تحيين
كوتوزال تحمّل الدولة المسؤوليّة ووزارة الصناعة توضّح
الضجّة الاعلاميّة التي تلت تصريحات وزير الصناعة في مجلس النوّاب، دفعت الشركة العامة للملاحات التونسية كوتوزال إلى إصدار بيان توضيحيّ على موقعها الرسميّ يوم الاثنين 07 ديسمبر 2015 أكّدت من خلاله التزامها بتطبيق القوانين سارية المفعول أو التّي قد يتمّ تغييرها مستقبلا. وقد ذكّرت «أنّ مصالح الإدارة العامة للمناجم في طور دراسة تطور هذه الاتفاقية حتى تصبح خاضعة لمجلة المناجم أو نظام قانوني آخر، ولكنها في الوقت الحالي ليست ملغاة». وحتّى ذلك التاريخ فإنّ الشركة تتقيّد بما نصّ عليه عقد الاستغلال لسنة 1949.
الشركة لم تكتفي بالبيان، بل أعلن المدير الفنّي للشركة العامة للملاّحات التونسية رياض ماشطة على إذاعة اكبرس أف أم مساء يوم الإثنين 07 ديسمبر أنّ الشركة مستعدة لإعادة النظر في فصول اتفاقية استخراج الملح المبرمة مع الدولة التونسية والتفاوض بشأنها من جديد، محمّلا إياها مسؤوليّة عدم مراجعة العقد أو تغيير بنوده وقيمة الإستغلال أو الزيادة في نسبة مرابيحها. مضيفا بالحرف الواحد «ما ذنب الشركة في هذا الموضوع مادام السلطات لم تطلب تغيير أي بند منذ سنة 1949». أمّا بخصوص التجديد الذّي تم منحه للشركة سنة 2014، فأشار رياض ماشطة أنّ هذه العمليّة تمّت بصفة آلية سنة 2014، لأنه وفق العقد المبرم فإنّ الدولة مطالبة بطلب مراجعة أو إلغاء الاتفاقية قبل عشر سنوات، أي منذ سنة 2004.
بيان وزارة الصناعة الصادر يوم الأربعاء 09 ديسمبر 2015، جاء متناغما مع التوضيحات الصادرة عن كوتوزال. فقد أشارت الوزارة أنه لا يمكن انهاء هذا العقد في الفترة القريبة القادمة بالنظر الى بنود الاتفاق مع الشركة والذّي ينصّ على أنه يمكن لاحد الأطراف المتعاقدة التقدم لإبطال الاتفاق 10 سنوات على الاقل قبل انتهاء فترة التمديد الجارية.
ووعدت وزارة الصناعة والطاقة والمناجم أنها ستعمل خلال المرحلة القادمة وبالتنسيق مع وزارة أملاك الدولة والشؤون العقارية على وضع صيغة جديدة تشمل تحديد قيمة الكراء لأشغال الأراضي التابعة للملك العمومي البحري مما يمكن من توقيف العمل باتفاقية سنة 1949 للزمة اشغال واستغلال الملك العمومي البحري واخضاعها لمقتضيات مجلة المناجم كغيرها من الشركات الناشطة في القطاع.
عادت قضيّة كوتوزال إلى صدارة التناول الإعلامي منذ يوم الاحد 06 ديسمبر 2015، وذلك إثر تصريح وزير الصناعة حمد زكريّا نيّة وقف التعامل مع هذه الشركة الفرنسيّة المستغلّة للملح التونسيّ منذ ستّة عقود. تصريح الوزير الذّي حضر جلسة مناقشة ميزانيّة وزارته في مجلس النواب يوم أمس الأحد، جاء كتفاعل مع مداخلة النائبة سامية عبّو التي هاجمت ما أسمته عقد الاستعمار الذّي يمنح كوتوزال حقّ استغلال الملح التونسيّ بتواطئ حكوميّ تونسيّ. ولكنّ في أقلّ من 24 ساعة، تغيّر موقف الوزير ليعود للحديث عن مراجعة أو تعديل وليس بالضرورة الإلغاء.
تتناول نواة مرّة أخرى قضيّة استغلال الملح في تونس، والذّي ظلّ حتّى هذه اللحظة أحد القضايا الأكثر غموضا حول آلية استغلال الثروات الطبيعيّة في تونس من قبل الشركات الأجنبيّة. دون أن تتمكّن الحكومات المتعاقبة بعد الثورة من انهاء الجدل ومكاشفة الشعب بتاريخ طويل من التعتيم على استغلال ثرواته.
