءت به دوائر غير معلومة لدى كثيرين و حمّلته مسؤولية إيقاف الحراك الثوري و تحويله إلى انتقال ديمقراطي شكلي يرحّل جميع ملفّات العدالة الثورية و خاصّة منها المرتبط بمحاسبة الفاسدين الدوليين الذين دعموا نظام بن علي و سرقوا ثرواتنا طيلة العقود و في مقدّمة هذه العدالة الثورية هي مسألة القروض التي قدّمتها الكثير من الهيئات و البلدان للنظام السابق وهي تعرف جيّدا فساده، و كانت عودته بعد الفشل الكبير الذي جسّدته الترويكا ضمن نفس الخطة لكن بإضافة شرط محلّي جديد وهو السكوت النهائي عن الفساد و الظلم المحلّي، أمّا المرشّح الثاني المرزوقي فهو الذي واصل نفس السياسة مع تعديل طفيف في التمسّك الإشهاري بمحاسبة الفاسد المحلّي، لكن ضمن تحالف كامل مع نمط جديد من الفساد في الأرض وهم الجماعات التكفيرية التي وفّر لها الرئيس المرزوقي الفضاء المناسب عبر شركائه في الحكم و عبر طرده لسفير سوريا ممّا فتح الباب واسعا أمام جميع مشروع الفوضى الخلاّقة التي اجتهد الأمريكان لأجلها منذ بداية الألفية الثالثة. و لذلك فهو شريك حقيقي في دماء الشهداء من جيشنا و من شبابنا المغرر بهم و الذين تمّ ترحيلهم إلى سوريا،كما أنّ فريق المرزوقي من الترويكا يتحمّل المسؤولية السياسية عن هؤلاء الشهداء و خاصّة الشهيدين محمّد براهمي و شكري بلعيد،و يتحمّل المسؤولية السياسية عن حالة الإحباط و التراجع الذي أصاب الحراك الثوري.

فالورقة البيضاء موقف ثوري رافض لعملية سرقة الحراك الثوري التونسي من طرف السيد الباجي و السيد المرزوقي، فلا علاقة لأحدهما بأهمّ شعارات ذلك الحراك: “التشغيل استحقاق يا عصابة السرّاق”، “يسقط نظام السابع رجعي عميل و تابع”، ” شغل حرية كرامة وطنية”.