Culture 177

أيام قرطاج السينمائية: أزمة الاستقلالية وارتباك الهوية السياسية

يتجدد النقاش مع كل دورة لأيام قرطاج السينمائية حول الهوية السياسية لهذا المهرجان الذي تأسّس استنادا إلى مرجعيّات سياسية وثقافية تنهل من معين الفكر اليساري وتتخذ من النضاليّة أساسا لها. فالمهرجان تأسس سنة 1966 بعد انعقاد مجلس وزاريّ مع وزير الثقافة آنذاك الشاذلي القليبي وبدفع من بعض مؤسسي الجامعة التونسية لنوادي السينما وعلى رأسهم الطاهر شريعة (صاحب الفكرة) والجامعة الفرنسية لنوادي السينما المحسوبة على الحزب الشيوعي الفرنسيّ. لم يحل الخلاف الإيديولوجي بين الجامعتين على التوحد من أجل بعث مهرجان يُعنى بالسينما الإفريقية والعربية ويحتفي بمبدعيها المغمورين. إلى اليوم مازالت أيام قرطاج السينمائية تحاول الحفاظ على هويتها السياسية وتوجهها العام المنتصر لدول الجنوب لكن أزمة الاستقلالية ومخاوف التوظيف السياسي وإمكانيّة الانحراف عن جوهر الفكرة المؤسسة تلاحقها.

هل ابتلعت الموسيقى السائدة الموسيقى البديلة في تونس؟

هل يُمكن للبديل أن ينصهر ضمن السائد؟ وهل نجحت الموسيقى السائدة في تذويب الموسيقى البديلة وسلبها خصوصيّاتها وهي في أوج بروزها؟ كثيرا ما تُطرح هذه التساؤلات وغيرها في كلّ مرة يصدر فيها إنتاج جديد لفنانّين يطرحون أغنياتهم ضمن ما يُسمّى بـ”الموسيقى البديلة”. سنضع تحت المجهر الأغنية الجديدة لأسماء عثماني وبندير مان “شعبي”، سننطلق منها للحديث عن مصطلح الموسيقى البديلة في علاقته بالسائد. يجب التنويه إلى أننا سنعتمد هنا على مصطلح الموسيقى البديلة رغم وجود مصطلحات أخرى مثل الأندرقرواند والموسيقى المستلقة والتي يمكن أن تتقاطع معها في نقاط عديدة وتختلف عنها أيضا إذا ما نظرنا إلى السياق السياسيّ وإلى مسارات الإنتاج.

مالك قناوي في “دريم سيتي”: انغماس في ذاكرة سجن 9 أفريل

في قلب المدينة العتيقة بدار داي، المنزل المتروك منذ عقود. تجلّت ذاكرة ناصر، السجين السابق المحكوم بالإعدام وصاحب عدد 0904 بالسجن المدني 9 أفريل، كشهادة على الشقاء الإنساني، تدعونا للتفكير في ضِيق وعبثية عقوبة الإعدام. شكّل استحضار شخصية ناصر مدخلا لاسترجاع ذاكرة السجن القديم الذي أغلِق في سنة 2003 وتم هدمه بالكامل في 2006، ومن خلالها وجَد الفنان التشكيلي مالك قناوي نفسه أمام مواجهة الصمت والصّد الذي تمارسه الإدارة التونسية. اختار مالك الاستلهام من روايات مساجين سابقين ليشكّل فضاءا تداخلت فيه الصور والأصوات والعصافير والأقفاص، وأشياء أخرى حَمَلت الزائرين إلى لقاء مع رجل توفي منذ سنوات طويلة في زنزانة فردية.