موقفان في أقلّ من 24 ساعة
خلال جلسة مناقشة ميزانيّة وزارة الصناعة يوم أمس الأحد، تحدّثت النائبة سامية عبّو عن عدد من الانتهاكات التي تعود بالنظر إلى الوزارة المعنيّة، ولكنّها عرّجت في مداخلتها على قضيّة كوتوزال التي اعتبرتها هذه الأخيرة استعمارا اقتصاديّا صريحا لتونس، بتواطؤ من الدولة، حيث ظلّت هذه الشركة الفرنسيّة تستغلّ الملك العموميّ وتجدّد عقود الاستغلال دون مراجعة لبنوده التي تحرم تونس من حقّها في عائدات ثرواتها الطبيعيّة. وقد طالبت النائبة بصريح العبارة الغاء عقد الاستغلال مع شركة كوتوزال قبل سنة 2018 لأنّه في حال تجاوز هذا التاريخ فيتّم تجديد العقد ضمنيّا مرّة أخرى لسنة 2044.
ردّ الوزير الفوريّ كان التعهّد بإنهاء التعامل مع الشركة المعنيّة والبحث عن صيغ جديدة للاستغلال وشركاء جدد.
وزير الصناعة والطاقة والمناجم زكريا حمد: سيتم إنهاء العمل باتفاقية كوتوزال
أقلّ من 24 ساعة، كانت كافية ليعدّل الوزير من موقفه. فخلال استضافته في برنامج إذاعي على أكبرس أف أم، تحدّث هذا الأخير عن عديد المسائل العالقة في الوزارة، وحين سؤاله عن قضيّة كوتوزال، غيّر من نبرته ليتحدّث عن ضرورة الانتظار حتّى 2019، لإشعار الشركة بضرورة تعديل الاتفاقيات المبرمة وتحسين بنود عقد الاستغلال، مع الشركة نفسها إن استجابت لمطلب الوزارة. الوزير لم يكتفي بهذا القدر، بل تحدّث عن التهويل الإعلامي لتواجد كوتوزال في تونس وعن أرباحها، التي لا تتجاوز بحسب رأيه الثلاثون مليون دينار، كما أنّ حجم المعاملات الماليّة للشركة يشوبه الكثير من الغموض حسب ما صرّح لنا أحد ناشطي المجتمع المدني في جرجيس، فالتضارب بين حجم الكميات المستخرجة من الملح وأسعار بيعها، يتعارض مع بيانات الشركة الرسمية ومنشوراتها الماليّة.
إكسبراسو مع زكرياء حمد 07/12/2015
كوتوزال تحمّل الدولة المسؤوليّة ووزارة الصناعة توضّح
الضجّة الاعلاميّة التي تلت تصريحات وزير الصناعة في مجلس النوّاب، دفعت الشركة العامة للملاحات التونسية «كوتوزال” إلى إصدار بيان توضيحيّ على موقعها الرسميّ يوم الاثنين 07 ديسمبر 2015 أكّدت من خلاله التزامها بتطبيق القوانين سارية المفعول أو التّي قد يتمّ تغييرها مستقبلا. وقد ذكّرت “أنّ مصالح الإدارة العامة للمناجم في طور دراسة تطور هذه الاتفاقية حتى تصبح خاضعة لمجلة المناجم أو نظام قانوني آخر، ولكنها في الوقت الحالي ليست ملغاة.” وحتّى ذلك التاريخ فإنّ الشركة تتقيّد بما نصّ عليه عقد الاستغلال لسنة 1949.
الشركة لم تكتفي بالبيان، بل أعلن المدير الفنّي للشركة العامة للملاّحات التونسية رياض ماشطة على إذاعة اكبرس أف أم مساء يوم الإثنين 07 ديسمبر أنّ الشركة مستعدة لإعادة النظر في فصول اتفاقية استخراج الملح المبرمة مع الدولة التونسية والتفاوض بشأنها من جديد، محمّلا إياها مسؤوليّة عدم مراجعة العقد أو تغيير بنوده وقيمة الإستغلال أو الزيادة في نسبة مرابيحها. مضيفا ‘ما ذنب الشركة في هذا الموضوع مادام السلطات لم تطلب تغيير أي بند منذ سنة 1949″. أمّا بخصوص التجديد الذّي تم منحه للشركة سنة 2014، فأشار رياض ماشطة أنّ هذه العمليّة تمّت بصفة آلية سنة 2014، لأنه وفق العقد المبرم فإنّ الدولة مطالبة بطلب مراجعة أو إلغاء الاتفاقية قبل عشر سنوات، أي منذ سنة 2004.
