ملح جرجيس: الذهب الأبيض المسلوب

الملح الذّي سيكون محور التقرير المصوّر لنواة والمصاحب لهذا المقال، ليس فقط ذلك “السمّ الأبيض” الذّي يحذّر الأطباء من الإفراط في استهلاكه، بل هو ثروة طبيعيّة كانت السبب وراء بداية مسيرة الإستقلال في الهند بقيادة الزعيم غاندي عندما تحوّل نهب بريطانيا في ذلك الوقت لثروة البلاد من الملح عنوانا لمسيرة كبرى انتهت بطرد القوى الاستعماريّة. في تونس، تتغيّر الاسماء والتفاصيل والظروف السياسيّة والتاريخيّة، ولكنّ الملح، ذلك الذهب الابيض، ما يزال حتّى هذه اللحظة ثروة محرّمة على اهل البلاد. فهل لنا أن نتصوّر أن يأتي يوم يكون فيه ملح تونس وثرواتها الطبيعيّة قادحا لمسيرة الإستقلال الإقتصاديّ؟

اقتصاد 2014: سنة الخوف وهاجس الجوع والسلطة

كانت سنة 2014 سنة الحروب الباردة بامتياز. فالشارع تعرّض خلال الثلاث سنوات الماضية إلى الاستنزاف والتلاعب والضغط على مختلف الأطراف السياسيّة في الحكم كانت أو في المعارضة. أمّا بعد إسقاط الترويكا وتنصيب حكومة مهدي جمعة “التوافقيّة” تحوّلت الصراعات السياسيّة وحروب تثبيت المواقع إلى الكواليس ليُغيّب الشارع تماما عن مسار الأمتار الأخيرة للمرحلة الإنتقاليّة تحت ضغط الترهيب الإقتصاديّ وهاجس الحرب على الإرهاب. تمضي سنة 2014، مخلّفة أضرارا كبيرة على جيب المواطن التونسيّ ومستوى معيشته، وبعد هرسلة ومناخ عام كانت سمته الأولى الخوف من حاضر مضطرب ومتسارع ومستقبل ضبابيّ في خضّم معارك سياسيّة واقتصاديّة وأمنيّة يبدو أنّها ستكون العنوان الأبرز للسنة القادمة.

قبل الإنتخابات: أي برامج إقتصاديّة للأحزاب في تونس

يبدو أن أطياف المشهد السياسيّ لم تحسم رؤيتها الإقتصادية بعد، عبر تقديم برنامج اقتصاديّ واضح المعالم خصوصا في الفترة الأصعب من تاريخ تونس على مستوى الوضعيّة الإقتصاديّة والماليّة التي صار فيها رغيف الخبز ومواجهة غلاء الأسعار، من أكبر التحديّات التي تواجه المواطنين. فما هي أبرز الملامح السياسات الإقتصاديّة للأحزاب التونسيّة ؟

هل تُسقط صفة “التكنوقراط” المسؤوليّة السياسيّة عن حكومة المهدي جمعة؟

قبل فترة ليست بالبعيدة، بعد 14 جانفي 2011 إلى حدود شهر فيفري 2014، كانت الساحة الإعلامية والسياسيّة في تونس تعجّ بالبيانات والتصريحات والتحرّكات الإحتجاجيّة التي كانت تصطاد أي هفوة حكوميّة وتسعى لتحميل الجميع المسئوليّة وتملأ المنابر بالتحليلات والتنظير وإلقاء التهم، في معركة انخرطت فيها جميع الأحزاب دون استثناء حسب تموقعها من السلطة، بل وكانت المنظّمات المدنيّة والنقابيّة جزءا منها وفاعلا أساسيّا فيها، حتّى كان الحوار الوطني ونُصّب السيّد مهدي جمعة رئيسا للحكومة الانتقاليّة الجديدة.

حكومة المربّع الأوّل: حين تتصدّع الصورة أمام الأرقام

أشهر مضت منذ تولّي حكومة “الإنقاذ والتوافق” مقاليد السلطة في تونس بغرض تأمين الفترة المتبقيّة قبل الانتخابات الرئاسيّة والتشريعيّة والخروج بالبلاد من الأزمة الاقتصاديّة الخانقة. إلاّ أنّ هذه الحكومة لم تستطع منذ تنصيبها التخفيف من ارتدادات الوضع الاقتصاديّ المتردّي، بل على العكس تماما، إذ انخرطت في سلسلة من الاستعراضات الكلاميّة والإعلامية دون أن تحقّق نتائج ملموسة على الأرض كالتخفيض من حدّة التضخّم وارتفاع الأسعار وتفاقم تدهور المقدرة الشرائيّة للمواطن التونسيّ، بل سعت إلى معالجة الأزمة عبر الترفيع في الأسعار ومناقشة ترشيد الدعم والمضيّ قدما في سياسة التداين، وحتّى على الصعيد الأمنيّ، ورغم تصريحات المسئولين وعلى رأسهم رئيس الحكومة مهدي جمعة حول النجاح الذي تمّ تحقيقه على مستوى محاربة الإرهاب، إلاّ أنّ عمليّة جندوبة والهجوم على منزل وزير الداخليّة أواخر شهر ماي الفارط، أعادت لخبطة جميع الحسابات وتراجعت بالوضعين الأمنيّ والاقتصاديّ إلى المربّع الأوّل.