”خوف“ للفاضل الجعايبي: العاصفة لا تعدنا سوى بالفناء

لم يَحتمِ الفاضل الجعايبي بأي شيء عند كتابته وجليلة بكّار مسرحية ”خوف“ التي تعدّ امتدادا لمسرحية ”عنف“، بل ترك رأسه عاريا كي تقع عليه الانطباعات والانتقادات والقراءات المُختلفة بفعل عاصفة استعار دلالتها من الواقع وشدّتها من الطبيعة. ”خوف“ نفذت بنا إلى عوالم تُشبهنا، نعرفها واعتدنا عليها حتى صارت جزءا من يومنا المُعاش. أزمة السلطة والصراع من أجل البقاء والخوف من المجهول لم تعد أشياء مثيرة للعجب والدهشة، وحدها المعالجة الفنيّة تعطيها أبعادا أكبر وتصوّرات أعُمق. حاول الجعايبي في مسرحية ”خوف“ التي عرضها في قاعة الفنّ الرابع ضمن سلسلة من العروض المتواصلة على امتداد شهر أكتوبر، أن يروي لنا حكاية مشحونة بالدلالات والمشاعر المتناقضة، كما حاول أن يقوم بحفريات في العدم والحب والفناء والحياة هدفها استفزاز وعي المتفرّج.

“عروس وسلات”: عندما يعرّي الجسد التضادّ المزدوج عفيفة/عاهرة، فحل/مخنّث

بخطوات وحركات غير “محتشمة” دفع رشدي بلقاسمي جسده نحو منطقة حمراء. أصغى إلى جسده الرمزيّ أوّلا ثمّ إلى جسد الآخر لتتماهى رقصته مع التعبيرة الجنسيّة في كامل وضوحها وفرادتها. “عروس وسلات”، التي قدّمها رشدي إلى الجمهور ضمن فعاليّات الدورة السادسة لمهرجان “دريم سيتي” وتحديدا في حمّام الطمّارين بباب جديد، ليست فقط عملا فنيّا تكتمل فيه جميع المحدّدات الاستطيقية بل هو أيضا نسق فكريّ وتاريخيّ يُرينا كيف تحوّل الجسد إلى موضوع أوّل للسلطة الدينيّة والسياسيّة، للموبقات والمحرّمات. “عروس وسلات”، فتح الأعين المُغمضة عنوة وطواعية على الاتّجاه الرمزيّ لجسد تحكمه ضوابط أخلاقيّة وممارسات شعبيّة تحصره في خانة “المدنّس”.

إفتتاحية 7# : الفعل الثقافي تحت قيود البوليس

كَشفت الحملة التي شنتها النقابات الأمنية ضد مغني الراب كلاي ب ب جي عن اتجاه نحو حشد القاعدة الأمنية من أجل ضبط محددات الفعل الثقافي، وتعيين الخطوط الحمراء التي يجب أن يقف عندها الخطاب الفني. آلت الحملة إلى الإلغاء القسري لمشاركة كلاي ب ب جي في كل المهرجانات الصيفية، ثم عقبها رفض تأمين حفل البحث الموسيقي بقابس لأسباب بررها الكاتب العام للنقابة الجهوية لقوات الأمن الداخلي باحتجاج أعوان الأمن على تدوينات الفنان نبراس الشمام، التي تتضمن “سبا وشتما للأمنيين ” على حد تعبيره. الأمور لم تقف عند هذا الحد إذ اشترطت النقابة الجهوية لقوات الأمن الداخلي بصفاقس على إدارة المهرجان الصيفي بسيدي منصور توفير 400 تذكرة مجانا لفائدة الأمنيين وعائلاتهم قبل كل حفلة.

حوار مع : Klay BBJ الصنصرة، المهرجانات العمومية والنقابات البوليسية

بعد أن تم إلغاء عرضه في قرطاج، والذي كان مبرمجا ليوم 27 جويلية الجاري، يجد مغني الراب التونسي كلاي بي بي جي نفسه أمام فراغ في نشاطه الصيفي بعد أن تم إلغاء باقي عروضه والبالغ عددها 18.ويعود سبب هذا المنع إلى دعوة النقابات الأمنية إلى مقاطعة تأمين حفلات مغني الراب بعد أن حدثت خلافات بين النقابات وكلاي بي بي جي في حفلته التي أقامها في المهدية يوم 16 جويلية. وقد خضعت وزارة الثقافة، وهي الجهة التي تبرمج المهرجانات العمومية ومن بينها حفلة كلاي، لضغوط النقابات الأمنية وإقرار الإلغاء. نواة التقت بكلاي بي بي جي في باب الجديد وأجرت معه هذا الحوار.