بيان وزارة الصناعة الصادر يوم الأربعاء 09 ديسمبر 2015، جاء متناغما مع التوضيحات الصادرة عن كوتوزال. فقد أشارت الوزارة أنه لا يمكن انهاء هذا العقد في الفترة القريبة القادمة بالنظر الى بنود الاتفاق مع الشركة والذّي ينصّ على أنه يمكن لاحد الأطراف المتعاقدة التقدم لإبطال الاتفاق 10 سنوات على الاقل قبل انتهاء فترة التمديد الجارية.
ووعدت وزارة الصناعة والطاقة والمناجم أنها ستعمل خلال المرحلة القادمة وبالتنسيق مع وزارة أملاك الدولة والشؤون العقارية على وضع صيغة جديدة تشمل تحديد قيمة الكراء لأشغال الأراضي التابعة للملك العمومي البحري مما يمكن من توقيف العمل باتفاقية سنة 1949 للزمة اشغال واستغلال الملك العمومي البحري واخضاعها لمقتضيات مجلة المناجم كغيرها من الشركات الناشطة في القطاع.
عقد الاستعمار
الاتفاقيّة الممضاة بين حكومة الباي ومجلس إدارة كوتوزال سنة 1949 لم تكن بداية الشركة واستغلالها للملح التونسيّ، بل كان ذلك تاريخ اندماج أربع شركات تستغلّ ملاّحات خنيس في المنستير، سيدي سالم، طينة في صفاقس ومقرين منذ سنة 1903، بل ويسجّل التاريخ التونسيّ بداية التحرّكات الاحتجاجيّة النقابيّة منذ سنة 1904 حين دخل عمّال ملاحة خنيس في إضراب احتجاجا على أجورهم المتدنيّة وقساوة ظروف العمل.
ظلّت شركة كوتوزال تحتكر هذا القطاع إلى حدود سنة 1994 قبل أن تدخل شركات خاصّة أخرى هذا المجال. تناولت نواة في مقالات سابقة نشأة هذه الشركة والظروف التاريخيّة لبدء نشاطها في تونس، ومن سخرية التاريخ أن يكون على رأس الشركة اليوم السيّد نوربار دو جيليبون “Norbert de Guillebon” الذّي يشغل بالإضافة إلى منصب مدير عام الشركة، رئيس قسم تونس لمستشاري التجارة الخارجية الفرنسيّة (الشبكة الاقتصادية للسفارة الفرنسيّة) والذّي ليس إلاّ نجل الجنرال Jacques de Guillebon، قائد القوات الاستعمارية بقابس منذ سنة 1951، قبل أن يتم تعيينه كمتفقد للقوات في شمال أفريقيا في عام 1949. والذّي كان قد أمر بعمليّات في قفصة سنة 1956، تاريخ استقلال تونس.
الأمر لا يتوقّف عند هذا الحدّ، بل يكشف عقد الاستغلال الممضى منذ أكثر من ستيّن سنة عن اخلالات خطيرة لعلّ أهمّا ما جاء في المادّة 11 من اتفاقيّة 1949 والتّي تنصّ على «سداد حقوق استغلال الأملاك العامة بقيمة 1 فرنك للهكتار الواحد سنويا لجميع المناطق التي تشملها رسوم الامتياز للمجال العام.» ورغم أنّ الاتفاقيّة قد خضعت للتعديل في ثلاث مناسبات كان آخرها 15 جوان 1975، إلاّ أنّ التعديلات اقتصرت على مراجعة مساحة سطح امتياز الاستغلال، مرتين لمزيد من التوسع ومرة لتقليصه دون أن تشمل مسألة العائدات الماليّة ونصيب الدولة فيها، وقد حمل التعديل الأخير إمضاء السيّد شاذلي العيّاري محافظ البنك المركزيّ الذي كان حينها وزيرا للاقتصاد.