الشركة العامّة للملاحات التونسيّة (كوتيزال): 5.7 مليون دينار قيمة التهرّب الضريبي تُكافئ بامتياز استغلال جديد

ما زالت قضيّة استغلال الثروات الطبيعيّة في تونس وإعادة التفاوض بخصوص عقود الإستغلال وسيادة البلاد على مواردها قضيّة محوريّة تثير الكثير من الجدل في الأوساط السياسيّة والشعبيّة. وقد تناولت نواة في أكثر من مقال موضوع الثروات الطبيعيّة وطبيعة العقود الجائرة التي تحكم العلاقة بين الدولة والشركات المستغلّة. ورغم أنّ المسألة قد تمّت دسترتها في نهاية المطاف، إلاّ أنّ قضيّة الشركة العامّة للملاحات التونسيّة لا زال يكتنفها الغموض خصوصا بعد أن كشفت وثيقة تحصّلت عليها “نواة” مؤخّرا تهرّبا ضريبيّا للشركة المذكورة بلغ 5.7 مليون دينار.

إهدار المال العامّ: بين “رزق البيليك” ونزيف المصاريف العموميّة والثروة المهدورة

بعد الزوال النسبيّ لسياسة الحظر والحجب لواقع المؤسّسات الحكوميّة، اتضحت الصورة أكثر فأكثر حول الأزمة التي تعاني منها مؤسّسات الدولة وحجم الخسائر السنويّة التي تتكبّدها. فإلى جانب استشراء الفساد الذي نخر طيلة عقود الإدارة العموميّة بالإضافة إلى سوء الإدارة وسياسة المحسوبيّة وغيرها من الممارسات التي كانت نتاجا لطبيعة النظام السياسيّ القائم آنذاك، لعبت الممارسات الغير مسئولة والتعامل الانتهازيّ مع موارد الدولة دورا محوريّا في إنهاك المؤسّسات العموميّة التي عانت من تبعات إهدار المال العام والاستغلال الشخصيّ للممتلكات العموميّة.

حكومة مهدي جمعة تمنح شركة كوتوسال رخصة جديدة لاستغلال الملح

أمضى وزير الصناعة و الطاقة والمناجم السيد كمال بالناصر يوم 14 مارس 2014، أمرًا أسند بمقتضاه إمتياز استغلال يتعلق بسبخة الغرة للشركة العامة للملاحات التونسية (كوتيزال). و يغطي امتياز الاستغلال “سبخة الغرة” مساحة تبلغ 11200 هكتار و تدوم صلاحية هذا الإمتياز 30 عاما.

زيارة مهدي جمعة إلى الولايات المتحدة: من المظلّة الفرنسيّة إلى أخرى أمريكيّة

بعد جولة الخليج التي ما زلنا ننتظر جدواها وخلفياتها، تأتي اليوم الزيارة الثانية الرسميّة لرئيس حكومة التوافق لدولة “صديقة” حسب تعبيره. فقد حطّت يوم 02 أفريل طائرة مهدي جمعة على أراضي الولايات المتحّدة في زيارة رسميّة بدعوة من الرئيس الأمريكيّ ستمتدّ ليوميّن قصد عقد لقاءات مع وزير الخارجية جون كيري وأعضاء من الكونغرس الأمريكي وعمدة واشنطن ولقاء صحفيّ مع الواشنطن بوست، كما سيعقد جلسات بمديرة صندوق النقد الدولي ولقاء آخر بمدير البنك الدولي ومجموعة من رجال الأعمال الأمريكيين.

الشركة العامة للملاحات التونسية كوتوسال: آخر بقايا الاستعمار الفرنسي

ترجمه من الفرنسية محمد سميح الباجي عكاز – في اليوم الموالي لمداخلة مهدي جمعة وشفيق زرقين في المجلس الوطني التأسيسي، نشرت كوتوزال على موقعها الرسمي وفي العديد من الصحف بيانا حاولت من خلاله أن تدافع عن نفسها وأن تردّ على المقالات التي تناولت هذا الموضوع. وبعد تدقيقنا في ما جاء في هذا البيان، اكتشفنا أنّه يعجّ بالأكاذيب ومحاولات تضليل الرأي العام.