ثورة الكيراتين واعتصام الست نجوم

ما العجب في عودة الطبيب النفساني فرانتز فانون إلى الرازي ؟ وأين الغرابة في عودة غريمه سليٌم عمار، الذي كان أبعده من المستشفى أواخر الخمسينات، إلى المشهد ؟ عاد سليٌم عمار بعينيه الزرقاوين ” محنطا ملفوفا كمومياء رفقة زبانيته لتهشيم عظام كل من يلتحق بفانون “. أما المفكر والمناضل الثائر على الاستعمار فعاد محملا بمشروع ” الكارتين الذي يهدف إلى تحويل أقسام المستشفى إلى معاهد تجميل ومنتجعات راحة “. مشروع بديل ضرب لوبيات الأطباء ومخابرالأدوية في الصميم. هذيان أيمن الدّبوسي الأدبي أشعل ثورة الضحك للإطاحة بمضادات الذهان الكلاسيكية وغير التقليدية، مستعملا كل مفردات الثورة.

أن تكون مصريا وتشاهد فيلما سعوديا بتونس

عندما ذهبت لسينما ”الريو“ لمشاهدة ”بركة يقابل بركة“ للمرة الثالثة في غضون أقل من أسبوعين لم أقابل إلا ثلاثة فقط دلفوا معي في صمت إلى القاعة الفسيحة قبل أن تنطفئ كل الأضواء. وقد كنت أمنى النفس باهتمام أكبر بمقابلة ”بركة“ بعدما أغرقتنا لعقود في مصر وتونس كتب إبن كثير وأبن تيمية وشيوخ الوهابية القادمة من المملكة ولاقت رواجا منقطع النظير حتى في معارض الكتب المسماة بالدولية والتي تدّعى حمل لواء أفكار الأنوار.

”سهرت منه الليالي“ لعلي الدوعاجي : عن الأدب المرح والنقد اللاذع

إن المتمعن في أقصوصات “أبو القصة في تونس”، كما سماه الناقد توفيق بكار، يلاحظ أنه جعل نصوصه مطية لتضمين آرائه في السياسة الاستعمارية وانعكاساتها السلبية على المجتمع التونسي آنذاك. ولعل ما يميزه عن غيره وجعله رائدا من رواد الأدب التونسي هو قدرته على إضفاء بعد هزلي رغم جدية وحساسية المواضيع المطروحة في قصصه فهو لا يفضل الوعظ الثقيل فالقصة “صورة صادقة لمنظر شاذ” على حد تعبيره.

برقو 08 : موسيقى الجبال بين الأصالة والتجديد 

من جبال الشمال الغربي الشاهقة – أين تتفجر أصوات النساء والرجال ببحة فريدة – تنهل فرقة برقو 08من هذا النبع الموسيقي وتحاول تعصير المقطوعات القديمة النادرة عبر إعادة التوزيع ومحاولات المزج مع الموسيقى الإلكترونية في إطار مشروع الجبهة الموسيقية الشعبية، مختبر موسيقي، يعيد خلق التراث الموسيقي بنفس معاصر.

ميراث : من التجديد الموسيقي إلى فخ الإستشراق

تعتبر “ميراث” أبرز فرق الروك التونسية المتواجدة على الساحة منذ سنة 2001. فقد سعت منذ البداية إلى التعريف بهذا النمط الموسيقي وانطلقت في إعادة أغاني بعض الفرق المشهورة مثل “سامفوني إكس” لتصل في مرحلة ثانية إلى إنتاج وتلحين أغانيها الخاصة التي لاقت إقبالا جماهيريا لافتا. ورغم محاولات التجديد التي حاولت “ميراث” أن تستثمرها، فإنها سقطت في فخ الإستشراق الذي جعل جل أغانيها لا تخرج عن دائرة النمطية.