حكومات ما بعد الثورة تغضّ الطرف وكوتوزال تظلّ فوق الدستور
الثروات الطبيعيّة ملك للشعب التونسي. تمارس الدولة السيادة عليها باسمه. تعرض عقود الإستثمار المتعلّقة بها على اللجنة المختصّة بمجلس نوّاب الشعب. وتعرض الاتفاقيات التي تبرم في شانها على المجلس للموافقة. الفصل 13 من الدستور التونسي
بعد بضع ساعات من المصادقة على الدستور الجديد، كان نواب المجلس الوطني التأسيسي يستعدّون للتصويت على الفريق الحكومي الجديد لمهدي جمعة. وقد طلب النائب شفيق زرقين حينها أن يلتزم رئيس الحكومة بإعادة التفاوض حول عقود استغلال الثروات التونسيّة ومن ضمنها تلك التي سبقت الاستقلال (في إشارة واضحة لقضيّة الملح التونسي) في مقابل منح الثقة للفريق الحكوميّ الجديد. وأمام ضغط المجلس وحساسيّة المسألة لم يجد مهدي جمعة مهربا من التعهّد بمراجعة تلك العقود، بل أعلن أنّه بدأ بالفعل في التدقيق ودراسة هذه الاتفاقيّات.
المفاجأة كانت بعد أشهر من تنصيب رئيس الحكومة الجديد، إذ أمضى وزير الصناعة والطاقة والمناجم السيد كمال بالناصر يوم 14 مارس 2014، أمرًا أسند بمقتضاه امتياز استغلال يتعلق بسبخة الغرة للشركة العامة للملاحات التونسية كوتيزال. ويغطي امتياز الاستغلال سبخة الغرة مساحة تبلغ 11200 هكتار وتدوم صلاحية هذا الامتياز 30 عاما. هذا وعلى الرغم من أن الدستور الجديد قد دخل حيز التنفيذ فإن الحكومة فضلت اعتماد القانون التأسيسي عدد 6 لسنة 2011 المتعلق بالتنظيم المؤقت للسلط العمومية. وبالتالي، لم تؤخذ بعين الاعتبار المبادئ الجديدة المتعلقة باستغلال الموارد الطبيعية والتي تم التنصيص عليها في الفصل 13 من الدستور الجديد.
الوزارة ردّت على الحملة المناهضة لما اعتبر حينها انتهاكا صارخا للدستور معتبرة أنّ ما أقدمت عليه لا يعتبر خرقا للفصل 13 من الدستور التونسيّ الجديد مستخدمة مجموعة من الحجج التي تبنّتها الشركة المعنيّة والتي تعتمد بالأساس أنّه تمّ عرض هذا المطلب على اللجنة الاستشارية للمناجم في جلستها المنعقدة بتاريخ 06 سبتمبر 2013، أي قبل صدور الدستور، والتي أبدت رأيها بالموافقة على إسناد امتياز الإستغلال المذكور لفائدة الشركة العامة للملاحات التونسية وهو قرار وجوبي ومطابق لا يمكن للوزير المكلف بالمناجم مخالفته.
تهرّب ضريبيّ وتجاهل لمتطلّبات التنمية
تجاوزات كوتوزال لم تتوّقف عند هذا الحدّ، حيث كشفت نواة في شهر ماي من سنة 2014 عن مراسلة تمّت بين وزارة الماليّة ووكالة حماية وتهيئة الشريط الساحلي في 23 ماي من السنة الفارطة، تضمّنت قيمة الإتاوات المتخلّدة على شركة كوتوزال والتي بلغت قيمتها 5,7 مليون دينار إثر تهرّبها عن الدفع مستحقّاتها تجاه الدولة التونسيّة طيلة خمس سنوات بين سنتي 2007 و2012.
كما ذكّر رئيس ديوان الوزارة في هذه المراسلة بإمكانية فسخ العقد المبرم بين الدولة والشركة المعنيّة وفق الفصل 18 من الاتفاقيّة التي تمّ إمضاؤها بين الطرفين. الشركة ردّت على التسريب الذّي نشرته نواة، والحكومة بدورها تفاعلت مع الموضوع بإسناد امتياز استغلال جديد في صفاقس.
