أين نحن من ثورتنا بعد سبعة أشهر كاملة على هروب بن علي؟
أين تلك الجموع الحاشدة؟ مابالها صارت فلولا متحزّبة…
أين تلك الحناجر الهادرة؟ مابالها صارت أبواق جدال و خطابات باليّة مستهلكة…
أين تلك الأيادي المرفوعة بعلامة النّصر و بشعارات الثّورة؟ مابالها صارت واهنة متخاذلة و ممدودة علّها تنال منصبا أو كرسيّا…
أين تلك القلوب الخافقة؟ مابالها سكنت؟

بين الصّراعات الايديولوجيّة التي لا معنى لها و الحسابات السّياسيّة الضيّقة و التّجاذبات الحزبيّة الانتهازيّة ضاع مصار الثّورة و لم يعد من يقين بتحقيق أهدافها!

ﻻ أريد أن أكتب عن الوضع السّياسي الحالي… تعرفونه!
ﻻ أريد أن أكتب عن الوضع الاقتصادي الرّاهن… مللت هذه الاسطوانة الصدئة!
ﻻ أريد أن أكتب عن من نسوا الثّورة… ربّي معاهم!
ﻻ أريد أن أكتب عن الاحزاب التي وهبتها الثّورة وجودها فكانت فكانت أوّل ما تنكّروا له… هذا جدال عقيم!

أكتب هنا عن من نسيتهم مقالاتكم و أسقطوا من حساباتكم و تجاهلتهم خطاباتكم…
أكتب هنا عن من لولاهم لما أستطعت و لا احتجت أصلا أن أكتب هذا المقال…
أكتب هنا عن شهداء الثّورة و مصابيها

يمكنكم أن تصدّقوا و عود الحكومة و ان طال أمد تحقيقها, يمكنكم تصديق أنّ أحلامنا سوف تتحقّق بقدرة قدير و دون أي عناء منّا…
و لكن كيف يمكنكم قبول أن يضلّ مصاب مثل محمّد الحنشي طريح الفراش كل هذه المدّة ببطن مفتوح و رصاصة لم تستخرج بعد دون أن تحرّك أي جهة معنيّة ساكنا؟!
كيف يمكنكم قبول أن تعيش عائلات شهدائنا هذا الضيم المرير طيلة هذه المدّة في انتظار يائس للعدالة و القصاص علّهم يستطيعون القيام بحدادهم و علّهم يتخلّصون من هذا الحمل الثّقيل و ان كان النسيان من المحال؟

Rached El Arbi-brave victime de l'ingratitude

ان كنتم انصرفتم عن الثّورة لشؤونكم الأخرى في موسم الصّيف السّعيد فمصابيها لا يمكنهم ذلك, لم يعد بامكانهم..
ان كنتم نسيتم فأم الشّهيد لا يمكنها أن تنسى.. لا يمكنها!

من أجل من مات من مات و من أجل ماذا أصيب من أصيب؟
أليس من أجلنا نحن؟ أليس من أجل ما نؤمن به جميعنا؟

ألم عميق و غصّة قاسية هو من نتقاسمه اليوم.
فشلنا في التقدّم بمصار ثورتنا و عجزنا حتّى عن العرفان و رد الاعتبار لأولي الفضل علينا, فيا خيبة المسعى!!

غير أنّنا لا نملك من خيار سوى أن ندفن هذا الألم لنتقدّم معا و نتجاوز عنق الزجاجة الذي حبست فيه الثّورة.. لأنّه لا يمكننا أن نتراجع! لا يحق لنا أن نتوقّف الان.. ليس الان و ليس بعد هذا الثّمن الباهض الذي دفعته ثلّة من أبناء و بنات شعبنا!!

أدعوكم جميعا بني وطني الى استكمال المشوار… من أجلنا, من أجل أبنائنا, من أجل ذكرى شهدائنا الخالدة, من أجل تونس