منور صمادح : شاعر حاضر رغم التغييب

“إبتسم يا شعب” هي أولى الكلمات التي كتبها منور صمادح سنة 1948 والتي ستبقى كوصية للأجيال المتعاقبة وكدعوة للفرح والإقبال على الحياة. لقد توجه الشاعر إلى أبناء شعبه تماما كما صرخ فرحات حشاد من الأعماق “أحبك يا شعب”. ولأن صمادح من طينة الشخصيات الكبار فقد بث حبه للشعب وغيرته على الوطن عبر قصائده. لكن شعر صمادح إستهدفه النظام البورقيبي الذي عمق الهوة بين الشاعر والعامة من خلال منع دواوينه والتضييق عليه.

راب تونسي (13) : بلطي

محمد صالح بلطي – المولود يوم 10 أفريل 1980 – من أعمدة موسيقى الراب في تونس، وشهرته لم تأت من فراغ. فمن العاصمة وتحديدا سيدي حسين بدأ بلطي الراب منذ المراهقة لتستمر التجربة مع كل منSton, Kanide, M2O . كانت مجموعة أولاد بلاد من طلائع الراب في تونس، بدأت مسيرتها سنة 2000 بمجموعة من الأغاني التي كانت بمثابة مرآة عاكسة لليومي الذي يقضي على طموحات واحلام الشباب كما نلاحظ شجاعة في طرح المشاكل الاجتماعية دون خوف من الرقابة البوليسية في تلك الفترة.

راب تونسي (12) : ڨَمِحْ

عصام العبسي، وليد، سايفو، نوردو وغيرهم من الرابورات الذين يكونون مجموعة ڨَمِحْ. من قلب الأحياء الشعبية بتونس العاصمة، ينتج أغانيهم منذ مارس 2012. و إذا كان أغلبهم يشتغل بتنظيم الحفلات والمهرجانات فإنّ ياسين الذوادي المعروف بدودة لم تمنعه دراسة الطب من كتابة النصوص.

الصغيّرأولاد أحمد: حكاية شاعر تمرّدَ على الرؤساء والكهنة

مسيرة أدبية صاخبة امتدت أكثر من ثلاث عقود، تخلّلها القلق والمنع والفرح والتمرد، امتهن فيها أولاد أحمد معاني جديدة للصعلكة الشعرية، مُعلنًا الخروج على سلطة الملوك والرؤساء ورجال الدين، ليجعل من الشعر حالة احتفاء دائمة بحرية الإنسان.

سيني فيرما : رائحة الأرض تمتزج بسحر السينما

بجانب المدرسة الابتدائية بغرداية تنتصب دار السينما الجديدة على أرض تطل على السهول المنبسطة. الولوج من الباب يَحمِلك إلى فضاء فسيح، جدرانه البلاستيكية المُعلقة على الأعمدة زيَّنتها صور “شارلي شابلن” وعمالقة الفن السابع، وكراسي الجمهور قُدّت من حزم التبن المخزّن، الذي يستعمله القرويون أعلافا لحيواناتهم، وفي آخر الفضاء تَلوح شاشة السينما الكبيرة وركح المسرح الذي يلامس التراب.

عدنان الهلالي: كاتب الجبل الذي فكّك ألغام الشعانبي

تحت سفح جبل “تيوشـّة” في قرية هنشير العسل بمعتمدية سبيبة، ينثر عدنان الهلالي فصول روايته الأخيرة “يوميات آخر ضبع في الشعانبي”. يَكسِر الكاتب الجبلي ضوابط الاحتفاء القديمة، مُلقيًا برٍوايته في قلب مسالك الرّعاة المزروعة بالحلفاء والألغام، ويجعل من القراءة حفل رقص بدوي يُشارك فيه كل سكان الجبل.