هذه الشركة التي ثبّتت نشاطاتها في عدد من جهات البلاد، ورغم الاعفاء الجبائيّ، والتهرّب الضريبيّ وبنود الاستغلال المجحفة في حقّ التونسيّين، إلاّ أنّها لم تعمل على دعم التنمية أو المساهمة في تخفيف المعاناة الاقتصاديّة والاجتماعيّة لدى أهالي المناطق التّي تنشط فيها. إذ كشف تحقيق سابق لنواة في ملاّحة جرجيس، مدى تململ المجتمع المدني من الامتيازات التي تحظى بها الشركة والتي جعلتها خارج المحاسبة القانونيّة والاقتصادية.
فالعائدات الجبائيّة لاستغلال وتصدير الملح والتي تتجاوز 50 مليون دينار سنويّا حسب مقطع مسرّب لاجتماع أحد مسؤولي الشركة مع وفد من أهالي جرجيس والمنظّمات المدنيّة، لا تنتفع بها المنطقة ولا توجّه إلى دفع جهود التنمية وتحسين البنى التحتيّة وخلق مواطن شغل جديدة.
كما تشتكي البلديّة في جرجيس من تهرّب الشركة المذكورة من المساهمة في تمويل الأنشطة البلدية من صيانة وتحسين للبنى التحتيّة رغم استفادة كوتوزال من مختلف المرافق الموجودة في المعتمديّة، ورغم أن المساحة الشاسعة التي تحتلها الشركة لاستغلال الملح والتي تفوق بخمسين مرة مساحة المناطق العمرانية بجرجيس.
التجاوزات والانعكاسات السلبيّة لممارسات الشركة الفرنسيّة يتجاوز الجانب الاقتصاديّ ليشمل المحيط البيئيّ للمنطقة، حيث أدت عمليات الاستغلال وتوسيع أحواض تجميع مياه البحر وغياب الرقابة الرسميّة إلى هلاك عشرات الزياتين على ضفاف السبخة وفقدان التربة لخصوبتها، وهو ما يؤكّده أحد الفلاّحين في مداخلته، إذ حذّر من تحوّل الأراضي المحيطة بالأحواض والسبخة إلى أراض بور بعد 15 سنة.
نفس المشكلة يعاني منها الصيّادون نظرا لعمليّات تعبئة الأحواض الغير مدروسة والتي تؤدّي إلى جرف الأسماك وإنهاك الثروة السمكيّة خصوصا مع غياب وتجاهل السلطات الرسميّة لتحرّكات اتحاد الفلاّحين ومطالبهم بضبط استغلال الشركة لمياه البحر. ورغم أنّ كوتوزال تفاوضت سابقا مع هؤلاء الفلاحين والتزمت بمراجعة آليات التعبئة واستغلال مياه البحر، إلاّ أنها سرعان ما عادت إلى ممارستها القديمة بل قامت بتوسيع القناة الرابطة بين سبخة التجفيف والشاطئ.
المثير في الأمر، بالإضافة إلى موقف الشركة وتجاهلها للقوانين المنظّمة للاستثمار وانعكاسات أنشطتها على أهالي معتمدية جرجيس، هو تجاهل الحكومات المتعاقبة لتحرّكات الأهالي والمجتمع المدنيّ وكأنّ كوتوزال دولة داخل الدولة.
L’affaire me rappelle l’histoire du neuveu du Bey de Tunise, envoyé étudier en France vers la fin des années quarente.
En cours de géographie, le bambin devait reconnaitre chaque pays dont la carte est présentée. L’exercice était très difficile pour le petit; mais en voyant la carte de la Tunisie, il s’est écrié mais c’est facile ça c’est la ferme de mon oncle!.
En fin 2015, nos chers technocrates continuent à gérer les domaines publics comme le faisait notre vénérable Bey, dieu ait, son âme dans les années quarente.
De quoi s’agit-il au juste:
Il s’agit de deux concessions cédées à une société résidente en Tunisie et régie par la Loi tunisienne
– Une concession minière régie par le code des mines tunisens, et concerne un domaine public minier dont la gestion est confiée à la Direction Générale des Mines
– Une concession pour l’occupation d’un domaine public maritime dont la gestion est confiée à l’APAL.
Les domaines publics étant inaliénables et imprescriptibles, ils ne peuvent être cédés qu’à titre provisoire, révocable et précaire et moyennant un loyer juste et équitable qui compenserait le public de la privation temporaire de jouissance de son bien.
L’affaire nous rappelle également la protestation du public français, cet été, contre la privatisation temporaire de son domaine maritime au profit du roi d’Arabie Séoudite. Pourtant les autorités séoudiènes n’avaient pas lésiné sur le prix à payer.